حدث ما كنا نخشاه !

زيور العمر

بصرف النظر عن الجهة المسؤولة عن ما حدث في حي الأشرفية في حلب، فإنه حدث مؤلم و مؤسف و خطير للغاية، كنا نخشى منه، منذ بداية الأحداث في سوريا، من جهة أن  الصدام و الإقتتال بين أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي ( ب ي د ) و لجانه للحماية الشعبية و بعض كتائب الجيش الحر في حلب، أو في أي مكان أخر، لن يستفيد منه إلا النظام السوري، و بعض الأوساط العنصرية في الداخل و الخارج، أما و أن ما كان محظورا قد حدث، و أسفر عن سقوط ضحايا أبرياء من قتلى و جرحى، و تعرض المدنيين من الجانبين الى الإختطاف، فإن ذلك يعني، أن الاوضاع في سوريا تسير الى الهاوية أكثر.
ملابسات ما جرى ما يزال مجهولا.

وسائل الإعلام أكدت، أن مجموعات تابعة للجيش السوري الحر، حاولت السيطرة على الأشرفية، و الاستيلاء على فرع الأمن الجنائي في الحي، و هو الأمر الذي حاول النظام منعه، فعمد الى قصف الحي ، و مواقع تمركز تلك المجموعات، مما أدى الى سقوط أعداد من الجرحى و القتلى بين المواطنين، أغلبهم كانوا من الكرد، و بحسب تقارير، أكدتها أوساط إعلامية تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي نفسه، فإن كتائب الجيش الحر، و بعد الاتفاق مع قوات الحماية الشعبية التابعة للحزب، قامت بالانسحاب  من الحي.

و لكن من مجريات الأحداث، يبدو  أن قوات الحماية الشعبية  نظمت في اليوم التالي ، أي اول أيام الهدنة، تظاهرة إحتجاجا على دخول المجموعات المسلحة الى الأحياء الكردية، الأمر الذي آثار غضب عناصر الجيش الحر، التي يبدو أنها لم تكن قد خرجت من الحي بشكل كامل، ففتحت نيران أسلحتها على المتظاهرين، بعد أن قام المتظاهرون بترديد شعارات منددة بالجيش السوري الحر.
و مع ذلك، و بعد أن تأكد الصدام ، و حدث المحظور، بات من الضروري، الوقوف بجدية أمام خطورة ما حدث، و قراءته بالشكل الصحيح، بغية أخذ العبر و الدروس منه، و إلا فإن إستمرار الفهم الخاطئ للقضية السورية في ظل المعطيات التي إستند إليها القوى السياسية الكردية في سوريا، بدون إستثناء، سيفسح المجال للمزيد من التوتر و التصعيد مع المعارضة السورية.

فما حدث في الأشرفية هو مجرد بداية لأحداث و مجريات أخطر، إن لم يتم تداركها في الوقت المناسب، و بالقراءة الموضوعية و العاقلة.


و لعل من بين  الدروس التي يجب إستخلاصها، هو أن أحياء الأشرفية و شيخ مقصود و بستان باشا، وإن كان الكرد يشكلون فيها الأغلبية،  ليست مناطق كردية، حتى نمنعها عن هذا الطرف أو ذاك، و كان علينا أن ننظر إلى خطورة الوضع في حلب بجدية أكثر، بعد أن أضحت ساحة حرب، يستخدم فيها قوات النظام و المعارضة كل أسلحتهم و عتادهم من أجل الانتصار فيها، و بالتالي لا يمكن نأي أي منطقة أو حي أو حتى شارع فيها عن الحرب الدائرة.

فضلا عن أن الدخول في مواجهات و صراعات مع المعارضة السورية، و خاصة المسلحة منها، موقف غير حكيم، أي كان الذي يتخذه، من جهة أن خارطة الصراع الدائر لا تنقسم إلا على إثنين، إما أن تكون مع إسقاط النظام القائم ، و تكون جزءا من مساعي و محاولات تحقيق هذا الهدف، الذي قدم من أجله الشعب السوري، الى حد الآن، عشرات الآلاف من القتلى و الجرحى، و مئات الآلاف من المعتقلين و المفقودين، و ملايين من المشردين في الأرض، في داخل سوريا و خارجها، أو أن تقف الى جانب النظام، و عندها لن ينفع و لا تبرر هذا الموقف، إلصاق كل شياطين الأرض و السماء بالمعارضة، تارة بذريعة أنها جهادية، سلفية، عرعورية و قاعدية، ليس لها هدف، بعد إسقاط النظام،  سوى إبادة الكرد، و محوهم من على وجه الأرض !، و تارة أخرى بحجة إرتباطها بآل أردوغان و آل سعود و  آل حمد و غيرهم .
يا إخوان، الثورة السورية، ثورة نبيلة، و عادلة، و مشروعة، طالما أن هدفها الرئيسي أسقاط أكثر الأنظمة شمولية و دكتاتورية و إجراما في المنطقة، زد على ذلك أنه، أي النظام السوري، لم يترك أي مرسوم أو قرار أو مشروع ، عنصري، تمييزي و إجرامي ، لم ينفذه بحق شعبنا، لذلك، من مصلحتنا، و مصلحة أبناءنا، و أبناء أبناءنا، أن تنجح هذه الثورة، حتى تتحقق مطالب الشعب السوري في التغيير.

و عليه، لا يحق لأي كان، أحزابا أو أفرادا، أن يرمينا في مواجهة قاتلة و كارثية مع مكوناتها و أطيافها.


ما حدث، كان بلا شك، حدثا مؤسفا، و لكنه ليس نهاية العالم، بشرط أن نحرص على عدم تكراره ، و نحاول تطويق نتائجه و تداعياته، بأسرع وقت ممكن، حتى لا تتكرر في المستقبل، و إلا خسرنا جميعا، نحن الكرد، و الجيش الحر، و الثورة السورية نفسها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…