تقرير سياسي غير دوري
١.آثَارَ خطابُ الأسدِ معَ قناةِ سكاي نيوز الإماراتيةِ ردودَ فعلٍ متباينةً بعدَ ثلاثةِ أشهرٍ منْ اعادةِ نظامهِ إلى الجامعةِ العربيةِ ، وحضورهِ لقمةِ جدةَ وِفْقَ المبادرةِ الأردنيةِ ، فقدْ كانَ الخطابُ متوقعاً ومخيباً لآمالِ الكثيرينَ . بدأ الأسدُ متشدداً كعادتهِ فلا عودةَ للاجئينَ دونَ اعادةِ الإعمارِ . كما برّر عدمْ ايفاءهُ لتعهداتهِ بأسبابٍ غيرِ مقبولةٍ في خطوةٍ استباقيةٍ لاجتماعِ اللجنةِ السداسيةِ في ١٥ اب الجاري لمراجعة تعهداته حيث لم ولن يستطيع تنفيذ الشروط التي وضعت لأنها تعني إنهاء حكمه ، وفي المقدمة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٥٤ عبر إطلاقه لعملية سياسية تتضمن حواراً مع المعارضة لتعديل الدستور ، وتهيئة الظروف لضمان العودة الامنة لملايين السوريين النازحين واللاجئين من لبنان وتركيا والأردن وأوروبا إلى مناطقهم ، ووقف إنتاج وتصدير المخدرات ، وخاصة حبوب الكبتاغون إلى الدول المجاورة ، هذا يعني بأن التطبيع العربي مع الأسد كان رهاناً خاسراً منذ البداية ، ونتائجه متوقعة سلفا ً، وعلى المجتمع الدولي أن يجد حلاً لإجبار الأسد على تنفيذ القرارات الدولية وخاصة القرار ٢٢٥٤ ، وإنهاء معاناة السوريين المتفاقمة التي وصلت إلى حد المجاعة والموت على الأرصفة والطرقات …
٢.لابد من ملاحظة خطورة الموجة الدينية المتبقية في المنطقة رغم توقفها عن الصعود والتأثير واستغلالها من قبل مشغليها ، واتباع التكتيكات اللازمة والمقاربات المطلوبة لمواجهتها عبر استنهاض الوعي الحداثي والعمل في مختلف الجبهات ، في مرحلة وصول تناقضات الصراع عالمياً إلى افق مفتوح على كل الاحتمالات بما فيه إمكانية تغيير أدوار مراكز القوى العالمية او تحسين شروطها ، وقد تكون الحرب الروسية الأوكرانية البوابة الفعلية لهذا الصراع الذي لم يحسم بعد لكنه أنتج وقائع ميدانية سواء خسرت روسيا ام انتصرت في كامل أهدافها او في جزء منها ، وقد تكون سوريا والمنطقة أيضا جزءاً من هذا الصراع الذي لا تعرف نهايته وحدوده حتى الان …
٣.نتيجة واقع الحرب ، وتقسيم سوريا بحكم الأمر الواقع إلى مناطق النفوذ برعايات إقليمية ودولية ، من خلال قوى الأمر الواقع التي مارست نهب الثروات ، وفرض الاتاوات والغرامات ، والتحكم بالمعابر والأشخاص ، تشكلت فرص الحصول على الثروة ومراكمتها اعتماداً على السلطات التي تدير هذه المناطق لأنه لا يمكن ان يحدث هذا التراكم دون موافقتها لا بل شاركت في اقتطاع نسب كبيرة منها دون أن تحمي الفئات المستضعفة من هذا التراكم ، ومن انخفاض قيمة الليرة السورية التي تدهورت إلى حدود غير مسبوقة ا(١$=١٥٥٠٠ ليرة سورية ) الأمر الذي أدى إلى ازدياد موجة الغلاء ، وارتفاع الأسعار ، وإصابة كافة المؤشرات بالركود ، وانعدام مستويات المعيشة ، وتفشي البطالة ، وانخفاض الأجور ، وانعدام دخول الأسر المعيشي ، والتضخم المفرط ، وازدياد اعتماد الناس على التحويلات الخارجية من أبنائهم وذويهم ، الأمر الذي يهدد بحدوث الانهيار الحتمي للأمن الغذائي في سوريا ، وحصول المجاعة والانتفاض اذا ما استمرت الأوضاع على ما عليه حتى لو شرعنت القوى المسيطرة نفسها بالسلاح وعناصر القوة .
٤.اما في المناطق الكردية والمناطق الأخرى في شرق الفرات . فقد بلغت الأوضاع الاقتصادية كباقي مناطق سوريا الأخرى حداً مأساوياً لان ما يسري على المناطق الأخرى فيما يتعلق بانخفاض قيمة الليرة يسري عليها بسبب استمرار تداول الليرة السورية كعملة رسمية في هذه المناطق . اضف إلى ذلك سياسات إدارة ب ي د ، وتحالفات شذاذ الافاق والفاسدين الكبار ذوي النفوذ ، وتجار الحروب ، وجيش جديد من الجاهزين للنشاط المالي بأي اتجاه يريده مشغليهم ، والذين باتوا يشكلون طبقة بديلة عن الفئات الوسطى ،ولديها استعداد لتدمير كل شيء من أجل مصالحها ونفوذها مما يتطلب مواجهتهم بطريقة جديدة ومختلفة عن السابق ، وبدرجة عالية من الحماس في الوسائل والتقنيات ، وتحرر كلي من الوسائل القديمة في التنظيم والفعل ، وتعاون أفضل مع قوى اجتماعية اكثر جدية في الصراع والمواجهة رغم ادراكنا لوجود شبه استحالة في تحقيق أي تغيير ملموس. لان التغيير الحقيقي والتحول الديمقراطي ، وتنفيذ القرار الدولي ٢٢٥٤ لن يحصل إلا من خلال القوة العسكرية التي تمتلكها أمريكا وحدها وهذا لا يمكن أن يتم الان بسبب الاستقطاب الدولي وصراعاته المتأزمة.
من هنا تتقدم مواجهة الوضع المعيشي وتحسين شروطه ، وتحسين حالة الكتلة الاجتماعية ، واطلاق حوار جدي بين أبناء مكونات المنطقة والوصول إلى تفاهمات مشتركة لتحسين شروط الأمن والاستقرار والعيش . يجب أن يكون أحد الأهداف التي ينبغي أن نعمل عليها ، وهذا يفرض علينا جميعا حتمية المراجعة النقدية على الصعيدين الموضوعي والاستراتيجي لتناول ومعالجة قضايا السياسة والمجتمع .
٥.تفيد التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان في مناطق سوريا المختلفة وخاصة في مناطق الاحتلال التركي ( عفرين – سري كانيه-كري سبي ) عن استمرار الانتهاكات ، وتنفيذ التغيير الديمغرافي ، وتزايد العملية من خلال بناء الوحدات السكنية تحت مسميات مختلفة حيث تقوم تركيا بالحصول على التمويل اللازم من دول وجمعيات خليجية لبناء هذه الوحدات ، وإسكان عوائل المقاتلين واللاجئين السورين فيها .
اما المنطقة الكردية في شرق الفرات (الجزيرة – كوباني) فتتعرض هي الاخرى إلى تغيير ديمغرافي بسبب النزوح الداخلي ، والهجرة الكردية الى الخارج نظراً لسوء الأوضاع الاقتصادية والتعليمية ، وانقطاع الماء والكهرباء ، والخدمات العامة . كل ذلك يضع الحركة الكردية برمتها أمام مسؤولياتها التاريخية في العمل على توفير أسباب البقاء ، وحثّ الناس على عدم النزوح والهجرة ، والتمسك بالأرض كي لا يتحول الكرد في مناطقهم إلى أقلية ، وتصبح قضيتهم هي قضية العودة واللاجئين …!
قامشلو ١٧ اب ٢٠٢٣
تيار مستقبل كردستان سوريا
الهيئة التنفيذية