بروفات كردية على طريق الانتحار الذاتي

دلدار كزالي

ان ما يحدث في قرى منطقة عفرين من صدامات بين الأطراف الكردية يبعث على الاشمئزاز، ويضرب بالتفاؤل بالمستقبل الكردي في سوريا عرض الحائط، ويثبت اننا لا زلنا نعيش بعقلية آبائنا و أجدادنا اللذين تمرسوا في هذا الطريق كثيرا، الى ان أوصلونا الى هذا اليوم الذي نئن فيه تحت وصاية الأجنبي، ونضيع علينا كل فرصة تلوح في الأفق بامكانية خلاصنا من سيطرة الغرباء على مقدراتنا ،هذه الصدامات اللامسؤولة تنبأ بمستقبل قاتم لشعبنا، ولا يخدم قضيته البتة، مهما كانت الأسباب المعلنة لهذا الصراع،
فهو صراع عقيم جربه مرارا وتكرارا آبائنا وآجدادنا، ولم يكتسبوا منه شيئا غير بقائهم عبيدا في مزارع الشعوب المجاورة لنا، وخدم في قصور غلاة العنصريين العرب والاتراك والفرس، وأعلموا ايها الأخوة ان كل من يذكي نار الخلاف الكردي الكردي هو عدو لكم، و لأحزابكم، وللشعب الكردي عامة، أيا كان لون هذا الفريق أو الشخص، وأيا كان لسانه، فهو يخدم الأعداء فقط، و لا يجوز اطلاق صفة التخوين على هذا الطرف أو ذاك، والصاق التهم بهم جزافا من دون أدلة ملموسة، ويجب تقديم هذه الأدلة ان وجدت، الى الشعب الكردي عبر وسائل الاعلام المختلفة، ليكون الشعب الكردي على بينة من أمر أي خائن ، وفي صفوف أي طرف كان ، لأنني على قناعة أنه يوجد في صفوف كل الأحزاب الكردية أشخاصا مندسين باعوا ضمائرهم الى العدو، ويعملون ليل نهار على اذكاء نار الفتنة بين الأحزاب والمجالس الكردية المختلفة ، لأن أعداء الشعب الكردي قد جربوا هذا الطريق عبر التاريخ، لتمزيف صف ووحدة الشعب الكردي كلما لاحت في الأفق فرصة لحصول الشعب الكردي على حقوقه في أي جزء من كردستاننا الحبيبة، ومع الأسف فان ساسة الشعب الكردي كثيرا ما يبلعون ذلك الطعم المسموم، فنلجأ الى قتال بعضنا بعضا، حتى نصل الى درجة الهلاك، ثم يأتي العدو ليجهز على البقية الباقية من شرفائنا، لتصبح كل تضحياتنا هباءا منثورا، ثم نعود لنندب حظنا في هذا الحياة وكل منا يضع اللوم على الآخر بعد اكتشاف أن كل شيئ قد ضاع في خضم معاركنا مع بعضنا ، وصراعنا على المكاسب والنفوذ حتى قبل حصولنا على أي مكسب حقيقي.
وما يدور من صدامات وتخوين لبعضهم في قرى عفرين يمكن أن تمتد الى باقي المناطق الكردية وبكل سهولة اذا لم يتم تطويقها، وقد تصبح حرب داخلية طاحنة كردية كردية لاسمح الله ، وعندها لعلمكم لن يخرج منها أحد الأطراف منتصرا بل الكل سيخسرون والخاسر الأكبر سيكون شعبنا الذي سوف يهجر من مناطقه التاريخية، والبقة الباقية سوف يقتلون بكل رخص، والأعداء ينتظرون هذه الفرصة على أحر من الجمر لأن الاقتتال الداخلي أن حصل سوف يسهل عليه الدخول على الخط ليمد هذا الطرف أو ذاك بالسلاح ليؤجج الصراع الأخوي الذي ليس له معنى أو مبرر اطلاقا.
وهنا أهيب بكل الشرفاء داخل الأحزاب الكردية، لقطع الطريق على هذه الفتنة البغيضة، وكما أهيب بكل الوطنيين المستقلين والكتاب والمثقفين الخروج عن صمتهم، وبذل كل الجهود لتطويق هذه الحوادث، ومحاولة لم شمل الأحزاب الكردية والمجالس المختلفة للجلوس على طاولة الحوار، لنقطف ثمار نضالاتنا عبر السنين معا، لأنه لا يوجد شخص كردي لم يدفع ثمن العبودية التي نحن فيه منذ خمسين سنة خلت، والفرصة الآن ذهبية لانتزاع حقوقنا من مغتصبيها، واعلموا أيها الأخوة ان طريق الصراع الأخوي الدموي لن يؤدي بكم الا الى الانتحار الذاتي، ولن تكسبوا منها شيئا أبدا.

7/6/2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…