فيمَ الخِلاف?… أيها الكرد في الأسرة السورية!

د.

كسرى حرسان

أليست القضية الكردية قضية واحدة مثلما أن القومية الكردية انتماء واحد، ألسنا نناضل – نحن الكرد – ونكافح جميعاً من أجل نيل الحرية والخلاص من نير التحكم والظلم والاستبداد، بلى وإن هذه بديهية مسلمة بها لدى الشعب الكردي في شتى بقاع وجوده القومي، بغض النظر عمَّن يريدون أن ينصِّبوا أنفسهم قائمين عليه، فالكرد مهما انتموا أو نسبوا أشخاصهم إلى هذا الحزب أو ذاك يبقون كياناً خاماً، لا يتسم بأية حساسية بعضهم تجاه البعض الآخر سوى أن نيتهم خالصة للتواد والتعاطف والتفاني لبعضهم، وما انتماؤهم السياسي إلى هذه الفئة أو تلك إلا من منطلق الاندفاع والحماس لخدمة قضيتهم التي ما فتئوا يحسون بها إحساساً عميقاً ملازماً ومستمراً نتيجة للمعاناة والآلام التي تجرَّعوها على الدوام منذ أن وعوا على نصَبهم وعذابهم والظلم الذي لحق بهم ممن يريدُ بهم الشر ويُضمر لهم الحقد والكراهية.

وما دامت قضيتنا واحدة لا تنفصل فيلزم وينبغي أن نكون وحدة متضامنة لا تحتمل الخلاف والنزاع ولا تقبل إلا الاختلاف البناء في الآراء بما يخدم غاياتِنا ويمضي بها قدماً إلى الأحسن والأمثل.
أمَّا أن نتنازع ونتصارع فهذا خروج على معتقدنا عينِهِ وسعي هواوي إلى التسلط والعجرفة والتلويح بالعصا الغليظة وسلوك غير حضاري، لأنه لا يصدر عمن انبثق من أوجاع الشعب وشعرَ معه بتباريحها، إنه عسْف وسير بغير هدى، غير أنه منظم ومُحكم وممهَّد له، يعلم من يقومون بهذه السلوكيات ما يفعلون ويتصرفون.
علينا أن نرجع عن الغوغائية لنثبت أننا من صميم هذا الشعب، وإلا فإننا شِرذِمة قليلون صائعون ضائعون، ندعي شيئاً والحقيقة غير الادعاء، وهي على بصر الناس وبصيرتهم، فالنضال ليس بالأقوال والشعارات والخروج على الملأ، وإنما أفعال حميدة تلبي تطلعات الشارع الكردي وترضي نزعاته نحو الغاية المنشودة بتروٍّ وتدبير حكيم، ذلك أنه لا يمكننا أن نستدل بوجود جماعة ما على مرحلة نضالية، بل ربما على نشأة مشبوهة ومؤامرة خسيسة وحاقدة.
ولى عصر الرعاع، ولم يعد هذا زمانه، وينبغي أن يشد الرحال دون جدال، كذلك يجب أن يدركنا زمن القادة النازلين عند آلام الشعب وآماله وتطلعاته، لأن كل يوم يمر من غير سياسة رشيدة مضيَعة للوقت، والوقت كالسيف يقطع ويستأصل دون شفقة ولا رحمة.
فإما أن نحزم أمرنا وإما أن نسلِم مصيرنا إلى المجهول، ولا أحد يعاين عوَزنا كما نحس ونلمس، وما من جهة تراعي حقوقنا إن لم نحافظ نحن عليها، وكفى بالتاريخ دروساً وعِبراً.
وأريد أن أشير بأننا – وحالنا هذه – غير جديرين بحمل المهامّ الجسام، وقد أثبتت الأحداث والوقائع أننا دون مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا والتي تتطلب منا الكفاءة والحصافة والهمة والتدبير السليم، وكم أود أن أنوّه إلى ناحية ربما غابت عن أذهان الكثيرين منا بسبب الانشغال بالحياة وأهوائها والانهماك في السعي وراء العرَض والبهرج، ألم نكن نحرق آباءنا وأجدادنا بلذع لومنا وعذلنا إياهم?، ألم نعنفهم ونقرِّعْهم بتقصيرهم حيالنا وتجاهلهم لشأننا الذي أصبحنا عليه اليوم?!.
أليس الأوْلى الآن أن نحاسب أنفسنا حساباً عسيراً احتجاجاً وعدمَ رضا على سلوكياتنا ونستهجن، كردة فعل، أفعالنا وتصرفاتنا التي باتت تنزل إلى الدرْك والحضيض، وإذا كان الأسلاف ضعافاً هزيلين ضئيلي الدور فنحن الخلف في عصر علوم التكنولوجيا والفضاء اليوم عديمون ومحذوفون من الخارطة العالمية دفعة واحدة، وإذاً فيجب أن نستقرئ ونستنبط قانوناً علمياً وحقيقة ثابتة قعساء مفادها أن الكرد شعب ذائب عنصرياً في بوتقة ألدّ أعدائه وأشحن شانئيه، وأنه بالنتيجة غير حقيق بالحياة الحرة الكريمة، فهو اتهام دامغ لنا في عقولنا تماماً.
ولن أقول لقادتنا كفاكم مهزلة، فلطالما هتفتُ فلم يلقَ هتافي صدىً، ولكم دعوتُ وما كان من مجيب، وكيف يسمع ميت فارق الحياة?.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…