الغناء وسط بحور الدماء

حسين جلبي

الحفل الغنائي الكبير الذي أقامه حزب العُمال الكُردستاني التركي في ملعب (الهلالية) بالقامشلي بمناسبة ما أطلق عليه (وثبة آب) يشبه الحفلات التي كان يقيمها النظام السوري في الملاعب و الساحات السورية على بعد أمتار قليلة من الأماكن التي يقصفها جيشه فتختلط إثر ذلك الآهات الصادرة من الجهتين.

و المطربون الذين أحيوا الحفل، خليل غمكين، شمدين و حكيم صفقان و الذين أحضرهم الحزب خصيصياً من أوربا لذلك لا يختلفون في شئ عن جورج وسوف و علي الديك و أي مطرب آخر على قائمة العار السورية.
و إذا لم يكن في مقدور ذلك الحزب تأجيل أفراحه بإنتصاراته الكُبرى على الأتراك أو التخفيف على الأقل من مظاهرها إحتراماً لدماء شهداء سوريا و تقديراً لمشاعر السوريين، و إحتراماً لأنات الجرحى و الثكالى و المغتصبات، و تعاطفاً مع اللاجئين و المشردين، كان حرياً به أن يفعل ذلك إحتراماً لدماء الشهداء الكُرد الراقدين على بعد إمتار قليلة من مكان حفله الصاخب، و إحتراماً لمشاعر الكُرد و ضيوفهم من المحافظات الأخرى الذين خلّف كل واحدٍ منهم شهيداً أو مفقوداً أو جريحاً، و خلف كذلك كومة أحجار كانت بيتاً يأويه و أحضر معه ذكرياتٍ مرعبة و تصوراً عن مروءة الكُرد و أخلاقهم و شجاعتهم.
لو تم هذا الحفل على الجانب الآخر من الحدود لكنا قد تقدمنا من هؤلاء بالتهاني و التبريكات، ليس للمناسبة فقط، بل على شجاعتهم في إقامة الحفل، و الشعارات التي أطلقوها خلاله، و الأعلام و الصور التي رفعوها، أما حفلٌ بطعم التشفي و الإستهتار، تحت رعاية النظام القاتل، يتم من خلال التخفي وراء كُرد سوريا، و توجيه مُضخِمات الصوت نحو الأتراك فلا يستحق منا سوى الإدانة.
و إذا صحت الأخبار أن مظاهرة المجلس الوطني الكُردي قد إنضمت إلى الحفل، فلا يسعنا سوى الترحم على المجلس الكريم، و القول أنه ليس غريباً بعد (نضال) خمسين عاماً لأحزابه أن يتعرض لخداعٍ من حزبٍ عمره بضعة أعوام فرض عليهم في غفلةٍ رمزاً هو خليط من مجموع شعارات تنظيماته المختلفة، لكنها نصيحة للمجلس، و هي أن يذهب مباشرةً للإنضمام إلى هيئة التنسيق الوطنية بدلاً من أن يتحلل في أحد أحزابها، و يقتصر دوره خلال ذلك على التصفيق و الرقص في حفلاته، فيخرج من العملية صفر اليدين.
أخيراً ليعلم الجميع و خاصةً السوريين، أن الإحتفال و من يقف خلفه و من إنضم إليه لا يُمثل الكُرد السوريين، الذي يُمثل الكُرد و يتشرفون به هو مشعل تمو و نصرالدين برهك و شيرزاد علمدار و جوان قطنة و كل من يسير على دربهم…
حسين جلبي
فيسبوك:
https://www.facebook.com/notes/hussein-jelebi/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A8%D8%AD%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%A1/488319891179386

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…