اردوغان في ثأره الوحشي وخبثه وتناقضاته وأسرة دولية متقاعدة

 

إبراهيم اليوسف

لليوم السادس، يتوالى قصف الطائرات والمسيَّرات التركية للمناطق الكردية في كردستان سوريا، إذ يتم استهداف ما تبقى من البنية التحتية في هذا المكان، من مراكز طاقة كهربائية ومائية ومستشفيات  ومراكز موارد بشرية مدنية، أمام مرأى ومسمع العالم كله، في زمن الإعلام المفتوح غير المغلق، بدعوى الثأر من حزب العمال الكردستاني الذي يتعايش معه على نحو يومي، ولم نجد طوال سنوات احتلال  مناطق من كردستان سوريا: عفرين- كوباني- سري كانيي إلخ أية ردود فعل رسمية لافتة، غير مفرقعاتية، من قبل هذا الحزب، داخل تركيا، وقد بلغ عدد النقاط التي تم تدميرها حتى الآن حوالي مئة وخمسين هدفاً.
وإذا كان السؤال الأول الذي يتبادر إلى الأذهان هو: أليست أمريكا التي تتواجد في هذه المنطقة وتعد قوات قسد التي استبسلت في القتال ضد داعش، كما حال قوات البيشمركة في كردستان العراق، ودحرت هذه القوى الإرهابية، مسؤولة في المقام الأول عن حماية شرفها وكرامتها، وكانت سبباً في تصاعد الدورالرسمي في العالم وليس في سوريا وحدها، نتيجة غباء وطيش سياسات أمريكا، فلا تفتأ الجهات المعنية فيها تعلن بين وقت وآخر قائلة: هؤلاء شركاؤنا في مقاومة الإرهاب؟، وهكذا بالنسبة إلى روسيا المجرم بوتين، وقوات التحالف كافة التي تسكت بموجب صفقات سياسية مع تركيا التي تحصل على تأشيرات مرور منها- ولاسيما من أمريكا- لاحتلال المناطق الكردية واحدة تلو أخرى، وبات ما تبقى من هذه المناطق بمثابة دريئة وهدف للاعتداءات التركية الوحشية، إذ إن مسيراتها، وتفجيراتها الإرهابية المباشرة بأيدي بعض عملائها المندوبين من قبلها في التسيد- وتكدير- أمن الأهلين، لا تتوقف، وكأن هذه المناطق ليست إلا ساحات إعدام وحقل تجارب لهذا الحقد الدفين لدى العصابة المتحكمة في أنقرة، وتحت أمرة أردوغان المتأسلم، الماكر، الذي يؤدي أدواراً كثيرة، ويمرر مخططاته بموافقات مصادر القرار المتحكمة، على نحو خبيث ولئيم، ليغدو قادة  من أمثال: أوباما-  ترامب- بيدن- بوتين ألاعيب بين يديه الملوثتين بالدم الكردي والسوري في آن واحد، ناهيك عن دماء أبرياء في مواقع أخرى من الخريطة يدس أنفه فيها كفأر تجتذبه رائحة النفط أو الثروات والمال!
بعيداً عن حالة الرعب التي يعيشها الأطفال في المناطق الكردية، تحت ظل الطائرة التي جعلت من  سماء هذه المناطق ملعباً تحوم وتحلق في أعاليه، وهي تحمل رسالة القتل والدمار، من دون أي سبب، ومن دون أن يتعرض مهندس هذه الحرب المفتوحة ومعاونوه وأدواته للمساءلة الدولية، باعتبار أن من يتنطع لمهمة إدعاء قيادة العالم، فإن عليه أن يكون حارساً على القوانين الدولية، وقبل ذلك  على حياة وأمن الناس، وحتى مسكنهم ومعيشتهم، بيد أن مفهوم القيادة قد تحول على أيدي أحفاد مقسمي خريطة الشرق الأوسط- عامة- إلى مجرد  لعب دور المجرم الطليق المحصن الذي يتخذ من مصالحه ومصالح أدواته بوصلة له، في غياب الضمير الإنساني، والأممي، وبما لا تقبله حتى شريعة الغاب!
إن دور العربدة، بل العهر الذي يمارسه صبي الهولاكوية، الداعشي: أردوغان، يتم أمام أعين العالم برمته، فهو المؤمن في جوامع تركيا وكردستان الشمالية ولدى بعض الدول مدعية الإسلام، كما إنه المتبرك بيد الحاخام في إسرائيل، والبابا في الفاتيكان ومؤدي دور الحاج في الديارالمقدسة في المملكة السعودية، أسوق هذه الأمثلة كتوصيف لواقعه لا لأطلاق حكم قيمة-  والمرتمي على أقدام الماسونية العالمية- وليس أدل على نفاقه- وهو كبير دجالي العصر- أنه يدير آلة قتل الأطفال والشيوخ والنساء الكرد، وهم في بيوتهم، ويهجر الكرد من مدنهم ويحل مكانهم المرتزقة العنصريين والمتأسلمين السفلة، في عفرين و سري كانيي وكري سبي، وتستهدف مسَّيراته الجبانة التي انفلتت من رقابات الأسرة الدولية وباتت تعمم عالمياً، حيواتهم وهم في بيوتهم وفوق ترابهم، في إطار مواصلة تشريد وتهجيرالكرد وإفراغ  هذه المناطق من أهلها الذين باتوا أقلية وفق مخططه وموافقات: أمريكا- روسيا، ليعيشوا في المخيمات بينما تعطى بيوتهم ومزارعهم لدواعش أو راديكاليين مرتزقة من أشباه داعش، بعد أن يدمر المراكز الحيوية من مشاف ومراكز طاقة، بينما يناشد إسرائيل أن ترأف بغزة- وأنا متضامن مع الشعب الفلسطيني طبعاً- إلا إن  قادة إسرائيل أكثر- إنسانية منه- في مقارنة  بين ما يجري في غزة و المناطق الكردية في سوريا، إذ تجد الأولى تعاطفاً إسلامياً عربياً دولياً، باعتبارهم مسلمين، بينما نجد هذا المتعاطف المحتال، المراوغ، الكذّاب،  والخبيث، واللئيم،والمنافق يبكي أبناء غزة- وأتعاطف مع كل أبريائها كما أتعاطف مع أبرياء شعبي- ويدعو إسرائيل إلى عدم فصف المراكز الحيوية:
أية شرمطة وقحبنة يمارسها هذا الداعشي الفرخ؟
بعيداً عن متابعة وتوصيف ما ألحقته وتلحقه آلة الدمار الأردوغانية بكردستان سوريا- منذ بضعة أيام- فإن مراكز القرارالغربي، وأولها: أمريكا ومن ثم روسيا مدعوة إلى التدخل- الإسعافي- من أجل وضع حد لهذا المجرم  الدخيل حتى على تركيا، والإسراع في تأمين ظروف ديمومة الحياة في هذه المناطق، وإعادة إعمارها، بعيداً عن تدخل تركيا، المحتلة، باعتبار- أردوغان وتركياه – من الأوائل الذين تسببوا في تدمير الثورة السورية، وسوريا، لتبدو هذه الأخيرة لقمة سائغة بعد أن اكترى واجهات الثورة- المجلس الوطني- الائتلاف اللاوطني- لتكون مطوبة لفظائعه الإجرامية، كي يعزز علاقاته مع نظام المجرم الأسد، بعد إدعاء دعم الثورة ضده بضع سنوات قبل انكشاف أمره، لقاء معاداة الكرد، وتحقيق صفقات إقليمية دولية على حساب الكرد والسوريين، في آن واحد  .
كما إن على ب ك ك ترك مناطقنا، حالاً، والعودة إلى مكانه ومواصلة تبني قضية” جزئه”، كما يرتئي، بعد أن ظهرت سياساته، كردستانياً، على حقيقتها، لأنه مرفوض من قبل جميع كرد سوريا، ما عدا المنتفعين من ديمومة هذه الشركة المكتراة، إذ إن ساحة نضاله هي: كردستان الشمالية، وإننا ككرد سوريا ندعم أهلنا الكرد في كل من: كردستان إيران- كردستان العراق- كردستان تركيا في حقوقهم، في مواجهة القوى التي تسعى لتكريس خريطة سايكس بيكو ولوزان- على حساب خريطة ووجود شعب كردستاني- بعد مرور مئة سنة على لوزان، ومائة وسبع سنوات على  سايكس بيكو.
والمطلوب منا جميعاً نصرة أهلنا في كردستان سوريا، كل بحسب إمكاناته: الشرفاء بمختلف تصنيفاتهم عبر المظاهرات السلمية في دول المهجر، من دون أن يتم رفع أية صورة ما خلا العلم الكردستاني، والناشطون والساسة عبر التجسير مع مراكز القرار والضغط عليها، والكتاب عبر كتاباتهم، والحقوقيون عبر أدواتهم، والتعاون جميعاً، عبر مؤسسات ما فوق ال- حزبوية- هدفها حرية إنساننا وأمنه واستقراره وتحقيق أحلامه وطرد كل أصناف الاحتلال والغزو والتسلط!؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…