عرب الجزيرة و موقفهم من الثورة السورية

عماد يوسف

عندما بدأت الثورة السورية كان الكرد في طليعة الحراك الثوري المناهض لنظام الاستبداد الشوفيني العروبي الدكتاتوري و في طليعة من ندد بممارسات النظام الوحشية و عبر عن نصرته للأشقاء العرب في درعا و حمص و حماه و مختلف المدن السورية في الوقت الذي كان يعمل النظام و شبيحته على تسليح عرب الجزيرة و تخويفهم من الأكراد على أنهم انفصاليون و إذا ما حدث و سقط النظام فإنهم سيقومون بإبادتكم ….

إلى غير ذلك من التهم التي خدعت بها الكثير من القبائل العربية التي تجمعها مع الكرد علاقة الجوار و المصاهرة و السلم الاجتماعي ..
و كان الحراك العربي المناهض للنظام في المناطق ذات الأغلبية الكردية ضعيفاً جدا ً بل و مخزيا ً في الكثير من المناطق و مشاركتهم الاحتجاجية لم تتعدى أصابع اليد و بقيت في معظمها مواقف فردية لا جماعية , بل وصل الأمر بالكثير منهم إلى نيابة النظام في قمع المظاهرات و الهجوم عليها كما حدث في كركي لكي و تربه سبي و جل آغا و لا زالت تلك القبائل على موقفها المؤيد للنظام رغم كل المجازر التي ارتكبها بحق أشقائهم العرب و أخوتهم في الدين و العقيدة و قصفه لبيوتهم و تدميره لمدنهم في حلب و حماه و حمص و درعا و دمشق , بالرغم من كل تلك المجازر ما زالوا مصرين على نظرتهم الشوفينية ضد الكرد و كأن الصراع كردي عربي و ليست ثورة ضد الاستبداد و الطغيان غير آبهين بالحراك الثوري و لا بدماء الشهداء و عذابات المعتقلين و المهجرين و اللاجئين …
و قد غدا جليا ً مساندتهم للنظام في مسرحية انتخابات مجلس الشعب الأخيرة و التي شهدت إقبالا ً كبيرا ً من عرب الحسكة ترشيحا ً و تصويتا ً , فكانت الشوارع ملآى بصور و لافتات مرشحي شيوخ القبائل العربية معبرين عن تأييدهم لنهج النظام القمعي الدكتاتوري من جهة , و استفزازا ً للأكراد الذين رفضوا هذه الانتخابات جملة و تفصيلاً في ظل نظام الأسد من جهة أخرى …
و للأمانة يجب أن نذكر أن بعض القبائل سجلت مواقف وطنية مشرفة تارة و متذبذبة تارة أخرى حين انضمت بثقلها في الحراك الثوري كالزبيدة و الشمر و الشرابين و كثيراً ما كانت تنسق مع الجانب الكردي للتظاهر معاً تنديداً بممارسات النظام الوحشية , إلا أن حراكها في الشارع كان يعتريه بعض التذبذب بين المشاركة و عدمها نتيجة مواقفهم من القضية الكردية و عدم استيعابهم للخصوصية الكردية , و في الوقت الذي ظل فيه الكرد متمثلاً بالمجلس الوطني الكردي متمسكين بالخيار السلمي حتى اسقاط النظام بدأنا نرى بوادر تسلح ٍ يظهر لدى العرب دون التنسيق أو التشاور مع الكرد و هم المشاركين معهم في الثورة و المجتمع و الجغرافية المناطقية و لهم ما لهم و عليهم ما عليهم , لأن أي هجوم ٍ من قبل النظام على أحد منهم ستكون عاقبتها على الجميع على حد ٍ سواء و لا بد من التنسيق فيما بينهم في مثل هذه الامور المصيرية حتى لا تكون النتائج وخيمة كما حدث في الهجوم الذي شنته قوات النظام على قرية (خراب باجار) الظاهرية جنوب ناحية جل آغا و الذي سبب أزمة ً و توترا ً في المنطقة برمتها ليس بين النظام و قبيلة الزبيدة سكان القرية فحسب بل بين القبائل العربية نفسها  المؤيدة منها و المعارضة , و بدأنا نشهد صراع تسلح فيما بينهم ستأتي نتائجها كارثية على المنطقة إن استمرت الامور على هذا النحو ….
و على الأخوة العرب التنبه إلى الخطر المحدق بهم و عدم الانجرار إلى الأطراف التي تحاول التلاعب بمصيرهم في المنطقة الكردية , فهناك من يحاول جرهم إلى حروب و صراعات جانبية من شأنها تفتيت البنية الاجتماعية و تحوير الثورة عن أهدافها الحقيقية في منطقتنا
و أخيرا ً أعيد هنا على مسامعكم قول الشاعر ابراهيم اليازجي :
تنبهوا و استفيقوا أيها العرب فقد              طمى الخطب حتى غاصت الركب
الله أكبر ما هذا المنام فقد                    شكاكم المهد و اشتاقتكم الترب
ألفتم الهون حتى صار عندكم طبعاً           و بعض طباع المرء مكتسب
و فارقتكم لطول الذل نخوتكم                فليس يؤلمكم خسف و لا عطب
====================
emad-usef@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…