تقرير حول محاضرة السيد فيصل يوسف في منتدى أوصمان صبري بـ قامشلو

 (ولاتي مه – خاص) بتاريخ يوم الخميس 28/6/2012 ألقى السيد فيصل يوسف الناطق باسم تيار الاصلاح والتغيير في سوريا, محاضرة في منتدى أوصمان صبري الثقافي بمدينة قامشلو,  بعنوان «قراءة في النضال السياسي الكردي في سوريا».

في البداية وبعد الترحيب بالضيوف وشكر ادارة المنتدى على استضافة المحاضرة, نوه السيد فيصل يوسف الى أجواء الحرية التي تجرى فيها هذه المحاضرات بعكس الوضع السابق حين كانت الأجهزة الأمنية تحاصر مثل هذه الاجتماعات وتضايق عليها وتستدعي المشاركين فيها الى الفروع الأمنية للتحقيق, وارجع السيد يوسف الفضل لهذه الحرية الى الثورة السورية , حيث حيا شهدائها الأبرار , واشاد بالحراك الثوري السوري بشكل عام والحراك الشبابي الكوردي بشكل خاص.
وتمنى السيد يوسف من الحضور اعتبار المحاضرة ورقة عمل يتم النقاش حولها .
وهكذا كانت حيث أغنيت بالعديد من المداخلات التي كان يعقب عليها السيد فيصل يوسف كل على حدا وبشكل مباشر.

 
 
وفيما يلي النص الكامل للمحاضرة:

 «قراءة في النضال السياسي الكردي في سوريا»

تقديم: فيصل يوسف
 
تحتفل بعض الأحزاب الكردية في كل عام بالذكرى السنوية لميلاد ” الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا” ويعتبرون تاريخ ميلاده الذي يصادف في 14/6/  1957 كأول تنظيم سياسي كردي في سوريا .وفي الوصف الخطابي ، بالمناسبة ، تتم الإشارة فقط إلى ظروف التأسيس، دون ذكر النضال الكردي في المراحل السابقة لها ،ومنذ نشوء الدولة السورية في أعقاب اتفاقيات سايكس – بيكو والاتفاقيات اللاحقة ،بعدها، بين تركيا وفرنسا ،والتي ألحقت بموجبها المناطق الكردية الثلاث (الجزيرة، كورداخ، كوباني) بسوريا وهكذا ودون تسليط الأضواءعلى النضالات الكردية بشكل متكامل في إطار الدولة السورية الناشئة ، بحيث يتم شطب على مراحل هامة من تاريخ الكرد ونضالا ته في سوريا ، وهو ما دفعني لتناول هذه المسالة كورقةعمل نقاشية نتحاور حولها، الآن، بغية الاستزادة لأن النضال والتنظيم السياسي الكردي في سوريا، بدأ في اللحظة التي رسمت حدود الدولة السورية الناشئة في أعقاب اتفاقية سايكس – بيكو ومن الإجحاف اختزال نضالاته السياسية والتنظيمية بدءاً من تاريخ 14/6/1957 وتشهدعلىذلك الكثرةمن تنظيمات المجتمع المدني الأهلي والمدني في الفترة السابقة لهذاالتاريخ لكن من الإنصاف القول بان التنظيم الشمولي المركزي وماتلاه من انشقاقات وانقسامات قد بدأ  بعدالتاريخ المذكور وهذا مايستوجب وقفةموضوعية لهذه المسألة بغيةبناء التنظيم الديمقراطي الملائم لتطلعات الشعب الكردي وأجياله الشابة  ….
وهنا، لابد من الإشارة ،بأن ما اقصده بالنضال السياسي في سبيل نيل الحقوق القومية الكردية  في سوريا “وفقا لتعريف وفهم للسياسة بأنها فن ممارسة الممكن” هو مختلف الأنشطة والمطالب التي قامت بها فعاليات اجتماعية وثقافية وسياسية في إطار وعيها القومي التي لم تعترف بالحدود التي فصلت بينه وبين أشقائه في الجهة المقابلة من الحدود وهكذا أيضا عامة الناس الذين دأبوا على تسمية جانبي الحدود بــ(سرخت وبنخت) وأبقوا على ارتباطاتهم السابقة على صعيد المجتمع الأهلي أو المدني أو السياسي والتي كانت قائمة في ظل الدولة العثمانية واستمروا في نشاطهم بعد إلحاق مناطقهم بشكل نهائي مع إن النشاط السياسي الذي ساد بين كرد سورية، كان إلى حدّ كبير انعكاساً لما كان يجري في كردستان تركيا ، فقد كان كرد سورية في المرحلة الأولى منذ البداية حتى رسم الحدود الدولية السورية- التركية، والتصديق عليها بعد استقلال سورية عام 1946 جزءاً لا ينفصم من الحركة القومية العاملة في نطاق الدولة العثمانية، ومن أهم المحطات البارزة في تلك المرحلة الثورات الكردية الثلاث في تركيا، التي شكّل الكرد السوريون جزءاً منها، وهي انتفاضة عام 1925 ،بقيادة الشيخ سعيد بيران، وانتفاضة عام 1930 ،بقيادة الجنرال الكردي إحسان نوري باشا، وانتفاضة عام 1937، وقد ترافق مع هذه الثورات والانتفاضات صعود سياسي تنظيمي، وقيام منظمات قومية مثل حركة خويبون (الاستقلال)، التي تشكلت عام 1927 بمبادرة أساسية من الكرد السوريين، لا سيما أولاد الأمير بدر خان، الذين أصدروا صحيفتي “هاوار” أي الصرخة أو النجدة و “روناهي” أي النور باللغة الكردية، وكانت توزّع بين الكرد في سورية والعراق وتركيا.
وخلال الانتداب الفرنسي على سورية، قدّم بعض المثقفين ورؤساء العشائر الكرد في سورية ،وثيقة إلى سلطاتالأنتداب الفرنسي، بمناسبة انعقاد الجمعية التأسيسية السورية في 23/6/1928، تضمنت جملة مطالب منها:
1- استعمال اللغة الكردية مع اللغات الرسمية الأخرى في المناطق الكردية.
2- تدريس اللغة الكردية في المدارس التي تقع ضمن المناطق الكردية.
3- استبدال الموظفين الذين يعملون في المناطق الكردية بموظفين أكراد (والمقصود إحلال الموظفين الكرد محلّ غيرهم).
كما اقترحت المذكرة أيضاً ،فكرة تشكيل قوة عسكرية كردية ،بإدارة فرنسية لحماية الحدود، وتقديم التسهيلات للمزارعين الكرد في الجزيرة وغيرها واستثمار الأراضي زراعياً.

بالموظفين الكرد وفي بداية الثلاثينات تمت المطالبة بالحكم الذاتي وهو مابدا واضحا في وثائق الفرنسيين بعد أن رفع عنها السريةوقد كان التيار الذي يطالب بالحكم الذاتي ، يعتمد أساساً على تحالف بين القوميين الكرد وأغلبية المسيحيين، فضلاً عن القليل من وجهاء العرب.


و كانت السلطات الفرنسية مقتنعة بإمكانية إقامة (إدارة لامركزية) في الجزيرة التي لها من المساحة ما يقارب ضعف دولة لبنان، و هذا الشكل من الحكم كان بالنسبة ،للكرد و المسيحيين ،ضامناً على عدم تعرضهم للاضطهاد الديني و القومي من قبل السلطات التي كانت  تحكم في دمشق،ومن ابرز المطالبين بالحكم الذاتي في حينها المرحوم حاجو أغا حيث أشيرإلى طلبه بالوثائق الفرنسية .
وفي عام 1932 قدم عريضة باسم الأكراد في الجزيرة، مسلمين و مسيحيين، من رؤساء العشائر و رجال الدين و شخصيات اجتماعية بارزة و مخاتير القرى و المدن و التجار، في كل القرى و المدن الكردية، و قد بلغ عددهم قرابة / 100/ المائة شخص، وقعوا على العريضة بالاسم و الختم، و طالبوا فيها السلطات الفرنسية، منح الأكراد حكما ذاتيا  بسبب الاضطهاد والتمييزالعنصري الذي يمارسه الحكام العرب، ضد الأكراد وتكرر هذا المطلب في انتفاضة عام 1937وبشكل أوضح ،حيث أشاروا فيها وبكل وضوح إلى حقهم في اللامركزية  والحكم الذاتي بسبب تعيين بعض العرب في الوظائف المهمة في الجزيرة ،وهنا من المفيد إيراد وثيقة مترجمة من الوثائق التي تعود لعهد الانتداب الفرنسي  في مكاتب الخارجية الفرنسية المرسلة للأمن العام ببيروت في 20 تموز 1937 معلومة  رقم (3542 )من أمن القامشلي (ه-16-7-37): و كان عيد الرابع عشر من تموز (العيد الوطني الفرنسي) ذو طابع احتفالي كاف في القامشلي ، حيث رفع السكان الأعلام الفرنسية على الأسطح و في الخنادق.

بدون أي علم سوري.

و لافتة كبيرة وُضعت بجانب البلدية، و كان يمكن أن يُقرأ عليها: 
“عاشت فرنسا، عاش سكان الجزيرة مسلمين و مسيحيين و يهود و ايزيديين”.

 ومما جاء في الوثيقة نفسها “في الخامس عشر من شهر تموز عام 1937، انعقد اجتماع كبير في القامشلي في منزل قدور بك،وحضرهكلمن: 

– الشيخ ميزر  خليل وممدوح إبراهيم باشا 
– قدري و أكرم جميل باشا 
– حاجو آغا 
– الدكتور نافذ 
– ميشيلدوم 
– الشيخ محمد عبد الرحمن 
و العديد من وجهاء المسلمين و المسيحيين.

وقررمن جديد (الانفصاليون )المطالبة بفصل الجزيرة عن حكومة دمشق و وضعها تحت  الانتداب الفرنسين” وبالمتابعة لبعض الوثائق التاريخية يلمس بان القادة الكرد ومن كان معهم من شخصيات عربية وآشورية، قد استمروا ،بمطالبهم هذه، حتى نهاية عام 1946 وقد كان المطالبون الكرد بمعظمهم من قيادات جمعية خويبون.
وفي عام 1930 قدم حسن حاجو آغا و عارف عباس و جكرخوين طلبا إلى السلطات للسماح لهم بتأسيس، جمعية لمساعدة فقراء الأكرادخاصة الطلاب منهم.

ذكرها قدري بك جميل باشا في مذكراته باسم: ( جفاتاآليكاريابلنكازين كرد ) أي جمعيةمساعدةفقراءالأكرادفيالحسكة .

وقد نشر جلادت بدرخان بك في الصفحة الأولى من العدد الثاني لمجلة هاوار، مقدمة برنامج هذه الجمعية.
وكانت نواد وجمعيات رياضية وثقافية كردية قد تأسست في دمشق ومنطقة الجزيرة، خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين1939  وصدرت عنها صحف ومجلات كردية.

،كذلك فقد تأسستجمعيةالطلبة الاكراد (هيفي) عام 1937 وفرق كردستان الرياضي عام 1939 في دمشق وأنشئ ناد كردي في منطقة عامودا عام 1939، وسمحت الإدارة الفرنسية لأسرة بدرخان بإصدار مجلة أدبية شهرية في بيروت أطلق عليها اسم روزا نو (الشمس الجديدة)، إذ صدر عددها الأول عام( 1943) كما أصدر الدكتور كاميران بدر خان مجلة أسبوعية في دمشق سمّاها “ستير” أي النجمة، خلال الفترة( 1943 – 1945 )وفي بداية الخمسينيات من القرن العشرين تأسست جمعية باسم “جماعة الشباب الكردي” مركزها مدينة القامشلي وجمعيات عديدة في معظم مناطق التواجد الكردي في سوريا وعموم إنحاء سوريا.
لا أريد الخوض في الكثير من التفاصيل التاريخية، للمرحلة التي أعقبت تأسيس الدولة السورية وحتى نهاية الخمسينات لكن الأبرز فيه هو أن الشعب الكردي في سوريا ،لم يتوانى عن النضال السياسي عبر تنظيمات سياسية عديدة ومن أبرزها (جمعية خويبون)  بالإضافة إلى عشرات الهيئات الثقافية والاجتماعية  ،وأيضا بحيوية ملموسة من المجتمع الأهلي وقد تميز النضال الكردي خلال تلك الحقبة بسمات مميزة كان من أبرزها :
1-التنظيمات القومية  التي كانت تشمل كردستان بأجزائه الأربعة لابل في الاتحاد السوفيتي أيضا (جمعية خويبون وحزب تعالي )
2-تحديد المطلب الكردي في سوريا بالحكم الذاتي بشكل واضح وصريح
3-التواصل بين أبناء الشعب الكردي في سوريا عموما ولي الحصر في المناطق الكردية الثلاثة المعروفة
4-العلاقات القوية التي كانت تربط بين القوى الكردية والعربية والآشورية والارمنية والمسيحية عموما وبشكل خاص في الجزيرة
لكن ،وبدءا من أوائل الخمسينات ،فقد تم تأسيس جمعية (وحدة الشباب الديمقراطيين الأكراد) عام  1952لتضم الجماهير الكردية، وتنظم صفوفها، و ترصها، من أجل تحقيق أهدافها القومية.

فكانت أول حركة كردية سياسية جماهيرية في سوريا، نابعة من صفوف الجماهير .
ولكي تتقدم الجمعية ولا تتعثر في بدايتها، ولكي تستقطب الجماهير حولها، وتجاه تساؤلات الرفاق عن المؤسسين والقيادة وعلاقات الجمعية، ادعى المؤسسان (محمد ملا أحمد وعبد العزيزعلي العبدى ) أن الجمعية لها علاقات بالبارتي الديموقراطي الكردستاني في العراق، لما للبارتي في العراق من صيت قومي ووطني بين الجماهير الكردية في سوريا.

وادعيا كذلك بأن النشرات تردهم من العراق، لمواجهة عقلية الجماهير التي تعودت أن ترى الحركات النضالية تبدأ من عند قادة خويبون القدامى، والإقطاعيين وزعماء العشائر
وقد كان من ضمن بنود برنامجها: 
– النضال من أجل تحرير وتوحيد كردستان.


 – النضال من أجل التخلص من سيطرة الاستعمار والرجعية.


 – النضال من أجل الديموقراطية طريقاً إلى حقوقهم القومية.


 – المطالبة بالدراسة باللغة الكردية في مدارس كردية.


 – السماح لهم بفتح جمعيات ونواد ثقافية واجتماعية كردية.


 – دعم حقوق المرأة في المجتمع
وفي عام 1955 تم الإعلان عن جمعية(إحياء الثقافة الكردية) وقامت بطبع عدة كتب منها (ألف باء اللغة الكردية ) باللغة الكردية من تأليف عثمان صبري ومقتطفات من مقررات الحزب الشيوعي العراقي حول القضية الكردية.
وفي عام 1956 تم وضع برنامج البرنامج السياسي لحزب(الأكراد الديمقراطيين السوريين) وانضم إليه لاحقا بعض التنظيمات الأخرى التي كانت تنشط في الساحة حينذاك مثل حزب(آزادي)الذي نشأ نتيجة الخلافات بين عدد من الأعضاء الكرد(محمد فخري- جكرخوين) المنتسبين للحزب الشيوعي آنذاك وبين المسؤولين في الحزب في الجزيرة   .
وقد جاء تأسيس( البارتي) عام 1957 في ظل مناخ قومي فرض نفسه لتأسيس حزب بسمات إيديولوجية تحمل طابعا عدائيا للاستعمار والبرجوازية والإقطاعيةوعدم وضوح في الفصل بين الوطني السوري والكردستاني في سياق انتشار الأفكار اليسارية والنهوض القومي العربي في سورية بعد الحرب العالمية الثانية,حيث بدأبتشكيل أحزاب سورية على أساس  قومي –عروبي بديلاً عن الأحزاب الوطنية السائدة فيالثلاثينيات والاربعنيات / حزب البعث العربي –حزب الاشتراكي العربي – الاتحادالاشتراكي العربي / مع عدم وجود أي مجال لاستقطاب العنصر الكردي ،كما أن الحزبالشيوعي لم يتمكن من الآخذ بالاعتبار الخصوصية الكردية وقد ضم رواد تأسيس هذا الحزب خليطاً غير متجانسفكان هناك العلماني والديني والاشتراكي والإقطاعي والفلاح إضافة إلى عدم قدرة هؤلاءعلى بلورة فكري سياسي واضح وبمطالب سياسية واضحة في سورية إذ كان القسم المؤثر علىالقرار السياسي ذو توجه نضالي باتجاه كردستان والقسم الأخر كان متأثراً بالفكر الماركسي نظراً لعملها في الحزب الشيوعيالسوري أما البقية الأخرى فكانت من جيل الشباب الذين كانت تنقصهم الخبرة السياسية.
وقد وقف الحزب “الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا” أو “الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا” (حسب بعض المؤسسين) إلى جانب الشيوعيين في صراعهم مع عبد الناصر/1958/ ودفعثمناً غالياً حيث تعرض معظم الكوادر النشطة للاعتقال والملاحقة من قبلالأجهزة الأمنية الناصرية والاعتقال لم يكن بسبب الدفاع عن المطالب الكردية بقدراتهامهم بالموالاة للشيوعيين و هكذا وبعد خروج الكوادر الحزبية من السجون لم يتمكنوا من التوافق على رؤية  سياسية موحدة أو تنظيمية وانقسم الحزب على نفسه وتتالت الانقسامات إلى عصرنا هذا.
إن المتتبع للمرحلة التي يؤرخها البعض ببداية أول تنظيم سياسي كردي في عام 1957 وما تلاه من انقسامات  وحتى أواخر 2011 هو حقا بداية بناء (التنظيم الشمولي الأحادي الاقصائي) الذي اتبع المركزية الديمقراطية كمبدأ في  حياته الداخلية  مثل كل الأحزاب الشبيهة التي حكمت البلدان في أوربا الشرقية ومنطقة الشرق الأوسط والتي لم تتمكن من بناء دولها وفق أسس مدنية حضارية وتخلفت شعوبها عن ركب الحضارة في كل المجالات وينطبق ذلك على الحالة الحزبية الكردية السورية التي لم تتمكن من تحقيق ماكانت  تصبو إليه الجماهير الكردية المظلومة من حياة حرة كريمة في إطار سوريا بل استنسخت معظم تلك الأحزاب التجربة الشمولية واستبدت برفاقها ومجتمعها فألغت حق الأقلية بالدفاع عن رأيهاوأقصت المثقفين والمتنورين من صفوفها وحاربت التعددية بدون هوادة أينما وجدت  ولم تساند بناء منظمات مجتمع مدني فاعل في الوسط الكردي بل حاول قادة هذه الأحزاب ربط أية فاعلية بدواتهم فقط .ولم ينفتحوا في الأطر الحزبية على أية ثقافة ديمقراطية حرة لابل إن التنظير الحزبي كان صوب إسباغ المشروعية على النظام القائم بحيث لم يخلو برنامجا سياسيا إلا وتم تضمينها المطالبة بعضوية الجبهة الوطنية الحاكمة وحتى عندما انهارت الأحزاب الشمولية القدوة لأحزابنا بالفكر والتنظيم عندما فشلت في إدارة بلدانها في أوربا الشرقية منذ عام 1990 فان الأحزاب الكردية السورية لم تعتبر منها سوى تكريس هيمنتها وقياداتها غير آبهة بالشروخ التي أحدثتها في المجتمع الكردي والإحباط الذي أصابالأجيال الشابة وما نتج عنه بابتعاد المثقفين والشخصيات الحزبية عن النضال الحزبي.
لن استطرد كثيرا فأننيأؤكدبأنه من الإجحاف اعتبار نهاية الخمسينات بداية لأول( تنظيم سياسي كردي في سوريا )بل جاء هذا التنظيم في مواجهة حالة تعددية مجتمعية كانت فاعلة قبل ذلك تنظيما ومجتمعا أهليا ومدنيا وسياسيا وقد تمكنت من المحافظة على وضع للشعب الكردي في تكويناته الأهلية والثقافية في وضع أشبه بإدارة ذاتية وحالة كيانيه تعاملت القوى الدولية والداخلية معها ككتلة منسجمة معبرة عن الكرد  وهو ما افتقرت إليه المرحلة التالية لبناء الحزب الشمولي الاستبدادي( الإشارةإلىإن البعض من الذين يسمون أنفسهم بالمؤسسين تركوا النضال بعد فترة قصيرة وكيل التهم بحق بعضهم )
الآن، وفي ظل الثورة السورية ،وبعد انعقاد المؤتمر الوطني الكردي بتاريخ 26/10/2011  وفي ظل الثورة السورية ،فان استحقاقات كثيرة تنتظر القوى الحزبية الكردية وفي البداية منها،إسناد الثورة القائمة لأنه ثبت وبالتجربة بان سياسة النظام الشمولي وخلال عشرات السنين الماضية كانت على الضد من حقوق الإنسان والشعب الكردي والأقليات القومية وحقوق المواطنة ولابد السير بالمجلس الوطني الكردي ،وفي ظله ،لبناء اتحادات تنظيمية ديمقراطية مؤسساتية تحترم الرأيوالرأيالآخر .
ولم يعد ثمة أي مجال لذرائعية ،باستدامة الحالة الانقسامية والعمل بالمركزية الديمقراطية التي أثبتت الحياة فشلها وعقمها في المراحل الحالية من عصرنا الراهن ،ومن الأهمية بمكان الإشارةإلىأن جمهورية سورية جديدة هي قيد النشوء حالياً، والكل لم يعد بمستطاعه غض الطرف عن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سورية، ولكن علينا أن لانستسهل المرحلة القادمة فهي لاشك ستكون حافلة بالصراعات والتنافسات ،وأن الضمانة الوحيدة  لتحقيق مايطمح إليه الكرد هو وحدة الصف الكردي وتعزيز العلاقات الوطنية والإصرار على شراكته في حل مجمل القضايا الوطنية وليست الحالة الكردية فحسب.
ختاماً ، فإنني استميحكم العذر،إن أطلت عليكم، وأرجو أن تعتبروا ورقتي هذه حلقة نقاشية ،الآن وفي المستقبل، لنتمكن سوية من السير نحو المستقبل برؤى مبنية على المزيد من التصورات والآراء  والتي من شانها تعميم الفائدة للجميع.

المراجع
:

–  محمد ملا أحمد (صفحات من تاريخ حركة  التحرر الوطني الكردية في سوريا)
– محمد ملا أحمد (خويبون)
– محمد ملا أحمد (حياة المناضل عثمان صبري)
– حياتي الكردية (مذكرات نور الدين ظاظا)
– مذكرات عثمان صبري
–  عبد الحميد درويش (أضواء على الحركة الكردية في سوريا)
–  بعض الوثائق التي نشرها وترجمها الباحث الكردي خالد عيسى (من أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…