تصدر الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان، هذا التقرير حول الوضع الاقتصادي والمعيشي في سورية بعد دخول البلاد في ازمة منذ اثني عشر عاما وحتى الان، افضت الى تدمير كبير اصاب البشر والحجر، وخربت كل المسارات السياسية والاجتماعية والاقتصادي والثقافية وانهارت كل الأنشطة الاقتصادية وتم الإضرار بالممتلكات الاستراتيجية للدولة وبمختلف البنى التحتية، وترافق ذلك مع حركة نزوح كبيرة. وان هذه العوامل وغيرها أدت وبشكل طردي لانهيار المستوى المعيشي للبشر منذ عام 2011، وارتفعت مستويات البطالة والفقر المدقع، ولا سيما في الآونة الأخيرة.
لقد تدهورت الأوضاع الاقتصادية وانهارت أسعار صرف الليرة السورية مما أدى الى تراجع حاد للقوة الشرائية للسوريين، وتفاقمت أزمة الطاقة المعدومة في معظم المناطق السورية، مع استمرار نفاذية وتأثيرات العقوبات الغربية الامريكية والاوربية على المجتمع السوري ،وتشدد الولايات المتحدة الأمريكية في تطبيق العقوبات على الحكومة السورية وناقلات النفط الإيرانية، ما أوصلنا الى حالة من الشلل في معظم مؤسسات الدولة والحياة العامة ، ودفع الى استصدار العديد من القرارات الحكومية الغريبة بتعطيل الدوام الرسمي لعدة فترات في الدوائر الحكومية وفي المدارس والجامعات، إضافة الى ذلك ازدياد نسبة المهجرين من الشباب والشابات وأصحاب الشهادات العلمية والكفاءات المهنية، ومن التجار من القطاعين الصناعي والحرفي إلى خارج البلاد بحثا عن مورد رزق وعمل، تزامن ذلك مع الافتقار الى آليات تشغيل البنى التحتية كالقطاعات الصحية والخدماتية، ما أوصل المطاف الى تعطل عملية الدوران الاقتصادي والتهالك المستمر في سوق الإنتاج، وكل ذلك ترافق مع موجات من الغلاء متصاعدة اصابت جميع المواد الأساسية وغير الاساسية ، والتي توجت بضعف فظيع للقدرة الشرائية لمعظم افراد المجتمع، وأكدت الحكومة المركزية بدمشق على وجود عجز في موازنة العام السابق، فقام البنك المركزي بتدارك الأمور وعمل على طباعة المزيد من العملة لتغطية العجز، مما أدى إلى تضخم هائل، والكلام يدور الان عن رفع الدعم الحكومي عن عدة قطاعات اخرى ومواد أساسية منها الوقود والخبز، فالتضخم المتصاعد منذ عدة أعوام وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة السورية ، لم يكن الا بسبب عدم وجود سياسة نقدية تحارب التضخم وتوقفه عند حدود معينة.
والتضخم والعجز في الميزان التجاري ينتجان تدهور معدل صرف العملة الوطنية مما يكون عاملا مساعدا على ازدياد التضخم، وبتوقعات لدى الناس بأن زيادة الأسعار ستستمر في المستقبل وان القيمة الشرائية لليرة ستنخفض، ما يجعل الناس تتحول من حمل سيولة نقدية أو التوظيف في استثمارات مالية إلى اقتناء استثمارات حقيقية: عقارات وأراضي او التحول من العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية ما يؤدي إلى تدهور أكثر في معدل صرف العملة الوطنية. ان الانسان العادي هو من يتحمل أعباء التضخم في النهاية، لأن نسبة أرباح التاجر والصناعي ثابتة لا تتغير في حين تتغير وترتفع أسعار منتجاتهم ومستورداتهم.
ان ربط الحد الأدنى للأجور بالحد الأدنى لمستوى المعيشة باتت قضية اقتصادية وانسانية هامة نظرا للحالة الاقتصادية السيئة التي نعيشها اليوم، والتي تعتبر انعكاسا لتدني القدرة الشرائية للسورين، ما اوضح أن هناك ثمة خللا في السياسات الاقتصادية المتبعة أدت إلى تدهور الحياة المعيشية للعاملين بأجر، ودفعتهم يوما بعد يوم إلى الاصطفاف عند خط الفقر أو دونه، حيث أن خط الفقر هو ذلك الخط المحدد محليا وعالميا بكتلة نقدية تعادل حوالي 1500000 ليرة سورية للفرد الواحد شهريا، وهو الحد الأدنى لتلبية متطلبات المعيشة من المواد الغذائية والصحية، لكن نصيب الفرد الواحد من هذا الدخل شهريا حوالي 10% من المبلغ المحدد عند خط الفقر للإنفاق على الغذاء فقط دون مستلزمات الحياة الأخرى .
غلاء كل شيء وضعف القدرة لشرائية في انتهاك مستمر لمعيشة الانسان السوري
لقد تخطى سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية ال 13 آلاف ليرة في النصف الأول من شهراب 2023، لكن أسعار السلع أخذت مسارا تصاعديا، وخصوصا بعد ارتفاع سعر الصرف الرسمي.
بالمقابل، استمرت أسعار السلع الأساسية بالارتفاع بنسب متفاوتة منذ بدء أزمة المحروقات، غير متأثرة بوضع الليرة السورية.
هذا يشير الى أن سعر الصرف يؤثر في أسعار السلع بشكل كبير، ولكنه ليس العامل الوحيد في تحديد أسعارها، بل توجد عوامل أخرى تلعب دورا في تحديد السعر للسلع المستوردة أو المنتجة محليا، ومن هذه العوامل مدى توفر المادة، وصعوبة أو تكاليف عملية الاستيراد للسلع ومستلزمات الإنتاج، كما يشكل الاستقرار في التكاليف عاملا مهما، والتوقعات بارتفاع سعر الصرف مجددا تقف وراء عدم ثبات أسعار السلع، إذ يلزم وجود ثقة لدى التجار والمصنعين بانخفاض سعر الصرف لفترة قد تمتد لأشهر لخلق الانخفاض.
أن أسعار الصرف في سورية عادة ما تكون غير مستقرة صعودا وهبوطا بنسب تغير ضئيلة، في حين أن ما حدث مؤخرا هو ارتفاع أسعار الصرف بشكل كبير خلال يوم، وعودة هبوطها بعد عدة أيام، وهو ما أربك الأسواق وتسبب بمشكلة للتجار.
وظهر عاملان بعد انخفاض سعر الصرف، أولها مشكلة نفسية تتعلق بأسعار الصرف، لان مرونة صعود الأسعار تختلف عن مرونة هبوطها، إذ يبدي التجار مقاومة تجاه الأخيرة عندما تنخفض أسعار الصرف.
ويتعلق العامل الثاني بتنبؤات السوق والتوقعات بعودة ارتفاع سعر الصرف، وهو ما زاد من تمسك التجار بالأسعار المرتفعة التي كانت على أساس سعر صرف الدولار.
ولا توجد سلطة نقدية فعلية لتسعير المواد، وأن تدخل البنك المركزي لاستقرار سعر صرف الليرة السورية ليس له تأثير كبير.
تحاول الحكومة دعم الإنتاج المحلي والصناعيين، بهدف تصدير المنتجات وتأمين عملة أجنبية تعزز من استقرار الليرة، ولكن واقع الإنتاج السوري المتردي ينعكس بضعف الصادرات، ولم تتأثر فقط المواد أو المنتجات المستوردة، التي تتعلق بشكل مباشر بسعر صرف الدولار، بل رافق التأثير أيضا المنتجات المحلية.
أن الإنتاج يحتاج إلى المحروقات، والنقل، والأيدي العاملة، ومواد أولية معظمها مستورد، وارتفاع كل ما سبق يؤدي أيضا إلى ارتفاع أسعار المنتج.
وأصبح المنتج السوري خارج المنافسة بالنسبة للسوق العالمية، وهذ ا ما يعود سببه الى ارتفاع سعره، وتكلفة نقله، وصعوبة تأمين المواد الأولية،
كما ان يعود زيادة تكاليف الإنتاج وسعر المنتج المحلي إلى انعدام الدعم الحكومي، من محروقات وكهرباء، ما يحيل المنتجين إلى أسعار السوق السوداء المرتفعة، كما أن انخفاض القوة الشرائية للسكان يؤدي إلى خسائر بالنسبة للمصنعين.
وأثر الفرق بأسعار الصرف على عدة قطاعات إنتاجية، ومنها صناعة الأدوية، مع العلم ان المصرف المركزي يمول معامل الأدوية من القطع الأجنبي لاستجرار المواد الأولية اللازمة لصناعة الأدوية، وأدى الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي، وسعر الصرف بالنسبة للحوالات، إلى خسائر لشركات الأدوية التي تطالب وزارة الصحة برفع الأسعار حتى لا يكون الإنتاج خاسرا.
ويعود سبب أزمة الدواء إلى خسائر أصحاب معامل الأدوية المستمرة منذ نحو أكثر من سنة، بعد تعديل سعر صرف الدولار الرسمي، ما أدى إلى توقف إنتاج الأدوية في المعامل والتقنين الشديد بتوزيعها للمستودعات وبالمثل للصيدليات.
أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تعميما على مديريات التموين في المحافظات، تضمن متابعة الإعلان عن الأسعار في الأسواق وفق الفواتير التداولية التي تحرر من المنتجين والمستوردين وتجار الجملة، واعتماد فواتيرهم أساسا في تحديد مبيع المستهلك وفق نسب الأرباح المحددة، كما أنهى التعميم العمل بنشرة الأسعار التي كانت تصدر من الوزارة حتى إشعار آخر.
وبررت الوزارة صدور التعميم بضمان توفر المواد بالأسواق، إن النسبة الكبرى من التجار والشركات لا يحققون ربحا أكثر من نسبة الربح المحددة لهم، حيث أن التعميم يعطي أريحية بالعمل للتاجر الذي يجب أن يضع التسعيرة على البضاعة كي لا تكون هناك حالات غش، وان تنتهي مظاهر احتكار وتخزين البضائع بعد التعميم، لكن انخفاض الأسعار عملية متشابكة، ولا يمكن أن تتم في ظل عدم انضباط سعر الصرف واستمرار وجود مشكلات في منصة تمويل المستوردات وصعوبة الاستيراد، لكن تحرير الأسعار كان إيجابيا لو ساد جو المنافسة بين الشركات، ولو كان دعم العملية الإنتاجية والاستيراد متاحا للجميع دون معوقات، بينما في ظل مستوى الاحتكار الكبير والانفلات السعري في الأسواق، فإن هذا التعميم قد يرفع الأسعار إلى مستويات مرتفعة.
وبهدف توفير المواد وفتح أسواق جديدة، أصدرت الحكومة قرارا سمحت بموجبه باستيراد عدة مواد من المملكة العربية السعودية، أبرزها السكر والمواد الكيماوية والبتروكيماوية، واستند القرار إلى ما أوضحته وزارة الخارجية والمغتربين، بأنه لا مانع سياسي من التماشي مع توصية اللجنة الاقتصادية.
أن الحلول التي يطرحها النظام لحل مشكلات الوضع الاقتصادي غير مجدية، بسبب التدخلات الدولية وارتباط الحل الاقتصادي بالحل السياسي، حيث أن بعض الموارد السورية ليست بيد الدولة.
وفيما يخص قرار تحرير أسعار المواد، أن القرار سينعكس سلبيا على المواطن، وذلك لأن أي قرار تتخذه الحكومة يكون لمصلحة الفئة المتنفذة والمقربة منه، مما يوصفون بـ الأمراء الجدد، وأن مشكلة الاقتصاد السوري ليست بتحديد أو تحرير الأسعار، بل في هيكلية الاقتصاد والفساد المستشري بدوائر الحكومة.
حول الانتهاكات البنيوية في مجال الاقتصاد:
أن الاقتصاد السوري يعاني من اختلالات كبيرة ومتراكمة على مدى السنوات العديدة الماضية، في مناخ من المتغيرات المتسارعة في النظام الاقتصادي والسياسي العالمي، ولن تستطيع سورية الاستفادة من الفرص والتخفيف من التهديدات المقبلة عليها، تحتاج سورية لرؤية جديدة حول مستقبلها الاقتصادي والسياسي في المنطقة وترجمة هذه الرؤية إلى تغييرات عميقة وشاملة ومتعددة الجوانب، مترافقة مع خطة تنمية شاملة، وذلك حتى ترقى سورية إلى مستوى التحديات الداخلية والتحديات الخارجية التي تواجهها، وواقع الأمر أنه لا يمكن تحقيق التغيير الاقتصادي والتنمية بالشكل الذي يجعل سورية قادرة على رفع مستوى المعيشة للمواطن وقادرة على اللحاق بالآخرين وعلى إدخال سورية في النظام الاقتصادي العالمي إذا لم تتخذ خطوات جدية باتجاه مسار التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان.
أي أنها في حاجة إلى إجراء تغيير جذري في نهجها الاقتصادي مترافقا مع تغيير في نهجها السياسي لينطلق منه إصلاح اقتصادي وإداري شامل مع خطط للتنمية ومشاركة واسعة في إعداد هذه الخطط. أن المشكلة الاقتصادية في سورية تفاقمت في السنوات الأخيرة بسبب تأخر الدولة في الإصلاح مما أدى إلى تراكم المشكلات. وأهمها:
1. هشاشة النمو الاقتصادي
2. ضعف ارتباط سوريا بالنظام الاقتصادي العالمي
3. تدني دور القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي
4. بدائية الإنتاج الزراعي وصغر الحيازات وشح المياه
5. قطاع كبير غير منظم: في الصناعة والتجارة والورشات ولا يظهر في الإحصائيات الرسمية
6. ضعف القدرة التنافسية: التي هي حصيلة بنية إنتاجية ضعيفة ومؤسسات وسياسات قاصرة.
7. مشكلة الفساد
8. تدني المستوى التعليمي للعمالة وارتفاع معدلات البطالة
9. تدني القدرة التكنولوجية المحلية
10. قطاع عام هرم وقطاع خاص ضعيف، اقتصاد كلي مقابل نمو اقتصادي ضعيف
11. القطاع المصرفي يعتمد على التخصص المصرفي القطاعي وعلى المنتجات الادخارية والاستثمارية المتنوعة.
12. هجرة الشباب والكوادر التعليمية ورؤوس الأموال
13. ضعف المجتمع المدني
إن التردد في عمليات الإصلاح الشامل والعميق ما قبل الازمة واثناءها والان، أضاع زمنا كبيرا وجهودا كثيرة، وأصبح يحتاج إلى تكاليف كبيرة. وأوضح عددا من التهديدات الحقيقية، وأهمها:
• يتشكل التهديد الأول من استمرار الوضع الاقتصادي الراهن الذي سيؤدي إلى استمرار انخفاض مستوى المعيشة وتزايد البطالة واستمرار التدني في سلم التنمية العالمي.
• ويتشكل التهديد الثاني تآكل المخزون النفطي، وعدم قدرة قطاعات الاقتصاد الرئيسية الأخرى، الصناعة والزراعة والسياحة، على التعويض عما كان يقدمه قطاع النفط للاقتصاد الوطني. لكن اصبحت سوريا، بسبب تدني إنتاج النفط، وتزايد استهلاكه محليا، مستوردا صافيا للنفط، مما ادى إلى اختلالات في كل من الميزان التجاري ومالية الدولة العامة، وقلص من موارد الدولة من القطع الأجنبي وموارد ميزانيتها العامة، وهذا بدوره ادى الى أزمة تضخم والتدهور في سعر العملة، فضلا عن تأثيره على مشاريع التنمية وعلى المشكلة الاجتماعية في سورية.
• ويأتي التهديد الثالث من التركيبة السكانية التي ترفد سوق العمل سنويا بأعداد كبيرة، وتهدد ببطالة متزايدة تضاف إلى البطالة القائمة حاليا، فضلاً عن البطالة المقنعة في مؤسسات ومصانع الدولة، لقد تحولت مشكلة البطالة في سوريا إلى أزمة فقر مع استمرار النمو الاقتصادي بوتيرته الضعيفة الحالية.
• التهديد الرابع من التوتر الأمني الداخلي والخارجي الذي يفرض على سورية أعباء عسكرية كبيرة، مع بقاء مصادر التهديد لأمن ووحدة وسلامة الأراضي السورية، إضافة الى اعاقة هذه التهديدات لأي تدفق للاستثمار الخارجي إلى سورية كما سيعمق اضطرارها لاستمرار إنفاقها العسكري المرتفع، وسيحد من قدرتها المالية على تمويل عمليتي الإصلاح والتنمية، ومن هنا يصبح، تأخر الحكومة السورية في إصلاحها الاقتصادي الشامل، سيضطرها الآن إلى أن تتجه إلى إرساء قواعد لنظام السوق وتركز على الإصلاح المؤسساتي وإصلاح التعليم وعلى التنمية البشرية ومكافحة الفقر وارتقاء التكنولوجيا وتعمل على الشفافية وعلى تعزيز مؤسسات المجتمع المدني.
حول اقتصاد الظل والانتهاكات التي يسببها:
فنشير الى ما يسمى بالاقتصاد غير الرسمي وهو السائد والفاعل حاليا: أنه اقتصاد لا يخضع للرقابة الحكومية ولا تدخل مدخلاته ومخرجاته في حسابات الدخل القومي، ولا يعترف بالتشريعات الصادرة أي أنه يتهرب من كافة الاستحقاقات المترتبة عليه تجاه الدولة.
ونظرا لتنوع مجالات عمله يطلق عليه أسماء متعددة حسب مجال العمل الذي يمارسه فإذا كان متعاملا بسلعة محرمة الاستخدام والتعامل (أسلحة – مخدرات- سرقة الآثار-المتاجرة بالبشر.. الخ) فإننا ندعوه (الاقتصاد الأسود أو اقتصاد الجريمة).
أما إذا كان التعامل به ممنوعا واستخدام السلعة مسموحا، وخاصة بلعبة العرض والطلب والاحتكار، مثل (السوق السوداء لبعض السلع ومنها المحروقات والغاز والأدوية البشرية والحيوانية والزراعية – إنتاج بعض السلع بمعامل غير مرخصة- دكاكين وورش غير مسجلة لكافة المواد الاستهلاكية والغذائية) ويدعى: الاقتصاد غير الرسمي، واقتصاد الظل أو الخفي، الذي يشكل أكثر من 80% من حجم النشاط الاقتصادي.
ومن أهم أسباب انتشار هذا الاقتصاد هو تراجع دور الدولة والقوانين المختصة بمكافحة الاقتصاد الإجمالي (غسيل الأموال) ، وتدخلها الهش في الحياة الاقتصادية وعدم قدرتها في التدخل في قصة الأموال المهربة من سورية والتي تشكل قسما كبيرا من الأموال السورية المهاجرة والتي تقدر بين 580 الى600 مليار دولار وكذلك التهرب من الضرائب وأعمال الفساد, ولكن جوهر وماهية وأسباب انتشار الاقتصاد غير الرسمي يتركز بضعف معدل النمو الاقتصادي وزيادة نسبة القادمين إلى سوق العمل بالإضافة إلى أن أغلب العاملين في هذا القطاع يتهربون من سداد الضرائب, وانخفاض مستوى الدخل وارتفاع معدل الإعالة بسبب البطالة وزيادة معدل النمو السكاني, وارتفاع معدلات التضخيم التي تؤدي إلى انخفاض قيمة الدخل الحقيقي، عدا عن الاثار التدميرية للحروب التي وقعت ولا زالت في سورية.
أما عن أنواع اقتصاد الظل وتوزعه فإن قسما من هذا الاقتصاد يرتبط بمنشآت ثابتة ومحددة جغرافيا مثل (مراكز الصرافة، ملاه ليلية، المهربين، وورش ميكانيك كهرباء وصحية وتعمير وبناء، خياطين، حلاقين، حدادة، نجارة………) والبعض الآخر غير مرتبط بمكان جغرافي محدد وغير مسجل رسمياً مثل) عمال الأجرة- الباعة المتجولون، خدم البيوت، ضامنو المواسم الزراعية، السماسرة، وعمال المكاتب العقارية والسياحية.. الخ).. ويبدو أنه لا توجد معلومات دقيقة وموقعة عن العاملين بهذا الاقتصاد.
حول النظام الضريبي:
أن النظام الضريبي الحالي في سورية يعود إلى العام ١٩٤٩، تلك القوانين التي مازالت إلى الآن تعد العمود الفقري للنظام الضريبي في سورية، وكل ما حدث من تطورات لاحقة عبارة عن تعديلات شكلية متواضعة، وبالرغم من الدعوات لتعديلها بشكل جذري إلا أن هناك من يعرقل تغييرها من كبار التجار والصناعيين الذين يريدون نظاما على مقاس مصالحهم وحدهم.
أوجه القصور في النظام الضريبي السوري، أن الحكومات المتعاقبة مازالت متمسكة به منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا، كانت تضع لكل نوع من الدخل نوعا من الضرائب، وبالتالي هذا النظام الضريبي لا يتناول جميع عناصر الدخل، ما ينعكس على نقص الحصيلة الضريبية الفعلية، وحتى اللجوء إلى المعدلات الضريبية التقاعدية المرتفعة في العقود الماضية لم تحقق إلا نوعا من العدالة الخطابية في توزيع الأعباء الضريبية، إلى وصول معدل الضريبة إلى حوالي ٩٣% من صافي الربح خلال التسعينيات، في ظل ما كان يطلق عليه بالتوجه الاشتراكي، ما جعل التاجر المكلف السوري من أكثر المتهربين ضريبيا في العالم.
من مآسي النظام الضريبي أنه على الرغم من التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلا أن هذا النظام بقي ملائما لكل الحقب السياسية. على سبيل المثال القانون ٤١ لعام ٢٠٠٥ نقل بعض الشركات المساهمة من ضريبة الأرباح الحقيقية إلى ضريبة الدخل المقطوع، والجامعات الخاصة مثال، أي أصبحت هذه الشركات المساهمة تحقق أرباحا كبيرة وتعامل ضريبيا معاملة محل صغير يبيع الفلافل.
وزارة المالية فرضت ضريبة دخل على الرواتب والأجور بنسبة تصاعدية، وصلت لنحو ٢٢% بينما تصل نسبة الضريبة على بعض الشركات إلى ١٤%، أن المعدلات الضريبية بالنسبة لأصحاب الدخل اللامحدود عدلت أكثر من ١٦ مرة، بينما عدلت لذوي الدخل المحدود مرة واحدة.
وان الإصلاح الضريبي سار بعكس الاتجاه الصحيح، وهو بالتوحيد الضريبي أي التوجه للضريبة الموحدة. ولكن ما يلاحظ أن القانون ٦٠ جاء ليكرس عدم قدرة وزارة المالية على فرض ضريبة أرباح حقيقية على الموردين والمتعهدين المتعاملين مع الجهات الحكومية، وأدى إلى فرض ضريبة بطريقة الحجز عند المنبع (ضريبة الرواتب والأجور) وبالتالي تحويل موظفي الجهات الحكومية إلى جباة ضرائب بدلا من جباة وزارة المالية.
واستنادا الى راي خبراء الاقتصاد فانه لحل أزمة النظام الضريبي، كان يتطلب من الدولة ن تعمل على إلغاء النظام الضريبي المنتهية صلاحيته منذ عقود، والأخذ بمبدأ تشخيص الضريبة لتحقيق العدالة في التكليف، وإحداث مراكز دراسات مالية وضريبية.
حول البطالة:
ازدادت خلال هذه الفترة معدلات البطالة التي وصلت إلى معدلات عالية جدا في مختلف المناطق السوري، واتسعت دائرة الفقر لتشمل أكثر من 45%من السكان، وظهر في الساحة رجال أعمال جدد لم تكن وجوههم مألوفة في السابق، فكان أن انقلب التغيير او الإصلاح إلى تصليح أوضاع المقربين والمدعومين أو المسنودين، وشعر المواطن بسخافة الشعار وهزالة القضية في بلد تسود فيه بعض الشعارات الكبيرة ولكن دائما النتائج البغيضة.
ظاهرة البطالة نتفاقم وتزيد في إعداد الذين هم بحاجة إلى عمل ويبحثون، ولا يجدون، ولكن البطالة في سورية ذات طبيعة بنيوية، فهي انعكاس مباشر لضعف النمو الاقتصادي، وتردي سوق العمل عن استيعاب شرائح وفئات عديدة، وفي المقدمة خريجو الجامعات والمعاهد العالية والمتوسطة، وازداد الأمر سوءا بعد ان تراجعت الحكومة عن تعيين الخريجين من المهندسين وسواهم، والحرب وظروفها منذ أكثر من 12 عاما وحتى الان.
وتقوم بعض المنظمات الخيرية بإعالة الكثير من الأفراد والعائلات، وتعمل على خلق فرص عمل جديدة لبعض الشرائح من الفقراء وتقديم بعض الاقراضات، من خلال سياسة أخلاقية مميزة لمكافحة الفقر.
البطالة وحقوق الشباب
تشكل فترة الشباب مرحلة انتقالية من التبعية إلى الاستقلالية والحرية، ويواجه الشباب تمييزا وحواجز تعيق تمّتعهم بحقوقهم بحكم سنهم، ما يحد من طاقاتهم الكامنة، بالتالي، تنطوي حقوق الإنسان للشباب على تمتع الشباب تمتعا كاملا بالحقوق والحريات الأساسية، اما تعزيزها فيعني معالجة التحديات والحواجز المحددة التي تعيق تحقيق هذه الغاية.
لا يحظى الشباب بقدر كاف من التمثيل في المؤسسات السياسية، إذ أن نسبة البرلمانيين ما دون الـ 30 من عمرهم لا تتعدى 2 في المائة. كما أن سن الترشح للبرلمانات الوطنية، لا سيما للمناصب العليا لا يتوافق دائمًا مع السن الدنيا للتصويت.
إن الشباب معرضون أكثر من البالغين بثلاثة أضعاف لخطر البطالة. وحيثما يعمل الشباب، فإنهم يواجهون ظروف عمل غير مستقرة، على غرار عقود العمل الصفرية، وبالتالي يفتقرون إلى فرص العمل الملائمة وإلى الحماية الاجتماعية. وتؤثر العمالة الفقيرة أيضا على الشباب بشكل غير متناسب، ويرتبط فقر الشباب بتقاضيهم أجورا دون الحد الأدنى، تخالف مبدأ تكافؤ الأجر لقاء العمل المتكافئ القيمة.
ان الشباب الذين يعيشون أوضاعا هشة تمنع الكثير منهم من التمتع بفرص متكافئة ومساواة فعلية، عدا عن عدم توفر بيئة مؤاتية وآمنة لمشاركة الشباب مشاركة مجدية، تحترم بالكامل الحق في حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك الحق في الوصول إلى المعلومات، والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ان الشباب يفتقدون الى حق الضمان في وصول كل العاملين إلى الحماية الاجتماعية، بغض النظر عن شكل العمل، وإلغاء الأجور دون الحد الأدنى المخصصة للشباب أينما وجدت.
البطالة وآثارها على حقوق الإنسان الخريجون/ ات الجامعيون/ ات
ان التدهور غير المسبوق في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تنذر بتفاقم المشكلات الاجتماعية وستكون تداعياتها بالغة الخطورة على المجتمع السوري وعلى الأوضاع السياسية في المنطقة.
أن الخريجين/ ات يواجهون انتهاكات منظمة لحقوقهم، كالحق في العمل، والحق في الصحة، والحق في مستوى معيشي ملائم، والحق في السكن، والحق في الرعاية الصحية، والحق في الزواج وتكوين أسرة، وحرية الرأي والتعبير، والحق في المشاركة السياسية، والحق في مواصلة التعليم العالي.
وأن معدلات البطالة المرتفعة ولاسيما في صفوف الخريجين/ات لها آثار خطيرة تتمثل في هدر الموارد البشرية والخسارة الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد الوطني، جراء غياب التخطيط الذي يربط الاستثمار في تخصصات تعليمية بحاجة سوق العمل والمجتمع السوري، الأمر الذي حال دون استغلال الطاقات البشرية المؤهلة والمدربة، ولا بد من الإشارة إلى الدور المحوري الذي لعبته البطالة في ظهور مشكلات خطيرة مثل الفقر والعوز والحرمان والجوع والتسول والجريمة والعنف والتطرف في ظل غياب الاستقرار وضعف القدرة على التكيف.
ان الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبطالة التي دفعت بالعاملين إلى القبول بأجور متدنية أقل من الحد الأدنى للأجور من أجل العمل، والحرمان من العمل اللائق، وقللت من القوة الشرائية، وبالتالي أضعفت من قدرة المنشآت الباقية على زيادة الإنتاج، مما أدى إلى الركود واضعاف النشاط الاقتصادي، وغياب الأمن الإنساني.
وعلى صعيد الآثار النفسية والاجتماعية في أوساط الخريجين/ات فقد سادت حالة من الإحباط، والقلق، والتوتر الدائم، وتولد شعورا في أوساط الخريجين/ ات بأنهم أصبحوا عبئا على الأسرة والمجتمع. بالإضافة إلى ظهور الفوارق الاجتماعية. كما تعزز الشعور بغياب المساواة وتكافؤ الفرص، وعزوف كثير من الشباب عن الزواج بسبب عدم توفر الإمكانات المادية، وارتفاع معدلات الطلاق، وزعزعة الانتماء للوطن، كما شكلت عوامل البطالة والفقر والفراغ عاملا مساعدا للضياع والبعد عن قيم وثقافة المجتمع، والتفكير المتزايد في الهجرة الخارجية نظرا لانسداد أفق إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية والسياسية، ونفاذ قدرتهم على تحمل هذه الظروف الكارثية.
ولا يوجد خطة واضحة لخفض الزيادة المضطردة في معدلات البطالة، لاسيما في صفوف الخريجين/ ات حيث باتت الجهود المبذولة على هذا الصعيد مبعثرة وغير كافية ولا تنطلق من خطة استراتيجية وطنية، مع استمرار ضبابية المستقبل أمام الخريجين/ ات الذين لم يشعروا/ ن بأي انعكاس حقيقي وملموس على واقعهم ومستقبلهم بإتاحة فرص الحصول على وظائف.
بما يضمن حماية وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان، ومكافحة الفساد والواسطة والمحسوبية، ولاسيما عند التوظيف، وتفعيل مبدأ الكفاءة وتكافؤ الفرص، والعمل على انشاء جهاز حكومي يعنى بالبطالة، خاصة في صفوف الخريجين/ ات الجامعيين/ ات، وإنشاء صندوق خاص بالخريجين/ ات، وتوفر له الموارد المالية اللازمة، لدعم ورعاية المشاريع الصغيرة وتشجيع الأفكار الريادية
الفقر في سورية
يعاني اكثر من 45%من الشعب السوري من الفقر ويعيشون في ظله، ويتأثرون بثقافته، وينتجون سلوكياته، ويبعدون بواسطته عن المشاركة والحراك الاجتماعي، وبتحويل هذه النسبة إلى أرقام نجدها تساوي نحو 9 مليون مواطن أي ما يقارب نصف الشعب السوري , ويتوضعون في مختلف المناطق السورية, وبالطبع فهذا الرقم مؤهل ومرشح للزيادة مستقبلا بسبب التراجع الاقتصادي العام الذي يشهده الاقتصاد منذ سنوات، وبسبب غياب برنامج متماسك للتغيير والإصلاح الاقتصادي، واستمرار تفشي نموذج اقتصاد الفساد وسيطرته على مفاصل الاقتصاد الحيوية, الأمر الذي فتح باب الانتساب إلى نادي الفقر بدون شروط مسبقة، ويمنح هوية “مهمش اجتماعياً” لملايين جديدة من الناس وفي كافة المناطق السورية، والدولة السورية لا تسيطر على كامل عملية الإنتاج الاجتماعي، وتفتقد الى بنية صناعية حديثة الا في بعض المنشأت الخاصة، ولم تطرح حتى الان اي مشروع تطوير مستقبلي لبنيتها الاقتصادية والاجتماعية، بل تعتاش على رفع الأسعار، وفرض الضرائب، وضغط الإنفاق، والاقتراض الخارجي، وتأجير القطاع العام. في ظل هذا التحول استمر تحويل الثروة الاجتماعية المنتجة إلى فئة محدودة مستفيدة من امتيازاتها وتحالفاتها السياسية والاقتصادية التاريخية والراهنة، ويزداد الانقسام الاجتماعي وتتوسع دائرة التهميش الاجتماعي لتطال شريحة كبيرة من المواطنين على حساب تحقيق تنمية اقتصادية لحفنة قليلة من الأثرياء التقليدين والجدد، الأمر الذي سينقل سورية مستقبلاً إلى حالة من تخصيص التنمية مقابل تعميم التهميش ، ولم يعد ينظر للفقر من زاوية الحاجات المادية فقط، بل بات ينظر إليه إنسانيا وحقوقيا ، من زاوية نقص القدرات والفرص، والقدرات والفرص هي قدرات وفرص سياسية واقتصادية واجتماعية، وبالتالي تحول مفهوم الفقر وتوسع إلى مفهوم التهميش بكل أبعاده، حيث ينتج التهميش انتهاكا كبيرا يتمثل في الاقصاء والحرمان انه مركب مادي ومعنوي، ورغم هذا التطور في مفهوم الفقر مازال ينظر إليه في سورية على أنه مجرد نقص في الطعام والشراب فقط، لا على أنه نقص في الحقوق الإنسانية، وخلل في المشاركة الاجتماعية، وبناء عليه انطلقت الدعوات لحل مشكلة الفقر بالطرق الاقتصادية لوحدها كزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة الدخل الفردي وغيرها من الطرق الأخرى، ولم تنطلق لحل المشكلة بالطرق المركبة الشاملة النابعة من تركيبة المجتمع في سورية، ومن حاجات تطوره السياسية والاقتصادية، وهذا ما قزم المشكلة والحل معا، وتطويرا لهذه الفكرة نقول إنه من الممكن تقليص الفقر وتخفيض أعداد الفقراء، ولكن قد يكون من غير الممكن تقليص دائرة التهميش الاجتماعي. فهذا التقليص مرتبط بدرجة كبيرة بتقاسم وتوزيع السلطة في المجتمع، بين الدولة، ورأس المال، والمجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والشارع، وطالما أن بعض هذه المكونات في حالة فوضى وارتباك، وبعضها الآخر في حالة غياب وإقصاء، فإن عملية التنمية ستبقى قائمة ولكن سيكون زادها ووقودها ملايين المهمشين لا الفقراء وحدهم.
يشار الى ان الحرب فرضت شروطها القاسية على المرأة السورية ، ولقد مثلت الحرب قي سورية تهديدا خطيرا على امن وحياة البشر وحضارتهم والنساء، فأصبحت المرأة هي ام او اخت او بنت الضحية وتحملت وزر وضعها الاجتماعي وأصبحت هي المعيل لأسرتها في مناخات يسود فيها العوز والفقر وتعرضت لكثير من الاعتداءات على حقها في سلامة الجسد وحرية الرأي والتعبير وحقها في الحياة و لخوف والرعب ,فالحرب اكتسحت العديد من الحقوق والحريات الأخرى كالحق في التملك والتنقل والسكن والثقافة والتعليم وغيرها من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، وأصبحت المرأة هي المعيل لأسرتها ولأولادها في ظل الغياب القسري للرجل مما زاد من كمية الأعباء على كاهلها واضطرت للانخراط في سوق العمل ولم تكن مهيأة لذلك، واقتحمت حرفا كانت مختصة بالذكور كسائقة أجرة وعاملة في الورش كالدهان والنجارة مقابل أجور زهيدة ، وانتشرت ظاهرة التسول الإلكتروني والتقليدي حيث أن غالبيتهم من الفتيات والفتية والنساء المعيلات، في حين يتساوى العاملين والعاملات والعاطلين عن العمل بالفقر المدقع، في ظل ارتفاع الأسعار وانعدام سبل الحياة الكريمة. بينما لا تحصل أغلب السوريات على فرص عمل آمنة أو دعم مستدام لتأمين متطلباتهن، هناك أخريات يتعرضن للعنف الاقتصادي ضمن العائلة أو العمل ولا يملكن حلول بديلة من الدعم الاجتماعي المؤسساتي والاستقلال المادي.
الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان:
ربما يكون الفساد أكبر المشكلات العالمية التي تجمع المؤسسات المحلية والدولية على اعتبارها العقبة الرئيسة أمام التغيير والإصلاح والتنمية والاستثمار الصحيح وسببا مهما لتنامي الأعمال غير المشروعة، ورغم أن معظم الحكومات والقيادات السياسية تعلن أن برنامجها هو مكافحة الفساد، بالرغم من أن القضاء على الفساد ليس قرارا يتخذ، ولكنه منظومة من الأعمال والإصلاحات وإعادة بناء لأنظمة المجتمع التعليمية والاجتماعية والإدارية والوطنية.
ان الفساد وبما يمثله من انتهاكات فظيعة على مجمل حقوق الانسان، فهو ليس نتيجة لأسباب بعينها وإنما هو نتاج منظومة من العناصر يغذي بعضها البعض قادرة على صنع بيئة عامة، وأهم مقومات الفساد تكمن في استغلال الوظيفة العامة وتسخير المال العام لمصالح خاصة، والفساد في سورية يتقاطع في هيكله مع الفساد المستشري في العالم بأكمله وليس فسادا خاصا، ذو عناصر مختلفة، انما هو نتيجة ضعف البناء المؤسسي والإخلال بفكرة الفصل ما بين السلطات الثلاث، إضافة إلى تراجع الدور الرقابي للمؤسسات التشريعية وتهميش السلطة القضائية.
ولان الفساد هو استغلال المناصب الحكومية للثراء الخاص، وهذه العقبة لا تتعلق بوجود رشوة أو قيام موظفين باستغلال مناصبهم، بل الأمر أوسع وأخطر من ذلك، وهو وجود التداخل غير المرئي بين الدولة التي تقوم على أن أموال الدولة والناس هي مال عام ، وبنفس الوقت كل شيء ملك لموظفين بالدولة وفي الزمن الراهن استمر ذلك بحيث لا تعرف كيف يقوم بعض الموظفين الكبار بالدخول في قطاعات الأعمال الخاصة، وكيف يستغلون مواقعهم الإدارية في نمو أعمالهم التجارية والصناعية والمالية، وكيف يستمر ذلك خلافا للدستور، ولماذا هذا التداخل وأصحاب الملايين يستطيعون الاستغناء عن وظائفهم العامة, وإن وجود هذه الازدواجية هي التي تخلق الفساد، فالموظف الكبير المتنفذ، يستطيع أن يستغل موقعه للضغوط على منافسيه والتهام الضعفاء وتقريب المحسوبين وتنفيع العوائل القريبة وتركيز الأرباح في جهة معينة، وإذا ترافقت هذه مع تجاوزات في القوانين، خاصة في أزمنة الأزمات. إن الفساد لا يستطيع أن يعيش في دولة القانون المفـترضة، ولهذا يقوم الموظف المتنفذ بالبحث عن وسائل لتجذير الفساد وتوسيعه، وهنا يتحول الفساد إلى إفساد، فيغدو عملية موجهة لحماية نفسه، والبحث عن الضعفاء لرشوتهم، ولملء الأفواه بالنقود، وإسكات من يكون صوته مؤثرا، وحماية طرقه غير القانونية في النمو المالي.
يضاف الى ذلك، ان المشكلة في سورية هي وجود البعض ممن يتحدثون عن الفساد ، لكنهم هم رموز للفساد, ولا يكاد أي موضوع فساد إلا ويشارك فيه احد هذه الرموز ,وهذه الرموز أصبحت تطالب بحرب ضد الفساد ,أصبحت مؤسسة الفساد لها ركائز في جميع مواقع البلد دون استثناء بما فيها الحساسة, وإن الفاسدين لم يعودوا يخشون جهود مكافحة الفساد من لجان تحقيق وأسئلة برلمانية، لأنهم توصلوا إلى وسائل أخرى ربما لا تتعارض مع القانون وتساير البيروقراطية الحكومية ويلتفون بها على إجراءات المكافحة ويحققون بها مآربهم غير المشرعة، لذلك لم يعد ينفع معهم غير إدانتهم بالطرق القانونية, وإن ما يجعل عوامل انتشار الفساد مستفحلة في سورية, ليس نقصان التشريعات ولا حب المجتمع الفاسدين، بل هو التحالف غير المكتوب بين بعض اوجه وشخوص الفساد الكبيرة وعدد من الذين يتربعون على قمة الهرم السياسي ويوفرون للفاسدين الغطاء القضائي والإداري.
ومن الانتهاكات الجسيمة على حق التنمية ، ان للفساد كلفة اجتماعية واقتصادية باهظة لأنه يعمل على تأخير عملية التنمية ويحول دون تحقيق الازدهار والتنمية للمجتمع ، ان الفساد يضع العقبات ويعمل على تقليص مجال دولة القانون والمؤسسات، ولذلك فإن مكافحته تصبح مسألة جماعية ووطنية, ويجب أن تكون شاملة تمس جميع القطاعات وتضم الوسائل الممكنة، ومن الضروري في مواجهة الفساد ان تتوفر سلطة تنفيذية تمارس اختصاصاتها وفق مبادئ الحاكمية والمسؤولية، وان تعمل الحكومة على إشراك المواطن في اتخاذ القرار عبر ممثليه النواب المنتخبين, أي يجب أن يدعم ذلك وجود مجلس تشريعي منتخب بطريقة حرة ونزيهة ويملك الوسائل الدستورية والقانونية التي تمنحه حق المبادرة في التشريع دون عوائق ومراقبة الحكومة ومحاسبتها في إدارتها للشأن العام، ويكتمل هذا البناء بوجود نظام قضائي عادل ومستقل قادر على تأدية دوره في إحقاق الحق ومعاقبة المخالفين وليس خاضعا لأية إملاءات.
ونؤكد على ضرورة المدخل الصحيح لفهم الفساد في سورية، عبر ملاحظة درجة المؤسسية والعبقرية في عمله ووسائله وحيله حتى يكاد يكون عصيا على محاولات مكافحته مهما كانت جادة وصادقة، وحتى حين تتبنى هذه المكافحة جهات عليا في الدولة، فما تكشفه وسائل الإعلام ومناقشات السياسيين والمجالس النيابية من وقائع الفساد تدل على انتشار فظيع للفساد وقيمه وممارساته في مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية.
وأصعب ما يواجه المتابع هو البحث في موضوع الفساد ودائما ما يكون أسهل منه بكثير توجيه النقد السياسي والمعارضة السياسية للحكم والتوجهات العامة، فالمسكوت عنه أكبر بكثير مما ينشر. ومن المؤكد أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلي انتشار الفساد الاقتصادي بأنواعه وأشكاله المختلفة فمثلا انتشار الرشوة التي هي نوع من الفساد الإداري يتمثل في سوء استغلال الموظف للسلطة الممنوحة له لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة هي في الحقيقة ممارسات غير أخلاقية في الإدارة العامة وتؤدي إلي تعطيل المشروعات وهروب الاستثمار وإهدار المال العام والخاص ، يوجد الفساد عندما يحاول شخص ما وضع مصالحه الخاصة فوق المصلحة العامة أو المثل العامة التي تعهد بخدمتها على نحو محرم أو غير مشروع، ويأتي على أشكال شتى، ويتراوح بين الأمور التافهة والأعمال الكبيرة جدا، فهو يشمل سوء استخدام أدوات السياسات العامة وتنفيذ القوانين والعقود، سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام، إضافة الى ذلك ، مرور مجتمعنا بمرحلة الحرب والفوضى ، وهذه المرحلة مثلت بيئة مناسبة لظهور أنواع شتي من الفساد وعدم الشفافية.
ولا بد من الإشارة الى انه في سورية 35% من أوقات الموظفين تستنزفها أعمال لا يصح القيام بها في أثناء العمل، ومثلها لأعمال من الواضح أنها غير مجدية وتضيع وقت العمل مثل شرب الشاي والقهوة وقراءة الصحف، أي أن حوالي نصف أوقات الموظفين تذهب هدرا، وأن الحكومة تدفع ما بين 20 و60% زيادة على الأسعار التي ينبغي أن تدفعها، ومرد هذه الزيادة في قيمة السلع هو الفساد الذي أصبح يوضع في كلف الإنتاج والتسويق.
إن الفساد، سواء كان صناعة غربية أو صناعة وطنية خالصة، وباء لا يتفشى ولا يتمكن من الجسد الاجتماعي إلا حينما يعثر على البيئة الصالحة، وأفضل بيئة لنموه وتمدده هي البيئة المغلقة التي لا تؤمن بحرية الكلمة والمحاسبة، أما مطاردة المرتشين والفاسدين من وقت إلى آخر كبرهان على يقظة الدولة ومصداقيتها كما في الحالة السورية، فإنها جراحات تجميلية قد تفيد لبعض الوقت لكنها لن تفيد دائما، وأما الاختباء وراء شماعة الخارج كمسئول عن زرع الفساد أو تصديره بدلا من امتلاك شجاعة الاعتراف بوجود أخطاء ذاتية والعمل على تصحيحها قدر الإمكان، هذه الجرائم أصبحت متطورة حيث تعددت أشكال الفساد فمن الروتين القاتل الذي لا يتحرك إلا بالرشوة إلي الغش وتزوير العلامات التجارية العالمية علي الأغذية والصناعات التجميلية والأدوية مروراً باستخدام أحدث أساليب العصر في عمليات احتيال ونصب إلكتروني منظم لا يترك أثرا أو دليل إدانة الجاني وهو ما يطرح السؤال حول مدي قدرة القوانين والتشريعات السورية الحالية علي مواجهة الفساد الاقتصادي الذي يضرب قطاعات الاستثمار والإنتاج في سورية, وكيفية خلق بيئة صالحة بعيدا عن فساد الفاسدين وغش المزورين ، الا أنه من الاخطار المهمة للفساد الاقتصادي هو استمرار هجرة الأموال السورية بعيدا عن الوطن وذلك لأن الفساد يتمثل في الرشوة والغش والاختلاس والبيروقراطية والروتين والابتزاز والعمولات وكلها من صور الفساد التي تؤدي في النهاية إلي هروب الاستثمارات سواء كانت محلية أو حتى الأجنبية.
من صور الفساد الاقتصادي في سورية، عملية غش الصناعة
لها عدة صور ومنها: أن يقوم شخص ما بإنشاء مصنع غير قانوني أو سري ـ حيث يقوم بتقليد الماركات العالمية أو باستيراد قطع غيار رديئة لتجمع من جديد وتصبح أجهزة تباع داخل الدولة تنافس الصناعة المحلية وهذا النوع من الفساد خطر جدا حيث تصاب المصانع الحقيقية بخسائر فادحة، والنوع الآخر هو الأقل خطورة حيث تضع منتجات مبتكرة يحتاج إليها المستهلك مثل ـ أفران البوتاجازـ مثلا ولكنها بشكل بدائي وتعد هذه الأنواع من الانحرافات الصناعية الخطرة إذا ما دخلت في المحركات مثلا أو في الكابلات الكهربائية وغير ذلك من الأنواع التي تهدد حياة الانسان مباشرة وتنعكس مباشرة علي مناخ الاستثمار والتجارة وتخلق مناخا غير مناسب للاستثمار الصناعي. صورة أخرى تتعلق في مجال التجميل والعطور العالمية، حيث وصل الفساد في مجال هذه الصناعة إلى نسب تتجاوز 60% وكلها غش وتقليد وتهريب من حجم المنتجات العالمية الحقيقية المعروضة في الأسواق السورية، فصور الفساد الصناعي في هذا القطاع تفوق كل تصور من حيث تقليد الخامات العالمية بأخرى رخيصة وأكثرها غير صالحة للاستخدام الآدمي ، إضافة الى استخدام العبوات الفارغة التي تجمع عادة من القمامة في الكثير من الأحيان، إلي تقليد شعارات الشركات الكبرى الشهيرة، وحول أسباب نجاح صور الفساد والغش التجاري في مجال مستحضرات التجميل أكثر من أي صناعة أخري، فإن ذلك يرجع إلي ارتفاع أسعار الماركات العالمية، وانخفاض مستوي الدخل وأسعار الصرف ، وان قيام بعض التجار بتشجيع صور الفساد الصناعي وذلك ببيع وتسويق المنتجات العشوائية بأسعار منخفضة لما تحققه من أرباح أضعاف ما يحققه بيع المنتجات الجيدة، كما أنها تباع من دون رقابة ولا توجد أي مواد قانونية تؤدي إلي تجريم مثل هذه الصور من الفساد والغش التجاري.
ومن طرق الفساد الاقتصادي التي تواجه الاستثمار والتجارة في سورية، جرائم أصبحت ترتكب مباشرة عن طريق الانترنت وهو نوع من الجرائم التي ترتبط بمواصفات العصر فهي سريعة وتتعلق في الغالب بالمال عن طريق حالات من الاحتيال الالكتروني وهذا النوع من الجرائم والفساد لم تتكيف معه الاستعدادات القانونية حتى الآن كما أنه يتطور بسرعة كبيرة جدا وينتقل من مرحلة إلى أخري وبأشكال مختلفة من درجات التعقيد وظهور منحرفين أكثر حنكة وكفاءة وقدرة على استخدام التكنولوجيا ومواجهة الرقابة وإتلاف الأدلة، أن إثبات أدلة الجرائم والفساد الالكتروني في المجالات التجارية بعد الآن من أصعب الخطوات لمواجهة هذا النوع من الفساد حيث أن إتلاف الأدلة وارد بدرجة كبيرة الأمر الذي يجعل من الصعب مواجهة الانحرافات الالكترونية، وقد تنبهت الدول الكبرى لهذه العناصر منذ سنوات لكن في سورية ظل التعامل مع الانترنت يخضع لأساليب وتشريعات قديمة لا تتناسب مع حجم الفساد الإلكتروني الذي يؤثر سلبا في الاقتصاد السوري ، ومن أكثر قضايا الغش والفساد أهمية تلك التي تتعلق بالأطفال سواء كانت سلعا غذائية كالألبان أو البسكويت والشكولاتة وحتى لعب الأطفال لأنها تمثل خطورة علي هذه الفئة من الأطفال وبذلك يتضح أن الغش التجاري والفساد في مجالات الغش نوعان: غش المواد الغذائية وغش المواد الصناعية أو أجهزة متداولة ويرتبط غش المواد الغذائية بعدم مطابقتها للمواصفات أو انتهاء صلاحيتها أو عدم وضع البيانات السليمة عليها أو الإخلال الجوهري في العوامل المكونة لتلك المادة وهنا يخضع كل من المنتج والعارض للعقاب.
إن معالجة الفساد تكون بمنهجية شاملة تستهدف محاصرته والتعامل مع أسبابه ومكوناته، فالفساد أساسا يقع عندما يكون الاحتكار والقدرة على التصرف ولا تكون ثمة مساءلة، والعلاج يقع في الشفافية الإدارية والمالية والمحاسبة والمتابعة واختيار الأمناء دائما وتعديل المكافآت والحوافز والعقوبات وتطوير أنظمة المعلومات.
خاتمة:
ان التصريحات والنقاشات الكثيرة حول غلاء الأسعار الذي أصاب كل شيء في المجتمع طيلة هذه الفترة، والذي تزامن مع التوجه لرفع الدعم لان الفساد في ملف الدعم بات واضحا للجميع، وفي مقدمته فساد المؤسسات المعنية بالمواد المدعومة، فقد أصبح من الأجدى رفع الدعم بصورته الحالية، واستبداله بدعم نقدي، وصناديق ضمان اجتماعي لغير الموظفين.
بالرغم من ان الحكومة السورية لا تمتلك إحصاءات حقيقية ولا قاعدة بيانات واضحة، كي تستطيع اتخاذ القرار في بقاء الدعم او رفعه، فحتى عدد السكان غير معروف بدقة، والبطاقات الذكية للمغتربين لا تزال تعمل، وعدد المستفيدين والمستحقين للدعم غير دقيق، كل ذلك بالتوازي مع تفاوت طبقي هائل، بحيث تتركز الثروات لدى 1% من الشعب، دون أن يسأل أحدهم من أين لك هذا؟
هنالك خللا حقيقيا يتمثل بالعقلية المتحكمة بالقرار الاقتصادي، متضافرة مع اليات احتكار المواد ورفع الأسعار من قبل بضعة مستوردين، فضلا عن الهجرة المستمرة فضلا عن هجرة الخبرات والكفاءات العلمية، وإغلاقات للعديد من المنشآت، وبيع عقارات وتحويل قيمتها لقطع أجنبي، مما تسبب بارتفاع كبير لسعر الصرف، ما يفترض أن التصريحات اللامسؤولة يجب أن يحاسب أصحابها، فالوعود منذ أشهر بزيادة الأجور دفعت بالتجار الى رفع الاسعار وإشعال الأسواق بنيران الغلاء الجهنمية.
لكن مهما كانت نسبة زيادة الرواتب فلن تحل المشكلة، لكن حجرة تسند جرة، فيما يجب التركيز على ضبط الأسعار من خلال السماح والمرونة بالاستيراد، وتأمين حوامل الطاقة بشكل مستقر، وإلغاء المرسوم 3 لتيسير العمل الاقتصادي، وتطبيق مبدأ: دعه يعمل دعه يمر.
التوصيات
اننا في الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان نتقدم بالتوصيات التالية، كخلاصات لما ورد في العديد من تقاريرنا وبيانتنا الحقوقية، ولم يتم الانتباه ولا التعامل مع هذه الخلاصات التي تشكل مفترق طريق خطير على حياة المجتمع ومواطنيه، انما بقيت الامور على ماهي عليه، مع ازدياد ملحوظ في الانتهاكات الواقعة على مختلف حقوق الانسان في سورية:
1. إعمال مبدأ الملاءمة عبر إلغاء القوانين والمقتضيات القانونية المنافية لحقوق الإنسان ، بإدماج مقتضيات المواثيق والاتفاقيات المصادق عليها في التشريع السوري.
2. احترام سيادة القانون في الممارسة على كافة المستويات ونهج أسلوب المساءلة وعدم الإفلات من العقاب للمنتهكين سواء اكانوا حكوميين ام غير حكوميين كيفما كان مركزهم ومبرراتهم وهو ما سيساهم بقوة في القطيعة مع عهد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
3. اتخاذ التدابير الدستورية والتشريعية والإجرائية لإقرار القضاء كسلطة عليا مستقلة ولتطهيره من الفساد وضمان استقلاليته ونزاهته وكفاءته
4. ندعو السلطات الحكومية الى تصحيح العلاقة مع المجتمع واعادة الثقة بين الدولة والمواطن، من خلال فتح حوار واسع وجدي مع جميع الفعاليات المجتمعية.
5. إشراك جميع الهيئات والمؤسسات غير الحكومية في صياغة التشريعات والقوانين. دعم مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والنسائية تعزيزاً لمبدأ الشراكة بين مؤسسات الدولة وجميع مؤسسات المجتمع المدني.
6. الدعوة الى الاشراك الفعلي للمنظمات المدافعة عن حقوق الانسان والفيدرالية السورية لحقوق الانسان وجميع هيئاتها، في مختلف الفعاليات الحقوقية والمدنية الحكومية وغير الحكومية،
7. إقرار مبدأ سمو المواثيق والاتفاقيات الدولية المصادق عليها على التشريعات الوطنية، مع التنصيص على هذا المبدأ في الدستور.
8. إعادة الاعتبار للمبادرة التي طرحتها سابقا الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والتي تتعلق، بضرورة العمل على تأسيس مركز وطني لحقوق الانسان في سورية يكون بمثابة مجلس استشاري لحقوق الإنسان في سورية، مكون من شخصيات حكومية وغير حكومية معنية بحقوق الإنسان، ويكون مؤسسة وطنية سورية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.
9. الغاء كافة اشكال التميز والاضطهاد القومي والديني والسياسي بحق المواطنين السوريين، والعمل على ايجاد حل ديمقراطي عادل لقضية الشعب الكردي في سورية، وفق العهود والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان.
10. العمل على ايجاد حلول قانونية وادارية بما يخص، الذين فقدوا واختفوا في المعتقلات السياسية والامنية، وتصفية امورهم الادارية، والتعويض لعائلاتهم.
11. اننا نؤكد على أهمية تعزيز ثقافة حقوق الانسان، وعلى ضرورة استقلال القضاء وسيادة دولة القانون، وعلى اهمية حق المشاركة، من خلال التأسيس لثقافة المشاركة على قاعدة احترام الحريات الفردية والجماعية، وعلى اهمية الاعتراف بشرعية الاختلاف، الذي يكفله وجود أغلبية ومعارضة، ويضمنه الحوار المتبادل، وتصونه إرادة المواطن الحرة والمسؤولة في حسم اختياره والدفاع عن نتائجه، وتحمل تبعاته. فبقدر ما للأغلبية من مشروعية التوجيه، والقيادة والإدارة، بالقدر نفسه للأقلية حق المساهمة في الملاحظة، والنقد والتعبير عن الراي الحر… وعملية المشاركة تقتضي وجود تعددية سياسية قانونية مؤسسة على قيم الحوار، والتنافس، والاعتراف المتبادل. ويتعزز حق المشاركة بتعزيز ثقافة حقوق الانسان والثقافة الديمقراطية.
دمشق في 158 2023
المنظمات والهيئات الحقوقية السورية المنتجة لهذا التقرير الحقوقي:
1. الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان (وتضم 92منظمة ومركز وهيئة بداخل سورية)
2. الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي
3. شبكة الدفاع عن المرأة في سورية (تضم 57هيئة نسوية سورية و60 شخصية نسائية مستقلة سورية)
4. التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام(SCODP)
5. المنبر السوري للمنظمات غير الحكومية (SPNGO)
6. التحالف النسوي السوري لتفيل قرار مجلس الامن رقم1325 في سورية (تقوده 29 امرأة، ويضم 87 هيئة حقوقية ومدافعة عن حقوق المرأة).
7. التحالف الشبابي السوري لتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2250 سورياً (يقوده 34شابة وشاب، ويضم ممثلين عن 61 هيئة حقوقية)
8. منظمة حقوق الإنسان في سورية –ماف
9. منظمة الدفاع عن معتقلي الرأي في سورية-روانكة
10. المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سورية (DAD).
11. قوى المجتمع المدني الكوردستاني
12. المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية
13. المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية
14. لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية (ل.د.ح).
15. اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (الراصد).
16. الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا
17. مركز ايبلا لدراسات العدالة الانتقالية والديمقراطية في سورية
18. المركز السوري لحقوق الإنسان
19. رابطة الشام للصحفيين الاحرار
20. المؤسسة السورية لتمكين المرأة (SWEF)
21. الجمعية الوطنية لتأهيل المرأة السورية.
22. المؤسسة السورية للتنمية الديمقراطية والسياسية وحقوق الانسان.
23. الرابطة الوطنية للتضامن مع السجناء السياسيين في سورية.
24. المركز السوري للسلام وحقوق الانسان.
25. المنظمة السورية للتنمية السياسية والمجتمعية.
26. المؤسسة السورية لرعاية حقوق الارامل والأيتام
27. مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في سوريا
28. التجمع الوطني لحقوق المرأة والطفل.
29. التنسيقية الوطنية للدفاع عن المفقودين في سورية
30. سوريون من اجل الديمقراطية
31. منظمة كسكائي للحماية البيئية
32. رابطة الحقوقيين السوريين من اجل العدالة الانتقالية وسيادة القانون
33. مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الإنسان
34. مؤسسة الصحافة الالكترونية في سورية
35. شبكة أفاميا للعدالة
36. الجمعية الديمقراطية لحقوق النساء في سورية
37. اللجنة الوطنية لدعم المدافعين عن حقوق الانسان في سورية
38. التجمع النسوي للسلام والديمقراطية في سورية
39. جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية في سورية
40. رابطة حرية المرأة في سورية
41. مركز بالميرا لحماية الحريات والديمقراطية في سورية
42. اللجنة السورية للعدالة الانتقالية وانصاف الضحايا
43. جمعية الأرض الخضراء للحقوق البيئية
44. المركز السوري لرعاية الحقوق النقابية والعمالية
45. المؤسسة السورية للاستشارات والتدريب على حقوق الانسان
46. مركز عدل لحقوق الانسان
47. الرابطة السورية للحرية والإنصاف
48. المركز السوري للتربية على حقوق الإنسان
49. المؤسسة السورية للتنمية الديمقراطية والمدنية
50. المؤسسة السورية لحماية حق الحياة
51. الجمعية السورية لتنمية المجتمع المدني.
52. سوريون يدا بيد
53. المؤسسة النسوية لرعاية ودعم المجتمع المدني في سورية
54. المركز الوطني لدعم التنمية ومؤسسات المجتمع المدني السورية
55. المعهد الديمقراطي للتوعية بحقوق المرأة في سورية
56. المؤسسة النسائية السورية للعدالة الانتقالية
57. جمعية الاعلاميات السوريات
58. مؤسسة زنوبيا للتنمية
59. المؤسسة الوطنية لدعم المحاكمات العادلة في سورية
60. جمعية ايبلا للإعلاميين السوريين الاحرار
61. رابطة المرأة السورية للدراسات والتدريب على حقوق الانسان
62. مركز شهباء للإعلام الرقمي
63. مؤسسة سوريون ضد التمييز الديني
64. المعهد السوري للتنمية والديمقراطية
65. مؤسسة الشام لدعم قضايا الاعمار
66. المنظمة الشعبية لمساندة الاعمار في سورية
67. جمعية التضامن لدعم السلام والتسامح في سورية
68. المنتدى السوري للحقيقة والانصاف
69. المركز السوري للعدالة الانتقالية وتمكين الديمقراطية
70. المركز السوري لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
71. مركز أحمد بونجق لدعم الحريات وحقوق الإنسان
72. المركز السوري للديمقراطية وحقوق التنمية
73. المركز الوطني لدراسات التسامح ومناهضة العنف في سورية
74. المركز الكردي السوري للتوثيق
75. المركز السوري للديمقراطية وحقوق الانسان
76. جمعية نارينا للطفولة والشباب
77. المؤسسة السورية الحضارية لمساندة المصابين والمتضررين واسر الضحايا
78. المركز السوري لحقوق السكن
79. المركز السوري لأبحاث ودراسات قضايا الهجرة واللجوء(Scrsia)
80. مركز بالميرا لمناهضة التمييز بحق الاقليات في سورية
81. المركز السوري لمراقبة الانتخابات
82. المركز السوري للمجتمع المدني ودراسات حقوق الإنسان
83. منظمة صحفيون بلا صحف
84. الرابطة السورية للدفاع عن حقوق العمال
85. المركز السوري للعدالة الانتقالية (مسعى)
86. المركز السوري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
87. مركز أوغاريت للتدريب وحقوق الإنسان
88. اللجنة العربية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير
89. منظمة تمكين المرأة في سورية
90. مركز عدالة لتنمية المجتمع المدني في سورية.
91. المنظمة السورية للتنمية الشبابية والتمكين المجتمعي
92. اللجنة السورية لمراقبة حقوق الانسان.
93. اللجنة السورية للحقوق البيئية
94. المركز السوري لاستقلال القضاء
95. المؤسسة السورية لتنمية المشاركة المجتمعية
96. المنظمة الشبابية للمواطنة والسلام في سوريا.