الأسد يتبع سياسة النفس الطويل و سوريا تواجه سيناريو مرعب

  أولريكه بوتس* ترجمة و إعداد: حسين جلبي

يخوض المتمردون في سوريا كفاحاً مريراً ضد جيش بشار الأسد، و لكن النظام السوري لا يزال بعيداً عن الإنهيار.

و يقدر الخبراء أن يمر حوالي العام حتى يمكن أن تصل الأمور إلى تلك المرحلة، و في أسوأ الأحوال سيكون هناك العديد من الضحايا الذين سيسقطون.
حمص تنزف، و رغم ذلك فإن أشرطة الفيديو التي تم تهريبها إلى خارج المدينة تُظهر الناس و هم يرفعون شارات النصر.

فحتى قذائف الدبابات لم تنجح حتى الآن في كسر مقاومة المتمردين.

و على الرغم من العنف الذي تتبعه السلطة السورية ضد المعارضين لها فإن هؤلاء ليسوا بوارد الإستسلام لها.
 لقد قام المجتمع الدولي و كمكافأة لهذا الصمود بمحاولة جديدة لحظر نظام بشار الأسد، فبعد فشل مجلس الأمن في إتخاذ قرار بذلك بسبب الفيتو الروسي ـ الصيني، أدانت الجمعية العامة للأمم يوم الخميس و بشدة إنتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان، و دعمت خطة الجامعة العربية لإنهاء الصراع الدائر منذ أحدَ عشرَ شهراً.
كذلك سيجتمع في الأسبوع المقبل في تونس ممثلو الولايات المتحدة و البلدان الأوربية مع ممثلي المتمردين، و يرغب الجانبان في البقاء منذ الآن على إرتباطٍ وثيق من خلال تشكيل ما يسمى بمجموعة إتصال.
من جهةٍ أخرى، يَظهر النظام في دمشق فجأةً و كأنه مستعد لتقديم تنازلات: إذ أن السوريون مدعويين في 26 شباط إلى الإستفتاء على دستورٍ جديد.

و وفقاً لذلك، فإنه ينبغي أن تصبح البلاد (دولة ديمقراطية) مع نظام (تعددية حزبية).

و قد أُلغيت قيادة حزب البعث التي سادت طوال 50 عاماً.

و ينبغي أن يُنتخب الرئيس مباشرةً من الشعب لمدة أقصاها ولايتين متتاليتين.
و إذا أراد المرء تلخيص أحداث الأيام الأخيرة فإنها تظهر على الشكل التالي: الإنتفاضة تقف على عتبات الإنهيار، و في الوقت ذاته أيام الأسد أصبحت معدودة في الحكم.
الخبراء يتوقعون صراعاً طويلاً و قاسياً
لكن الخبراء يحذرون: قد يكون هذا الإنطباع خادعاً، فقد تقوم سوريا في 23 تشرين الثاني و هو يوم عطلة رسمية، بالإحتفال بالذكرى السنوية ال 32 لإستيلاء و الد بشار،  حافظ الأسد على السلطة.

و كذلك على الأرجح في العام المقبل في الذكرى 33.

حيث ستكون هناك عودة للإحتفال ببداية سلطة الأسد.
يقول (فولفغانغ مولبرغر) من أكاديمية الدفاع الوطني في فيينا: (قد يستغرق الأمر عاماً أو عامين حتى يسقط النظام).

لأنه و كما كان الأمر عليه من قبل فإن دمشق تمتلك التفوق العسكري المطلق، (و هذا النوع من التباين يشهد تحولاً بطيئاً جداً)، و لذلك يتوقع (مولبرغر) نزاعاً طويلاً و مرهقاً.

سيتم إطفاء بؤر التمرد الصغيرة التي تشهد توهجاً من قبل النظام، و لكن لن تلبث هذه أن تشتعل في أماكن أُخرى.
و يضيف الخبير في شؤون الشرق الأوسط قائلاً: (يستطيع الجيش السيطرة على مدينة حمص، لكن يجب عليه عندها الإبقاء على إحتلاله العسكري لها).

و هذا من شأنه أن يقيد قوات النظام التي يحتاجها للحفاظ على سيطرته على باقي البلاد.

و بذلك يمكن للمدن الأخرى من جانبها أن  تنتهز الفرصة للثورة.

و يضيف (مولبرغر): (فطالما أن الأسد في السلطة، فإن سوريا لن تشهد هدوءاً)، إضافةً إلى ذلك، فقد كان هناك بالفعل الكثير من القتلى.

و أخيراً يضيف: (النظام لا مستقبل له، و هو غير قابل للنجاة على المدى المتوسط).
ثلاثة سيناريوات لسوريا
كذلك يتوقع (هايكو فيمن) المتخصص في الشؤون السورية في معهد برلين للتنمية الدولية و السياسة أن يكون النظام أكثر ثباتاً مما يبدو عليه في بعض الأحيان.

هناك بالتأكيد ما يسمى بنقطة الإنقلاب، و فيها تكتسب المقاومة قوة دفع ذاتية (فإذا ما رفض النظام في مرحلة ما الإنصياع لأوامر أجهزته القمعية، أو أعلنت كتلة من المواطنين المتشككين إشتراكها في الثورة بعد أن إعتقدت فجأةً أن التغيير عملية آمنة، هنا يمكن أن يحدث كل شئ بسرعة).

الأكيد أن هذه النقطة لم يتم الوصول إليها بعد، (لكن إلى أي مدى نحن بعيدين عنها، هذا ليس واضحاً بعد).
يرى (فيمن) أن هناك ثلاثة سيناريوهات يمكن للصراع  في سوريا أن ينحو بإتجاه إحداها:
نموذج طهران: فقد تستمر الإنتفاضة لبضعة أشهر أخرى، و من الممكن أن ينجح النظام في مرحلة ما من القضاء عليها.

و مثل الحركة الخضراء في طهران، التي دعت إلى تغييرات في العام 2009، و تم قمعها بوحشية في نهاية المطاف، سيتم وضع حد للثورة السورية، على الأقل حتى اللحظة.
السيناريو البوسني: إذا قامت قوات الأمن على سبيل المثل بكسر أو تفكيك الروابط التي تجمع الطوائف، و من ثم قيام وحدات مسلحة بأسلحة ثقيلة بالقتال ضد بعضها البعض.
الإنهيار: إذا تعرض النظام إلى فقدان مفاجئ لولاء جزء من القيادة مما سيتسبب في إلحاق أذى مؤثر به، يمكن عندها أن ينهار على نفسه.

و هنا يمكن، كما حدث الأمر في رومانيا، أن تكون هناك دورة من العنف.
يقول (فيمن): من الممكن أن يزداد الوضع سوءاً إلى درجة كبيرة قبل أن يعود إلى التحسن.

و يضيف: (و إذا ساء الأمر، فيمكن أن يعتبر الـ 7000 قتيل الذين سقطوا في الماضي، و كأنهم مجرد تمهيد لأعمال العنف، و ليسوا ذروته).

أولريكه بوتس: صحفية ألمانية مقيمة في بيروت منذ منتصف عام 2007، و هي تعمل منذ ذلك الوقت كمراسلة لصحيفة (شبيغل أونلاين) في منطقة الشرق الأوسط.

عملت قبل ذلك بالصفة ذاتها في العديد من الصحف و محطات الإذاعة و التلفزة الألمانية.
رابط المقال على صفحة شبيغل أونلاين:
http://www.spiegel.de/politik/ausland/0,1518,815738,00.html

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…