بيانات أحزابنا على الورق

 نوفين مرعي

اصدر المجلسين الموقرين اليوم بياناً على الورق يستنكران فيه الوضع الذي حصل في سري كانييه وكأن المجلسين من دولة أجنبية تعلنان عن تعاطفهما مع شعب يتعرض لكوارث طبيعية ولا يمت القتل والدمار والتهجير التي تجري في هذه المدينة بأي صلة بهذين المجلسين بل وكأنهما لم تكونا موجودتان على هذه الساحة وكانتا غائبتين ومنفصلتين عن الواقع السوري الملتهب وما يجري على هذا الواقع من قتل وتدمير وخراب من قبل النظام ولا يعلمان بأن شتى الاحتمالات ستكون مفتوحة في المنطقة الكردية وبأن قذائف النظام وبراميله المتفجرة لن تميز بين مكونات الشعب السوري فمن المؤسف بأنهم لم يتمكنوا بالرغم من مرور أكثر من عام ونصف على أندلاع الثورة السورية من تقدير أي حساب لهذا الوضع ولم يتمكنوا من وضع أي خطة مستقبلية تقي الشعب الكردي من مثل هذه المصائب.
ففي العادة وخاصة في وقت الأزمات تجتمع القوى التي تقع على عاتقها المسؤولية تجتمع وتبدأ بدراسة الواقع بشكل موضوعي وتقوم بتشكيل لجان مختصة تقوم بدراسة الحالة السائدة لمعرفة الطاقات المتاحة لديها من إمكانات بشرية ومادية وإعلامية ودراسة المواقف الدولية لتتمكن عبر هذه الدراسة من معرفة طاقاتها وقدراتها الذاتية وموقعها في هذه الأحداث والمعادلات والحسابات الدولية لتتمكن عبر تلك الدراسة من أدارة الأزمة للخروج منها بأقل الخسائر وتحقيق الأهداف السياسية المرسومة عبر الاستفادة من جملة القدرات المتاحة لمعالجة الأزمة والابتعاد كليا في هذه المراحل الحساسة عن المصالح الحزبية الضيقة ووضع  مصلحة الشعب فوق كافة المصالح الشخصية والفئوية  ولكن بدل من القيام هذه الأحزاب بمسؤوليتها اتجاه ما يجري وتقوم بمسؤوليتها المذكورة اتجاه الشعب الكردي فقد قامت بعكس ما هي مطلوب منها فمن المؤسف فهي لم تنتج لهذا الشعب سوى الصراعات والنزعات الحزبية وشرذمة هذه الشارع    
  فيا قيادتنا الموقرة أي مستقبل ستحققونه لهذا الشعب بهذه الطريقة السطحية التي تعالجون بها الواقع الكردي المأزوم  وإلى أي مدى تستطيعون أن تتكفلوا بمصير هذا الشعب بل إلى أي هاوية ستأخذونه فبركم هل بيان مكتوب على الورق سيغير المصائب التي أصابت أبناء سري كانييه أو سيعالج الواقع الكردي المتردي ويعالج قضياه الملحة ؟      

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….