(لا للشاه ولا للملا) .. هتافات شعب ثائر ضد دكتاتوريتين

نظام مير محمدي* 

كشفت انتفاضة الشعب الإيراني، التي بدأت في 16 أيلول/ سبتمبر 2022 عن حقيقتين، الاولى: إصرار المنتفضين على الإطاحة بنظام الملالي ورفضه بالكامل، والثانية: إثبات أن التاريخ لايعود إلى الوراء.
وبناءً على الحقائق المذكورة أعلاه، يجب إسقاط نظام ولاية الفقيه الفاشي ولا مكان لدكتاتورية الشاه بين الشعب الإيراني، وبالتالي، فإن هذين النظامين الدكتاتوريين هما الخاسران الرئيسيان في انتفاضة الشعب الإيراني.
اليوم، أينما ينظم أنصار المقاومة والانتفاضة الإيرانية في جميع أنحاء العالم مظاهرات أو تجمعات أو مسيرات، يكون شعارهم المركزي هو (الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد خامنئي). 
تركيبة المشهد السياسي الإيراني 
يُظهر المشهد السياسي الإيراني فشل المشروع الذي كان يتضمن جلب العملاء والخدم من أتباع الشاه إلى الساحة السياسية، رغم كل جهود مراكز الأبحاث والفكر التابعة لنظام الملالي وبيت خامنئي الواسع والطويل، الذي يذكرنا ببلاط الدكتاتور الشاه، وربما أوسع وأطول من ذلك، بهدف إرباك المشهد السياسي الإيراني وطمس الحدود الحمراء مع النظام الفاشي الحاكم.
في ظل هذا الجو المبتذل الذي صنعه أتباع الشاه والملالي؛ على ما يبدو، أعد البعض الأرضية لتزكية المجرم (جلاد السافاك سيء السمعة) برويز ثابتي.
وفي 11 شباط/ فبراير من هذا العام، تم كشف النقاب عنه في مظاهرة أنصار ابن الشاه في لوس أنجلوس، ونشرت صورة له مع عائلته على الإنترنت، وبهذه الطريقة تم الكشف عن برنامج ومنصة ابن الشاه المستقبلية، الذي يعتبر نفسه (ولياً للعهد) و (ابن الشاه).
في الواقع، يتطلب الوضع تحديد طبيعة القوى السياسية والاجتماعية والثقافية بوضوح ويجب على كل شخص أو حركة أن تكشف ما في جعبتها، لذلك، قدم ابن شاه طبيعته الحقيقية بهذه الطريقة ووضّح أمام الرأي العام أنه يريد تحقيق الأمن والنظام الاجتماعي في المستقبل بعد الإطاحة بالنظام الحاكم بمساعدة قوات الحرس الثوري وقوة الشرطة القمعية والرد على الاحتجاجات بنفس طريقة والده المعهودة، بالجلد والتعذيب والسجن والإعدام من خلال إعادة بناء جهاز السافاك والمجندين السابقين والمعذبين الجلادين.
والحقيقة أن المجتمع الإيراني كان يجب أن يصل إلى مرحلة تحديد المهمة في مواجهة حكم ولاية الفقيه على أساس العملية التاريخية والسياسية والاجتماعية، في مثل هذه الحالة، أصبح الحديث عن بديل النظام بعد الإطاحة بنظام الملالي أكثر جدية مما كان عليه في الماضي، وسيختبر مجاهدو خلق والمقاومة الإيرانية، ببرنامجهم السياسي الذي أعلنوه منذ 40 عاماً وأكدوا عليه بالعمل الجاد، في المعادلات المتعلقة بمستقبل إيران.
إزاحة الستار عن برويز ثابتي في ذكرى الإطاحة بالشاه… لماذا؟ 
في دكتاتورية الشاه، عُهد إلى جهاز السافاك بعملية قمع واعتقال للثوار، وتم تلخيص مهام القمع وتكميم الأفواه ومصادرة جميع الحريات وإعدام طالبي الحرية ضمن صلاحيات السافاك، في هذا الجهاز الرهيب والمرعب، كان برويز ثابتي، المعروف بـ (المسؤول الأمني) هو رئيس القسم العام الثالث للسافاك، وتعمل جميع فرق التعذيب تحت قيادته، وكان يبلغ الشاه مباشرة بعمليات القمع والتعذيب وإعدام المناضلين. 
إن المُطَبِّلين وأبواق الشاه، الذين لا يتمتعون بالدعم والتنظيم، ولا يملكون خطة واستراتيجية واضحة للإطاحة بالملالي وما بعد الإطاحة، يحتاجون إلى تبييض وجه السافاك القمعي في الخطوة الأولى نحو تلميع تاريخ الشاه وجرائمه. 
لقد قدروا وحسبوا أنهم إذا نجحوا في ظل الجرائم التي ارتكبت خلال الفاشية الدينية من قبل شخصيات مثل خالخالي ولاجوردي والملا محمدي جيلاني وموسوي أردبيلي والقاضي صلواتي…وخارج إيران وفي الفضاء الإلكتروني، بتبييض أعلى المسؤولين الأمنيين للشاه بعد 43 عاماً من الحياة السرية، وإحضاره إلى خشبة المسرح في لوس أنجلوس وشرعنة وجوده داخل مظاهرات الإيرانيين في الخارج، حينها يمكنهم التظاهر بأن نظام الشاه كان شرعياً! ,بناءً على هذه الحسابات، تمت تعبئة وحشد الجيش السيبراني لحرس الملالي الإيراني بالكامل لدفع هذا المشروع والمضي قدماً به، لكن هذا المشروع لم ينجح باعتباره هدف مركز أبحاث خامنئي ورغبة مريدي وأتباع الشاه، لأن السجناء والمُعذَبين في عهد بهلوي البغيض كانوا حاضرين ومستعدين لاتخاذ إجراءات مضادة. ومن بين الأمور أخرى، في شهادة 131 سجيناً سياسياً من أعضاء مجاهدي خلق ممن تم تعذيبهم في مراكز تعذيب الشاه، والتي زادت لاحقًا إلى 175 شاهداً، أصدروا بياناً بشأن المجرم السافاكي برويز ثابتي، والذي نص على ما يلي: 
“إن الدعاية الرخيصة لشرعنة حضور جرثومة نظام التعذيب والقتل (برويز ثابتي)، تكشف عن طبيعة الجهود التي تريد استبدال بقايا الدكتاتورية السابقة وولي العهد البائد من خلال استغلال جرائم الخميني وخامنئي اللامحدودة، بالحكومة الديمقراطية التي يناشد بها الشعب الإيراني”.
المؤشرات الإرشادية للعمل في الوضع الخطير الحالي 
يمكن تلخيص ما يجب تسليط الضوء عليه في ظل الوضع الحالي لإيران كدليل للعمل وإزالة الضبابية وبيان الحقائق، في عدة محاور: 
1ـ العدو والهدف الأساسي الذي يجب التركيز عليه هو نظام ولاية الفقيه الفاشي ولا شيء آخر.
2ـ أية قوة أو شخص يحاول إبعاد أنظار الإيرانيين عن التركيز على العدو الرئيسي ويسعى الى حرف مسار الانتفاضة عن هدفها الأساسي هو بلا أدنى شك عميل وخادم لنظام الفقيه وعدوّ لـ  (انتفاضة سبتمبر 2022). 
3ـ يدعم مركز خامنئي الفكري والبحثي، المحتال والمتآمر بالتخطيط والتوجيه أتباع الشاه من أجل تشتيت تركيز الشعب الإيراني عن هدف الإطاحة بنظام الملالي، وبالتالي يقوم بكسب الوقت وتأخير الإطاحة بالفاشية الدينية الحاكمة.
4ـ في المشهد الفوضوي والمشوَّه الذي يعمل فيه جلادو السافاك أيضًا، وُضع أتباع الشاه في الواجهة الأمامية لممثلي مؤسسات الفكر والرأي في نظام الملالي.
النتيجة: 
أولاً: من خلال التركيز على العدو الرئيسي، أي الحكم الفاشي للملالي، يجب فضح وكشف الحيل والمؤامرات التي ينسجها مركز أبحاث خامنئي لاستخدام الجلادين والبلطجية من مجرمي السافاك وأتباع الشاه حتى لا ينخدع أحد بهم، يجب أن يكون هذا التنوير والكشف لغرض ضمان استمرار انتفاضة سبتمبر الخالدة وتأسيس وحدة متماسكة لجميع شرائح الشعب حول الرغبة المشتركة في التحرر ورفض أي نوع من الدكتاتورية. 
ثانياً: في ذروة الانتفاضة اتضح أن الحكومة الشاه التي تدعي “الديمقراطية” و “الائتلاف” قد شحذت مخالبها للأجساد والحناجر وباتت تمضغ عظام طالبي الحرية، إن نظام الشاه لم يكن ولا يملك القوة والشجاعة لاتخاذ خطوة واحدة فعالة ضد فاشية الملالي، وكما يتضح من التاريخ، فهو لم يتخذ أي إجراء ضد الاستبداد الديني في السنوات الأربعين الماضية، بل هو مستعد بالفعل لذبح طالبي الحرية ويريد الانتقام من الثورة المخطوفة المناهضة للشاه بدلاً من إسقاط الملالي.
ثالثاً: من أجل مواصلة الانتفاضة الديمقراطية للشعب الإيراني واستكمال طريق الإطاحة بنظام الملالي بأقصى قدر من القوة والوضوح، يجب أن يتشابك مسار فلول الشاه مع نظرائهم من نظام ولاية الفقيه، من الناحية القانونية، للشيخ والشاه مصالح مشتركة في مشروع التلميع وبقاء النظام الديني الاستبدادي. 
رابعاً: الكلمة الفصل هي أنه عندما يتم إلقاء القبض على مؤسسي وأمناء وأتباع المعسكرات النازية ومحاكمتهم حتى في سن التسعين، من الواضح والضروري أنه يجب أن يُعتقل ويُحاكم ويُعاقب الجلادون أمثال برويز ثابتي وشركاؤه، كما حكمت محكمة جنايات ستوكهولم على حميد نوري، جلاد سجني إيفين وجوهردشت، بالسجن المؤبد، وكما حكمت المحكمة الجنائية في أنتويرب بلجيكا، بالسجن 20 و 18 و 17 سنة، بحق الدبلوماسي الإرهابي لنظام الملالي أسد الله أسدي وشركائه، وختاماً، سيقول الشعب الإيراني كلمته في وجه الجلادين السابقين والحاليين وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.. 
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…