لا تقل لو!!!

مسعود عكو

في حديث للرسول الكريم محمد عليه الصلاة, والسلام, وبرواية أبي هريرة, وإخراج مسلم يقول فيه: “المؤمن القوي خير, وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف, وفي كل خير, احرص على ما ينفعك, واستعن بالله, ولا تعجز, وإذا أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا, ولكن قل: قدر الله, وما شاء فعل, فإن لو تفتح عمل الشيطان”.
لست هنا في معرض حديث ديني, أو إلقاء خطبة الجمعة بدلاً من الشيوخ, والملالي, ورجال الفقه, ولكني في موقف المراقب, والمتابع خارج الدائرة المرسومة لي كإنسان سوري ليس لبناني لأن القضية تكمن عند الزعيم الشيعي حسن نصر الله بطل الحرب السادسة التي شنتها إسرائيل بطائراتها, ودباباتها, وقاذفات صواريخها على كل سنتنمر من أرض لبنان الأرز.

هذه الحرب التي وضعت أوزارها قبل عدة أيام, وخرج فيها نصر الله, ورهطه مهنئين أنفسهم بالنصر العظيم, والانتصار العربي الأكبر!!!
رغم توافقي على أن الجولة هذه كسبتها المقاومة اللبنانية بدون منازع, وذلك كقوة ردع للاجتياح الإسرائيلي لأرض لبنان, ولكن أي انتصار حققه سماحته في حرب نجمت عنها استشهاد /845/ حتى الآن منهم: /743/ مدنياً، /34/ جندياً حكومياً، و/68/ من مقاتلي حزب الله، (تزعم إسرائيل بأنها قتلت حوالي /530/ من مقاتلي حزب الله) وقدرت السلطات اللبنانية أن العدد الكلي للقتلى في لبنان يمكن أن يرتفع ليبلغ /1181/، بحيث يكون ثلث هذا العدد من الأطفال, وأغلبيته العظمى من المدنيين, وناهز عدد الجرحى ثمانية آلاف جريح, وتم تحطيم /15/ ألف منزل, وتعرضت للتحطيم حوالي /900/ منشأة تجارية, وزراعية، وصناعية, وتم شن حوالي /4500/ غارة قصف جوي إسرائيلي ضد لبنان، وبحسب تقديرات اللبنانيين, ونزوح أكثر من /916/ ألف لبناني، وهو عدد يعادل ربع سكان لبنان, وخسرت لبنان مئات الملايين من الدولارات من عائدات السياحة، التي كانت متوقعة خلال هذه الفترة، إضافة إلى مغادرة الأعداد الهائلة من السياح للبنان, وإتلاف حوالي /640/كم من الطرق، وتدمير/80/ جسراً، إضافة إلى تدمير مدرجات مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي.

أما خدمات الكهرباء, والمياه، فقد تعرضت لعملية تخريب كبيرة، بلغت تقديرات خسائرها الأولية حوالي /180/ مليون دولار في قطاع الكهرباء, و/70/ مليون دولار في خدمات قطاع المياه, أما بالنسبة لإجمال الأضرار الاقتصادية الكلي تقول التقديرات الأولية بأن حجم الضرر حوالي /12.9/ مليار دولار، منها /3.5/ مليار دولار لقطاع البنى التحتية /9.4/ مليار دولار للقطاعات الأخرى.

بعد هذا كله تأتي سماحتك, وتقول بكل بساطة في لقاءك التلفزيوني مع قناة “نيو تي في” اللبنانية عندما ترد على المذيعة المحجبة “لو سألتيني إذا كان لدينا شك واحد بالمائة في /11/ تموز بأن عملية الخطف ستؤدي إلى حرب هل كنت ستمضي في هذا الطريق؟ كنت سأجيب قطعاً بالنفي لأسباب إنسانية, وأخلاقية, واجتماعية, وأمنية, وعسكرية, وسياسية, لا أنا، ولا الأسرى في سجون إسرائيل, ولا أسر الأسرى كانوا ليقبلوا ذلك”.

فأي تجهيز, وتحضير كنتم قد قمتم بإعداده في حزب الله لخوض هذه المغامرة الغير محسوبة مطلقاً؟؟؟ وما هذا الجواب من سماحتك إلا دليل التهور, والفردانية التي يمتلكها حزبكم, والمغامرات الغير محسوبة, والغير مدروسة بطريقة منطقية صحيحة, ودقيقة بعيداً عن الإجماع اللبناني, والحكومة اللبنانية المنتخبة.

سماحة الشيخ الموقر بكلامك هذا قد أكثرت من منتقديك, وازدادت نقاط ضعفك أمام المقاومين, ومن يتبع هذا المنهج كطريق لتحرير باقي الأراضي اللبنانية المحتلة.

لا بل جعلت نفسك في موقف حرج مع كل أنصارك, ومريديك, فأنت الأن متهم بينهم بأنك تخوض الحروب, والمعارك دون أدنى أي حساب, أو توقع لحجم الكوارث, والهلاك التي تخلفها الحروب عادة.

فأنت قائد عسكري, وهذه ليست المرة الأولى التي تلج نفسك, وتقحمها في حرب مع آلة عسكرية فظيعة, وقوى حربية شرسة تحسب الدول الكثير من الحساب لها, ناهيك أنك على علم, ودراية بأن سجلها حافل بالجرائم, والمذابح, ولا تزال صبرا, وشاتيلا, وقانا شواهد حية على هذه الهمجية.

 

كل هذا يا سماحة الشيخ, وتقول لو كنت أدري لما فعلت هذا… فأي لو هذه التي تعيد الفرحة لطفل فقد أمه, وثكلى فقدت ولدها, وأب فقد أسرته, و,و,و,و, أشياء أخرى هي أفظع, وأقسى, وأكثر إيلاماً, وحزناً من كل تلك الكلمات, والاعتذارات, والإحصائيات التي أتمنى أن تقرأها, وتقارنها مع ما حصدت من حربك مع العدو الإسرائيلي الغاشم.

رغم أنك أشرت إلى أنك لا تسعى لجولة ثانية من الحرب, لكن! رجاءً احسبها في المرة القادمة, هذا إذا كانت هناك مرة أخرى.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي* لم تکن ممارسة عملية الحکم من قبل النظام الإيراني سهلة وهينة لأنه ومنذ البداية واجه رفضا داخليا قويا مثلما کانت هناك عزلة دولية تفاقمت عاما بعد عام، وحاول النظام جاهدا مواجهة الحالتين وحتى التعايش معهما ولاسيما وهو من النوع الذي لا يمکن له التخلي عن نهجه لأن في ذلك زواله، ولهذا السبب فقد مارس اسلوب الهروب…

نارين عمر ألا يحقّ لنا أن نطالب قيادات وأولي أمر جميع أحزاب الحركة الكردية في غربي كردستان، وقوى ومنظّمات المجتمع المدني والحركات الثّقافية والأدبية الكردية بتعريف شعوب وأنظمة الدول المقتسمة لكردستان والرّأي العام الاقليمي والعالمي بحقيقة وجود شعبنا في غربي كردستان على أنّ بعضنا قد قدم من شمالي كردستاننا إلى غربها؟ حيث كانت كردستان موحدة بشمالها وغربها، ونتيجة بطش…

إبراهيم اليوسف منذ اللحظة الأولى لتشكل ما سُمِّي بـ”السلطة البديلة” في دمشق، لم يكن الأمر سوى إعادة إنتاج لسلطة استبدادية بشكل جديد، تلبس ثياب الثورة، وتتحدث باسم المقهورين، بينما تعمل على تكريس منظومة قهر جديدة، لا تختلف عن سابقتها إلا في الرموز والخطاب، أما الجوهر فكان هو نفسه: السيطرة، تهميش الإنسان، وتكريس العصبية. لقد بدأت تلك السلطة المزيفة ـ منذ…

شادي حاجي سوريا لا تبنى بالخوف والعنف والتهديد ولا بالقهر، بل بالشراكة الحقيقية والعدالة التي تحفظ لكل مكون حقوقه وخصوصيته القومية والدينية والطائفية دون استثناء. سوريا بحاجة اليوم إلى حوارات ومفاوضات مفتوحة وصريحة بين جميع مكوناتها وإلى مؤتمر وطني حقيقي وشامل . وفي ظل الأحداث المؤسفة التي تمر بها سوريا والهستيريا الطائفية التي أشعلت لدى المتطرفين بارتكابها الجرائم الخطيرة التي…