تتسارع تفاعلات وتطورات الثورة السورية السلميّة وتثبت على خلاف ما يدّعيه الإعلام والخطاب الرسميين بأنّ الأزمة في نهايتها، فالدم السوري المسفوك جراء استمرار العنف في ضوء الخيار الأمني العسكري للنظام يشي بأنّ الوضع كارثي وأعقد مما يتصور.
في هذه الظروف الاستثنائية وبعد طول تردد من قبل الجامعة العربية في اتخاذ قرارها بإرسال وفد المراقبين لمراقبة الوضع عن كثب وبعد ترددٍ أكثر في موافقة النظام على البروتوكول الخاص بإرسال المراقبين العرب، تتضح حقائق وتنجلي أمور لا تخفى على أي متابع للشأن السوري في أنّ موافقة الطرفين لا تصب في نفس المسار ولم تعن خدمة الأهداف نفسها .
فإذا كانت مهمة البعثة لدى الطرف الأول هي مراقبة ومعاينة الوضع على الأرض للتأكد من وقف العنف والقتل وسحب الآليات العسكرية والجيش من الشوارع وكذلك إطلاق سراح الذين اعتقلوا جراء الأحداث والسماح للمتظاهرين في التعبير عن آرائهم دون التعرض للأذى، هذه المهمة التي قد تخدم مصلحة الثورة والشعب السوري، فإنّ الحكومة السورية أرادتها في اتجاه آخر أقله تحويلها إلى لجنة مهمتها اكتشاف المكشوف لديها ألا وهي وجود (العصابات المسلحة) التي سوف يرونها بأم أعينهم كما صرح بذلك أحد المسؤولين، حيث باشرت اللجنة مهمتها بزيارة موقعي التفجيرين اللذين حصلا على مقربة من مقرات أمنية في العاصمة دمشق لا تخلُ من معان وتفاسير سيما بعد الإعلان الفوري عن اتهام منظمة القاعدة الإرهابية بأنها تقف وراء القيام بتلك العمليات الاجرامية بعيد ترويج إعلامي بوجود متسللين لعناصرها صوب الأراضي السورية.
لا شك أن هذا الكشف المبكر للفاعلين لا يتماشى وسيرة النظام في التعامل مع هكذا أحداث، فليس من نافل القول بأنه توجد سلسلة من الجرائم ارتكبت في الماضي ولم يتم الكشف لا عن فاعلها ولا عن مجريات التحقيق في شأنها، وهنا نعبر عن إدانتنا الشديدة لتلك التفجيرات الوحشية كائناً من كان وراءها، فالعنف والإرهاب مرفوضان جملةً وتفصيلاً، واللجوء إليهما لا يخدم سوى مزيدٍ من القمع والاستبداد وإطالة عمر حكم حزب الواحد .
وعلى صعيد المعارضة السورية وبالرغم من تعددية الآراء والمواقف والزوبعة التي أثيرت حول نص الوثيقة الموقعة بين هيئة التنسيق الوطنية والمجلس الوطني السوري والإشكال الذي حصل في كيفية التعاطي معها ، فإنّ تكاتف وتأطير المعارضة بكافة أطيافها وتلاوينها دون إقصاء أو تهميش ووحدة كلمتها تبقى تشكل واجباً أخلاقياً ووطنياً تجاه المتظاهرين الذين يعانون الأمرّين ووفاءً لدماء الشهداء، تماماً كما هي ضرورة سياسية بامتياز حيث تمرّ الثورة السورية في لحظات حرجة تتطلب الالتقاء على القضايا المصيرية ووضع الخلافات الثانوية والحساسيات الشخصية والحزبوية جانباً .
من جانب آخر بات المجلس الوطني الكردي في سوريا الذي مضى على تأسيسه شهران ونيف يشكل العنوان الأبرز ومحور الحراك الجماهير الكردي في سوريا وخارجها ويحظى باحترام وتأييد الغالبية من الوسط المجتمعي الكردي وذلك لما يتمتع به من دور هام ورئيسي في نشر الثقافة الديمقراطية ومفهوم المواطنة والمساواة ونبذ العنف بكافة أشكاله وصون السلم الأهلي بعيداً عن النعرات الضارة ودعوات التسلح وعسكرة الثورة أو الرهان على التدخل العسكري الخارجي الذي يبقى يحمل في طياته مزيداً من المخاطر والمآسي .
وعلى صعيدٍ آخر، أثارت الغارة التي شنها سلاح الجو التركي على منطقة أولو ده ره – كردستان تركيا غضب واستياء الرأي العام الكردي والكثير من الأوساط الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان ، حيث نجم عن الغارة تلك وقوع أكثر من 35 مدنياً ضحايا شهداء ، وفضحت مزاعم الحكومة التركية في العمل على تحقيق انفتاح ديمقراطي حيال القضية الكردية التي لطالما عجزت تركيا عن تناولها دون اللجوء إلى لغة العنف والعسكر.
12/1/2012
اللجنة السياسية