حيدر عمر
Heyder52@hotmail.de
Heyder52@hotmail.de
في مدينة برلين، العاصمة الألمانية ، و تحت رعاية وزارتي الخارجية الألمانية و الأمريكية و بإشراف مؤسسة الدراسات الأمنية و السياسية الألمانية و معهد السلام الأمريكي ، تدارست مجموعة من المعارضين السوريين، أطلقت على نفسها تسمية (منظمة اليوم التالي) و قلت إنها منظمة سورية غير حكومية.
تدارست أوضاع سوريا في ظل الثورة السورية و ذلك على مدى ستة أشهر، و خلصت إلى إعداد مشروع تحت اسم (مشروع اليوم التالي، دعم الانتقال الديمقراطي في سوريا)، يقع في مائة و أربع صفحات، حيث رسمت فيه خارطة طريق أو وثيقة تضمت مبادئ و توصيات يمكن أن تكون (نقطة أساس لانطلاق النقاش و الجدل و الاختلاف بين جميع مكونات الشعب السوري) حسب ما ورد في مقدمة المشروع في الصفحة الخامسة.
تدارست أوضاع سوريا في ظل الثورة السورية و ذلك على مدى ستة أشهر، و خلصت إلى إعداد مشروع تحت اسم (مشروع اليوم التالي، دعم الانتقال الديمقراطي في سوريا)، يقع في مائة و أربع صفحات، حيث رسمت فيه خارطة طريق أو وثيقة تضمت مبادئ و توصيات يمكن أن تكون (نقطة أساس لانطلاق النقاش و الجدل و الاختلاف بين جميع مكونات الشعب السوري) حسب ما ورد في مقدمة المشروع في الصفحة الخامسة.
يقول أصحاب المشروع في مقدمته أيضاً (قامت اللجنة التفيذية لمشروع اليوم التالىي باختيار 50 عضواً في المعارضة السورية في فريق العمل……..يمثلون بتنوعهم تنوع مختلف شرائح المعارضة السورية…).
يثير هذا الكلام مجموعة أسئلة لا نجد لها أجوبة في ثنايا المشروع؛ من مثل: كيف تم تشكيل اللجنة التنفيذية؟ من اختار أعضاءها؟ ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار أعضائها؟ لماذا لم تتم الدعوة إلى مختلف أطياف المعارضة السورية لاختيار ممثلين عنها إلى اللجنة التنفيذية و فريق العمل؟ ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار أعضاء فريق العمل؟ لماذا لم تتمثَّل جميع أطياف المعارضة السورية في اللجنة التنفيذية و فريق العمل؟ لماذا سيطر أحد أطياف المعارضة، وهو المجلس الوطني السوري، على اللجنة التنفيذية و فريق العمل رغم أنه لايمثل كل أطياف المعارضة السورية كما يقول هو نفسه؟ لماذا أُقصيت الحركة الكردية و أُستعيض عنها ببعض الشخصيات التي لا يمكنها تمثيل الشعب الكردي في سوريا في مثل هذه المحافل؟ لماذا سُميت اللجنة بالتنفيذية و ليس بالتحضيرية؟
إن قائمة الأسئلة يمكن أن تطول، إلا أنني سأكتفي بما أوردت، لأتساءل أخيراً عما يمكن أن يُفهم من تسمية اللجنة بالتنفيذية.
من المعروف أن الإعداد لمثل هذه المحافل يُناط بلجنة تُسمَّى اللجنة التحضيرية التي تقوم بالاتصال بكل من له صلة بما سوف يُدار في اجتماعات المحفل من نقاشات و تداولات حول الأمور المُثارة، و ينتهي عمل هذه اللجنة بانعقاد الجلسة الأولى التي لها الحق في انتخاب من تراه مناسباً من الحاضرين لإدارة أعمال الجلسات و صياغة ما يتم التوصل إليه من قرارات أو توصيات وما إلى ذلك مما تنتهي إليه الاجتماعات التي لها الحق في أن تنتخب من بين أعضائها لجنة تنفيذية، ينيط بها المحفل ما يراه من أعمال.
أما حينما تُسمَّى اللجنة بالتنفيذية، فأعتقد أن مهامها لا تكون كمهامها إن سُمِّيت بالتحضيرية، بل إنها في هذه الحالة يكون لها الحق في إدارة الجلسات، و لها رأيها في ما يُتخذ من قرارات و توصيات، و ربما تتدخل في تعديل تلك القرارات و التوصيات، و قد يرضخ لها بعض أعضاء فريق العمل لأنها هي مَن سمّتهم أو هيأت لهم مكاناً في فريق العمل، فيستجيبون لطروحاتها حفاظاً على أمكنتهم.
مهما يكن من أمر، فإن المجموعة انتهت إلى إصدار كُتيَّب تضمن آراء و توصيات و مبادئ ، يمكن ،كما تقول المجموعة، أن تكون إنطلاقاً لنقاشات و جدال نحو بناء سوريا المستقبل، سوريا لكل السوريين، تُحترم فيها إنسانية الإنسان و تُصان حقوقه و كرامته.
ولم تترك المجموعة فرصة للسوريين لمناقشته و إغنائه، بل وضعوه بين أيديهم لـ(لينظر السوريون في جميع أنحاء البلاد و في الشتات إلى هذه الوثيقة على أنها خطوة و مساهمة صادقة باتجاه هدف نتطلع إليه جميعاً، و هو تحرير سوريا من ديكتاتورية نظام الأسد، و استبدال هذه الديكتاتورية بديمقراطية سورية حقيقية).
المقدمة ص6.
و مع ذلك، و لكون الوثيقة تخص السوريين جميعاً، و نحن منهم، أُراني مدفوعاً بسوريتي و كرديتي إلى النظر فيها، و إبداء ملاحظاتي عليها من وجهة نظر كردية مقصية عن الاشتراك في مناقشة و إعداد هذا المشروع/ الوثيقة.
أشار المشروع في أكثر من موضع إلى القطيعة مع النظام السابق، حيث أشار في الصفحة رقم35 مثلاً إلى ” انتهاكات منتظمة واسعة النطاق لحقوق الإنسان الأساسية و يتراوح ذلك ما بين الحقوق المدنية و السياسية مثل حرية التعبير عن الرأي و التجمع إلى انتهاك الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية بما في ذلك مصادرة الأراضي.
و قد أُكسِبَت بعض تلك الانتهاكات صفة رسمية بموجب مراسيم حكومية….” و أورد مثالاً على ذلك المرسوم القاضي بعقوبة الإعدام لكل عضو في جماعة الإخوان المسلمين.
على الرغم من أن مشروع (اليوم التالي) عبارة عن اجتهادات و توصيات، لكنني أرى أنه كان يجب أن يشير هنا، كمثال على تلك الانتهاكات، إلى مرسوم سحب الجنسية السورية عن عشرات الآلاف من الكرد، هذا الانتهاك الذي يزيد عدد ضحاياه اليوم عن ثلاثمائة ألف كردي بين مجرد من الجنسية و مكتوم نتيجة الولادات من التزاوج بين المجردين من الجنسية، أو بينهم و بين حاملي الجنسية السورية، و كان يجب أن يشير إلى أراضي الكرد التي استولى النظام عليها فيما سُمَّي بمشروع الحزام العربي، و منحها لعشائر عربية، غمرت مياه سد الفرات أراضيها، أستقدمها النظام من ريف حلب و الرقة إلى الجزيرة.
إن إغفال مشروع (اليوم التالي) الإشارة إلى هذين الانتهاكين مثالاً عن الانتهاكات، ربما يشير إلى عدم أخذهما بعين الاعتبار لدى أصحاب المشروع، و بالتالي قد يُفهم من ذلك أنهم ربما سيرفضون الحديث عنهما مستقبلاً، الأمر الذي سيشكل انتهاكاً جديداً لحقوق الانسان في سوريا المستقبل، سوريا التي تهدف الثورة إلى تنظيفها من كل أشكال التمييز و الانتهاكات.
و أشار المشروع في الصفحة 47 إلى التعويضات ، وعنون النقطة الأولى بـ إعادة الحقوق و أشار هنا إلى “إعادة حق الحرية و المواطنة بالإضافة إلى إعادة الأملاك (الأراضي و الشركات، إلخ)”.
بما أن المشروع اعتاد أن يذكر الأمثلة عمَّا يشير إليه من انتهاكات طالت حقوق السوريين، وتحدث هنا عن إعادة حق المواطنة بالإضافة إلى إعادة الأملاك و الشركات صراحة، فإن السياق هنا يستوجب الاتيان بالأمثلة، و ليس ثمة مثال اوضح من التجريد من حق المواطنة، مما يستوجب ضرورة اتخاذ التجريد من الجنسية السورية، و الاستيلاء على أراضي الكرد مثالين صارخين، على الأقل للتذكير بهما.
إلا أن أخطر ما في المشروع هوبعض ما ورد فيه كمبادئ فوق دستورية، و هي عبارة عن توجهات عامة، ولكنها ملزمة، و لايكمن لمواد الدستور أن تحيد عنها.
و ذهب في البند رقم 2 إلى أن (سوريا هي دولة مدنية ديمقراطية حرة).
إن هذا البند يثير تساؤلات عدة، من مثل: ما المقصود بالدولة المدنية؟ إن المواطنة هي من أهم ركائز الدولة المدنية، فهما لصيقتان ببعضهما، إذ ليس ثمة دولة مدنية بدون مواطنة، كما ليس ثمة مواطنة بدون دولة مدنية، وعليه فالمواطنة لا تتحقق إلا في دولة مدنية ديمقراطية تعددية دستورية.
و هذا ما أغفله البند الثاني إذ لم يشر إلى كون الدولة المدنية المنشودة هي دولة تعددية أيضاً.
ثمة تساؤل آخر يثيره هذا البند، و هو ما المقصود بالديمقراطية ، هل هي الديمقراطية الليبرالية او الديمقراطية المجردة عن الليبرالية؟ إن الديمقراطية التي تنشأ دون دعائم الليبرالية السياسية تؤدي إلى الفاشية، كما يقول المفكر و الكاتب الصحافي العرقي فؤاد زكريا في كتابه المترجم من اللغة الانكليزية (مستقبل الحرية)، و يطلق عليها مصطلح (الديمقراطية المتعصبة)، و يذهب فؤاد زكريا إلى أنه بدون الطبقة الوسطى من المثقفين و المفكرين المستقلين لا يمكن لليبرالية الدستورية أن تؤسس الديمقراطية الليبرالية.
فالحكم على الحكومات يكون من خلال المؤسسات التي تنشأ في الواقع العملي و ليس من خلال الانتخابات فقط، لأن الأغلبية و الأقلية البرلمانية لا تشكلان ضماناً لحقوق المواطنين دون دستور مدني يحدد سلطات كلا الجانبين في إطار الحق الكامل للمواطنة، و حكم الأغلبية لا يعني حرمان الأقلية في صنع القرار، بل يجب أن تساهم الأقلية أيضاً في صنع القرار في الدولة الديمقراطية الليبرالية، و عليه فإن الديمقراطية التي تحكمها الأغلبية و لا تقوم على أساس ليبرالي تعرقل تحرر الأفراد و المجتمعات و تضيِّع حقوق الأقليات القومية و الدينية، لأن الديمقراطية الليبرالية تتطلب بناء المؤسسات الدستورية و القضائية قبل إجراء الانتخابات.
و أساس الديمقراطية الليبرالية هو الفصل بين السلطات و احترام الدستور و الحريات العامة و حقوق الإنسان و عدم استبداد الأغلبية.
فالسبيل إلى الدولة المدنية ليس فقط الديمقراطية، بل الديمقراطية الليبرالية و المؤسسات الدستورية و القضائية و حقوق الأفراد و حقوق القوميات و العقائد.
و نتساءل هنا أيضاً، ما المقصود بـ(حرة)؟ إذا كانت الحرية السياسية هي المقصود بها، فدعونا نستأنس بما يقوله المفكر شاكر النابلسي في دراسة له بعنوان (لماذا نادى البعثيون بالحرية السياسية و ليس بالديمقراطية، و ما الفرق بينهما؟).
يقول النابلسي: تتيح الحرية الساسية إقامة الأحزاب و نشر صحافتها و إجراء انتخابات بلدية و برلمانية، ولكنها تربط هذه الآليات بعدم كشف عورات السلطة و تصرفاتها الخاطئة.
لا تفرق هذه الأنظمة بين مهاجمة و نقد السلطة و بين مهاجمة و نقد الوطن.
و تعتبر كل هجوم على السلطة أو نقد لها هجوماً على الوطن و إساءة إليه، من هنا يُعتبر كل منتقد للسلطة خائناً للوطن و لا يستحق صفة المواطنة …..
تُبقي هذه الأنظمة قوانين الطوارئ سارية رغم زوال الخطر الخارجي، لأنها تعتبر الخطر الداخلي أكبر من الخطر الخارجي و أعظم شأناً….
إن الحرية الساسية لا تردع هذه الأنظمة عن إعتقال السياسيين و المفكرين و الكُتَّاب في أي وقت تشاء دون إجراء قضائي، و لا تمنعها عن تزوير الانتخابات البلدية و البرلمانية التي تشرف عليها وزارة الداخلية، كما لا تردعها عن إغلاق الصحف و حلِّ الأحزاب متى تشاء ….
إن الديمقراطية في مجتمع الحرية السياسية بمعزل عن الليبرالية، هي ديمقراطية إجراءات.
بمعنى أن تتخذ السلطة قراراً نهائياً و تقدمه إلى المجالس التشريعية لا لأن تأخذ رأيها فيه، بل للبصم عليه و تصديقه.
إن إبقاء هذا البند كما هو، دون إلحاق (الليبرالية) بالديمقراطية فيه، يمكن أن يحرِّف مسار الديمقراطية (السورية الحقيقية) التي ينشدها هذا المشروع إلى ديمقراطية إجراءت في ظل الحرية السياسية بالمعني الذي أشار النابلسي إليه.
إن الغموض الذي يكتنف البند الثاني ينسحب على البند الثالث أيضاً، إذ يقول: (سوريا دولة مُوحَّدة مناطقياً).
هنا يمكن الوقوف عند الصفة (موحَّدة) المشتقة من المصدر (توحيد) و فعله (وحَّد) الذي يدل على أن الشيئ الموصوف بـ(مُوحَّد) ليس كذلك في الأصل، بل ثمة طرف ثالث وحَّد أجزاءه.
و إذا سحبنا هذا المعنى اللغوي على البند المذكور، نراه يعني أن سوريا لم تكن كما هي عليها الآن، بل جرى توحيدها، و هذا هو الصواب بعينه، إذ كلنا يعلم أن سوريا بحدودها الحالية هي من نتاج معاهدة سايكس / بيكو عام (1917) التي ألحقت جزءاً من كردستان بالدولة السورية الناشئة.
و هذا يعني أنه كان على مشروع اليوم التالي أن يعير هذا الأمر إهتماماً، و يشير إلى الكرد بكونهم شعباً يعيش على أرضه التاريخية، لا بكونه مجرد عرق من العرقيات التي تكوِّن المجتمع السوري، كما ورد في البند الرابع الذي يقول:(سوريا هي مجتمع متعدد العرقيات و الأديان و اللغات و الطوائف يحترم هذه التعددية)، و جاء إلى البند رقم 5 ليقول:( الاعتراف بالأكراد و التركمان و السريان و الآشوريين و الشركس و الأرمن كجزء من النسيج الوطني السوري).
إن ما ورد في البند الخامس لا يتناسب مع ما ورد في البند الذي قبله، أقصد البند الرابع الذي ساوى بين جميع المكونات السورية في كلمة (العرقيات)، ولكنه في البند الخامس جعل العرقيات غير العربية في حاجة إلى الاعتراف بها، و لا يخفى ما يضفيه طلب الاعتراف من تقليلٍ في الشأن على طالبه.
إن طلب الاعتراف أو الحاجة إلى الإعتراف وطنياً أو سياسياً يشير إلى عدم أحقية الطالب بالشيئ الذي يطالب الاعتراف له به، وهذا ينافي الواقع الذي لا أظن أن أصحاب هذا المشروع غافلون عنه أو لا يعرفونه، ففي حالة الكرد مثلاً، هل يحتاج كونهم من أصحاب هذه الأرض التي يقيمون عليها أباً عن جدّ إلى مزيد من السجالات و المطارحات؟ إن المؤرخين و الجغرافيين النزيهين، حتى من غير الكرد، لا يمكنهم أن يتجاهلوا هذه الحقيقة التاريخية و الجغرافية التي تؤكدها الخرائط المتوفرة بين أيدي الجميع، فيما إذا أرادوا الرجوع إليها.
ثم إن هذا البند ألغى تلك الحقيقة التاريخية و الجغرافية، إذ ساوى بين الكرد من جهة و بين الشركس و الأرمن مثلاً.
إن الكرد يحترمون جميع مُكوَّنات المجتمع السوري بمن فيهم الأرمن و الشركس، و لكن الاحترام شيئ و خلط الأمور ببعضها شيئ آخر.
لم يذهب أخوتنا الأرمن و لا الشركس يوماً إلى أن لهم أرضاً في الجغرافيا السورية، و عليه فوضع الكرد في سوريا يختلف عن وضعهم، و هذا ما لا يستقيم مع الإشارة إلى هذين المكونات الثلاثة بالصفة نفسها هنا.
كما أن هذا البند، فيما يُلمَح فيه، يقلل من شأن تلك (العرقيات) إذ جمعهم في (جزء) من النسيج الوطني السوري، و بالتالي يكون العرق العربي هو الجزء الآخر من هذا النسيج.
لماذا لم يقل هذا البند إن المكونات التي ذكرها بالإضافة إلى المكون العربي أجزاء تشكل معاً هذا النسيج الوطني السوري؟ ألم يكن ذلك أكثر مدعاة إلى شعور تلك المكونات بالراحة و الاطمئنان في تساويها مع المكون العربي؟
أما البند السادس من تلك البنود التي يراها مشروع (اليوم التالي) ملزمة، فقد همَّش البندين السابقين، إن لم أقل ألغاهما نهائياً و ذلك حين ذهب إلى أن (سوريا هي جزء لا يتجزأ من العالم العربي).
كيف يمكن أن يستقيم هذا؟ نسيج مُكوَّن من أطياف و لغات متعددة و هو في الوقت نفسه جزء لا يتجزأ من مكون واحد، و قد حُدِّد هذا المكون بـ(العربي).
أليس في ذلك إلغاء، بل صهراً في المكون العربي؟ كان الأجدر بأصحاب المشروع أن يذهبوا إلى أن الشعب أو المكون العربي في سوريا هو جزء لا يتجزأ من العالم العربي، و هم في ذلك محقون، و لن يعترض على رأيهم إلا أحمق أو جاهل.
إن الإقرار بكون الأكراد و التركمان و السريان و الآشوريين و الشركس و الأرمن هم أجزاء من النسيج الوطني السوري، و الإقرار قبل ذلك بأن سوريا مجتمع متعدد العرقيات و اللغات، يستوجب ألا يغيب عن الأذهان أن هؤلاء لهم لغاتهم التي هي غير اللغة العربية، و بالتالي اعتبارهم جزءاً من العالم العربي فيه كثير من الرغبة في صهرهم في البوتقة العربية، و هذا مما لا يستقيم مع مبادئ الديمقراطية التي ينشدها مشروع (اليوم التالي).
تُرى هل أكون فيما ذهبت إليه مخطئاً؟
إن المشروع،كما يقول أصحابه، توصيات و آراء و اجتهادات قابلة للزيادة عليها أو النقصان أو التعديل، و قد أحسنوا في هذا صنعاً و مذهباً، إذ اجتهدوا و وضعوا أمام السوريين ما يمكنهم الاستئناس أو الأخذ ببعضه في رسم مستقبل سوريا ما بعد هذا النظام، ولكنهم إذ يوردون في مشروعهم بنودا جعلوها ملزمة و لا يمكن لمواد الدستور المنشود أن تحيد عنها، كان يجب عليهم أن إعطاء مناقشة تلك البنود مزيداً من الوقت و الحذر لِما لها من خطورة و أهمية.
يثير هذا الكلام مجموعة أسئلة لا نجد لها أجوبة في ثنايا المشروع؛ من مثل: كيف تم تشكيل اللجنة التنفيذية؟ من اختار أعضاءها؟ ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار أعضائها؟ لماذا لم تتم الدعوة إلى مختلف أطياف المعارضة السورية لاختيار ممثلين عنها إلى اللجنة التنفيذية و فريق العمل؟ ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار أعضاء فريق العمل؟ لماذا لم تتمثَّل جميع أطياف المعارضة السورية في اللجنة التنفيذية و فريق العمل؟ لماذا سيطر أحد أطياف المعارضة، وهو المجلس الوطني السوري، على اللجنة التنفيذية و فريق العمل رغم أنه لايمثل كل أطياف المعارضة السورية كما يقول هو نفسه؟ لماذا أُقصيت الحركة الكردية و أُستعيض عنها ببعض الشخصيات التي لا يمكنها تمثيل الشعب الكردي في سوريا في مثل هذه المحافل؟ لماذا سُميت اللجنة بالتنفيذية و ليس بالتحضيرية؟
إن قائمة الأسئلة يمكن أن تطول، إلا أنني سأكتفي بما أوردت، لأتساءل أخيراً عما يمكن أن يُفهم من تسمية اللجنة بالتنفيذية.
من المعروف أن الإعداد لمثل هذه المحافل يُناط بلجنة تُسمَّى اللجنة التحضيرية التي تقوم بالاتصال بكل من له صلة بما سوف يُدار في اجتماعات المحفل من نقاشات و تداولات حول الأمور المُثارة، و ينتهي عمل هذه اللجنة بانعقاد الجلسة الأولى التي لها الحق في انتخاب من تراه مناسباً من الحاضرين لإدارة أعمال الجلسات و صياغة ما يتم التوصل إليه من قرارات أو توصيات وما إلى ذلك مما تنتهي إليه الاجتماعات التي لها الحق في أن تنتخب من بين أعضائها لجنة تنفيذية، ينيط بها المحفل ما يراه من أعمال.
أما حينما تُسمَّى اللجنة بالتنفيذية، فأعتقد أن مهامها لا تكون كمهامها إن سُمِّيت بالتحضيرية، بل إنها في هذه الحالة يكون لها الحق في إدارة الجلسات، و لها رأيها في ما يُتخذ من قرارات و توصيات، و ربما تتدخل في تعديل تلك القرارات و التوصيات، و قد يرضخ لها بعض أعضاء فريق العمل لأنها هي مَن سمّتهم أو هيأت لهم مكاناً في فريق العمل، فيستجيبون لطروحاتها حفاظاً على أمكنتهم.
مهما يكن من أمر، فإن المجموعة انتهت إلى إصدار كُتيَّب تضمن آراء و توصيات و مبادئ ، يمكن ،كما تقول المجموعة، أن تكون إنطلاقاً لنقاشات و جدال نحو بناء سوريا المستقبل، سوريا لكل السوريين، تُحترم فيها إنسانية الإنسان و تُصان حقوقه و كرامته.
ولم تترك المجموعة فرصة للسوريين لمناقشته و إغنائه، بل وضعوه بين أيديهم لـ(لينظر السوريون في جميع أنحاء البلاد و في الشتات إلى هذه الوثيقة على أنها خطوة و مساهمة صادقة باتجاه هدف نتطلع إليه جميعاً، و هو تحرير سوريا من ديكتاتورية نظام الأسد، و استبدال هذه الديكتاتورية بديمقراطية سورية حقيقية).
المقدمة ص6.
و مع ذلك، و لكون الوثيقة تخص السوريين جميعاً، و نحن منهم، أُراني مدفوعاً بسوريتي و كرديتي إلى النظر فيها، و إبداء ملاحظاتي عليها من وجهة نظر كردية مقصية عن الاشتراك في مناقشة و إعداد هذا المشروع/ الوثيقة.
أشار المشروع في أكثر من موضع إلى القطيعة مع النظام السابق، حيث أشار في الصفحة رقم35 مثلاً إلى ” انتهاكات منتظمة واسعة النطاق لحقوق الإنسان الأساسية و يتراوح ذلك ما بين الحقوق المدنية و السياسية مثل حرية التعبير عن الرأي و التجمع إلى انتهاك الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية بما في ذلك مصادرة الأراضي.
و قد أُكسِبَت بعض تلك الانتهاكات صفة رسمية بموجب مراسيم حكومية….” و أورد مثالاً على ذلك المرسوم القاضي بعقوبة الإعدام لكل عضو في جماعة الإخوان المسلمين.
على الرغم من أن مشروع (اليوم التالي) عبارة عن اجتهادات و توصيات، لكنني أرى أنه كان يجب أن يشير هنا، كمثال على تلك الانتهاكات، إلى مرسوم سحب الجنسية السورية عن عشرات الآلاف من الكرد، هذا الانتهاك الذي يزيد عدد ضحاياه اليوم عن ثلاثمائة ألف كردي بين مجرد من الجنسية و مكتوم نتيجة الولادات من التزاوج بين المجردين من الجنسية، أو بينهم و بين حاملي الجنسية السورية، و كان يجب أن يشير إلى أراضي الكرد التي استولى النظام عليها فيما سُمَّي بمشروع الحزام العربي، و منحها لعشائر عربية، غمرت مياه سد الفرات أراضيها، أستقدمها النظام من ريف حلب و الرقة إلى الجزيرة.
إن إغفال مشروع (اليوم التالي) الإشارة إلى هذين الانتهاكين مثالاً عن الانتهاكات، ربما يشير إلى عدم أخذهما بعين الاعتبار لدى أصحاب المشروع، و بالتالي قد يُفهم من ذلك أنهم ربما سيرفضون الحديث عنهما مستقبلاً، الأمر الذي سيشكل انتهاكاً جديداً لحقوق الانسان في سوريا المستقبل، سوريا التي تهدف الثورة إلى تنظيفها من كل أشكال التمييز و الانتهاكات.
و أشار المشروع في الصفحة 47 إلى التعويضات ، وعنون النقطة الأولى بـ إعادة الحقوق و أشار هنا إلى “إعادة حق الحرية و المواطنة بالإضافة إلى إعادة الأملاك (الأراضي و الشركات، إلخ)”.
بما أن المشروع اعتاد أن يذكر الأمثلة عمَّا يشير إليه من انتهاكات طالت حقوق السوريين، وتحدث هنا عن إعادة حق المواطنة بالإضافة إلى إعادة الأملاك و الشركات صراحة، فإن السياق هنا يستوجب الاتيان بالأمثلة، و ليس ثمة مثال اوضح من التجريد من حق المواطنة، مما يستوجب ضرورة اتخاذ التجريد من الجنسية السورية، و الاستيلاء على أراضي الكرد مثالين صارخين، على الأقل للتذكير بهما.
إلا أن أخطر ما في المشروع هوبعض ما ورد فيه كمبادئ فوق دستورية، و هي عبارة عن توجهات عامة، ولكنها ملزمة، و لايكمن لمواد الدستور أن تحيد عنها.
و ذهب في البند رقم 2 إلى أن (سوريا هي دولة مدنية ديمقراطية حرة).
إن هذا البند يثير تساؤلات عدة، من مثل: ما المقصود بالدولة المدنية؟ إن المواطنة هي من أهم ركائز الدولة المدنية، فهما لصيقتان ببعضهما، إذ ليس ثمة دولة مدنية بدون مواطنة، كما ليس ثمة مواطنة بدون دولة مدنية، وعليه فالمواطنة لا تتحقق إلا في دولة مدنية ديمقراطية تعددية دستورية.
و هذا ما أغفله البند الثاني إذ لم يشر إلى كون الدولة المدنية المنشودة هي دولة تعددية أيضاً.
ثمة تساؤل آخر يثيره هذا البند، و هو ما المقصود بالديمقراطية ، هل هي الديمقراطية الليبرالية او الديمقراطية المجردة عن الليبرالية؟ إن الديمقراطية التي تنشأ دون دعائم الليبرالية السياسية تؤدي إلى الفاشية، كما يقول المفكر و الكاتب الصحافي العرقي فؤاد زكريا في كتابه المترجم من اللغة الانكليزية (مستقبل الحرية)، و يطلق عليها مصطلح (الديمقراطية المتعصبة)، و يذهب فؤاد زكريا إلى أنه بدون الطبقة الوسطى من المثقفين و المفكرين المستقلين لا يمكن لليبرالية الدستورية أن تؤسس الديمقراطية الليبرالية.
فالحكم على الحكومات يكون من خلال المؤسسات التي تنشأ في الواقع العملي و ليس من خلال الانتخابات فقط، لأن الأغلبية و الأقلية البرلمانية لا تشكلان ضماناً لحقوق المواطنين دون دستور مدني يحدد سلطات كلا الجانبين في إطار الحق الكامل للمواطنة، و حكم الأغلبية لا يعني حرمان الأقلية في صنع القرار، بل يجب أن تساهم الأقلية أيضاً في صنع القرار في الدولة الديمقراطية الليبرالية، و عليه فإن الديمقراطية التي تحكمها الأغلبية و لا تقوم على أساس ليبرالي تعرقل تحرر الأفراد و المجتمعات و تضيِّع حقوق الأقليات القومية و الدينية، لأن الديمقراطية الليبرالية تتطلب بناء المؤسسات الدستورية و القضائية قبل إجراء الانتخابات.
و أساس الديمقراطية الليبرالية هو الفصل بين السلطات و احترام الدستور و الحريات العامة و حقوق الإنسان و عدم استبداد الأغلبية.
فالسبيل إلى الدولة المدنية ليس فقط الديمقراطية، بل الديمقراطية الليبرالية و المؤسسات الدستورية و القضائية و حقوق الأفراد و حقوق القوميات و العقائد.
و نتساءل هنا أيضاً، ما المقصود بـ(حرة)؟ إذا كانت الحرية السياسية هي المقصود بها، فدعونا نستأنس بما يقوله المفكر شاكر النابلسي في دراسة له بعنوان (لماذا نادى البعثيون بالحرية السياسية و ليس بالديمقراطية، و ما الفرق بينهما؟).
يقول النابلسي: تتيح الحرية الساسية إقامة الأحزاب و نشر صحافتها و إجراء انتخابات بلدية و برلمانية، ولكنها تربط هذه الآليات بعدم كشف عورات السلطة و تصرفاتها الخاطئة.
لا تفرق هذه الأنظمة بين مهاجمة و نقد السلطة و بين مهاجمة و نقد الوطن.
و تعتبر كل هجوم على السلطة أو نقد لها هجوماً على الوطن و إساءة إليه، من هنا يُعتبر كل منتقد للسلطة خائناً للوطن و لا يستحق صفة المواطنة …..
تُبقي هذه الأنظمة قوانين الطوارئ سارية رغم زوال الخطر الخارجي، لأنها تعتبر الخطر الداخلي أكبر من الخطر الخارجي و أعظم شأناً….
إن الحرية الساسية لا تردع هذه الأنظمة عن إعتقال السياسيين و المفكرين و الكُتَّاب في أي وقت تشاء دون إجراء قضائي، و لا تمنعها عن تزوير الانتخابات البلدية و البرلمانية التي تشرف عليها وزارة الداخلية، كما لا تردعها عن إغلاق الصحف و حلِّ الأحزاب متى تشاء ….
إن الديمقراطية في مجتمع الحرية السياسية بمعزل عن الليبرالية، هي ديمقراطية إجراءات.
بمعنى أن تتخذ السلطة قراراً نهائياً و تقدمه إلى المجالس التشريعية لا لأن تأخذ رأيها فيه، بل للبصم عليه و تصديقه.
إن إبقاء هذا البند كما هو، دون إلحاق (الليبرالية) بالديمقراطية فيه، يمكن أن يحرِّف مسار الديمقراطية (السورية الحقيقية) التي ينشدها هذا المشروع إلى ديمقراطية إجراءت في ظل الحرية السياسية بالمعني الذي أشار النابلسي إليه.
إن الغموض الذي يكتنف البند الثاني ينسحب على البند الثالث أيضاً، إذ يقول: (سوريا دولة مُوحَّدة مناطقياً).
هنا يمكن الوقوف عند الصفة (موحَّدة) المشتقة من المصدر (توحيد) و فعله (وحَّد) الذي يدل على أن الشيئ الموصوف بـ(مُوحَّد) ليس كذلك في الأصل، بل ثمة طرف ثالث وحَّد أجزاءه.
و إذا سحبنا هذا المعنى اللغوي على البند المذكور، نراه يعني أن سوريا لم تكن كما هي عليها الآن، بل جرى توحيدها، و هذا هو الصواب بعينه، إذ كلنا يعلم أن سوريا بحدودها الحالية هي من نتاج معاهدة سايكس / بيكو عام (1917) التي ألحقت جزءاً من كردستان بالدولة السورية الناشئة.
و هذا يعني أنه كان على مشروع اليوم التالي أن يعير هذا الأمر إهتماماً، و يشير إلى الكرد بكونهم شعباً يعيش على أرضه التاريخية، لا بكونه مجرد عرق من العرقيات التي تكوِّن المجتمع السوري، كما ورد في البند الرابع الذي يقول:(سوريا هي مجتمع متعدد العرقيات و الأديان و اللغات و الطوائف يحترم هذه التعددية)، و جاء إلى البند رقم 5 ليقول:( الاعتراف بالأكراد و التركمان و السريان و الآشوريين و الشركس و الأرمن كجزء من النسيج الوطني السوري).
إن ما ورد في البند الخامس لا يتناسب مع ما ورد في البند الذي قبله، أقصد البند الرابع الذي ساوى بين جميع المكونات السورية في كلمة (العرقيات)، ولكنه في البند الخامس جعل العرقيات غير العربية في حاجة إلى الاعتراف بها، و لا يخفى ما يضفيه طلب الاعتراف من تقليلٍ في الشأن على طالبه.
إن طلب الاعتراف أو الحاجة إلى الإعتراف وطنياً أو سياسياً يشير إلى عدم أحقية الطالب بالشيئ الذي يطالب الاعتراف له به، وهذا ينافي الواقع الذي لا أظن أن أصحاب هذا المشروع غافلون عنه أو لا يعرفونه، ففي حالة الكرد مثلاً، هل يحتاج كونهم من أصحاب هذه الأرض التي يقيمون عليها أباً عن جدّ إلى مزيد من السجالات و المطارحات؟ إن المؤرخين و الجغرافيين النزيهين، حتى من غير الكرد، لا يمكنهم أن يتجاهلوا هذه الحقيقة التاريخية و الجغرافية التي تؤكدها الخرائط المتوفرة بين أيدي الجميع، فيما إذا أرادوا الرجوع إليها.
ثم إن هذا البند ألغى تلك الحقيقة التاريخية و الجغرافية، إذ ساوى بين الكرد من جهة و بين الشركس و الأرمن مثلاً.
إن الكرد يحترمون جميع مُكوَّنات المجتمع السوري بمن فيهم الأرمن و الشركس، و لكن الاحترام شيئ و خلط الأمور ببعضها شيئ آخر.
لم يذهب أخوتنا الأرمن و لا الشركس يوماً إلى أن لهم أرضاً في الجغرافيا السورية، و عليه فوضع الكرد في سوريا يختلف عن وضعهم، و هذا ما لا يستقيم مع الإشارة إلى هذين المكونات الثلاثة بالصفة نفسها هنا.
كما أن هذا البند، فيما يُلمَح فيه، يقلل من شأن تلك (العرقيات) إذ جمعهم في (جزء) من النسيج الوطني السوري، و بالتالي يكون العرق العربي هو الجزء الآخر من هذا النسيج.
لماذا لم يقل هذا البند إن المكونات التي ذكرها بالإضافة إلى المكون العربي أجزاء تشكل معاً هذا النسيج الوطني السوري؟ ألم يكن ذلك أكثر مدعاة إلى شعور تلك المكونات بالراحة و الاطمئنان في تساويها مع المكون العربي؟
أما البند السادس من تلك البنود التي يراها مشروع (اليوم التالي) ملزمة، فقد همَّش البندين السابقين، إن لم أقل ألغاهما نهائياً و ذلك حين ذهب إلى أن (سوريا هي جزء لا يتجزأ من العالم العربي).
كيف يمكن أن يستقيم هذا؟ نسيج مُكوَّن من أطياف و لغات متعددة و هو في الوقت نفسه جزء لا يتجزأ من مكون واحد، و قد حُدِّد هذا المكون بـ(العربي).
أليس في ذلك إلغاء، بل صهراً في المكون العربي؟ كان الأجدر بأصحاب المشروع أن يذهبوا إلى أن الشعب أو المكون العربي في سوريا هو جزء لا يتجزأ من العالم العربي، و هم في ذلك محقون، و لن يعترض على رأيهم إلا أحمق أو جاهل.
إن الإقرار بكون الأكراد و التركمان و السريان و الآشوريين و الشركس و الأرمن هم أجزاء من النسيج الوطني السوري، و الإقرار قبل ذلك بأن سوريا مجتمع متعدد العرقيات و اللغات، يستوجب ألا يغيب عن الأذهان أن هؤلاء لهم لغاتهم التي هي غير اللغة العربية، و بالتالي اعتبارهم جزءاً من العالم العربي فيه كثير من الرغبة في صهرهم في البوتقة العربية، و هذا مما لا يستقيم مع مبادئ الديمقراطية التي ينشدها مشروع (اليوم التالي).
تُرى هل أكون فيما ذهبت إليه مخطئاً؟
إن المشروع،كما يقول أصحابه، توصيات و آراء و اجتهادات قابلة للزيادة عليها أو النقصان أو التعديل، و قد أحسنوا في هذا صنعاً و مذهباً، إذ اجتهدوا و وضعوا أمام السوريين ما يمكنهم الاستئناس أو الأخذ ببعضه في رسم مستقبل سوريا ما بعد هذا النظام، ولكنهم إذ يوردون في مشروعهم بنودا جعلوها ملزمة و لا يمكن لمواد الدستور المنشود أن تحيد عنها، كان يجب عليهم أن إعطاء مناقشة تلك البنود مزيداً من الوقت و الحذر لِما لها من خطورة و أهمية.