بيان في الذكرى الثامنة عشرة لانطلاقة تيار مستقبل كردستان سوريا.

في التاسعِ والعشرين من شهر أيار/مايو عام ٢٠٠٥ انطلقتْ مسيرةَ تيار مستقبل كردستان سوريا لتؤكدَ عِبْرَ الفعلِ والكلمةِ والموقفِ بأنَ شعبنا الكردي مصممٌ على انتزاعِ حقوقهِ القوميةِ والديمقراطيةِ رغمَ القمع والاستبداد، وسياسة الإنكار، وتطبيق القوانين الاستثنائية والشوفينية، ومنذ ذلك التاريخ عَاهَدَ شعبنا على قول الحقيقة كما يراها مهما كانت مُرَة ومُكلِفة، وفي هذا السياق أكّدَ على عُقْمِ النظام الأسدي واستحالةِ إصلاحه، ودعا إلى تغييره، والى مركزية الدور الكردي السوري، وضرورة امتلاكه لقراره الوطني، وشخصيته المستقلة، وبناء دولة الحق والقانون التي يجب أن تقوم على أساس المواطنة المتساوية، وحقوق المكونات، وفي المقدمة منها حق الشعب الكردي في تقرير مصيره على ترابه الوطني .
ثمانية عشر عاماً من النضال السياسي والكفاح من اجل حقوق شعبنا الكردي وتجسيد حلمه في مسار سياسي، ودولة ديمقراطية اتحادية تقر وتعترف بحقوق شعبنا الكردي نتيجة تعرضه لأبشع انواع الممارسات والقوانين الشوفينية والاستثنائية على يد نظام البعث العنصري .
ثمانية عشر عاماً ولايزال تيار مستقبل كردستان سوريا وفياً للمبادئ والأسس والمتطلبات القومية والوطنية والانسانية والأخلاقية التي استلهمها الشهداء مشعل التمو- انورحفتارو- مصطفى خليل، والشهيدة  الحية زاهدة رشكيلو، وغيرهم ممن أسسوا خلال المرحلة السابقة حضور التيار القومي والديمقراطي بين أبناء شعبنا وفي صفوف المعارضة الديمقراطية السورية أيضاً.
ونَحنُ نُحْيي ذكرى تأسيس التيار لا يمكننا الاستهانة بحجم التحديات التي تمس كل معاني الوجود الكردي، وإدراك الواجبات المفروضة على كواهلنا . فالحقوق لا تُهْدَى بل تُنْتَزعْ، ومن هذا المنطلق نحتاج إلى استقراء ما يحدث في المنطقة والعالم حيث وصل الرهان على المجتمع الدولي إلى مأزقٍ عميق، الأمر الذي وفّر الفرصة لاحتلال عفرين – سري كانيه – كري سبي، وتعزيز الوجود التركي في المنطقة، والتقدم باتجاه تنفيذ كامل مخططها النقيض للوجود والحقوق مستندةً في ذلك إلى بعض الذرائع والحجج الواهية، والى تواطئ المجتمع الدولي .
ان اساس هذه المراجعة يكمن في اعادة النظر بالعلاقات الكردية، وحل التناقضات القائمة بين القوى الرئيسة، ووضع أُسس للتعاون والدعم والتنسيق، وإنهاء الانقسام القائم مع الحفاظ على الخصوصية، وفي سياق تراجع وتردي الوضع التغييري السوري، وتقدم مشاريع التصفية التي تستهدف القضية السورية وكل مصالح وحقوق شعبنا تتواصل محاولات تعويم نظام الأسد وإعادة دمجه بالنظام العربي والاقليمي عبر اعادته الى الجامعة العربية بالتوازي مع التطبيع التركي – السوري برعاية روسية وايرانية، وهو مسارٌ الهدفُ منه تكثيف الضغوط وابتزاز الشعب السوري وحلفائهِ، ودفعهِ الى الرضوخ والتكيّف، وقطعِ الطريقِ على التراكمات الايجابية لصمودهِ وانتفاضتهِ مما يُعَظّم حجمَ المسؤولية والمهام التاريخية أمام القوى الكردية الواعية لحجم وخطورةِ الوضع الراهن، وتكثيف العمل بغيةَ إخراجه من مأزقه، وتجنيبْ شعبنا الكردي التواق الى التحرر والديمقراطية المزيدَ من التكلفة الباهظة التي دفعها من لحمٍ ودمٍ وارضٍ، وعليه فإن تيار مستقبل كردستان سوريا يؤكد على رفضه لكافة المشاريع والمخططات التي تستهدف اعادة تأهيل النظام، ومصادرة تطلعات السوريين في الحرية والكرامة، وحقهم في اختيار النظام السياسي الذي يُناسِبَهم كما يدعو الى التمسك  بالثوابت النضالية واسقاط كافة المشاريع التصفووية عِبْرَ تعزيز مسيرته الكفاحية حتى تنفيذ القرار الأممي  ٢٢٥٤ ونيل شعبنا كامل حقوقه، وبهذه المناسبة يؤكد على ما يلي :
اولا : ضرورة إنهاء الانقسام بين السوريين، وطي صفحتهِ المؤلمةِ، والإسراع بتنفيذ الاتفاقات الكردية التي جرى التوقيع عليها والعمل الجدي لاستعادة زمام المبادرة كردياً وفي المقدمة منها إنجاز المرجعية مما يجعلها عنواناً حقيقياً لوحدة شعبنا وقواه السياسية، والابتعاد عن التفرد والهيمنة والاستئثار والفعل الفئوي والايديولوجي  المتشظي، وتحقيق شراكة حقيقية مستندة على استراتيجية كردية شاملة ببعديها الوطني والقومي .
ثانيا : فشل نهج التسوية المنفرد مع النظام واعتباره رهاناً خاسراً لا ينسجم مع تطلعات الشعب السوري، فكل ما مضى وما جرى كافٍ لاختبار هذا الخيار الذي لم يؤدي إلى أيةِ نتائج سواءً على الصعيد الكردي او السوري، بل فتحَ  شهيةَ النظام وحلفائهِ لتصفيةِ ما هو قائم، وإعادة السيطرة على المنطقة الكردية، وهذا يتطلب نقل القضية الكردية الى الامم المتحدة وحماية سكان المنطقة، وتقديم الخدمات الضرورية لهم .
ثالثا : أبرزت سلطات الأمر الواقع ، ووصلت إلى ما هو عليه من مأزق وأزمات اقتصادية متصاعدةَ بفعل السياسات القاصرة والايديولوجية ل ب ي د، ومساهمتها الرئيسة  في تشرذم وانقسام الحركة الكردية، وضرب مرتكزات واسس وحدة شعبنا، واستمرار العزف على إيقاع العداء والتخوين، وعلى مبدأ من ليس معي فهو ضدي …!  مما يستدعي الحاجة إلى إنجاز وحدةِ الموقف الكردي، وإشراك الجميع في إدارة المنطقة، وإنهاءْ حالة التجاذب والانقسام والهيمنة والاحتكار ….!
رابعاً :لابدَّ من الوقوف عن كثب وبشكلٍ سريع على طبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يرزخ تحتها شعبنا، والعمل على معالجتها، والحد من تفاقمها، وفي هذا السياق يجب الضغط على سلطات الأمر الواقع  برفع الإجراءات والقوانين التي تساهم في ذلك …!
خامساً : اتّباع الوسائل والاساليب والممارسات التي تساهم في تخفيف الأعباء عن كاهل شعبنا الكردي في مناطق الاحتلال التركي (عفرين – سري كانيه – كري سبي  ) وفضح الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات التابعة لتركيا بما فيها الهندسة السكانية، والقيام بالاحتجاجات امام السفارات والقنصليات الغربية  في أوربا والعالم، والضغط من خلال الامم المتحدة لإنهاء هذا الاحتلال،  ووضع هذه المناطق تحت رعاية دولية وإدارة مدنية من سكانها الأصليين .
سادساً : التأكيد على نضال الشعب الكردي العادل بكافة الوسائل والاساليب، وصيانة وحدة المجلس الوطني الكردي، وتعزيز دوره، وتطوير أدائه في مواجهة كل محاولات التفكك والانقسام، ودعوة ابناء شعبنا للالتفاف ومواصلة دعم وإسناد نضال المجلس الوطني الكردي ومشروعه السياسي لنيل الحقوق القومية والديمقراطية   
سابعاً : ما زالت الأزمات المتجددة تخترق جسد الأحزاب والقوى الكردية، وتؤدي إلى المزيد من الانشطار والتحوير، لذلك يدعو التيار إلى إنجاز الوحدات السياسية والتنظيمية لتجاوز حالة الانقسام والتشرذم ومواجهة تحديات المرحلة واستحقاقاتها الفعلية .
في ذكرى التأسيس يتقدم تيار مستقبل كردستان سوريا بتحياته النضالية إلى أبناء شعبنا الكردي والسوري بجميع مكوناته القومية والدينية، ويعاهد الشهداء منهم بالبقاء وفياً لعهده على حقوق الشعب الكردي و كافة قضايا الحريات والديمقراطية في سوريا على طريق التحرير وتقرير المصير و بناء دولة ديمقراطية فدرالية قائمة على سيادة القانون والمواطنة المتساوية وضمان حقوق المكونات .
المجد للشهداء ولكل مؤسسي التيار وأعضائه وكوادره الأوفياء لقيم الكردايتي وقضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان. 
تيار مستقبل كردستان سوريا 
الهيئة التنفيذية 
قامشلو٢٩ايار ٢٠٢٣

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…