إعلام النظام السوري « محتفياً» بنوروز!!

عمر كوجري

للعام الثاني على التوالي يتناسى إعلام النظام السوري سياسة الإنكار والتهميش التي مارسها النظام طيلة عقود بحق مكوّن أساسي ومهم في خارطة المكونات التي تعيش على الأرض السورية، وهو المكون الكردي.

في العام الماضي، وكي يظهر هذا الإعلام أن الكرد مشغولون بفرحهم ومسرّتهم بقدوم عيد نوروز، ولا علاقة لهم بما حدث في درعا، جنّد كلَّ طاقته الإعلامية ليعرض « فرح» الكرد بنوروز، وعرض تلفزيونه الرسمي رقصات كردية، وأجرى مقابلات خاصة مع « البعض» للدلالة أن الشعب الكردي يعيش في بحبوحة الديمقراطية وواحتها الوارفة.
في نوروز الحالي بدا النظام أكثر حرصاً على إظهار أن الأمور طبيعية، خاصة أن مستوى القتل والألم والقصف أكثر بما لا يقاس بمثل هذا الوقت في العام الماضي، وكرّس إعلامه   مساء ما قبل نوروز، وفي اليوم عينه كلَّ ثقله لرصد « رقص » الكرد على أحزان إخوتهم السوريين، ودمائهم وآلامهم من شهداء ومعتقلين ومهجرين ومغيّبين!!
وإن كانت الأحداث لم تكن في حدّ تبلورها كما الآن، فالشرارة بالكاد اشتعلت في درعا، وكان ثمة الكثير الذي لم يسمع بالأحداث إلا القليل الغامض، وكان خروج الكرد في كل مكان تواجدهم إلى الطبيعة طبيعياً ومقبولاً.
  ظروف نوروز الحالي مختلفة تماماً وكلياً، فليس هناك من سوري لم يتجرع علقم الأسى الكبير الذي يلفُّ كل البلاد منذ أواسط آذار الماضي وإلى اللحظة، لذا رغم كل هذا الاحتفاء الذي أظهره الإعلام السوري المرئي والمسموع والمقروء وجميع المواقع الالكترونية القريبة من دوائر وزارة الإعلام السورية.
 رغم التحشيد والتشجيع لخروج الكرد إلى مرابع الفرح والرقص، لم يخرجوا، والتزم من التزم بيته مشعلاً شمعة حزن على فقد أخيه السوري، ومن خرجوا وعلى وجه التخصيص في المدن والقرى ذات الغالبية الكردية كما في الجزيرة وكوباني وعفرين، فقد حوّلوا تجمعاتهم إلى نشاط من نوع آخر، نشاط متضامن مع الدماء التي تنزف يومياً، وأنه لم يجتمع ليرقص، بل ليعلن انتماءه إلى سوريته بكليتها الحزينة في الوقت الحاضر، وليعلنَ تضامنَه مع مدنه المنكوبة وأطفاله المُهجّرين.


 الوكالة الوطنية والتلفزيون وحتى الإذاعة تحدثت مطولاً عن نوروز، وبثوا الأغنيات الكردية التي تمجد الفرح ربما لأول في تاريخها، وكتبوا أن أبناء سوريا من الاكراد احتفلوا « بعيد ” النوروز” الذي يمثل عيداً للحرية والسلام والانعتاق ويوم الولادة وبداية الربيع في التقويم الكردي القديم بالخروج إلى أحضان الطبيعة في أجواء من الألفة والمحبة والطقوس الاحتفالية التي تعكس الغنى والتنوع الثقافي والفلكلوري والحضاري لسورية».

 
 في أماكن أخرى قالت إن احتفالات الأكراد السوريين اقتصرت على « إشعال الشموع والوقوف دقيقة صمت تخليداً لأرواح الشهداء الذين ضحوا بحياتهم لتبقى سورية عزيزة مصانة»، بعد أن قرر أكراد المحافظة عدم الاحتفال بالعيد الذي كان يقام في كل عام في مناطق محددة.
إذاً: الكرد في هذا العام لم يكونوا في حاجة لمَنْ يهنئهم في مؤتمر صحافي، وبعد قليل يكاد يعتذر عن تهنئته.
 الكرد لم يأكلوا الطُّعُم في هذا النوروز، وهم يعلمون، بل تجارب الحياة مع النظام علمتهم أن اشتغاله عبر آلته الإعلامية على هذا الجانب لم يأتِ بثمار مَرجُوّة.
 لذا قرر الكرد ..

الشعب..

قبل مؤسساته السياسية وفعالياته الشبابية أنّ الأوان ليسَ أوانَ الفرح والرقص والهيص!!
على الأرض، كلُّ شيء حيالَ الكرد على حاله، فماذا غيّر الأحوال ” يا سبحانه!!” وماذا أضيف للدستور الجديد من جديد لمصلحتهم حتى يصدّقوا النوايا، ويرقصوا مع الراقصين؟!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…