يتناول التقرير بشكل رئيسي الاوضاع في منطقة عفرين الكردستانية ، وما يجري فيها من ممارسات وانتهاكات ترتقي الى جرائم الحرب حيث تستغل المجموعات المسلحة الفوضى الإقليمية لارتكاب انتهاكات فظيعة في مجال حقوق الإنسان واضطهاد السكان المدنيين. يتعرض الأبرياء للخطر والتهديد المستمر من هذه الأعمال غير القانونية التي ترتكبها هذه المجموعات فبعد عملية ” غصن الزيتون ” التي اطلقتها تركيا في ١٨ كانون الثاني ، وسيطرة الجيش التركي ومجموعات المعارضة المسلحة التابعة لها في اذار ٢٠١٨ على مدينة عفرين الكردستانية . شهدت المنطقة تردياً كبيراً في الأوضاع الامنية والانسانية حسب شهادات الأهالي والعديد من التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية والدولية ، ونزوح ما يزيد عن ثلاثة أرباع سكان المدينة ، حيث تمركزوا في مخيمات بمناطق الشهباء في ريف حلب الشمالي ومناطق أخرى ، وحلّ مكانهم نازحون من بلدات الغوطة الشرقية لدمشق ومدن حمص وحماة وحلب ، وغيرها من سكان المناطق الاخرى .
اولا – الهندسة السكانية
اطلقت تركيا يد المجموعات المسلحة التابعة لها ل «تتريك» المنطقة وطمس هوية سكانها الكرد، وتغيير تركيبتها الديمغرافية عبر تغيير أسماء الساحات العامة والشوارع والقرى ، وإطلاق أسماء تركية وعربية عليها، والعبث بالمواقع الثقافية والأثرية والدينية ، وإجبار السكان الحصول على بطاقات الهوية التركية ، والتعامل بالليرة التركية . اضف الى ذلك تدريس المناهج باللغة التركية . حدث كل ذلك بعلم الجنود الأتراك وأمام أعينهم، حيث تم تقديم مئات الشكاوى ضد ممارسات هذه الفصائل إلى نقاط المراقبة التركية والمجلس المحلي، لكن دون جدوى…!
كما قامت بعض الجمعيات والمنظمات الإسلامية التركية والقطرية والكويتية والفلسطينية بإنشاء بؤراستيطانية على أرض عفرين المحتلة ، واسكنت فيها نازحي الغوطة وحلب وحمص والمناطق الاخرى . فقد تجاوز عدد المستوطنات التي بنتها هذه المنظمات اكثر من ٣٠ مستوطنة . توزعت في مناطق شران والشيخ حديد/ شييه وجنديرس وبلبل وراجو.
ثانيا- قطع أشجار الزيتون وفرض الاتاوات .
تحولت أشجار الزيتون التي يتجاوز عددها في عفرين 18 مليون شجرة إلى مصدر دخل المجموعات المسلحة . وثّق نشطاء حقوقيون عدد الأشجار التي تعرضت للقطع والحرق الى أكثر من ١٢٠ ألف شجرة ، وتقوم هذه المجموعات بجني محاصيل الاشجار وبيعها في غياب اصحابها ، وفرض نسبة اقتطاع تتراوح ما بين ٣٠-٥٠ في المائة من محصول الفلاحين من زيت الزيتون، مقابل السماح لهم بقطف حقولهم التي يملكونها ، ناهيك عن فرض الاتاوات اوسرقة المحصول من الفلاحين بقوة السلاح، وقطع آلاف أشجار الزيتون وبيعها حطباً في تركيا بهدف الكسب المادي ، أو مصادرة الممتلكات الخاصة .
-ان قطع أشجار الزيتون وفرض الضرائب الباهظة واقتطاع نسبة ٣٥% من قيمة الإنتاج يكلف أهالي عفرين ثمناً باهظاً يتمثل في فقدان الإنتاجية وزيادة النمو ويعرض حقوقهم في ممتلكاتهم للخطر من زرع الحقد وعدم الاستقرار ويتحول الأمر مع الزمن إلى عداوة بين مكونات الشعب السوري .
ثالثا – استمرار حالات الخطف
لازالت تنتشر الاخبار المتعلقة بالاعتقال والقتل والحوادث اليومية لكن الخطف يأتي في قمة الهرم بدافع تحصيل الفدية . زاد خطاب الكراهية والحقد بين أهل المدينة والوافدين الجدّد من جهة ثانية، بسب استيطانهم لأرض الكرد ومصادرة ممتلكاتهم ، كما تتواصل عملية خطف القاصرات في مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي ، رغم تعهدات “قوات سوريا الديمقراطية” بعدم تجنيد القاصرات في صفوفها. وكأمثلة على ذلك فقد اختفت كلا من ميراف عدنان خاشو و سيميل زيدان عن الأنظارمنذ يوم الثلاثاء 17 تشرين الأول الماضي ، ولدى متابعة ذويهما تبين أنهما موجودتان لدى قوات حماية المرأة ، ولم يتم اعادتهما رغم جميع المناشدات والمحاولات ، وهما قاصرتان من مواليد 2008 و ٢٠٠٩ وهناك الكثير من هذه الامثلة المأساوية التي تدفع الناس إلى الفرار والهجرة .
-لقد ان الاوان لمعالجة تداعيات الاحتلال التركي والانتهاكات الرهيبة من اعمال البلطجه والقتل والتخريب والاغتصاب . فانتشار العديد من العصابات المحمية من قبل التشكيلات العسكرية مع قدوم موسم قطف الزيتون يستدعي الحاجة الملحة لتوفير شبكة امان اجتماعي وانهاء الانتهاكات والمخاوف التي تزداد مع الزمن . حيث تهتز الضمائر عند سماع هذه الممارسات و الأعمال اللاإنسانية .
-تحتاج عفرين إلى استراتيجية تنمية اقتصادية جريئة تستخدم فيها أموال المساعدات لإدخال تحسينات دائمة على حياة السكان وتوفير الأمن والأمان وتشجيع نازحيها العودة إلى أماكنهم التي تركوها قسرا تحت قصف المدافع
كما يمكن للمجلس الوطني الكردي أن يلعب دوراً في هذا الاتجاه من خلال تفعيل مجالسه المحلية وتقديم بعض الخدمات الضرورية بالتعاون والتنسيق مع مؤسسة البارزاني الخيرية والتي حدّ وجودها من حصول بعض الانتهاكات وعزز الروح القومية والمعنوية لدى أهالي المنطقة .
رابعاً – المسؤولية .
تتحمل تركيا بصفتها قوة احتلال في عفرين المسؤولية عن حياة السكان المدنيين والحفاظ على النظام والقانون . فقواتها تتجاهل بطريقة مقصودة ولا تقوم بتلك المسؤوليات لا بل تتنصل منها وتحمّل المجموعات المسلحة الموالية لها هذه المسؤولية ، وفي هذا السياق يتطلب من المجلس الوطني الكردي التحرك والضغط على الائتلاف وتركيا بوقف هذه الانتهاكات واخراج المجموعات المسلحة من المدن والبلدات وتسليمها الى مجالس منتخبة من سكانها الاصليين ، ودعوة الامم المتحدة والمجتمع الدولي عموما للضغط من أجل إنهاء معاناة سكان منطقة عفرين والعودة إلى الحياة الطبيعية .
خامساً – الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي
رغم القرار الذي صدر برفع أسعار المازوت ٤٠٠% تحت ذريعة منع التهريب وتوفير المادة دون دراسة او اعتبار للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها المنطقة وما نتج عنه من ردود افعال متباينة ووقفات احتجاجية الا ان المنطقة باتت تشهد اختناقات حقيقية في توفًر هذه المادة مع قدوم فصل الشتاء . فقد شهدت العديد من المناطق إطفاء المولدات الخاصة لعدم تزويدها بالوقود مع ندرة توفر كهرباء الشبكة العامة وبرامج التقنين الغير عادلة ..! مما يفند مزاعم “التهريب” ويظهر سياسة الربح والتراكم المالي وارتجالية القرارات لهذه “الادارة” وفشلها في تقديم الخدمات وتطوير البنية التحتية وزيادة عدد أفراد الطبقة الوسطى ويلعب الفساد المستشري دوراً مهما ًفي انعدام فرص العمل وتردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وازدياد حالات السرقة والمحسوبية وهدر المال العام .
سادساً – حراك السويداء .
يدعم تيار مستقبل كردستان سوريا حراك السويداء ويعلق عليه الآمال على قاعدة العقلانية والواقعية و توسعه ليشمل المناطق الأخرى، الأمر الذي يعني استمرار الحراك وزيادة شحنه بالوطنية السورية ، أملاً بحصول تغيرات اقليمية ودولية من شأنها تحقيق وضع يمكن البناء عليه في سوريا مستقبلاً.
سابعاً – حرب غزة .
ينعكس تأثير الانشغال العالمي المتزايد بحرب إسرائيل وحماس في غزة واضحًا على ما يجري في سوريا وأوكرانيا ومناطق أخرى من العالم ، حيث تتجه الأنظار بشكل رئيسي إلى هذه المنطقة المتشابكة والمضطربة . فالإصرار على انهاء سلاح حماس وإجراء ترتيبات جديدة في غزة قد يشكل مدخلا جديدا للتعامل مع الأزمات الإنسانية الأخرى، بما في ذلك الأزمة المتفاقمة في سوريا ، وهذا قد يتسبب في وضع الملف السوري على الرفوف الخلفية لحين الانتهاء من ترتيبات الحل في غزة . وفي هذا السياق يُلاحظ استغلال النظام السوري وحلفاؤه روسيا وايران لهذا الانشغال العالمي من أجل تصعيد العمليات العسكرية في مناطق مثل إدلب وجبل الزاوية وغيرها ، مما يُزيد من معاناة الشعب السوري ويعيد فتح جروح الصراعات والندوب الداخلية بعد الاستقرار النسبي في مناطق النفوذ .
ثامناً – المجلس الوطني الكردي .
كان مقررا أن يعقد مؤتمر المجلس الوطني الكردي الرابع في ١٤-١١-٢٠٢٢ بمدينة قامشلو الا ان سلطات ب ي د حالت دون ذلك ومنذ ذلك التاريخ وحتى موعد اجتماع الامانة العامة الحالي ١٣- ١٢ – ٢٠٢٣ بقيت كل الهيئات مستمرة في تصريف أعمالها …
لقد اظهر الاجتماع الاخير للأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي ضرورة المراجعة والتصحيح والذهاب الى مؤتمر استثنائي بغية تقويم الاوضاع وتفعيل المجلس على أسس التشاركية والمؤسساتية والشفافية وتعزيز الانتماء استعداداً لما هو قادم من تطورات كطرف رئيسي والى ان يتم عقد هذا المؤتمر يبدي التيار قلقه واستيائه من التجاوزات التي تحصل في النظام الأساسي لجهة عدم الالتزام به.
سينتهج تيار مستقبل كردستان سوريا “المسار المزدوج” داخل هيئات المجلس واجتماعاته ، مما يعني التفاعل الإيجابي ومحاولة تكوين رأي عام ضاغط باتجاه الأهداف التي يطمح اليها عبر ممارسة النقد من أجل تحديد الأخطاء وإيجاد السبل الكفيلة لتلافيها و بلورة شخصية كردية سورية تمتلك قرارها الوطني وتتفاعل مع محيطها السوري والإقليمي .
ويبقى المجلس الوطني رغم كل ما يمكن أن يقال عنه محط الأمل لدى الكرد السوريين الذين يطمحون إلى إنهاء المقتلة السورية وبناء سوريا اتحادية ديمقراطية علمانية تقر وتعترف بحقوق جميع أبنائها ومكوناتها على أسس المواطنة المتساوية وشرعة حقوق الانسان.
لنرتقي معاً إلى مستوى الطموح والآمال..!
قامشلو – ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٣
تيار مستقبل كردستان سوريا
الهيئة التنفيذية .