دروس الأشرفية

عمر كوجري

في اليوتيوب المنشور على مواقع الانترنت، يظهر قيادي من الجيش الحر، يدلي بتصريحات تطمينية حيال ما حصل في أحداث الأشرفية في حلب، ويعتبر الموضوع حادثة عرضية غير هامة.
 وأن ما بين الشعبين العربي والكردي من شراكة تاريخية تبعث على الاطمئنان، وعدّ الضحايا الست عشرة الذين سقطوا بين الطرفين مجرّد قربان و «أضحية العيد» وينبغي وأد الفتنة.

لم تشفع ذلك الشخص قوله في الأخير جملة بالكردية  « bixwede ez ji kurmanca hez dikim» والله أنا أحب الكرد!!
 ما حدث كان شيئاً غريباً، وبالتالي مستهجناً وخطراً على مسار الثورة من جهة، وتهديداً حقيقياً للسلم الأهلي الذي ننشده جميعاً بين العرب والكرد.

فحسب التصريحات الإعلامية ان كلاً من الجيش الحر وعناصر حزب العمال الكردستاني قد اتفقا بأن يعرف كل واحد حدّه، فماذا بدر حتى تم استدراجهما إلى فخ التصادم الدموي؟ والمشكلة أن كلا الطرفين يدّعيان أن الآخر هو الذي اعتدى، وهو كان البادئ، فالحر يقول إن مظاهرة الأشرفية كانت أساساً للتنديد بوجود الجيش الحر، في حين تقول مصادر الكردستاني إن المظاهرة كانت سلمية، ففتح الحر النار على المتظاهرين السلميين، لكن وكأن المتظاهرين قرؤوا شيئاً ما، وشعروا بأنهم ربما يُهاجَمون، فبدا من بينهم مسلّحون أبدوا استعداداً للتصدي.

في هذه المعمعة الكل أخطأ والأكلاف باهظة، خاصة أن عدداً كبيراً من أهل حلب هم من الكرد، وأي لعب على موضوع السلم الأهلي وتحريك ورقة الاحتراب الكردي العربي خطير جداً وعلى الجميع.
 العقيد مالك الكردي، وضع اللوم على الوشاة من كتيبة صلاح الدين الأيوبي، وأصدرت الكتيبة في اليوم الثاني بياناً قالت فيه إن كل ما صرح به الكردي عار عن الصحة، وإنها لم تروّج بين عناصر” الجيش الحر” على ضرورة إنهاء سيطرة عناصر حزب العمال الكردستاني على الحي، “وكل ما تحدث به مالك الكردي ضد الكتيبة هو من منطلق علاقته الطيبة مع الـ PYD
بالمقابل مازال بعض القوى الإسلامية – المحسوبة على الثورة- ذات الطابع المتطرف العنفي تصدر فرمانات الإيمان والكفر بحق بعض القرى الإيزدية في ريف عفرين دون أن تحرك المؤسسة الكردية ساكناً ممثلة بالمجلس الوطني الكردي أو القيادة المشتركة العليا، ولم نلمح تأثيرهما الفعلي على الأرض، وحتى من دون أن يعلم المجلس الوطني السوري « الممثل السياسي للجيش السوري الحر»”!!!” لا بهذه الأحداث ولا بحادث الأشرفية أصلاً.
بمقابل ذلك، عدّ هجوم عناصر تابعة لحزب ال ب ي د لمكاتب الأحزاب الكردية في كوباني وعفرين سلوكاً عنفياً لا مبرر له، بل ضرباً في الصميم لاتفاق هولير الذي رعاه رئيس إقليم كردستان، وذلك بحجة أن الجيش الحر يرفع علم الاستقلال، وتحت هذا العلم تم قتل رفاق وعناصر لهم، وهذا ما ادى إلى ازدياد التوتر بين صفوف مناصري أحزاب المجلس الوطني الكردي حين تعرضت مكاتبها للهجوم، وأنزلت أعلام الاستقلال عليها، ومُزّقت هذه الإعلام، وسرعان ما اتخذت الأحزاب المُهاجَمة الحيطة القصوى وفي اليوم الثاني أعادوا رفع أعلام الاستقلال على مكاتبها في تحد واضح لحزب ال ب ي د ..
الموضوع الأخطر كان اختطاف أشخاص من الطرفين دون وجه قانوني، ولا إنساني، الأعداد بالمئات، والوعود بالإفراج عنهم لم تُكَلل بالنجاح
لقد تبيّن بشكل واضح من خلال أحداث الأشرفية أن الاحتقان العام موجود وقابل للتفجير بأية لحظة، شرارة صغيرة كافية لحرق كل ما بنيناه خلال عقود طويلة خلت، والأكثر مرارة هشاشة الاتفاقات التي تتم بين المؤسسة السياسية الكردية في أجواء احتفالية كرنفالية، ترفع فيها أنخاب الوئام والاتفاق في الجلسة عينها وما تلبث، أن يُداس عليها من هذا الطرف أو ذاك.
الخوف الكبير أن تعاد الكرّة من جديد، وهنا سيكون عسيراً تطويقُ الأزمة، لأن المستفيد الوحيد ينتظر” هذه اللحظة التاريخية” لا قدّر الله.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…