خورشيد شوزي
الظروف التي يمر بها الكورد خاصة، والمناطق والدول التي يعيشون فيها عامة، تتطلب منا جميعاً التكيف معها وتجييرها لصالحنا، على الأقل محاولة تطويعها لمصلحة شعبنا الذي ظلم كثيراً، وحرم من حقوقه المشروعة أسوة بباقي شعوب المنطقة.
لكن يبدو أن بعضنا يحول جعلنا غير مؤهلين للتماشي مع متغيرات التطور، فالمصالح الضيقة الحزبية أو المناصبية أو الوجاهية أو المادية هي التي تتحكم فينا، ومع الأسف أصبحت جزءاً من عقيدتنا، وممارساتنا اليومية، وأصبحت عوامل فرقة بيننا.
قبل فترة علمنا أنه سيعقد مؤتمر في هولير(اربيل) عاصمة إقليم كوردستان، وتفاءلنا خيراً لأن المؤتمر سينعقد تحت رعاية السيد الرئيس مسعود البارزاني، المعروف لدى عموم الشعب الكوردي بحرصه الشديد على عدم التفريط بأي حق من حقوق الكورد، وفي أية بقعة كوردستانية ، وهذا ليس بخاف عند الكورد لأنه قضى عمره مناضلاً في أحضان الثورة، وهو نجل زعيمنا التاريخي المبجل الملا مصطفى البارزاني(رحمه الله).
ما يخيب الآمال، وكالعادة، قيام اللجنة التحضيرية(اسمحوا لي إن سميتها بلجنة “المزاج والمحسوبية”) بإرسال الدعوات إلى الأفراد والأحزاب المختلفة للمشاركة فيها، وحسب العقليات التي تكلمنا عنها، فإنهم أعطوا لأنفسهم الحق بالتحكم في إرسال الدعوات حسب أمزجتهم الخاصة ، ومحسوبياتهم، وفرض إرادتهم وعقليتهم في استبعاد من يريدون، وقد تم استبعاد شخصيات وطنية مشهودة لها، واستبعاد منظمات وروابط معروفة بنضالها وتفانيها في خدمة قضية شعبهم الكوردي، كالمنظمات الحقوقية الكوردية، ورابطة الكتاب والصحفيين الكورد التي ينتسب إليها أكثر من مئتين مثقفا، عانى غالبيتهم الويلات على أيدي الأجهزة الأمنية للنظام السوري بسبب أقلامهم الحرة المدافعة عن الحقوق المغتصبة للشعب الذين هم منه بكل فخر واعتزاز، واقتيد
الكثيرين منهم إلى أقبية الأمن بشكل مهين للكرامة الإنسانية، فهل كل هؤلاء يستحقون الإقصاء، وليس من حقهم المشاركة في رسم الخارطة التي تعيد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها، كما تمت دعوة من لا إرث نضالي لهم، بل أناس عليهم الكثير من الشبهات والمآخذ الأخلاقية، ولست بصدد فضحهم وتبيان أسمائهم.
نفس الأمر حصل قبل انعقاد المؤتمر في قامشلو، ولكن بعض الشرفاء الحريصين على المصلحة الوطنية العليا للكورد تداركوا الأمر، فكانت النتيجة تأسيس المجلس الوطني الكوردي في سوريا بحضور كافة أو لنقل غالبية الفعاليات الوطنية على الساحة الكوردية السورية، وتمثيل أعضاء لهذه المنظمات والروابط والأحزاب فيها إلى جانب شخصيات وطنية، مما حدا بغالبية شعبنا إلى التفاؤل والاستبشار خيراً.
وهذه الأعمال إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن اللجنة المنظمة غير نزيهة، ولم تستطع التخلي عن العقلية الإقصائية التي تربى عليها غالبية أفرادها(لكي لا نظلم بعض الشرفاء في اللجنة)، وبذلك أثبتوا أنهم تلاميذ المدرسة البعثية، لأنهم تدربوا في مدارسها، وتربوا وتشربوا من شعاراتها البراقة، بالرغم من تغير المكان والزمان.
في الختام، أوجه التحية للرئيس مسعود البارزاني، وأرجو منه عدم التغاضي عن مثل هذه المهاترات التي تحصل في اللجان التحضيرية، ومحاسبة المسيئين منهم، لئلا تتجه مؤتمراتنا إلى الجهة المعاكسة لهدف انعقادها.
أؤكد أن هذا الكونفرانس لا يمثل جاليات الخارج، فنحن ففي دولة الإمارات لم نبلغ بالدعوة إليه، كما أن بلدان أخرى علمت انه لم توجه الدعوات لجالياتهم، لذلك ليكن هذا اللقاء تعارفياً، وأرجو ألا يسميه أحد كونفرانس الخارج، لأنه كونفراس أصدقاء ومحسوبي اللجنة التحضيرية التي تبين خلال معرفة البعض منهم أنهم غير جديرين بالثقة، وهذا أقل ما يقال في وصف البعض منهم.
وإن كان هؤلاء لجنة التحضيير للكونفرانس، فأي كونفرانس سينبثق عنه.