رسالة مفتوحة إلى السيد الرئيس مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان المحترم

د.

كسرى حرسان

نزولاً عند رغبة بعض المثقفين الكرد الملحة في شارعنا الكردي السوري، وأنا واحد منهم، رأيت أن من واجبي أن أعرض على سيادتكم هذه العريضة، متحفزاً من متابعتي المباشرة وقراءتي المستمرة للوقائع.

تحت وطأة الظروف الحالية المفروضة والمترتبة عن الأزمة العصيبة والوخيمة التي يمر بها الشعب السوري بلا استثناء، بمن فيه الكيان الكردي وبصدده وموضوعه أسجل سطور هذه الرسالة التي آمل ونأمل جميعاً أن تحظى بعنايتكم واهتمامكم سيادة الرئيس.
انطلاقاً من الواجب القومي الذي يحدونا ومن باب الحرص على القضية الكردية والمصير الكردي على وجه الخصوص حاضراً ومستقبلاً، أود أن أضع فخامتكم في صورة الوضع السياسي الكردي ضمن الجغرافية السورية، والذي يسهم في رسم معالم الحراك الكردي بشكل جدي يغلب عليه طابع الخطورة والوعورة.
ولإعطاء هذا الحراك المسار السليم والصحيح وتجنيبه المخاطر والعواقب المستقبلية غير المحمودة والتي تنذر بإثقال كاهل الشعب الكردي بصورة وشيكة وطافرة، فإن الأمر يستوجب التدقيق والتحفظ بل الحيطة والحذر.
وهذا ما أود أن أحيط جنابكم به علماً لا يضيف إلى اطلاع سيادتكم معرفة جديدة، ورغم ذلك فإنني أنوه للتذكير؛ لأن المسألة بالغة الأهمية وتستلزم الاهتمام.
فخامة الرئيس:
من المعلوم والبديهي أن حزباً ما لا يتكون بين عشية أو ضحاها، وأن آخر لم يثبت وجوده ولو بالأعوام المتراكمة، إن شرعية حزب لا تقاس بهذا المقاس، ولكن عمر حزب، حتى يكون جديراً بهذا الاسم، يجب أن يرتد لسنوات طويلة من النضال العنيد والمرير.
كما إن التحزب ليس هواية، لأن النضال سلوك وعبء، لا أمنية جوفاء أو بهرج للرياء، وبغية التقييم فإن هذه الحال الهواوية تنطبق على الأكثرية الساحقة من أحزابنا الكردية باستثناء النزر اليسير منها، إذ تفتقر تلك كلياً إلى رؤية سياسية واضحة كنتيجة منطقية لنشأتها المشبوهة المتداعية في أحضان المادة والمكسب والشهرة وحسب، من غير أن تكون لها أيديولوجية تعتنقها وتعمل باجتهاد في سبيل إحقاقها.
وهذه الأحزاب الكردية السورية المشار إليها لا تجاري في توجهاتها من قريب ولا من بعيد تطلعات الشارع الكردي السوري، بل تعبر في خفاياها وطياتها عن نزوات نفوس أشخاصها.

ولذلك أحب أن أنقل إلى سيادتك أن تلك التكوينات الدعيّة بجملتها لا ترقى إلى السوية الحزبية إلا بالتسمية التي لا تضفي عليها رونقاً أو بهاءً، فهي – إن أردنا تمثيلها– كالغصن اللدن المائس مع النسيم، فأينما صادفت المناخ الملائم فأنها كالإخطبوط الذي يتوجه في كل اتجاه، وفق المصالح والأهواء.
لذلك كان من الضرورة الملزمة أن نهيب بفخامتكم، وأنتم أهل الصواب والسداد، من أجل العمل على إقصاء كل تلك التجمعات (الحزبية) موضع الريب وصرفها لتمثل شخصيات أصحابها بحق، لأن مآربها التسلق الذي من شأنه أن يعود – في  مضمار التنافس أو التناحر السياسي – على المجتمع الكردي مستقبلاً بالمشاق والمآسي لا قدر الله، وذلك بغية إحراز الغاية المنشودة والمرجوة.
خلاصة التأويل،.إن الزيادة في عدد الأحزاب التي لا تمثل أي شريحة من الشعب وتكاد لا تمثل إلا أعضاء الحزب أنفسهم ستشكل زيادة في العبء والوبال على حساب الحياة والعيش الآمن، وهذا ما نرمي إليه من وراء هذه الرسالة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يكتسب الخطاب الشعبوي سلطته وسطوته حين يتم استغلاله كأداة لإعادة تشكيل الواقع وفرض رؤية محددة، لتسيدها، بغض النظر عن صحتها أو توافقها مع منطق الواقع. هذا النوع من الخطاب لا يكتفي بتقديم المواقف الخاطئة بوصفها حقائق، بل يتجاوز ذلك إلى تشويه المواقف العقلانية، وتجريم كل من يتبنى رأياً صائباً، في محاولة لترسيخ الوهم وإضعاف كل محاولة للتصحيح. إن…

فرمز حسين ليس سهلاً البقاء في القمة، مقولة سويدية و تعني أن الحفاظ على البقاء في القمة أصعب بكثير من الوصول اليها. هذا المثل ينطبق حرفياً على هيئة تحرير الشام و الفصائل الاسلامية المسلحة الأخرى التي دخلت دمشق منتصرة. الأسد سقط و زمرته بعد ثورة شعبية دامت أكثر من ثلاثة عشر عاماً شارك فيها الأغلبية الساحقة من السوريين مضحّين في…

نظام مير محمدي* لقد أشعل تحرير سوريا الجدل من جديد حول الفرص الضائعة التي أطالت أمد نظام بشار الأسد الوحشي. فقد كشف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في مقابلة أجريت معه مؤخرا أنه في عام 2013، خطط هو والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون لشن ضربة لزعزعة استقرار الأسد بعد استخدامه للأسلحة الكيميائية. ومع…

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…