بيان أعمال الجمعية العمومية للمنبر الديمقراطي السوري

استجابة لنداء الحرية، التي يدفع شعبنا السوري أغلى الأثمان لنيلها ولحساسية اللحظة التاريخية وجسامة المخاطر الناجمة عن إيغال النظام في القتل والتنكيل وتجاهله حق الشعب بنيل حريته وتقرير مصيره، والآفاق الخطيرة التي ينفتح عليها استخدام السلاح غير المنضبط وتعقيدات الوضع الداخلي والدولي، وخطورة الاستقطاب الطائفي والأهلي، انعقدت الجمعية العمومية للمنبر الديمقراطي السوري في القاهرة في الفترة الممتدة بين 13 و16/4/2012، وتباحثت في آليات دعم العمل الثوري لإسقاط النظام نحو دولة مدنية ديمقراطية، دولة المواطنة والحريات.
وقد تباحثت، في جلسات المؤتمر، أكثر من 200 شخصية من الناشطين والناشطات، وشخصيات من مشارب فكرية وسياسية وشرائح اجتماعية ومرجعيات مختلفة في هم وطني مشترك وجامع هو تحقيق أهداف الثورة وحماية السلم الأهلي وعدم التفريط بوحدة الدولة والمجتمع.

وانطلاقاً من تقدير الجهود التي تبذلها القوى المعارضة السورية على اختلافها، تم التأكيد على هوية المنبر بوصفه ميداناً لبناء الرؤى والتصورات حول مجمل قضايا الثورة والمجتمع، وجسراً لبناء التوافقات بين مختلف القوى، واستعداده للقيام بالجهد المطلوب لتنسيق سياساتها وصولاً إلى إسقاط النظام وبناء الدولة المنشودة، دولة المواطنة والقانون والحريات.


يرى المنبر أن إحدى مهامه تتمثل بإطلاق خطة لوحدة المعارضة السورية بكافة أطيافها، مقرونة بآليات وجدول زمني للتنفيذ، عبر تشكيل لجنتين داخلية وخارجية للتعاون والتشاور، على أن توضع هذه الخطة والآليات ويتم البدء بتنفيذها في أقرب وقت ممكن، مع التأكيد على أن المقصود بوحدة المعارضة هو توفير رؤية وبرنامج وإرادة سياسية موحدة، على اعتبار أنّ أساس وحدة المعارضة الذي لا غنى عنه هو وحدة الهدف الذي نعني به: إسقاط النظام وبناء الدولة الديمقراطية المدنية، دولة المواطنة المتساوية، وتحديد المسار المفضي إلى مستقبل سورية بشكل واضح بعد سقوط النظام، وتقديم رؤية واضحة لسورية الجديدة.

وفي هذا الشأن، يقع على عاتق الهيئة المنتخبة من الجمعية العمومية وضع هذا الأمر موضع التطبيق.

 
كما تم تشخيص ما وصلت إليه الأمور على أرض الواقع وطبيعة العوامل الداخلية والخارجية الفاعلة على مستوى الحراك وعلى المستويين الدبلوماسي والإعلامي المواكبين، ورأى المجتمعون واجب دعم الحراك الثوري وحق الشعب السوري بالدفاع عن نفسه وضرورة ضمان التظاهر السلمي وتعزيزه وحمايته وتعزيز وسائل المقاومة المدنية لإسقاط النظام وضرورة ضبط السلاح بمرجعية سياسية وعسكرية وإعلامية واحدة تديره وتحدد حالات استخدامه وتتحمل المسؤولية عما ينجم عن هذا الاستخدام وتكون قادرة على سحبه بعد سقوط النظام أو عندما يصبح وجوده واحتمال استخدامه خطراً على الدولة والمجتمع السوريين، انطلاقا من واقع وجود تشكيلات مسلّحة تختلف بين منطقة سورية وأخرى في مكوناتها وفي أدائها وفي مرجعياتها وممارساتها على الأرض، ليس كلها تنضوي تحت اسم الجيش الحر، والقيام بكل ما يكفل منع نسب الممارسات المسلحة الخاطئة إلى الضباط والعناصر الذين دفعتهم غيرتهم على دماء شعبهم إلى الانشقاق عن وحداتهم المكلفة بالقمع والقتل، فهؤلاء يستحقون التقدير والرعاية والتأكيد على أهمية قيامهم بواجبهم في حماية التظاهرات السلمية والدفاع عن المدنيين، استناداً لحق الدفاع عن النفس المكفول في كافة الشرائع والمواثيق الدولية.

ومن هنا فإن المنبر يعتبر الجيش السوري الحر ظاهرة واقعية، والموقف منها تابع لموقف المنبر من سلمية الثورة باعتبارها خياراً استراتيجياً، وبالتالي فإن المنبر يدعم الجيش السوري الحر بقدر ما يساند هذا الأخير سلمية الثورة ويندرج في إطارها ولا يتعارض معها.

وبالمقابل فإن المنبر لا يعتبر الجيش السوري النظامي الذي لم يتلوث بدماء السوريين جيشاً للنظام، بل هو جيش الدولة السورية الذي استلبه النظام، ومهمة الثورة استعادته بأكمله واستعادة دوره الوطني، وبالتالي ليس الصراع بين جيشين، بل هو بين الاستبداد والثورة، التي ندعو جميع أبناء سورية من مدنيين وعسكريين إلى الانضمام إليها.

 
ورأى المجتمعون ضرورة تعزيز اللحمة الوطنية بين مكونات المجتمع السوري كافة، وأكدوا على وحدة سورية أرضاً وشعباً، وأنّ ما يكفل ذلك هو دولة مواطنة يتساوى فيها جميع السوريين مساواة كاملة في الحقوق كافة والواجبات، بصرف النظر عن انتماءاتهم الإثنية أو المذهبية أو سواها، بما يعني إزالة آثار كافة السياسات العنصرية والتمييزية في الفترة السابقة وتعويض المتضررين منها.

وفي هذا الإطار ناقش المجتمعون واقع القضية الكردية في سورية وأكدوا على أنّ النظام الوطني الديمقراطي التعددي هو الضمانة الحقوقية والسياسية للمساواة ين جميع المواطنين، وأن دستور سورية المستقبل ينبغي أن يستمد من واقعها التاريخي والاجتماعي التعددي القائم على أن سورية دولة متعددة القوميات، ويقر هذا الدستور بالتساوي التام بين جميع القوميات في الحقوق والواجبات، ويرى المنبر أن حل القضية القومية للشعب الكردي يجب أن يكون وفق العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والجماعات.


وانطلاقاً من فهم أن حرية سورية واستقلالها تكون بحرية أبنائها وعيشهم الكريم، أكد المجتمعون أن تحرير الأراضي السورية المحتلة واجب وطني لا يحق لأحد المتاجرة به أو التنازل عنه، مهما كانت الظروف.


وفيما يخص واقع الحراك على الأرض تم البحث في آليات دعمه وتعزيز صموده على خلفية  تشخيص ما يعاني منه ويعوقه، وتم التأكيد على نبذ ممارسات طائفية تتم في بعض الجغرافيا السورية، عَمِلَ النظام بشكل حثيث منذ بداية الثورة على توسيع إطارها بهدف الإساءة للثورة وقطع الدعم الشعبي عنها، مهدداً بذلك مصير الثورة والمجتمع والدولة.

ورأى المجتمعون أنّ التباين في مرتكزات الاستنهاض الثوري لا ينفي وجود حالة وطنية جامعة لكل السوريين، تفيد من خصوصية كل منطقة لدعم الثورة، وفي هذا الإطار يرى المجتمعون ضرورة تعزيز أساليب المقاومة المدنية وتعميمها وعدم قصرها على حالة التظاهر، مما يقتضي نشر مفاهيمها ووسائلها وتأمين أدواتها لإعادة الثقة بها كخيار ضامن لانتصار الثورة وتحقيق أهدافها ما بعد إسقاط النظام.


وتأكيداً منهم على أن مهام الثورة لا تتحقق تلقائياً مع سقوط النظام وأن بناء نظام جديد يتطلب عملا سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وتنموياً شاملاً، أكد المجتمعون على أهمية وضع برنامج للمرحلة الانتقالية يأخذ بعين الاعتبار الاعتلالات الناجمة عن النظام الاستبدادي المديد وتلك الجديدة التي تولدت في مسار الثورة.

ويرون أن الخروج من الحالة الأمنية التي تشل البلاد وسحب المظاهر المسلحة خطوة أولى لإعادة الحياة إلى طبيعتها، وأنّ ثمة خطوات وإجراءات أخرى لا بد من القيام بها في هذا الإطار من أهمها تعويض المتضررين وتأمين الشروط اللازمة لعودة النازحين والمهجرين إلى شروط معيشية طبيعية، وإجراء محاكمات عادلة كأرضية لمصالحة وطنية، بالتوازي مع إجراءات سياسية تتمثل بتشكيل حكومة وطنية انتقالية ووضع لائحة دستورية تحدد الصلاحيات والمهمات في المرحلة الانتقالية وغيرها مما تتفق عليه القوى السياسية.


ولتحقيق إمكانية الشروع في المرحلة الانتقالية، تم التأكيد على أهمية تفعيل كل السبل المتاحة لتوسيع رقعة التظاهر وأعداد المتظاهرين وتمكينهم من ممارسة المزيد من الضغط على النظام بالتفاعل مع عمل دبلوماسي وسياسي يفيد من تناقضات المصالح والمواقف الدولية حيال الثورة السورية، واستغلال ما يمكن استغلاله، بالإضافة إلى التعاون مع المنظمات غير الحكومية وقوى المجتمع المدني العالمي، انطلاقاً من علاقات وتحالفات ترى الخارج بدلالة الداخل وليس العكس، لتضييق الخناق على النظام وإرغام رموزه على التنحي، وفي هذا السياق هناك أهمية للتفاعل الإيجابي من قبل المعارضة السورية مع مبادرة جامعة الدول العربية ومبادرة كوفي عنان، وإدارة العلاقات الخارجية من وحي مصالح الشعب السوري وطموحاته بالحرية والعيش الكريم وسيادته على أراضيه.

وفي حال قام النظام بإغلاق المنافذ أمام الثورة السورية دافعا البلاد إلى حافة الحرب الأهلية فإنه ينبغي على قوى المعارضة والثورة عمل كل ما يمكنها الحيلولة دون ذلك، وإدارة العلاقة مع الخارج من وحي الحفاظ على السلم الأهلي، وتخفيف الخسائر المترتبة على تدخل الخارج الذي تدفع إليه سياسات النظام.


كما شدد المجتمعون على أهمية العمل الإعلامي والثقافي المتفاعل مع الحراك الثوري على الأرض واستعادة الصورة الحضارية والإنسانية للسوري التي شوهتها بعض وسائل الإعلام بقصد أو دون قصد، انطلاقاً من الدور الذي لعبته في إضفاء طابع معين حول الثورة والسوريين في الوعي العام، ولا نغفل الدور الرئيس للنظام في هذا الشأن، الأمر الذي أثر سلباً في موقف جزء هام من السوريين من الثورة.


كما أكد المنبر على الدور الريادي للشباب والمرأة في الثورة السورية في المجالات كافة، السياسية والإعلامية والثقافية، ومساهمتها في الحراك المدني الثوري، ويرى المنبر أن سورية المستقبل ستكون وطناً تتحقق فيه المساواة التشاركية بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، ومكانا لا تمييز فيه، أساسه شرعة حقوق الإنسان.
وبنتيجة التفاعل المثمر في إطار أعمال الجمعية العمومية للمنبر وما سيليها من عمل، يطمح المنبر الديمقراطي السوري إلى وضع خطة عمل تنبني على مجموعة من الوثائق والمشاريع والبرامج والأوراق حول أهم القضايا السياسية والإعلامية وواقع الحراك الثوري ووسائل دعمه، وتتضمن مقترحات تطبيقها على أرض الواقع بما يخدم تحقيق أهداف الشعب السوري في الحرية والديمقراطية، ويدعم بناء الدولة السورية المنشودة التي تسودها قيم الحرية والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان.
وفي ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد، يدعم المنبر كل مبادرة تدعو وتعمل على عودة السوريين المهجرين والمنفيين للمشاركة في ثورة شعبهم في الداخل، ويكلّف المنبر هيئته المنتخبة للمساهمة في وضع آلية لتحقيق هذا الهدف بضمانات عربية ودولية، والسعي لعقد المؤتمر القادم للمنبر في دمشق.


عاشت سورية وطناً لكل السوريين
النصر لثورة الحرية والكرامة
المجد والخلود لشهداء الحرية.
الحرية لجميع المعتقلين

القاهرة 17 نيسان 2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين تستند الشعبوية في خطابها على المشاعر والعواطف الجماهيرية، بدلًا من العقلانية والتخطيط، حيث أصبحت ظاهرة منتشرة في الحالة الكردية السورية، وتتجلى في الخطاب السياسي الذي يفضل دغدغة المشاعر الجماهيرية واستخدام شعارات براقة، ووعود كاذبة بتحقيق طموحات غير واقعية، بدلاً من تقديم برامج عملية لحل المشكلات المستعصية التي تعاني منها المناطق الكردية. إن تفاقم الاوضاع الاقتصادية وانتشار الفقروالبطالة، يدفع…

خالد حسو عفرين وريفها، تلك البقعة التي كانت دائمًا قلب كوردستان النابض، هي اليوم جرحٌ عميق ينزف، لكنها ستبقى شاهدة على تاريخٍ لا يُنسى. لا نقول “عفرين أولاً” عبثًا اليوم، بل لأن ما حدث لها، وما يزال يحدث، يضعها في مقدمة الذاكرة الكوردية. لماذا عفرين الآن؟ لأن عفرين ليست مجرد مدينة؛ هي الرئة التي تتنفس بها كوردستان، والعروس التي تتوج…

خليل مصطفى ما تُظهرهُ حالياً جماعة المُعارضة السورية (وأعني جماعات ائتلاف المُعارضة المُتحالفين مع النظام التركي) من أقوال وأفعال مُعادية ضد أخوتهم السوريين في شمال شرق سوريا، لهي دليل على غباوتهم وجهالتهم ونتانة بعدهم عن تعاليم وتوجيهات دين الله تعالى (الإسلام).؟! فلو أنهُم كانوا يُؤمنون بالله الذي خالقهُم وخالق شعوب شمال شرق سوريا، لالتزموا بأقواله تعالى: 1 ــ (تعاونوا على…

  نظام مير محمدي* يمثل الخامس والعشرون من نوفمبر، اليوم العالمي للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، فرصة للتأمل في أوضاع النساء في مختلف المجتمعات ومناقشة التحديات التي يواجهنها. وعند تأملنا في هذا السياق، تتجه أنظارنا نحو السجون المظلمة في إيران، حيث تُعتقل النساء ويتعرضن للتعذيب لمجرد ارتكابهن جريمة المطالبة بالعدالة وإعلاء أصواتهن لوقف القمع وتحقيق الحرية. هؤلاء…