بير رستم مهمة مخابراتية لاتزال مستمرة.. رداً على مقالته في الحوار المتمدن

 

د. عبدالحكيم بشار

انضم بيير رستم الى حزبنا البارتي قادما من الاتحاد الشعبي كما قال لنا، واصبح عضوا احتياطيا في اللجنة المركزية وكنت حينها انا سكرتيرا للحزب، كنت احترمه جدا كونه مثقفا رغم اختلاف وجهات نظرنا في بعض القضايا، وفيما بعد علمنا انه كان عضوا في حزب البعث العربي الاشتراكي قبل ذلك، بدأت شكوكي نحوه بعد اعتقاله من قبل الامن الجوي في دمشق لأيام، اعتقد أنه بقي عندهم حوالي أسبوع، وبعد الإفراج عنه اتصل معي هاتفيا من دمشق، وحذرني من احتمال ان يتدبر الأمن مكيدة كبيرة ضدي، حيث قال بالحرف الواحد: يادكتور الامن الجوي غاضب عليك جدا جدا، فقلت له: انه امر طبيعي كوني سكرتير الحزب، ونطالب بحقوق الكرد والديمقراطية لسوريا، و أنا من حملة الشهادات الجامعية الذين يعملون لقضيتهم، لذلك فهو امر طبيعي ان يكون موقف كل الافرع الامنية سلبياً مني، فقال لي اكثر مما تتصور: وساضعك بالصورة حين نلتقي
سافر إلى بيته في جنديرس، كي يرتاح وقام وفد من الرفاق في منظمتي حلب وعفرين بالواجب مشكورين، مع تأكيدي لهم بتقديم كل مساعدة ممكنة له.
بعد ايام ارسلت رفيقا قياديا ليلتقيه بشكل رسمي، ويعطيه تقريرا عن التحقيق الذي جرى معه في السجن، كي تطلع قيادة الحزب عليه، وتتخذ التدابير الممكنة، إلا انه ماطل في كتابة التقرير. أرسلت له مرة أخرى و من خلال الرفاق خبراً طالبا منه ان يكتب تقريرا خاصا لي، حيث يعتبر ذلك من اسس النظام الداخلي، الا انه ماطل مرة ثانية قائلا سألتقي بك واسلمك التقرير بنفسي
بعد فترة زارني في العيادة برفقة صديق مشترك هو المرحوم سليمان سيفي، لم يتحدث كثيرا بل أكد على قضية جوهربة وهي إن عليه مغادرة البلاد، وإلا فإنه سيضطر للتعاون مع الأمن، فاستغربت منه هذا الموقف وقلت له: ماموستا بير من المعلوم أن السجن والضغوطات التي يتعرض لها المعتقل داخل السجن والفروع الأمنية قد تؤدي إلى انهيار مقاومته ويستسلم للأمن ويصبح مندوبا لهم، أما بعد خروجه من السجن فالأمر يختلف نهائيا، فالذي يقاوم في السجن يجب أن يقاوم خارج السجن اكثر، وقلت له مازحا:
(إذا لم تكن قد استسلمت في السجن وارتبطت معهم فلن تستسلم وأنت خارج السجن) إلا أنه أصر على موقفه بالخروج من سوريا، ولن أدخل في تفاصيل الحوار الذي جرى بيننا، ومن ضمنه أني عرضت عليه البقاء في القامشلي، ونحن كحزب سنقوم بكل الواجب تجاهه وتجاه عائلته، ولكنه أثار قضية أخرى خلقت لدي الكثير من الشكوك، وهي إصراره على الذهاب لإقليم كردستان العراق، حيث تشكل لدي انطباع أنه ذاهب إلى هناك بمهمة أمنية. أنا كسكرتير للحزب رفضت طلبه وقلت له إننا مستعدون لمساعدتك في أية وجهة تختارها عدا إقليم كردستان العراق، وطلبت منه مرة ثانية تزويدي بتقرير رسمي عما جرى معه في السجن، والتشاور مع عائلته حول الوجهة التي سيختارها لنقوم بتقديم الدعم الممكن، فقد غادر عيادتي وقد اتفقنا أن يقدم لي التقرير خلال ساعات وأن يستشير عائلته بالذهاب إليهم في عفرين، والاتفاق معهم حول وجهة سفره،
إلا إنه وبعد ساعتين اتصل معي من تركيا مؤكداً أن الرفاق نصحوه بذلك، وعندما سالته: أي من الرفاق نصحك؟ 
تلعثم وتمتم دون جواب؟
وفي تركيا حاول الحصول على فيزا إقليم كردستان العراق بطرقه الخاصة، فلم ينجح مما اضطر للاتصال معي مرة أخرى طالبا مساعدته في الحصول على الفيزا، ولكني رفصت ذلك بسبب عدم التزامه بالاتفاق الشفهي الذي حصل بيننا، وعدم تقديمه للتقرير المطلوب منه أصولاً. اتصل السيد بير مع العديد من رفاق القيادة للتوسط لدي، فرفضت ذلك فسافر إلى لبنان، ومن هناك حاول مرة ثانية التوسط لدي خلال رفاق معروفين للحصول على فيزا الإقليم فرفضت، فحصل عليها عن طريق السيد رشيد ملا عبدالله ملا رشيد، وسافر للإقليم، وهناك أعني في إقليم كردستان العراق كانت مهمته الأساسية محاربة الحزب،
وبعد عودته من الإقليم، ودون الدخول في مزيد من التفاصيل ترك الحزب، وصارت مهتمه الأساسية محاربتي، وفي مقالة لي بعنوان( لماذا التصعيد ضد الكرد) نشرتها في بعض المواقع، حذرني مباشرة المرحوم عزيز داوود أنني معرض للاعتقال بسبب تلك المقالة، بسبب مضمونها الذي يؤكد على طبيعة النظام الاستبدادي، وطلب مني التواري عن الأنظار، وفعلا اتخذت بعض الاحتياطات، ولكن بعد يومين عاود نفس الصديق الاتصال بي قائلا ( فرجت ) فقلت له
 ماذا تقصد؟ وما هي معلوماتك الجديدة؟ فأرسل إلي بعض المقالات منها مقال للسيد بير رستم، و فيها هجوم عنيف علي، ففسرها السيد عزيز داوود بأن السلطة حركت أدواتها هذه المرة.
وبعد اشهر استدعاني فرعا فلسطين والفيحاء في دمشق للتحقيق معي، استمر التحقيق لمدة أسبوع، في كل فرع منهما، وكانت التحقيقات تتم حول عدد من القضايا، من ضمنها موضوع المقال المشار اليه، وخاصة في فرع فلسطين، حيث إنه وخلال ثلاثة ايام تركزت التحقيقات في جزء منها، على تلك المقالة، ومقالات أخرى، كان السيد بيير رستم انتقدني بشدة حولها في الإعلام، حيث باتت اللوحة أكثر وضوحا لي وللرفاق في الحزب، و تأكد لنا أن السيد بيير إنما يقوم بمهمة، وأنه تحدث إلي عن نصف الحقيقة، حين قال: 
 إذا لم يغادر سوريا فإنه سيضطر إلى التعاون مع الأمن
وها قد تعاون ويتعاون ولا يزال ذلك مستمرا
و كما يبدو أنه يخشى تركهم خوفاً من أن ينشروا تعهداته وتقاريره إليهم!
خاصة وأنه بعد سفره لإقليم كردستان وطرده من هناك بعد خضوعه للتحقيق بسبب الشكوك حوله، عاد إلى بيته في عفرين معززاً مكرماً، وها أنتم ترون تقلباته فقد وصل إلى سويسرا بعد إقامة معروفة في تركيا على أنه هارب من  حزب العمال الذي اعتدى عليه في دكانته في جنديرس و الآن صار قلماً آبوجيا والبقية عند كل مطلع يتابعه ويعرفه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…