لم ينتهِ مفعول “الخطة الأممية” الميتةمنذ بدايتها، رسمياً بقرار من مجلس الأمن الذي حدد فترتها ب90 يوماً، والتي ستنتهي في ال20 من يوليو.
لكنّ المبعوث الأممي العربي كوفي عنان، يحاول إنقاذها بأيّ شكلٍ من الأشكال.
وهو الأمر الذي لا تزال روسيا ترفضه.
اجتماعات الأمس التمهيدية، التي أصرّ فيها الروس على إجراء تعديلات على “خطة عنان” الإنتقالية، خصوصاًتلك النقطة المتعلقة ب”استبعاد الأسد عن أية تسوية سلمية” انتهت دون الوصول إلى أيّ توافق.
ما دفع موسكو إلى التأكيد مجدداً على “رفض أي حل سياسي يفرض على سوريا”.
إيران المستبعدة من هذا الإجتماع أعلنت من جهتها على لسان رئيس إدارة الدول العربية والإفريقية في الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبد اللهيان، بأنه “لا يمكن فرض وصفات من خارج سورية تتضمن حلا عسكرياً أو أمنياً.” وذلك في إشارةٍ واضحة على رفض إيران لأي تدخل عسكري تحت البند السابع.
أما وزير الخارجية البريطاني فقال، أنّ أي اتفاق في جنيف سيعني “التدخل تحت البند السابع”.
وهو الأمر الذي ترفضه روسيا جملةً وتفصيلاً.
وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف شدد في لقائه مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون في ال29 من الشهر الجاري على أهمية “امتناع جميع الأطراف الخارجية محاولات التدخل الخارجي في عملية تحديد مستقبل سوريا”.
روسيا رغم تأكيد لافروف على “وجود فرصة واقعية لتحقيق الإتفاق في مؤتمر جنيف”، إلا أنّ كلّ المؤشرات تقول أنّ روسيا لا تزال مصرّة على تسوية سلمية للأزمة السورية بمشاركة جميع الأطراف، بما فيها الأسد ونظامه.
لافروف قال في اجتماعه مع كلينتون بكلّ وضوح أنّ “على الجميع أن يسعوا إلى أن تجلس كل الأطراف السورية إلى طاولة التفاوض.
وبعد ذلك يجب أن تقرر مدى الفترة الإنتقالية وموعد إجراء الإنتخابات العامة وما إذا كان من الضروري تغيير الدستور”.إذن لا جديد على الموقف الروسي.
ثم لا ننسى أن لقاء “اوباما ـ بوتين” قد فشل فشلاً ذريعاً في إيجاد أيّ مخرج للاستعصاء السوري.
كلّ ما تمّ الإتفاق عليه هو مجرد عناوين عامة مثل “ضرورة وقف العنف” و”البحث عن حلول سلمية بمشاركة كلّ الأطراف” و”منع اندلاع الحرب الأهلية” وما إلى ذلك.
أي حديث عن “اتفاق دولي على تنحية الأسد” لا يزال أمراً خارج تفكير الديبلوماسية الروسية.
هذا ما أكد عليه لافروف أكثر من مرّة بالقول: “أن محاثات من هذا النوع لا تجري ولن تجري”.
فكرة “استبعاد” الأسد من “حكومة الوحدة الوطنية” يعني اسقاط نظامه كله، وهو ما لن تقبله روسيا ولا إيران اللتان تصرّان على ضرورة الإبقاء على البنية الأمنية والعسكرية في سوريا.
وهذا أمر لا يمكن أن تقبله المعارضة السورية، لا سيما تلك الممثلة ب”المجلس الوطني السوري”.
لأنّها أعلنت منذ البداية، بأنها لن تجلس مع “نظام قاتل” إلى طاولة الحوار، وطالبت ولا تزال بإسقاط النظام من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.
المؤتمر رغم أهميته، لا يبشّر بحدوث “تغيير كبير” على مسار الأزمة السورية.
لأنّ أيّ تغيير في هذا المنحى، لا بدّ وأن يسبقه تغيير موازٍ على الموقفين الروسي والصيني، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.
هذا ناهيك عن الموقف الإيراني، الذي لا يزال ثابتاً لم يتزحزح.
إيران ستلعب بالورقة السورية حتى النهاية، لأنها الأدرى بأنّ ضياع سوريا، سيكون فيه الكثير من ضياع إيران وأوراقها الضاغطة في المنطقة.
أما روسيا، فليست مستعدةً أن تكرر ليبيا في سوريا على حدّ وصف بعض مسئوليها.
سيما وأنّ الغرب لم يقدّم لها حتى الآن ما يمكن أن تقايضه بالأسد ونظامه.
ما يهم روسيا هو أن يعوّض لها الغرب ليبيا في سوريا، وهذا ما لم يحصل حتى الآن.
المشهد لايزال يكتنفه الكثير من الغموض، وربما الكثير من المفاجآت أيضاً.
لكنّ الواضح فيه، هو أنّ سوريا أبعد من أن تكون الآن من أية “حلول سلمية” لا مع الأسد ولا بدونه.
أكثر الحلول سلميةً لن تمرّ على سوريا بدون حرب.
والأخطر في في هذه الحرب، هو الحرب الأهلية الطائفية التي ستكون حرباً للجميع ضد الجميع.
أطراف النزاع الدولي والإقليمي ستتفاوض على سوريا، وليس للسوريين إلا دفع الفاتورة، التي ستكون باهظةً جداً.