نحو ثورة وطنية جامعة، والتحية لشركاء الوطن في السويداء

صلاح بدرالدين

تجربة السوريين في ثورتهم المغدورة خلال اكثر من عقد وبالرغم من انها نقلت البلاد الى مرحلة متقدمة في مواجهة نظام الاستبداد، وخرقت حاجز الخوف، الا انها بالغة المرارة ليس لانها أخفقت بعد سيطرة جماعات الإسلام السياسي، ومن دار في فلكها،  ثم تسلل الوافدين من أوساط النظام، وتجييرها لمصالح اجندات النظام العربي والإقليمي الرسمي، وتقديم ملايين الضحايا من الشهداء، والمخطوفين، والمعتقلين، والمهجرين، والنازحين فحسب، بل لعجز وتقصير جميع الثوار، والمهتمين بالشان الوطني في اجراء مراجعة بالعمق واستخلاص أسباب الفشل، وتقييم التجربة الثمينة تلك، والاستفادة من دروسها من اجل إعادة البناء من جديد، والانطلاق نحو تحقيق اهداف الثورة التي مازالت صالحة في الحرية، والكرامة، والتغيير الديموقراطي، وبناء سوريا الجديدة التعددية التشاركية لكل مواطنيها.
نعم اخفقت ثورة آذار الوطنية لاسباب معروفة، ولكن الشعب السوري مازال مؤمنا بان النظام اكثر استبدادا، واشد خطرا، واضعف بكثير، ولابد من ازالته حتى تعود سوريا الى شعبها، ويعم السلام، وتتوحد البلاد، ويعود المهجرون، والنازحون الى ديارهم، وتتحرر سوريا من المحتلين، والميليشيات، والفصائل المسلحة الفالتة من عقالها، وتتعايش مكوناتها الوطنية في ظل الحرية، والمساواة، والتوافق حول النظام السياسي القادم الذي سيحل كافة القضايا والمسائل المتعلقة بحقوق القوميات، وفي المقدمة القضية الكردية .
ان تجربة الكفاح الوطني الثوري لاثني عشر عاما التي لم تخضع كما ذكرت آنفا للدراسة والتقييم، واستخلاص الدروس، قد تطرح العديد من التساؤلات حاضرا ومستقبلا، واكثر من ذلك قد يخلق جوا من الحذر إزاء أي تحرك شعبي مناهض لنظام الاستبداد  في اية منطقة من سوريا حتى لو كان جادا وصادقا، ومن اجل التخفيف من ظاهرة ( الحذر والريبة ) التي تعد طبيعية في ظروفنا السورية من المفيد مراعاة الامور التالية:
أولا – تحاشي الوقوع في الأخطاء القاتلة السابقة مثل : ( الارتهان لجماعات الإسلام السياسي – الارتباط بالنظام السياسي الرسمي العربي والاقليميي – العسكرة – العنصرية والمذهبية – التبعية على حساب استقلالية القرار – إخفاء الحقيقة عن الشعب ).
ثانيا – مع قناعتنا بان أي حراك ثوري يلتزم باهداف الثورة السورية المغدورة وفي اية منطقة كانت يعبر عن طموحات السوريين في كل مكان، ولكنه لايمثل إرادة السوريين بشكل شرعي وذلك لن يحصل الا بالتوافق والتعاون وفي اطار الحركة الوطنية الديموقراطية السورية الموحدة على مستوى جميع مناطق البلاد وهو من اهم مهام الوطنيين السوريين من الضروري إنجازه اليوم قبل الغد.
ثالثا – مما لاشك فيه ان نظام الاستبداد ومعه الأطراف الخارجية المعادية لاهداف الشعب السوري وقضيته العادلة سيحاول الالتفاف على أي حراك ثوري بشتىى السبل لذلك يجب اتخاذ الحيطة. 
رابعا – من جهة أخرى هناك مجموعات مدنية وعسكرية، وميليشيات، وشخصيات، كانت مناهضة للثورة، وحاربتها الى جانب قوى النظام، او اتخذت مواقف ضد مصالح الثورة، او اساءت وساهمت في اضعاف  الجيش الحر منذ البدايات، وابعاد التيارات، والعناصر الوطنية الثورية، او عملت على حرف الثورة عن مسارها، هذه الفئات قد تحاول التودد الى أي حراك ثوري ثم التسلل في صفوفه، من الضروري جدا الحذر منها، وعدم الانفتاح عليها او التعامل معها الا بعد الاعتراف بخطاياها مفصلا، والاعتذار للسوريين والثوار علنا وفي وسائل الاعلام.
كل ماسبق لايمنعنا من دعم واسناد االحراك الشعبي الثوري السلمي في السويداء الصامدة، وتوجيه تحية الاكبار لاهلنا ومواطنينا هناك، وفي كل منطقة من بلادنا مستقبلا، والتاكيد على ان غالبية الكرد السوريين مازالت كما كانت مع زوال الاستبداد، ومع تحقيق اهداف الثورة، ومع سوريا جديدة تعددية ديموقراطية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…