التخبط بين الاستبداد والديمقراطية !!

أحمد مرعان

الشرق الأوسط يتخبط بين استبداد الحكام ، والتطلع من قبل الجماهير إلى نماذج الديمقراطية ومحاولة تقليدها وتسيّدها في أنظمة الحكم، أسوة بالأنظمة الأوربية.
لكي نتوصل إلى هذه الذروة في العلاقة، نحتاج إلى إجراءات أولية وموضوعية للوصول إلى جزء من الحقيقة، للبدء بالحبو إليها كمراحل تطور الإنسان، ثم النهوض والمشي والتعلم والعمل والإنتاج ..
فنحن بحاجة من تجارب الآخرين ، وإلى قيادات متحكمة ذات شخصيات استقلالية، علمية ، دكتاتورية إلى حد ما، تلم بالحالة النفسية بالتتابع، حيث تضع الحد لمن يترجم الديمقراطية بشكل مغلوط، ويمارسها بغلط أكبر ، وكذلك يمنع أيضا من  يحولون الديكتاتورية إلى آلات دمار الشعوب ، ويمنح شعبه الحقوق الواجبة مبدئيا، وتعليمهم الفرق بين الواجبات والحقوق منطقيا،  ويكون بالتالي التنافس شريفا في حجم الالتزام والعطاء والابتكار ..
فالسلوك القويم يلتزم تلقائيا بالقوانين والأنظمة النافذة ، لما فيه الخير لمصلحة البلد، مع مراعاة المصلحة الشخصية ، سواء كانت مادية أو معنوية، ليكون أكثر تفاعلا وتأثيرا على سايكولوجيا من حوله، ليحذو حذوه ، وهذا التفاعل يرسخ عقلية الالتزام والحالة النفسية لدى أفراد المجتمع المحيطين ، بمدى جدية الدولة في المحاسبة بالتقصير ، والمكافأة بالمنح لقاء الجهد المبذول ، والإخلاص والتفاني ..
وللأسف فجميع حكامنا يتاجرون بالديمقراطية ويمارسون الديكتاتورية والاستبداد على شعوبهم حينما يستلمون السلطة،  ويبدلون القوانين والدساتير حسب مزاجهم خدمة لمصالحهم ، دون أي اعتبار لرأي الشعب، وهذا ما يولد لديهم التمادي في استغلال المناصب عندما يتبؤونها حتى لو كانت صغيرة على مبدأ ” حكّلي لأحكلك ” ، وتتفاقم المشكلة نحو تفكك العلاقة المجتمعية، وضعف روح الانتماء ، كونه أصبح بلد اللصوصية والمحسوبيات على مرأى ومسمع الجميع دون تحفظ أو حياء، لانعدام المحاسبة وتصحيح المسار ..
الهوامش الديمقراطية يجب أم تعطى بجرعات مخفضة لحين التمرس ورفع المناعة بعدم قبول التمادي على حقوق الآخرين، وصياغة قوانين تصون كل ذلك في خدمة المصلحة العامة والحفاظ على بقائها وديمومتها ..
فنحن أمام كارثة تتفاقم تدريجيا ، وصلت إلى محاربة الشعب بلقمة العيش وتهميش الرأي والكرامة ” سياسة القطيع ” ..
لا قراءة منطقية تستجدي الأسباب الموضوعية ، وكيفية معالجتها قبل الاستفحال .
التأثر بالمحيط المحرّض لثارات ونعرات يطلقها أصحاب العقول القاصرة دون دراية لما ستخلفه آراؤهم العبثية من مشاكل قد يصعب حلها فيما بعد، أو على الأقل ربما تؤدي إلى خلق فجوة وبؤرة فساد للانتقام لقاء أي خلاف طارئ وبسيط مستقبلا .
أما الشخصيات المشيطنة والتي تدّعي التعقل والتدبير ، فهم من يؤججون الفتنة، وفي ظنهم يحافظون على مكانتهم السلطوية باستدراج مواليهم إلى مهالك السوء والخيبة، متناسين ارتداد أفعالهم وأفكارهم الهوجاء ترضية لغرورهم المعهود بما يجلب لهم جميعا النكبات والويلات ، ودون أن يعيروا أهتمامهم للزمن الذي تغير بفعل التكنولوجيا والتقنية المستحدثة ، فالعبرة ليست بالعدد بقدر ما هي بالعدة والعتاد ، والتخطيط بدراسة جادة وموضوعية من كافة الجوانب .
لكي تتحقق الأهداف يجب معالجة الأسباب ووضع الحلول المناسبة لكل حالة على حدى، ثم البحث عن البديل المناسب قبل الخوض والانجرار خلف الوعود والأوهام البائسة مالم تكن مقرونة بالواقع ، فشتان ما بين المنطلقات النظرية وما يقابلها على الأرض، لتكوين جسم متكامل متعافى يحظى بالقبول أمام مجريات الأحداث ، بما يرضاه المجتمع ويحفظ ماء الوجوه قبل الوقوع في الأخطاء القاتلة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى بالخير والعطاء وعين الصواب ../ ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…