هل الصداقة بين الرجل و المرأة ممكنة ؟
وهل تستمر محتفظة بطابعها المميز……..
دون ان تتقلص بها شبهة الحب…… حتى ولو كان من طرف واحد؟
وهل سيأتي الوقت الذي تنتشر فيه مثل هذه العلاقات البريئة في مجتمعنا بحيث تصبح ظاهرة طبيعية لا تدعو إلى الدهشة أو الاستنكار أو المحاربة.
نحن في مجتمع ليس في قواميسه وجود للصداقة بين الجنسين ، حتى مع التطورات التي تحدث باستمرار ورغم ان كل الشعارات التي تنطلق هنا و هناك, و مع وجود ظواهر عديدة فهي توحي لأول وهلة بأننا بدأنا نضع لعلاقاتنا الانسانية مفاهيم جديدة ولنأخذ اسرةً – اية اسرة كانت على سبيل المثال:
مهما كانت ظروفها الاجتماعية و اياً كانت مستواها الثقافي وفي محيط هذه الاسرة قد يعترف للفتاة بحقها في التعليم و العمل و الزواج برغبتها ، ولكن لا يعترف لها الحق في الصداقة مع الجنس الاخر و طريقة التربية تؤكد ذلك .فالفتاة في طفولتها و صباها تلهو مع الاقارب و ابناء الجيران ممن كانوا في مثل عمرها .
ثم فجأة توضع الحواجز بينها و بينهم.
في البيت و المدرسة ويوحي لها بكل الوسائل انه غير مسموح لها بتوطيد علاقاتها مع الجنس الاخر .و هكذا تلقن الفتاة بأن الصداقة بينها و بين الجنس الاخر ممنوعة.
ولكن الحياة تجمعها بأفراد هذا الجنس في الدراسة و في العمل ويحدث اللقاء الطبيعي وتتولد المشاعر و تتحرك العواطف و تتكون العلاقات وهي دائماً علاقات حب, فالعلاقة الوحيدة التي تعرفها الفتاة مع الرجل هي علاقة حب، التي تفهمها بحكم نشأتها المنعزلة.
نحن إذاَ في مجتمع يخلو من الصداقة بين الجنسين و أن أصبح يتعاطف أحياناَ مع الحب و هذا يشكل خطورة على صحة ابنائنا النفسية و يتسبب في دفعهم إلى طرق شائكة وهم يبحثون في ((سن الشباب المبكر)) عن الصورة التي يمكن ان تجمع الجنسين في علاقة مختلفة و الجنسان في حاجة إلى هذا الالتقاء…… وهي حالة طبيعية .
انكارها شبه بحال النعام يدفن رأسه في الرمال .
ولم تعد العزلة ممكنة ولم تكن مجدية في الماضي ابداً و الاختلاط يحدث الأن في شتى مراحل العمر و في كل مكان و مع الاختلاط لابد من نمو العلاقات فإ ذا ربطنا امر هذه العلاقات على مفهوم الحب وحده تكون بذلك قد اضفنا مشكلة جديدة إلى مشاكل مجتمعنا المثقل بالمشاكل….
فالفتاة لا تكاد تختلط و تتفتح عواطفها تجاوباَ مع أفراد الجنس الأخر حتى تتصور إن كل علاقة لابد وأن تكون حباَ من جانبها و من جانب الشاب .فهيا لم تمارس علاقة الصداقة البريئة من قبل .
ثم هي من ناحية اخرى تدرك انها قد تستطيع اقناع المجتمع بالحب اذا تمكنت من التعليق بأهداب الغاية و لكنها عاجزة تماماَ عن اقناعه بصداقة لا ترمي إلى هدف..
و النتيجة انها لتبرير علاقتها بشاب لابد ان تبرهن على وجود الحب و الغاية.وهي غالبا ما تفعل ذلك دون ان يكون ما تحمله حباً حقيقياً بناءاً و غالبا ايضا ما تصر على تحقيق الغاية دون استعداد نفسي سليم.
ومن هنا تكثر قاسي الفشل.اما الفتاة التي تتاح لها حرية الصداقة مع الجنس الاخر فهي لا تندفع و لا تتدهور في تكييف علاقاتها ,واختلاطها بالجنس الاخر يجعلها قادرة على الحكم على عواطفها .
وذلك انها ليست مضطرة إلى تبرير كل علاقاتها او مجبرة حتى ان تخفي احاسيسها وهي تعلم الخبرة وكيف تميز الحب الحقيقي عن مجرد المودة .فلا تقدم على خطوة الزواج الإ بثقة و اطمئنان .
ونحن نستطيع ان نخلق اجواء الصداقة في حياة ابنائنا دون الحاجة إلى تقليد المجتمعات الاخرى التي تتعارض مع طابعنا .المهم هو الإيمان بالمبدأ و بعد ذلك يمكن التنفيذ دون مبالغة تتنافى مع شرقيتنا…… فاختلاط الفتيات باصدقاء الاخوة وتحت رقاب الاهل يحقق الغرض وعلى ان تكون الرقابة واعية لا تطلق العنان و لا تخل الحرية…… إنما مهمتها هي الرعاية و التوجيه و الاختلاط في النوادي او في أي مجال اخر كالجامعات و المعاهد و جمعيات و احزاب و غيرها .
مع الاقناع التام بأن الصداقة شيء والحب شيء اخر.و ان الشاب او الفتاة قد تجمعهما صداقة ودية .
دون ان يطاردهما الاهل و المجتمع مما يجعلهما يتورطان في تكييف علاقتهما .
فيكون ذلك هو الضلال بعينه و يمكن ان تتعارف على حدود معقولة ومقبولة لهذه الصداقات .فلا تجنح بنا الخيال إلى نوع العلاقات في المجتمع الأوروبي، و انما يكون لنا طابعنا المميز الذي من شأنه تحقيق الاغراض التربوية و الاجتماعية.