شادي حاجي
لا شك أن أي نشاط سياسي دبلوماسي ثقافي جماهيري يكون الهدف منه مناهضة معاهدة لوزان في ذكرى مئويتها التي تصادف في 24/7/2023 بشكل حضاري مرحب به ونشجعه ونباركه ( تحضيراً وتمويلاً ومساهمة ومشاركة ) وندعو الجميع الى بذل وتوحيد كل الجهود لإلقاء المزيد من الضوء على مفاعيلها المدمرة على الشعب الكردي لذلك فإن كل خطوة من الخطوات في هذا الاتجاه مباركة في كل زمان ومكان وليس بالضرورة في المكان الذي وقعت فيها المعاهدة سواء كان الفندق أو المدينة، فالمشكلة ليس في المكان وبنفس الزمن الذي عقدت فيها المعاهدة ، فالأمكنة لا تتحمل مسؤولية ما يتم تدبيره في منشآتها وأزقتها ، ومثل هذه النشاطات لايجب أن ترتبط بوقت ويوم ومكان محدد بل بالدول وممثلي الدول التي كانت طرفاً في تلك المعاهدة آنذاك بريطانيا وفرنسا والدول الأخرى الفاعلة التي رضخت حينها للضغوط التركية وتهديداتها وإجتمعوا وقرروا اتفاقية لوزان وبذلك ألغوا معاهدة سيفر ومفاعيلها ضمناً وأجهضوا وانتهكوا وعودهم في بناء دولة كوردستان وأجرموا بحق الشعب الكردي بشكل خاص وقسموا كردستان أرضاً وشعباً وسعوا لتصفية الشعب الكردي وتسببوا بمعاناته وماحل به من مآسي وكوارث طيلة القرن الماضي .
هنا السؤال يفرض نفسه :
لماذا مثل هذه المؤتمرات والمنتديات والنشاطات التي تقام وتنعقد بمناسبة مئوية معاهدة لوزان لم تكن تجري طيلة القرن الماضي بهذا الزخم والاهتمام رفضاً للمعاهدة وإستنكاراً لمفاعليها التي تسببت بمجازر بحق الكرد في الأجزاء الأربعة من كردستان إلا بعض النشاطات القليلة التي لم ترتقِ الى مستوى المآسي التي سببتها معاهدة لوزان ؟
لماذا لم تجر حتى الآن دراسة وبحث كامل وشامل ( تاريخي – جغرافي – سياسي – قانوني ) بأيدي وعقل وفكر كردي بشكل علمي مؤسساتي من قبل مجموعة من ذوي الخبرة والاختصاص من الكرد حول ماذا حدث في تلك المراحل ماعدا بعض المحاولات الناقصة ، وهي محل شكر وتقدير بجميع الأحوال ؟
لماذا الكرد أخفقوا في الحضور القوي في تلك المعاهدات والاتفاقات؟
مالذي حصل في تلك الحقبة التاريخية؟
هل هذه النشاطات بالرغم من ضرورتها وإستمراريتها تؤشر الى أن هناك في المرحلة الحالية فرصة وقدرة كردية في استطاعتها الانتهاء من مفاعيل المعاهدة في ذكرى مرور مئة سنة على توقيعها وإجبار تركيا والدول التي وقعت عليها في 24/7/1923 على العودة الى مفاعيل معاهدة سيفر ؟
هل هناك بند من بنود المعاهدة يؤكد إنتهاء المعاهدة بمرور مئة عام على توقيعها ؟
هل أن المعاهدات بين الدول تنتهي بمجرد مرور مئة عام على توقيعها وهل يسمح القانون الدولي بانتهاك سيادة الدول وتغيير خرائطها وحدودها ؟
هل هناك قوى دولية فاعلة في المنطقة والعالم تتطلب مصالحها وأمنها القومي لإعلان موت معاهدة لوزان والاحتفال بدفنها خلال عام 2023 أو حتى بعدها ؟
هل المؤتمر الخاص لاتحادات الجالية الكوردية الذي عقد في مدينة لوزان بسويسرا والمنتدى الدولي الذي أقيم في الحسكة بسوريا بحسب مانشر على صفحات التواصل الاجتماعي وماتناقلتها بعض الإذاعات والقنوات الفضائية الكردية والنشاطات التي قامت وستقوم في 24/7/2023 في لوزان بمناسبة مرور مئة عام على معاهدة لوزان وضعوا استراتيجية سياسية كردستانية وخارطة طريق واضحة المعالم والمراحل والأهداف للعمل معاً وسوية، وبخطاب سياسي مشترك وموحّد متحرّر من الهيمنة الحزبية ، وتخصيص ميزانية خاصة لتنفيذ بنود الخطة الاستراتيجية لإسقاط معاهدة لوزان وإحياء معاهدة سيفر ، بهدف تحقيق طموحات وتطلعات الشعب الكردي لإقامة دولة كردية مستقلة ذات سيادة ويتحركون وفق جدول العمل التي قد وضعت أو توضع أم هي ليست إلا مجرد نشاطات مؤقتة للإستهلاك الحزبي ومن ثم سيعود الجميع
ويدخلون ثانية وثالثة في دوامة الخلافات والصراعات والمصالح الحزبية الضيقة التي لا تكاد تنتهي ؟
لايخفى على أي متابع للشان السياسي الكردي والمنطقة على أن مناهضة معاهدة لوزان في عامها المئة بحاجة الى حركة سياسية ودبلوماسية نشطة من خلال لجان وروابط مختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا لتعزيز النفوذ الكردي في واشنطن وعواصم القرار في أوربا لبناء وترسيخ العلاقة الكردية مع الأمريكيين وغيرهم مقارنة بعلاقات الأمريكيين والدول الأخرى مع الدول المحتلة لكردستان من خلال تحرير الدبلوماسية الكردية من هيمنة وحدود أحزاب وأشخاص لايتمتعون بالخبرة والاختصاص ، وغير مؤهلين للعمل في السلك الدبلوماسي وتشكيل لجان مختصة للوصول بها الى مؤسسات فاعلة بالإضافة الى توظيف مسؤولين عسكريين و سياسيين أمريكيين وأوربيين سابقين لتمثيل الكرد والسياسات الكردية بالتنسيق مع القيادات الكردية لمخاطبة حكومات وبرلمانات تلك الدول وأيضاً الإتفاق مع شركات خاصة تستثمر نفوذها للضغط السياسي على أصحاب القرار السياسي ورجالاتها في إدارة مثل هذه القضايا الدولية على سبيل المثال شركة “روبرت د. بلاكويل” و هو نائب سابق لمستشار الأمن القومي لتمثل المصالح الكردية في واشنطن و لترتيب اللقاءات مع مسؤلي الإدارة ومثلها في أوربا مثل ماقامت اقليم كردستان بهذا الدور في أكثر من مرحلة عندما تتطلبت الظروف السياسية والأمنية ذلك ليس هذا فحسب بل مع مستشاري الحكومات والوزراء المستقيلين وخاصة المختصين الذين تولوا إدارة شؤون عواصم دول الشرق الأوسط لمصلحة دولهم الذين يبحثون عن عقود عمل مشابهة ليصبحوا مستشارين مدفوعي الأجر للقيادات الكردية والتفكير بشكل جدي وعملي ومؤسسي في مسألة وجود لوبي كردي أسوة باللوبيات المتواجدة في أمريكا وأوربا ( اليهودية – الأرمنية – العربية – الايرانية – التركية وو .. الخ ) علماً أن لكل دولة في الشرق الأوسط لها جماعات الضغط في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية وأهم وسائل هذه اللوبيات التأثير على القضايا في المجال الأمريكي والأوربي الداخلي والقضايا المتعلقة بالشرق الأوسط ومعظم هذه اللوبيات وجماعات الضغط هذه تقوم بالتبرع للحملات الانتخابية لأعضاء الكونجرس المتعاطفين مع قضاياهم في منطقة الشرق الأوسط ويمكن إسقاط ماسبق ذكره على أوربا والقوى الدولية العظمى الأخرى بينما بعض القوى والجهات والأحزاب الكردية هي التي تقبض من الأمريكيين مقابل تقديم خدماتها .
أين الحركة الكردية والكردستانية من مثل هذه الأنشطة المهمة في مراكز وعواصم القرار الدولي ؟