نارين عمر
بداية أودّ أن أوّجّه امتناني لكلّ مَنْ راسلني, أو اتصل بي,وأبدى رأيه في سلسلةِ/ كيف نفهمُ الحرّية/ التي أكتبها, وبالكتابات الأدبية الأخرى التي نشرتها, وأبدي اعتزازي بآرائهم القيّمة والصّريحة على كلّ ما أكتب فقد كانت لمقترحاتهم وملاحظاتهم تأثيراً عميقاً في نفسي وتفكيري, ودفعتني إلى الاستمرار في الكتابة, وأدخلتْ الطمأنينة إلى نفسي وبالي بأنّ ما يُكتب ويُنشر, يُقرَأ ويُناقش وأتمنى أن أكون عند حسن ظنّ القّرّاء بي, وأتمنى أن يتواصلوا معي ويلهموني بأفكارهم وآرائهم القيّمة والتي أعتزّ بها كلّ الاعتزاز.
في هذه الحلقة سنتوقفُّ عند رأي أعدّه هامّاً وعامّاً جدّاً, فقد خاطبني أحدهم: لماذا لا تتعمّقينَ فيما يخصّ الناس ويشغلُ بالهم؟؟! فيما يهمّهم ويكونُ السّبب المباشر والأهمّ في تناسيهم وتجاهلهم للمبادئ والقيم التي تتحدّثين عنها, لأنّ عقدة السّبب تضمحلّ وتذوب بمعرفةِ المسبّب, وقبل أن أطلبَ إليه ذكر أمثلة فاجأني بالقول:
تحدّثي عن أصحابِ الشّهاداتِ التي تسمّى بالعليا, الذين تحوّلوا, إلى تجّار القرون الوسطى, لايتفوّهون إلا بلغةِ المال والمصالح, ولايفهمون سواها الدّكتور والصّيدلي والمعلم والمهندس والمحامي و…و…
فلنبدأ بالدّكتور الذي يريدُ أن يعوّضَ عشرات الآلاف التي صرفها على دراسته وخلال عشرات الأعوام,في ظرف عام واحدٍ أو أقلّ, فلأنّه صار دكتوراً وذي شأن ومقام فهو بحاجة إلى سيّارة بهيّةِ الطلعة, وشقة مميّزة تدخلُ في سجلات/ غينيس/ للأرقام القياسية, وزوجة لم يبدع الخالقُ مثلها بعد ولأنّ كلّ ذلك يتطلبُ المال الوفير,فإنّه يمنحُ لضميره ووجدانه حقنة منوّمة, ولقسمه الذي أقسمَ به حقنة مخدّرة ولأجل غير مسمّى, وبعد أن يتحقق له ما شاء وطلب, يدعمُ ضميره بحقناتِ تخدير إضافية ليبني على أنقاضها/ مشفى خاصّ به /وما أدراك ما يدورُ في خفاياه, وطبعاً من غير أن يتركَ عمله في المشافي العموميةفالمثل يقول/ قرش+قرش= 10
وهنا قاطعته لأسأله:
وما الضّيرُ في كلّ ما ذكرتَ عن الدّكاترة؟! و…قاطعني على الفور وقال:
أتجهلين,أم تتجاهلين, أم تريدين أن تبيعني وطنيات كغيركِ؟! كيف استطاع أن يجمعَ كلّ تلك الأموال في عام واحد؟! حينما يدخلُ المريضُ إلى عيادته ومن ثمّ إلى غرفةِ المعاينة لايسأله إلا عن علته الجسدية, بينما يتجاهلُ علته النفسية والجيبوية .
أوّل ما يطلبه من المريض بعد أن يفحصه فحصاً سريعاً أن يجري فحوصاتٍ مخبرية وشعاعية لمعظم أعضاءِجسده وفي المختبر الذي يختاره هو, وإذا أخبره أحدُ المرضى عن إمكانية إجرائها في المستشفى العمومي سيجيبه الدّكتورُ على الفور:أجهزة المستشفى الحكوميّ معطلة, أو غير مضمونة النتائج, وكأنه ينسى أنّ معظمَ المخبريين الذين يعملون في المشافي الحكومية هم أنفسهم مَنْ يعملون في المختبرات الخاصّة.
أمّا الأدوية كذلك يجب أن تكون من عند الصّيدلي الذي يختاره هو بحجّة أنّ الأدوية التي كتبها لا تتوفر إلا في صيدليته.
أمّا مَنْ يغضبُ عليه الله من المرضى ويكون بحاجة إلى عملية جراحية / فحدّث ولا حرج/ عليه أن ينظفَ جيوبه وجيوب أهله وأهل أهله ليكدسَ بها خزينة المشفى.
أمّا إذا خان اللسانُ أحدهم وسأل عن الأرقام القياسية التي تزيّنُ فاتورة الأسعار؟؟فإنّه سيتلقى ّردّاو صاعقاً يصعقُ ما كان في
نفسه من جرأةٍ وشجاعة.
قاطعته مرّة أخرى متسائلة: ولكن إذا وجهنا هذا الكلام إلى أحد هؤلاء الأطباء سيردُّ على الفور: النّاسُ أحرارٌ في أن يأتوا إلى عيادتي أم لا؟! لم أجبر أحداً على المجيء إليّ, بل إنّه سيبدي تأففه وتأوّه من تصرّفات بعض المرضى الذين يبدون تذللهم وبؤسهم المفرط أمامه, وكأنّهم يريدون منه أن يحوّلَ عيادته إلى مشفى عام, أو دار للمحتاجين والمتسوّلين والفقراء, نعم كنتُ سأفعلُ ذلك إذا كان يُشحنُ إلى عيادتي قسراً, ولكن أن يأتيني وهو بكامل قواه العقلية ويتهمونني بالظلم فهذا هو الغبنُ بذاته, والظلمُ بعينه, والقساوة بعقلها.
إذاً فالرّجلُ أي/ الدّكتور/ يؤكد على أنه يُمارس الديمقراطية الحقة, والحرّية الصّريحة بكلّ أبعادها, والمريضُ هنا حرّ ومخيّر, لا مقيّدٌ ومجبر, وهل هناك مفهومٌ أفضل من هذا تجده لائقاً بالحرّية؟؟.
عندما رويتُ هذا الحديث الذي جرى بيني وبين ذاك الرّجل لبعض المقرّبين والمقرّبات, قالت إحداهنّ: إنّه على حقّ, وأوافقه 1000 % لأننا لا نطلبُ إلى الأطباء أن يُحوّلوا عياداتهم ومشافيهم إلى جمعياتٍ خيرية, أو دور رعايةٍ بالفقراءِ والمحتاجين, إنّما نطلبُ إليهم الرّأفة بالمحتاج والمعوز, فمَنْ يدخلُ المشفى الخاصّ وهو متوسط الحال, يخرجُ منها وهو يكفرُ باليوم الذي ولدَ فيه, فكيف بالفقير المحتاج؟؟!!
قالتْ لي أخرى: سأحكي لكِ قصّة حقيقية سمعتها بنفسي ولم ل أسمعها من غيري: بينما كنتُ في مستشفى حكومي, وفي غرفة الأطباء أطلبُ منهم المساعدة,استأذنهم زميلهم الدّكتور بالمغادرة ولمّا سألوه عن السّبب أجابَهم:
إنّ الممرضة اتصلتْ معي أكثر من مرّة, وطلبت إليّ الحضور لأنّ عيادتي الخاصّة تضجّ بالمرضى,فردّ عليه أحد زملائه الأطباء وهو يرفعُ بيديه وعينيه إلى السّماء : عقبالنا يا ربّ.
فما كان من أحد زملائه إلا أن ردّ عليه: يا دكتور وهل يليقُ بنا كأطباء أن ندعي على الناس بالمرض حتى نشتغل؟؟!!
فأجابه: وهل يُعقل أن ندعو لهم بالصّحة الدّائمة, والعافية المستمرّة فلا نشتغل؟؟ وقد ذكرتني هذه القصّة بحديثٍ جرى بين الملا وعازف المزمار حيث أراد الملا أن ينصحَ صاحبه بالكفّ عن العزف وإفساد عقول الشّبان والشّابات, إذ يعقدون حلقات الدّبكة والرّقص وهم متشابكو الأيدي, يتبادلون النظرات المحرّمة المخالفة للدّين والشّرع, مذكّراً إيّاه بالجنةِ والنار, فما كان منه إلا هبّ في وجهه وقال: يارجل أقسمُ انّك ستدخلُ النار, وأنا من نصيبي أحلى حورية في الجنة, لأنك تدعي على الآخرين دوماً أن يموت لهم شخص لتقبض ثمن الدّفن وتسليمة الجمعة, وكلّ ملابسه الجديدة وحتى العتيقة أمّا أنا فأتمنى أن يزوّجَ الناسُ أبناءهم, وأدخل السّرور إلى نفوسهم.
وممّا أجمع عليه الكثير أن أنقلَ هذه الرّسالة وعلى لسانهم إلى أطبّائنا الكرام:
أيّها الأطباء والصّيادلة والمخبريون:
إنّ معظمكم قد نما وترعرعَ في أحضان الفقر والعَوَز والحاجة, وعانى ما عانى من هذا الثلاثي المتسلط الجبّار, لماذا لا تعودون إلى أنفسكم بين الفينة والأخرى تحاسبونها لعلّ الشّعور والإحساس بآلا م الآخرين الذين يعانون الآن ما عانيتم منه سابقاً يعود إلى نفوسكم وأفئدتكم, ولتتذكّروا أنّ ما يخرجُ من المال من جيب ذلك المحتاج,إنّما هو عصارة روحه ودمه وحتى مَنْ لم يتذوّق منكم طعم هذا الثالوث الرّهيب فليسأل أباه أو أمّه أو أحد جدّيه ليشرحوا له قصّتهم معه.
حرصتُ أن أنقلَ ما أمليَ عليّ بصدق مع الاحترام والتقدير لكلّ الأطباء الذين يساعدون المحتاجين ويُمارسون مهنتهم على أكمل وجه على أنّها مهنة إنسانية حقة على الرّغم من أنّهم قلة وللأسف الشّديد.
تحدّثي عن أصحابِ الشّهاداتِ التي تسمّى بالعليا, الذين تحوّلوا, إلى تجّار القرون الوسطى, لايتفوّهون إلا بلغةِ المال والمصالح, ولايفهمون سواها الدّكتور والصّيدلي والمعلم والمهندس والمحامي و…و…
فلنبدأ بالدّكتور الذي يريدُ أن يعوّضَ عشرات الآلاف التي صرفها على دراسته وخلال عشرات الأعوام,في ظرف عام واحدٍ أو أقلّ, فلأنّه صار دكتوراً وذي شأن ومقام فهو بحاجة إلى سيّارة بهيّةِ الطلعة, وشقة مميّزة تدخلُ في سجلات/ غينيس/ للأرقام القياسية, وزوجة لم يبدع الخالقُ مثلها بعد ولأنّ كلّ ذلك يتطلبُ المال الوفير,فإنّه يمنحُ لضميره ووجدانه حقنة منوّمة, ولقسمه الذي أقسمَ به حقنة مخدّرة ولأجل غير مسمّى, وبعد أن يتحقق له ما شاء وطلب, يدعمُ ضميره بحقناتِ تخدير إضافية ليبني على أنقاضها/ مشفى خاصّ به /وما أدراك ما يدورُ في خفاياه, وطبعاً من غير أن يتركَ عمله في المشافي العموميةفالمثل يقول/ قرش+قرش= 10
وهنا قاطعته لأسأله:
وما الضّيرُ في كلّ ما ذكرتَ عن الدّكاترة؟! و…قاطعني على الفور وقال:
أتجهلين,أم تتجاهلين, أم تريدين أن تبيعني وطنيات كغيركِ؟! كيف استطاع أن يجمعَ كلّ تلك الأموال في عام واحد؟! حينما يدخلُ المريضُ إلى عيادته ومن ثمّ إلى غرفةِ المعاينة لايسأله إلا عن علته الجسدية, بينما يتجاهلُ علته النفسية والجيبوية .
أوّل ما يطلبه من المريض بعد أن يفحصه فحصاً سريعاً أن يجري فحوصاتٍ مخبرية وشعاعية لمعظم أعضاءِجسده وفي المختبر الذي يختاره هو, وإذا أخبره أحدُ المرضى عن إمكانية إجرائها في المستشفى العمومي سيجيبه الدّكتورُ على الفور:أجهزة المستشفى الحكوميّ معطلة, أو غير مضمونة النتائج, وكأنه ينسى أنّ معظمَ المخبريين الذين يعملون في المشافي الحكومية هم أنفسهم مَنْ يعملون في المختبرات الخاصّة.
أمّا الأدوية كذلك يجب أن تكون من عند الصّيدلي الذي يختاره هو بحجّة أنّ الأدوية التي كتبها لا تتوفر إلا في صيدليته.
أمّا مَنْ يغضبُ عليه الله من المرضى ويكون بحاجة إلى عملية جراحية / فحدّث ولا حرج/ عليه أن ينظفَ جيوبه وجيوب أهله وأهل أهله ليكدسَ بها خزينة المشفى.
أمّا إذا خان اللسانُ أحدهم وسأل عن الأرقام القياسية التي تزيّنُ فاتورة الأسعار؟؟فإنّه سيتلقى ّردّاو صاعقاً يصعقُ ما كان في
نفسه من جرأةٍ وشجاعة.
قاطعته مرّة أخرى متسائلة: ولكن إذا وجهنا هذا الكلام إلى أحد هؤلاء الأطباء سيردُّ على الفور: النّاسُ أحرارٌ في أن يأتوا إلى عيادتي أم لا؟! لم أجبر أحداً على المجيء إليّ, بل إنّه سيبدي تأففه وتأوّه من تصرّفات بعض المرضى الذين يبدون تذللهم وبؤسهم المفرط أمامه, وكأنّهم يريدون منه أن يحوّلَ عيادته إلى مشفى عام, أو دار للمحتاجين والمتسوّلين والفقراء, نعم كنتُ سأفعلُ ذلك إذا كان يُشحنُ إلى عيادتي قسراً, ولكن أن يأتيني وهو بكامل قواه العقلية ويتهمونني بالظلم فهذا هو الغبنُ بذاته, والظلمُ بعينه, والقساوة بعقلها.
إذاً فالرّجلُ أي/ الدّكتور/ يؤكد على أنه يُمارس الديمقراطية الحقة, والحرّية الصّريحة بكلّ أبعادها, والمريضُ هنا حرّ ومخيّر, لا مقيّدٌ ومجبر, وهل هناك مفهومٌ أفضل من هذا تجده لائقاً بالحرّية؟؟.
عندما رويتُ هذا الحديث الذي جرى بيني وبين ذاك الرّجل لبعض المقرّبين والمقرّبات, قالت إحداهنّ: إنّه على حقّ, وأوافقه 1000 % لأننا لا نطلبُ إلى الأطباء أن يُحوّلوا عياداتهم ومشافيهم إلى جمعياتٍ خيرية, أو دور رعايةٍ بالفقراءِ والمحتاجين, إنّما نطلبُ إليهم الرّأفة بالمحتاج والمعوز, فمَنْ يدخلُ المشفى الخاصّ وهو متوسط الحال, يخرجُ منها وهو يكفرُ باليوم الذي ولدَ فيه, فكيف بالفقير المحتاج؟؟!!
قالتْ لي أخرى: سأحكي لكِ قصّة حقيقية سمعتها بنفسي ولم ل أسمعها من غيري: بينما كنتُ في مستشفى حكومي, وفي غرفة الأطباء أطلبُ منهم المساعدة,استأذنهم زميلهم الدّكتور بالمغادرة ولمّا سألوه عن السّبب أجابَهم:
إنّ الممرضة اتصلتْ معي أكثر من مرّة, وطلبت إليّ الحضور لأنّ عيادتي الخاصّة تضجّ بالمرضى,فردّ عليه أحد زملائه الأطباء وهو يرفعُ بيديه وعينيه إلى السّماء : عقبالنا يا ربّ.
فما كان من أحد زملائه إلا أن ردّ عليه: يا دكتور وهل يليقُ بنا كأطباء أن ندعي على الناس بالمرض حتى نشتغل؟؟!!
فأجابه: وهل يُعقل أن ندعو لهم بالصّحة الدّائمة, والعافية المستمرّة فلا نشتغل؟؟ وقد ذكرتني هذه القصّة بحديثٍ جرى بين الملا وعازف المزمار حيث أراد الملا أن ينصحَ صاحبه بالكفّ عن العزف وإفساد عقول الشّبان والشّابات, إذ يعقدون حلقات الدّبكة والرّقص وهم متشابكو الأيدي, يتبادلون النظرات المحرّمة المخالفة للدّين والشّرع, مذكّراً إيّاه بالجنةِ والنار, فما كان منه إلا هبّ في وجهه وقال: يارجل أقسمُ انّك ستدخلُ النار, وأنا من نصيبي أحلى حورية في الجنة, لأنك تدعي على الآخرين دوماً أن يموت لهم شخص لتقبض ثمن الدّفن وتسليمة الجمعة, وكلّ ملابسه الجديدة وحتى العتيقة أمّا أنا فأتمنى أن يزوّجَ الناسُ أبناءهم, وأدخل السّرور إلى نفوسهم.
وممّا أجمع عليه الكثير أن أنقلَ هذه الرّسالة وعلى لسانهم إلى أطبّائنا الكرام:
أيّها الأطباء والصّيادلة والمخبريون:
إنّ معظمكم قد نما وترعرعَ في أحضان الفقر والعَوَز والحاجة, وعانى ما عانى من هذا الثلاثي المتسلط الجبّار, لماذا لا تعودون إلى أنفسكم بين الفينة والأخرى تحاسبونها لعلّ الشّعور والإحساس بآلا م الآخرين الذين يعانون الآن ما عانيتم منه سابقاً يعود إلى نفوسكم وأفئدتكم, ولتتذكّروا أنّ ما يخرجُ من المال من جيب ذلك المحتاج,إنّما هو عصارة روحه ودمه وحتى مَنْ لم يتذوّق منكم طعم هذا الثالوث الرّهيب فليسأل أباه أو أمّه أو أحد جدّيه ليشرحوا له قصّتهم معه.
حرصتُ أن أنقلَ ما أمليَ عليّ بصدق مع الاحترام والتقدير لكلّ الأطباء الذين يساعدون المحتاجين ويُمارسون مهنتهم على أكمل وجه على أنّها مهنة إنسانية حقة على الرّغم من أنّهم قلة وللأسف الشّديد.
وما زال للحديث بقيّة…