وأن ما بين الشعبين العربي والكردي من شراكة تاريخية تبعث على الاطمئنان، وعدّ الضحايا الست عشرة الذين سقطوا بين الطرفين مجرّد قربان و «أضحية العيد» وينبغي وأد الفتنة.
فحسب التصريحات الإعلامية ان كلاً من الجيش الحر وعناصر حزب العمال الكردستاني قد اتفقا بأن يعرف كل واحد حدّه، فماذا بدر حتى تم استدراجهما إلى فخ التصادم الدموي؟ والمشكلة أن كلا الطرفين يدّعيان أن الآخر هو الذي اعتدى، وهو كان البادئ، فالحر يقول إن مظاهرة الأشرفية كانت أساساً للتنديد بوجود الجيش الحر، في حين تقول مصادر الكردستاني إن المظاهرة كانت سلمية، ففتح الحر النار على المتظاهرين السلميين، لكن وكأن المتظاهرين قرؤوا شيئاً ما، وشعروا بأنهم ربما يُهاجَمون، فبدا من بينهم مسلّحون أبدوا استعداداً للتصدي.
في هذه المعمعة الكل أخطأ والأكلاف باهظة، خاصة أن عدداً كبيراً من أهل حلب هم من الكرد، وأي لعب على موضوع السلم الأهلي وتحريك ورقة الاحتراب الكردي العربي خطير جداً وعلى الجميع.
العقيد مالك الكردي، وضع اللوم على الوشاة من كتيبة صلاح الدين الأيوبي، وأصدرت الكتيبة في اليوم الثاني بياناً قالت فيه إن كل ما صرح به الكردي عار عن الصحة، وإنها لم تروّج بين عناصر” الجيش الحر” على ضرورة إنهاء سيطرة عناصر حزب العمال الكردستاني على الحي، “وكل ما تحدث به مالك الكردي ضد الكتيبة هو من منطلق علاقته الطيبة مع الـ PYD
بالمقابل مازال بعض القوى الإسلامية – المحسوبة على الثورة- ذات الطابع المتطرف العنفي تصدر فرمانات الإيمان والكفر بحق بعض القرى الإيزدية في ريف عفرين دون أن تحرك المؤسسة الكردية ساكناً ممثلة بالمجلس الوطني الكردي أو القيادة المشتركة العليا، ولم نلمح تأثيرهما الفعلي على الأرض، وحتى من دون أن يعلم المجلس الوطني السوري « الممثل السياسي للجيش السوري الحر»”!!!” لا بهذه الأحداث ولا بحادث الأشرفية أصلاً.
بمقابل ذلك، عدّ هجوم عناصر تابعة لحزب ال ب ي د لمكاتب الأحزاب الكردية في كوباني وعفرين سلوكاً عنفياً لا مبرر له، بل ضرباً في الصميم لاتفاق هولير الذي رعاه رئيس إقليم كردستان، وذلك بحجة أن الجيش الحر يرفع علم الاستقلال، وتحت هذا العلم تم قتل رفاق وعناصر لهم، وهذا ما ادى إلى ازدياد التوتر بين صفوف مناصري أحزاب المجلس الوطني الكردي حين تعرضت مكاتبها للهجوم، وأنزلت أعلام الاستقلال عليها، ومُزّقت هذه الإعلام، وسرعان ما اتخذت الأحزاب المُهاجَمة الحيطة القصوى وفي اليوم الثاني أعادوا رفع أعلام الاستقلال على مكاتبها في تحد واضح لحزب ال ب ي د ..
الموضوع الأخطر كان اختطاف أشخاص من الطرفين دون وجه قانوني، ولا إنساني، الأعداد بالمئات، والوعود بالإفراج عنهم لم تُكَلل بالنجاح
لقد تبيّن بشكل واضح من خلال أحداث الأشرفية أن الاحتقان العام موجود وقابل للتفجير بأية لحظة، شرارة صغيرة كافية لحرق كل ما بنيناه خلال عقود طويلة خلت، والأكثر مرارة هشاشة الاتفاقات التي تتم بين المؤسسة السياسية الكردية في أجواء احتفالية كرنفالية، ترفع فيها أنخاب الوئام والاتفاق في الجلسة عينها وما تلبث، أن يُداس عليها من هذا الطرف أو ذاك.
الخوف الكبير أن تعاد الكرّة من جديد، وهنا سيكون عسيراً تطويقُ الأزمة، لأن المستفيد الوحيد ينتظر” هذه اللحظة التاريخية” لا قدّر الله.