مفهوم الطليعة سياسياً: إعادة نظر في المصطلح في ظل الثورة السورية

إبراهيم اليوسف

*إلى أحمد خالد” أبو نوري

قبل الخوض، في غمار طرح هذا الرأي، إنه لابد من الاعتراف بأمرين مهمين أولهما: إن الحزب التقليدي، أينما كان، قد استطاع على امتداد مايكاد يقارب شريطاً زمانياً، مساحته  قرن من الزمان، أن يحقق إنجازات كثيرة، وكانت رؤيته لمفهوم الطليعة قابلة للنقاش، لاسيما في ظل الفهم الماركسي اللينيني منه، وثانيهما إن العجز الذي أصاب  هذه الأحزاب، إنما تم من خلال انزياحها عن أداء مهماتها الأولية التي جعلتها في موقع الطليعة، وذلك لأسباب متعددة، ليس في بلدنا سوريا، وإنما في العالم أجمع، ناهيك عن أن عدم تمكن الحزب الطليعي، من ربط رؤيته بصيرورة التاريخ جعله، يتخلف عن أداء المهمات الكبرى  المنوطة بها، والخلود للطمأنينة، متعكزة  على مجرد نضالاتها وإرثها القديم.
ومخطىء من لاينظر إلى مثل هذا الحزب، في إطاره التاريخي الذي انبثق عنه، ضمن  طبيعة جملة ظروف المرحلة التي نشأ فيها، واستطاع أن يكون لسان حال المرحلة، ومدعاة للتغيير، إلا أن النظر إلى اللوحة كاملة، هو المطلوب، حيث أننا عندما ننظرإلى إنجازات هذا الحزب، فإننا مطالبون باستقراء الجانب الآخرمنه، ومن بين ذلك، الاستبداد الذي مارسه، بل وكيف بات يتآكل، مستمداً عوامل سيرورته من ماضيه، فحسب، ليهيمن عليه”القائد الضرورة”، ويتم تكريس عبادة الفرد، وهذا ما لا يتحقق إلا وفق اللجوء إلى آليات الفساد، وتغييب الرأي والرأي الآخر، بل وقمع أصحاب الأصوات النظيفة التي تطالب بالتغيير.
 ليس الغرض من مثل هذه المقدِّمة، تشريح نقاط قوة وضعف الحزب التقليدي، حتى وإن كانت أرومته  تنتتهي إلى طليعيته، بل لابد من ملامسة مفهوم الطليعية، وطرح بعض الأسئلة، كيف يمكن اكتساب هذه الطليعية؟، وهل هي وقف على صفات وموصوفين محددين، ماهي شروط الطليعية؟، وما مقوِّمات استمرار هذه الصفة بالنسبة إلى المؤسسة الحزبية والعضو الحزبي في آن واحد؟؟؟؟.
 شيء جدَّ مهم، لابدّ من الانتباه إليه، وهوأن الثورة السورية التي تكتب ملحمة العصر ومعجزته، جعلت صورة الحزب الطليعي تهتز، بل إنها نسفت هذه الطليعية، تماماً،مع هتافات الشباب السوري، الذين غدوا الطليعة الفاعلة والجبارة، وهم يهتفون ل”سقوط النظام”، بل ويفتحون صدورهم العارية لرصاص النظام الدموي الخارق الحارق، مؤمنين بيقينية الثائر الذي يثق بالنصر الأكيد.بيد أن أكثر ماهو مؤلم، هو أن الحزب الطليعي الذي كان ينبغي أن يقود الجماهيرإلى ساحات الاحتجاج، ضد السفاح السوري،إنها تراخت، وتقاعست، عن دورها، ومهماتها، لائذة ببعض الذرائع المحنطة عن الوطن والوطنية، حيث كل هذه الذرائع تسقط أمام معرفة”طبيعة النظام اللاوطني”، وهذا ما يجعلها شريكة في الدم السوري المراق على أيدي عصابة الإجرام، مادامت تمج تلك المقولات النظرية،الباهتة، والمضللة، وهي تفكر بحصتها من ثمن الدم السوري المراق، مصنفة نفسها إلى جانب المجرم،نفسه، وهذا ما أسقط  بعض قادة هذا الحزب، في شرك الجريمة، لقاء ثمن بخس،بل إن هذا ما أسقط عن الحزب غطاء الطليعية، وإن كنت هنا، إزاء تقويم لحظة اغتراب هذا الحزب عن طليعيته، وهي لحظة ليست طارئة، بل تعود إلى  إلى سلسلة سقطات متباينة، تنم عن سقوط الكثير من السياسات المتبعة منذ عقود، إلى أن بلغت مرحلة حضيضها، منذ قبولها بالانخراط في جوقة التسويغ لإراقة دماء السوريين..

ولي عودة إلى الموضوع

*أحمد خالد” أبو نوري” مواليد1950 والد الزميلة الصحافية المناضلة”لافا خالد” والناشط الحقوقي”سليمان خالد” و هو الشيوعي المبدئي” فطرة”  الذي دأب يحمل “سجادة” صلاته إلى اجتماعه الحزبي، و المشارك منذ أول احتجاج سلمي تم  في قامشلي، وإلى  الآن، تعرض للضرب المبرح نهار أمس، على أيدي شبيحة النظام في تربسبي، أمام المجمع التربوي، إثر احتجاج جماهيري على النقل التعسفي لعدد من المدرسين خارج المدينة.
..وهو ما أضعه برسم بعض “القادة” الحزبيين أعداء الثورة، للأسف…………..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي سبق و كتبنا عن هذه المشكلة وتحت عنوان رواتب موظفي اقليم كوردستان .. الى اين ؟؟ ونشرت بتاريخ 2 / 5 / 2025 في شفق نيوز ، وفي صوت كوردستان بتاريخ 3 / 5 / 2025 ، وفي صوت العراق بتاريخ 4 / 5 / 2025 ، ونظرا لاستمرار حكومة بغداد و باوامر من قادة الميلشيات…

بنكین محمد في كل مرحلة يمرّ بها شعبٌ يبحث عن خلاصه، يخرج من الظلال نوعٌ جديد من الدخلاء: أشخاصٌ بلا قيمة، بلا وعي، بلا تاريخ، لكنهم يصرّون بكل خفة على الجلوس في المقدمة… وكأنّ الصف الأول سيمنحهم ما حُرموا منه طوال حياتهم: احترام الناس. إنهم أولئك الذين نحاول تجنّب الكتابة عنهم، ليس احتراماً لهم—فهم لا يستحقون الاحترام—بل لأن القرب منهم…

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…