رسالة مفتوحة إلى المناضل الأخ مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان العراق حول عقد كونفرانس هولير

  د.إسماعيل حصاف*

تحية الكردايتي

لاشك أن الأنظار تتجه إليكم من مختلف أرجاء كردستان المجزأة ، مادمتم ترفعون راية الكردايتي وتشكلون صمام الأمان للحركة التحررية الكردية وتحملون الشعلة المضيئة لبارزان والتي اضاءت سماء كردستان منذ قرن ونصف ونشرت التسامح الديني ، هذا ناهيك عن تاريخكم النضالي كبيشمركة ثورتي أيلول التحررية وكولان التقدمية وبحكم موقعكم كرئيس للحزب الديمقراطي الكوردستاني وكرئيس منتخب شرعيا لإقليم كوردستان وما تستحوذونه من دعم وإحترام زائدين للشعب الكردي في جميع أجزاء كوردستان المقسمة  لجنابكم الفاضل ولدوركم الكبير.

 

حققت بارزان مع نهاية القرن التاسع عشر تحولات سياسية جذرية ، إقتصرت على المضامين الإجتماعية والإقتصادية والقومية.

وجدير بالذكر أن الجذور الأولى للتطلعات السياسية  في بارزان  ظهرت في زمن الشيخ محمد بارزاني الذي تعرض إلى النفي والإقامة الجبرية ، إلا أن التحول السياسي الكبير في بارزان حدث في مطالع القرن ، إذ أصبحت بارزان منذ عام 1903 رائدا للمقاومة السياسية الكردية.

فقد لعب الشيخ عبدالسلام دورا في صياغة المشروع القومي الكردي الحديث وحاضنة لوحدة المشروع الكردي .

وحتى لانسرد كثيرا في التاريخ ، أكتفي في هذا المجال ، بالإشادة بدور القائد التاريخي للأمة الكوردية مصطفى بارزاني الذي إقترن إسمه بإسم الشعب الكردي في التاريخ المعاصر وجزءا من وعي الذات الكردية .
تمر كردستان الغربية (سوريا) بمرحلة إنتقالية مهمة ، لأن سقوط نظام دمشق قاب قوسين أو أدنى ، حينها على الحركة السياسية الكردية تحمل مسؤولياتها التاريخية وإنجاز مهمة النضال القومي التحرري ، بهدف تأمين حقوق الشعب الكردي في إطار دولة تعددية دستورية قائمة على الإعتراف بجميع المكون السوري إتنيا ودينيا ، تضمنه الدستور الجديد بالإعتراف بالكرد كقومية أساسية رئيسة على أساس الشراكة في الوطن .

وكما تعلمون فأن ضمان هذا الحق مرهون بوحدة الصف الكردي ، وإلا فإن الشعب الكردي سوف لن يجد له مكانا في التوازنات السياسية القادمة .

الكرد هو الشعب الوحيد من بين الكبار الذي فشل حتى الآن في تشكيل دولته القومية ،علما أنه أيضا الشعب الوحيد الذي إنتفض وقاد ثورات كثيرة وآلاف الشهداء أكثر من الشعوب الأخرى المجاورة ، ويعود السبب إلى غياب الوحدة القومية  تاريخيا للكرد ، وغياب المشروع القومي .

وهذا مايطلب منا نحن الكرد السوريين لكسب الظرف التاريخي الذي قد لايتكرر في المستقبل القريب .

ففي كردستان سوريا ، هناك قوى متصارعة وغير موحدة ، في إطار عدة تشكيلات منها: أحزاب المؤتمر وإتحاد القوى الديمقراطية الكردية و PYDإضافة إلى التنسيقيات العديدة للشبان الكرد والمجموعات المستقلة من أكاديميين وساسة وكتاب ….إلخ.
لقد دعا جنابكم قادة الأحزاب الكردية التي زارت جنابكم في الشهر الماضي على أهمية وحدة الصف الكردي ووحدة خطابه السياسي ، لكنهم بدلا من أن يقوموا بتحقيق هذه الخطوة التاريخية ‘ فإنهم قاموا بعقد كونفرانس حزبي ضيق في مدينة هولير عاصمة كردستان العراق وتحت رعاية جنابكم ، وتجاوزا بإسم كونفرانس الجالية الكردية في الخارج .
الأخ رئيس إقليم كردستان : إن ماشجعني في كتابة هذه الرسالة هو كلمتكم التي أكدتم مجددا على وحدة الصف الكردي والإبتعاد عن الحزبية الضيقة وممارسة الكردايتي بدلا منها ، وبودي هنا وضع بعض الحقائق حول شكل إنعقاد الكونفرانس الذي حمل إسم الجالية الكردية في الخارج وهو في حقيقته ليس بذلك ، بل جاء خدمة لبعض الأحزاب الكردية في سوريا .

 فقد شكلت لجنة تحضير الكونفرانس حصرا من أعضاء بعض أحزاب المؤتمر الوطني ومن لف لفهم ،علما أن اللجنة المكلفة لم ترسل دعوات إلى سبع أحزاب كردية من خارج إطار أحزاب المؤتمر، ناهيك عن تنسيقيات الشباب الكرد والشخصيات الفكرية والأكاديمية والمستقلين ، وقد أكد الناطق بإسم الكونفرانس أكثر من مرة على أن الهدف من الكونفرانس هو دعم أحزاب المؤتمر الوطني .

والسؤال ألا يعني هذه السياسة الإقصائية من قبل أحزاب المؤتمر الوطني تكرارا للتجارب الكردية القديمة التي فشلت دوما من جرائها في تحقيق الحلم الكردي .

وإسمحوا لي أخيرا وليس آخرا ، يا جناب السروك ، بإعطائكم ملاحظة أخرى ، بالتأكيد لاتعلمون عنها شيئا .

ففي هولير مثلا لم توجه دعوات إلى الأشخاص خارج سربهم ، فمثلا هناك في هولير أربع من الأكاديميين المتخصصين بالمسألة الكردية وأنا واحد منهم وأطباء ومحامين ومهندسين وممثلي التيارات الحزبية والشبابية ، وهكذا دواليك في مدن دهوك وسليمانية …إلخ .

ولأنني لا أستطيع الكتابة عن حياة وتاريخ هؤلاء ، فإسمحوا لي أن أعرفكم بنفسي ، وقد أمثل نموذجا حيا للعديد من الذين تم إقصائهم .

إنتسبت إلى الحركة السياسية الكردية منذ نعومة أظفاري ، وكان عمري (15) عاما وقد وعيت بفضل ثورة أيلول وإسم البارزاني الخالد كغيري من آلاف من الكرد في جميع أرجاء كردستان ، وكنت عضوا في الحزب الكردي اليساري في سوريا الذي وقف مع ثورة أيلول بقيادة الزعيم مصطفى بارزاني، وفي سنوات دراستي الثانوية أصبحت مسؤولا عن تنظيمات السرية للطلبة في قامشلو ومن ثم كادرا متفرغا في الهيئات القيادية في عامي 1974 – 1975 وكنت عضوا في مؤتمرى الثالث 1973 والرابع 1975 .

وفي عام 1975 توجهت إلى الإتحاد السوفياتي بمنحة حزبية وهناك وكما كنت بقيت مخلصا ومدافعا عن الكردايتي وفقا لنهج البارزاني ، وترشحت عضوا في قيادة جمعية طلبة وشباب الكرد في أوربا ومسؤولا عن العلاقات الكردستانية في أوروبا ومسؤولا عنها في الأتحاد السوفياتي ، إضافة كنت مسؤولا عن تنظيم حزب اليساري الكردي في أوروبا ، وحصلت على منح لطلبة الكرد وساعدت طلبة الكرد دون إسثناء ومن جميع أجزاء كردستان ، ودافعت عن إطروحة الدكتوراة في القسم الكردي بمعهد الإستشراق بإشراف الكردولوجي لازاريف ، تحت عنوان ” المسالة الكردية في العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية ” في 22 كانون الثاني 1986 ، وكان محور الإطروحة المسألة الكردية في العراق حينها هنأني لازاريف قائلا: أصبحتم اليوم دبلوماسيا كرديا ، لأن تخصصي هو تاريخ العلاقات الدولية .

ونظمت مظاهرة عام 1983 ضد التدخل التركي في كردستان العراق لكنها فشلت بسبب تدخل دولتي تركيا والعراق، وسلمت عدة مذكرات إلى الدول العظمى عن طريق الجانب السوفياتي .

وكتبت عدة مؤلفات وترجمات منها كتاب : كردستان والمسالة الكردية ، وكتاب : دوسية البارزاني في محفظة ستالين الفولاذية ، وعدة أبحاث علمية في المسالة الكردية ، وحوالي (150) مقالة جلها عن الكرد والمسألة الكردية ونصفها عن كردستان العراق نشرت اغلبها في الصوت الآخر وعلى المواقع الإنترنتية وغيرها .

وفي عام 1986 عدت إلى كردستان سوريا وكنت ضد البقاء في أوروبا ، وكان هدفي تشكيل حركة سياسية كردية موحدة في كردستان سوريا ، وبعد محاولات عديدة في الفترة مابين أعوام 1990 – 2002 قدمت مشاريع وحدوية دون فائدة .

أعمل حاليا إستاذا مساعدا في قسم التاريخ بكلية الآداب – جامعة صلاح الدين ، وبعد هذا السرد عن نفسي كأكاديمي و كنموذج من بين عشرات النماذج المشابهة ، ألم أكن مستحقا بالدعوة  لحضور الكونفرانس يا جناب الرئيس.

* أكاديمي متخصص في المسألة الكردية

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…