مصدر الظاهرة الغريبة والمسيئة هذه جماعة لاتتمتع بجذور عميقة وأصيلة في حركتنا الوطنية الكردية بغرب كردستان بل وفدت الينا بغفلة عن الزمن منذ اليوم الأول لوصول السيد عبد الله أوجلان سوريا في الثمانينات (تاريخ حركتنا يبدأ بالعشرينات) وتقربه من نظام حافظ الأسد الذي كان منشغلا بتطبيق الحزام العربي وتكريس الاضطهاد القومي بأقسى الأساليب والممارسات العنصرية والبحث عن سبل تقويض الفدرالية الوليدة في كردستان العراق عبر اللقاءات الاقليمية في انقرة وطهران ودمشق ونجح نظام الاسد في جر – ب ك ك – في مساعي تصفية مكاسب كرد العراق بالأعمال العسكرية المعروفة وتحت عنوان ” تحقيق الفيدرالية الديموقراطية الثورية ” وهكذا نجد أن – ب ك ك – نما في البيئة الأسدية وفي أوج صعودها العنصري – الطائفي المعادي للكرد والقضية الكردية وتكرست اقامة الزائر الجديد الذي طرح نفسه علويا عبر عرابه شقيق الرئيس الراحل جميل الأسد الذي غيبه الموت وارثا خمسة مليارات دولار وللأمانة نقول أن السيد أوجلان لم يدعي يوما أنه هرع الينا منقذا لتحرير غرب كردستان بل دعا شعبنا للهجرة الى الشمال نافيا مسلمة وجود الجزء الغربي طوال سنوات اقامته في سوريا بل انطلق منه من أجل الشمال وبرنامج حزبه مازال مقتصرا على ذلك الجزء ولست هنا في مجال تقييم تاريخ حزبه العام بل متناولا الجانب الذي يعني شعبي في الجزء الغربي وهو واجب علي وحق .
ظهر– ب ك ك – للمرة الأولى واستقر في ساحتنا لحاجة سورية رسمية وغاب بطرد زعيمة لمصلحة سورية وعاد مرة أخرى بعد اندلاع الثورة الوطنية وبأسماء ومسميات مستحدثة لمقتضيات أمنية سورية ومهما قيل وكتب وأعلن فمن الثابت والمسلم به أن العودة الأخيرة استندت الى تفاهمات لايخطئها المنطق السياسي تلبي حاجة نظام الأسد أولا وقد تعبر عن مصلحة آنية حزبية ذاتية ضيقة للطرف الآخر الأضعف تتنافى مع المصالح القومية والوطنية للغالبية العظمى من كرد سوريا التي لاتختلف عن مصالح السوريين عموما المراهنة على نجاح ثورتهم وتحقيق أهدافها وبهذه الحالة تكون مصلحة – ب ك ك – القطرية – المحلية هي الغالبة ولها الأولوية على حساب المصالح القومية المصيرية لأكثر من ثلاثة ملايين كردي سوري ان مسألة عودة – ب ك ك – مجددا الى جوار نظام الأسد لها أساس سياسي وتستند الى سابقة تاريخية تمت على أيدي القيادات ذاتها والشخوص أنفسهم في الجانبين ويعيد التاريخ نفسه في الكثير من المراحل بغض النظر عن تغيير المسميات .
أية مصارحة ؟ أية مصالحة ؟
حسب ظني لن يترقب شعبنا بفارغ الصبر ماتؤول اليه المحادثات بين مسميات – ب ك ك – وبين – مجلس الأحزاب – ليس لأنه لاينشد السلام والوئام والوفاق أو لايرفض العنف ونهج الغاء الآخر المختلف بل لأسباب أخرى ومنها :
1 – أن الطرفين لايمثلان أهداف وطموحات ومصالح غالبية الشعب الكردي وليسا مخولين بتقرير مصيره وتبديل أو تعديل موقعه في القضية السورية حيث بات جزءا من الثورة وشريكا في مرحلتي الثورة واعادة البناء .
2 – أن المسافة بين غالبية مكونات الطرفين قد تكون ضيقة بخصوص تفاصيل الموقف السياسي من الثورة والنظام والمطالب القومية والوطنية وليس مطلوبا اتخاذ الموقف من هذا وذاك بقدر ماهو مطلوب من التزام بمصلحة الشعب الكردي وجماهيره وفقرائه في الريف والمدن بمراعاة عيشه الكريم الآمن وسلامة علاقات التعايش المجتمعي واحترام طموحاته في الخلاص من الاستبداد عبر الثورة والحراك .
3 – معركة كرد سوريا الرئيسية في المرحلة الراهنة ليست حزبية ولافئوية ولا هو الصراع على من يسيطر بقوة السلاح على أزقة وزواريب عفرين وكوباني والقامشلي بل هي معركة وطنية سياسية لاتقبل القسمة على نفوذ الأحزاب والجماعات ولاتستقيم مع محاولات تجري بالجوار لتجييرها واستثمارها لمصالح خاصة انها معركة المصير الكردي في ظروف الثورة الوطنية وكل شيء من أجل انتصارها .
4 – أي تدخل أو وساطة أو سعي للخير من جانب الأشقاء مرحب به على أمل أن يكون في خدمة الهدف الأساسي : اسقاط نظام الاستبداد وتفكيك سلطة الاستبداد واعادة بناء الدولة الديموقراطية التعددية وتحقيق السلم الأهلي وذلك عبر الانخراط بالثورة وبالتعاون الكردي مع قوى الحراك الثوري بالداخل وخاصة الثوار والجيش السوري الحر .