في الشبحنة والتشبيح

  د.

آلان كيكاني

كالحو الوجوه من أبناء الأمة المنكوبون الحالمون بالنور في حلكة الظلام الدامس المتسلل من أقبية البعث منذ نصف قرن يصطفون طوابير ينتظرون موعدهم مع الموت على أيدي سدنة الجحيم من حملة البواريد والعصي والأمواس ممن يجوبون الأزقة والأحياء بحثاً عن صيد من بني البشر يشبعون به غرائزهم السادية المبنية على سحق الأرواح دفاعاً عن أمر في نظرهم كان مقضياً كناموس تنزَّل من السماء لا يقبل مساً ولا تغييراً ولا تعديلاً .
يُصنع الشبيح ذو الوجه القبيح والأدب الشحيح في معامل البعث بتدريب وتنقيح ثم تجريد من كل قيمة وخصلة وسجية وفضيلة ثم تنتهي الدورة التعليمية بتخريج الشبيح من مدرارس التشبيح وجمعه ورزمه وفلته في الشارع مع سيده الأمني ذي الباع الطويل في علوم القتل والنهب والاغتصاب والتهويل .

يسيرون سوية , يدٌ على الزناد ويد تمتد إلى ممتلكات الرعية , رجلٌ في بيوت الأبرياء ورجلٌ في أفواههم .

قطعان أشد فتكاً من أسراب الجراد , غلاظٌ شدادٌ ذُعُرٌ أولو أذناب مبتورة وحوافر صلبة ومخالب حادة وبراثن جارحة يبدعون  في فنون الرفسَ والركلَ واللدغ والطعن , يعسّون على الناس آناء الليل وأطراف النهار ولا همَّ إلى أي عرق أو قصبة أو بلدة انتموا فهم سواء يجمعهم سوءُ الخلق وشينُ السلوك وانحطاطُ الأدب وتدهورُ القيمة الاجتماعية لصالح الانزلاق إلى سفك الدم وهتك العرض وقتل الأخِ الاخَ ونهب المال وهدم المبني وتخريب المُعمَّر ونسفِ المُقدَّس , لا يردعهم في غيهم وضلالهم موعظة واعظ ولا نصيحة ناصح , ولا يزعهم في جورهم وظلمهم وفسادهم لومة لائم ولا عذل عاذل .
الشّبِيح , نبّيِحٌ ذو عواء فصيح , لا يتوانى عن العض والتجريح , أفعى ذات فحيح , تزحف على أعشاش الطيور وتلتهم فراخها الصغار دون رحمة أو رأفة أو شفقة , كذا الشبيح يبيد أطفال البشر في المهد ويلقي بالآباء إلى جحيم الشجن والكآبة ويقتل الآباء رامياً بالأبناء في أتون اليتم ويميت العاشق قاذفاً معشوقه في لوعة الألم والفراق دون أن يتحرك له مَشعرٌ أو ينخفض له جناح .


يتوزعون على جغرافيا البلد وفي تاريخه ويتغلغلون في مساماته منذ أن وطَّد القومي العربي قدمه في عرش السلطة وصار يعبث ويلهو بالبلد والولد والمال والحال .


شرُّهم الكردُ منهم , من باعوا الذمة بثمن بخسٍ : قريشاتٌ معدوداتٌ وربتٌ على الظهر دلالة تشجيع ورضى من السيد تقليداً لسلوك نظيره العراقي الصنم المقبور أيام يربت على ظهر قاتل أخيه قائلاً له ” عفية ” جزاءً له على ما قدمه من خدمة جليلة وإحسان عظيم لجلالته وفخامته .
بَخٍ بَخٍ للكرد ولهم – ناهيك عن الريح في شعر درويش – مجالسٌ وأعلامٌ وشبيحةٌ وجباةٌ ضرائب ونقاطُ تفتيشٍ ومراكزُ سيطرة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…

فرحان كلش   قد تبدو احتمالية إعادة الحياة إلى هذا الممر السياسي – العسكري ضرباً من الخيال، ولكن ماذا نقول عن الابقاء على النبض في هذا الممر من خلال ترك العُقَد حية فيه، كجزء من فلسفة التدمير الجزئي الذي تتبعه اسرائيل وكذلك أميركا في مجمل صراعاتهما، فهي تُسقط أنظمة مثلاً وتُبقى على فكرة اللاحل منتعشة، لتأمين عناصر النهب والتأسيس لعوامل…