الآن يُصحّحون المسار.. ولكن!!

عمر كوجري

  عاد الحراك الشعبي السوري إلى زخمه وصفائه بعدما اعتراه بعضٌ من الوهن مؤخراً، ربما أبرزه الاختلاف على تسمية جُمَع التظاهرات، حيث استنكر قطاع واسع من المجتمع السوري المنتفض هيمنةَ جهة بعينها تشرف على تسمية الجُمَع السورية، وتملكُ حقَّ الاختيار.
 ظهرت أسماء في الفترة الأخيرة، أثارت الريبة من تغيير مسار الثورة، والأخذ بها نحو السلفية والتطرّف.
في الجمعة الأخيرة، وصلت رسالة المعترضين إلى القائمين على تسميات الجمع، حيث كان قد وصل الأمر بقطاعات هامة في جسم الحراك الشعبي إلى أن تأخذ موقفاً صارماً من هذه التسميات، وخرج بعضُها بتسميات أكثر حضارية، وتعبيراً عن النَّسيج السُّوري الغني والآثر.

فجاءت التسمية الأخيرة ملائمة « ثورة لكل السوريين» وبان ازدياد أعداد المتظاهرين بشكل لافت مقارنة مع الجمع السابقة، وسُجّلت أكثرُ من ستمائة وست وعشرين نقطة تظاهرة، وكان ُعدد القتلى أقلَّ، وهذا ما يؤشر على سلمية الثورة، مع أنه حدثت اختراقات عديدة.

  
نعم، يوماً فيوم، تتخلّصُ الثورةُ من الأدران التي تتعلق بها لأسباب منها ما هو موضوعي وطبيعي، ومنها ما هو مفتعل، وهذا طبيعي بسبب أنها طالت ممّا جعل احتمال الوقوع في العثرات والأخطاء وارداً.
 هذه اللوحة الوردية لم تفز بعناصر الديمومة بصورة عامة، وسأسوقُ في هذا المقام مثالاً واضحاً، فعلى قناة الجزيرة مباشر خرج قبل أيام أهلنا في حي غويران بالحسكة، اندهشت، وأنا أقرأ الأوراقَ التي تتصدّرُ الشاشة، وهي على قدر كبير من الأهمية.
هذه الأوراق أظهرت عدم التناغم بين مجتمع الثوار السوريين، وبروز عملية اللا تناغم بين المتظاهرين وممثلهم السياسي في الخارج.
فقد فاح من بعضها رائحة غير مستحبة تجاه مكوّن هام من إخوتهم السوريين، وله دور فاعل في الحراك العام، وهو الشعب الكردي.
من ضمن هذه الأوراق أسجّل التالي:
لا مساومات ولا مفاوضات على عروبة الجزيرة السورية- نحن ملتزمون بوثيقة العهد الوطني، ولا تعنينا الملاحق- غويران العربية، غويران الأبية، أنت رمز الحرية!! ولم تنس هذه الأوراق إرسال التحية إلى قناة دير الزور التي يديرها ” معارض سوري” من فرنسا، يحقد حقداً أعمى على الشعب الكردي في سوريا، ولم تلتزم قناته ومتظاهرو دير الزور في جمعة « الوفاء للانتفاضة الكردية» وخرجوا تحت اسم « المجلس الوطني لا يمثلنا»!!
 وسبق هذا «المعارض» جداً، أن صرّح للإعلام قبل مدة بأنه ومؤيديه لن يدخلوا المجلس الوطني السوري بسبب محاباته للكرد.
 هذا المعارضُ أوراقُهُ محروقة، وكان، وسيظلَّ من أزلام والمتباكين على النظام البائد في العراق.
إذاً: هذه الأوراق، هذه الشعارات تضرُّ كثيراً بالحراك العام، وهي رسائلُ غيرُ مطمئنة ولا مبطّنة بل واضحة موجهة بالضدّ كما أسلفنا للشعب الكردي في سوريا، وكأن هؤلاء يشعرون أن الكرد «سيبتلعون» أو سيستقطعون الجزيرة، ويلحقونها بدولة أجنبية «كردستان» ، رغم أنّ الكردَ لم يطلبوا يوماً الانفصال عن الأرض السورية.
 الورقة الأخطر، هي عدم اعتراف هؤلاء بالملحق الذي صدر عن المجلس الوطني والمعارضة السورية عموماً، بُعيد صدور وثيقة العهد الوطني التي خلقت تذمُّراً من المعارضة الكردية السورية،  وانسحبت من اجتماعات المعارضة في استنبول مؤخراً.
حجم التضحيات كبير، والجميع يقدّمونها بسخاء، والسؤال يطنُّ:
هل مكتوب على الكرد أن يؤاخوا سوحَ النضال مدّةً أطول وأكثر من باقي السوريين؟ هل عليهم البقاءُ هناك من أجل تصحيح مسار التفكير ” القومجي” المتآلب على الكرد اليوم، وغداً، وبعد غد؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…