في البداية أراد النظام اقناع نفسه والآخرين أن شرعيته الشعبية هي ورقته الأقوى وأن السوريين يلتفون حوله وبعد ستة عشر شهرا ظهر للعالم أجمع أن الغالبية الساحقة اما ضمن صفوف الثورة أو معارضة كما أراد تضليل الرأي العام بأن الجيش متماسك ويحميه الى أن تبين عكس ذلك عندما انشق عشرات الآلاف من الضباط والجنود وقوى الشرطة والأمن وهم الآن يشكلون الذراع الضاربة المدافعة عن الثورة والشعب في جميع الأراضي السورية ثم انتقل الى التبجح في الشهور الأولى بالدعم العربي ومالبث أن أصيب بالعزلة الخانقة عربيا ان كان على صعيد جامعة الدول العربية أو العلاقات الثنائية وتحولت علاقاته مع تركيا التي شهدت تقاربا ملحوظا منذ اتفاقية – أضنة – الأمنية والتنازل لها رسميا ونهائيا عن لواء الاسكندرون الى حالة من العداء المستحكم مما حرمه من مزايا العلاقة الاقتصادية منها والأمنية والسياسية مع دولة جارة يشترك معها بحدود طويلة تناهز التسعمائة كيلو متر وفي ورقة – الممانعة والقضية الفلسطينية – التي كانت أكثرها بريقا لخداع الرأي العام العربي فقد النظام حركة – حماس – التي هجر قادتها دمشق من دون رجعة بل تحولت المخيمات الفلسطينية في دمشق ومدن أخرى الى مواقع مناصرة للثورة السورية ومساهمة في ردع قوات النظام وشبيحته واذاكانت ورقة ايران وتوابعها اللبنانية المذهبية مازالت في الحسبان فلاشك أنها تخضع بالنهاية لمصالح نظام ايران كدولة لها حساباتها الاقليمية والدولية ولن تكون مضمونة الى الأبد والورقة الروسية من أكثرها تعرضا للاحتراق اذا علمنا أنها تتعلق أساسا بمصالحها مع الدول الغربية القابلة للمساومة في كل لحظة الى جانب ذلك هناك – قصاصات ورق – وليست أوراق كاملة الشروط تتعلق بأحزاب ومنظمات محلية أو بالجوار ( للأسف بينها كردية ) فهي بالكاد تطرح في الحسابات الدولية لأنها بمثابة جزئيات تابعة لاحدى الأوراق الرئيسية تتبخر تلقائيا بنفاذ مفعول الأخيرة .
حتى الآن يستقتل النظام من أجل ايهام الطائفة العلوية الكريمة بأن استمراريته هي الضمانة الوحيدة لسلامتها وعن طريق قطعاته العسكرية الموالية وشبيحته طبق خططا ونفذ عمليات خاصة في مناطق حساسة معينة من أجل ترهيب أبناء الطائفة ولجوئهم الى حضنه وبالتالي استثمار الورقة المذهبية البغيضة ولكنه لم يفلح بسبب يقظتهم وتعلقهم بالمصير الوطني ووقوفهم الى جانب الثورة على طريق اسقاط النظام واعادة بناء الدولة الجديدة لكافة السوريين بمختلف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم .
كما يظهر لم يبق في جعبة النظام سوى التلويح بورقة السلاح الكيماوي وأسلحة الدمار الشامل حيث اعترف الناطق باسم خارجية الأسد وللمرة الأولى بامتلاك النظام للسلاح الكيماوي والجرثومي المحظور دوليا تماما كما فعله المقبور صدام حسين عندما كان نظامه يتهاوى بابراز قطعة من أسلحة الدمار الشامل في مؤتمره الصحافي ببغداد قبل السقوط علما أن هذه الأنواع من الأسلحة ورغم اشكالياتها الأخلاقية والقانونية تستخدم لدواعي الدفاع عن السيادة والاستقلال أما بالنسبة لنظامي البعث في العراق وسوريا فانها توظف لابادة شعبي البلدين كما حصل في حلبجة لذلك لم أجد مبررا لقلق اسرائيل لأنها كانت دوما بمأمن من نظم الممانعة البعثية القومجية بل كان نوعا من النفاق الرخيص .
وفي سياق متصل وقبل سقوط النظام العراقي بفترة قصيرة توجه – علي حسن المجيد – الملقب بالكيماوي نسبة الى صلته باستخدام السلاح الكيماوي في حلبجة وراح ضحيته خمسة آلاف شهيد بموكب من الشاحنات والسيارات المختلفة الأحجام الى سوريا عبر بوابة – ربيعة – صوب القامشلي ومنها الى دمشق وبحسب المعلومات التي استقيت حينها فقد كانت غالبية الحمولة من أسلحة الدمار الشامل ( الكيماوي والجرثومي ) وقيل أنها منحت بأكثريتها لنظام الأسد وقسما منها لحزب الله حيث استكمل – المجيد – رحلته باتجاه بيروت حينذاك .
أغلب الظن أن الورقة الأخيرة هذه لن تجدي نفعا مثل سابقاتها وقد تم التلويح بها ليس من أجل حماية الأسد وعائلته لأن هناك عروضا عربية وأجنبية سخية لرحيله وانتقاله بأمان الى خارج البلاد بل من اجل التفاوض والمساومة في سبيل الحفاظ على النظام القائم بكل مؤسساته ومسؤوليه ووجوهه وممثليه الأمنيين والحزبيين والعسكريين مابعد رحيل رأسه وقطع الطريق على عملية تفكيك سلطة الاستبداد والاجرام وتقديم المجرمين الى العدالة كما عاهدت به الثورة السورية وفاء لأهدافها ولدماء شهدائها ومن المتوقع أن يتم تسويق ذلك من جانب النظام وتحقيقه عبر أطراف دولية ثالثة وضمانات مثل استقدام قوات الفصل أو الردع أو ماشابه ذلك لتحقيق ضمان استمرارية النظام بعد اجراء ترقيعات شكلية ولكن الشعب السوري سيرفض ذلك ويقاومه عبر حراكه الثوري وجيشه الحر في داخل الوطن على وجه الخصوص .