وماذا كانت النتيجة، ملايين المشردين وملايين المهاجرين وملايين القتلى وملايين الفقراء وملايين المقتاتين على النفايات المنزلية، هذه هي عروبتهم وهذه هي إشتراكيتهم وهذه هي كرامتهم.
“كل ما حصل للشعب السوري لم يلفت الأنظار، هناك من مرر رسائل خجولة، وأنا أصارح شعبنا بهذا الموضوع، يقول: هل يمكن تدمير هذه الأسلحة؟ وأقول إنّ هذا الأمر يُقرره مؤتمر وطنيٌّ جامع، ويمكن أن يحصل برأيي في ظل صفقة كاملة لكل المنطقة، تبعد كل أنواع الأسلحة النوويّة والدمار الشامل.
إن المعارضة لن تبيع وطنها أيها الإخوة ويا حكومات العالم.”
السيد الخطيب يظهر هنا وكأنه غدا سيحل مكان الأسد في القصر الجمهوري على جبل قاسيون وسيجتمع بالأحمدي نجاد الذي يطالب هو أيضا مثله بمنطقة خالية من السلاح النووي والكيميائي ويطالبا نتنياهو بالتخلي عن السلاح النووي الإسرائيلي، كي تتخلى كل من سوريا وإيران عن السلاح الكيميائي ووقف العمل بالقنبلة النووية في جمهورية إيران الإسلامية وإلا سندمر اسرائيل عن بكرة ابيها ابراهيم.
أولاً: ثمة اناس يقتلون بأبشع وسائل القتل، واناس يقتلون ببطءٍ شديد في كل لحظة والألم يعتصر قلوبهم، والحاجة والعوز يهينان نفوسهم المتكسرة، ينامون وما هم بنيام، يأكلون ويشربون وماهم بأصحاء، يبتسمون بوجوههم لكن قلوبهم تبكي وجعاً وألما وحزناً، يائسون في دواخل ذواتهم إلى الحضيض، لكنهم لم يعودوا قادرين على إبتلاع الذل من جديد بعد أن لفظوه، مستعدون للألم والعذاب والموت باليوم ألف مرة وأن لا يرجعوا إلى حظائر الأسد كحيوانات ذليلة، إنهم المشردون في دول الجوار وفي الداخل السوري، هل يا ترى فكر الخطيب بهؤلاء ومعاناتهم عندما يقول أن المعارضة لن تبيع وطنها، مشيرا أن المعارضة لن ترضى أن يدمر السلاح الكيماوي السوري.
متى كان الوطن يختزل بالسلاح أي سلاح؟ أي وطن هذا نصف سكانه مشردين والنصف الآخر يقتل بعضه البعض، ويحتقر بعضه البعض ويكفر بعضه البعض، أي وطن تتحدث عنه يا سيد معاذ؟ وأي سلاح هذا لاتقبل بتدميره؟
بالأسد أو بدونه، وبخاصة بعد أن إعترف النظام السوري بعضمة لسانه بإمتلاكه اسلحة كيماوية وبأنه مستعد لإستخدامها في حال تدخل عسكري في سوريا.
وزاد على ذلك بأن استخدمه فعلاً، وبذلك أعطى دليلا عملياً لمن يحتاجه.
وهاهي أمريكا أصبح لديها الدليل.
فهل يعتقد السيد الخطيب أن أمريكا ستنتظر الأذن منه لتدمير هذه الأسلحة؟ بالتأكيد لا، فأمريكا ـ بعد أن أصبح الدليل في يدها ـ ستقرر الوقت المناسب لتدمير هذه الأسلحة ولن تنتظر موافقة الخطيب أو غيره.
وربما ليحقق الأغلبية للعلويين والشيعة في سورية، فتتحول سورية إلى دولة شيعية عن حق وحقيق.
ولسوف نرى ماذا يمكن أن يفعل السيد الخطيب بالسلاح الكيماوي حينئذٍ؟ هذا إن بقي شيئاً منه.
ثم أوليس من الغباء أن يطلب السيد الخطيب المساعدة العسكرية من سلاح وحظر جوي وقصف منشآت عسكرية سورية من امريكا والغرب، وبنفس الوقت يصرح بأنه ليس مع تدمير السلاح الكيماوي السوري الآن.
وكأن الغرب وأمريكا من الهبل أن يتدخلوا عسكريا ويتركوا السلاح الكيماوي للسيد الخطيب ليفاوض به إسرائيل بشأن السلاح النووي، الذي إلى الآن لم يقر مسؤول رسمي إسرائيلي بوجوده أو بإستخدامه على عكس ما فعلت القيادة السورية الفائقة الذكاء!!!.
الإتحاد السوفياتي كان يملك من القنابل النووية ما بإمكانه تدمير العالم عدة مرات، فماذا استطاع أن يحقق بهذه القوة لشعبه غير الفقر والعوز والوقوف يوميا في طوابير للحصول على سلعة بسيطة، يذكر الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كرافتشوك في حديثه لروسيا اليوم قبل مدة وجيزة أنه وقف في أحد الطوابير من الساعة ماقبل الظهر إلى ساعات المساء لشراء حذاء لزوجته.
انظر إلى الكوريتين وقارن بينهما، واستنتج البون الواسع بينهما وماذا حققت الشمالية بالسلاح النووي؟
وماذا حقق محبوب أغلب النخبة المثقفة العربية الطاغية المقبور صدام حسين بسلاحه الكيماوي، أو لم يعثر عليه كشبح تحت أرضي وفي يده حقيبة فيها دولارات أمريكية بدلا من سلاح كيماوي.
وماذا فعل القذافي بمعامل السلاح الكيماوي؟ ألم يمتثل لأوامر الغرب ويلغيها من أساسها.
وهو القائد والملك والقيصر والرئيس والأمبرطور والمجنون والمعتوه.
ماذا كانت نهايته إلم يمت متخوزقاً؟
إفلا يكفي كل ماذكر عن السلاح الكيماوي ليقتنع السيد الخطيب بعدم جدواه، ام أنه يريد أن يجرب ذلك بنفسه عملياً كغيره؟
فلتدمر سوريا وليبقى السلاح الكيماوي، وليقتل السوريون يومياً ويذبحوا كما يذبح الدجاج ولتفقأ عيونهم ولتقتلع حناجرهم ولتقطّع أعضاؤهم الجنسية وغير الجنسية، ولتفجررؤسهم وأدمغتهم، وليبقى السلاح الكيماوي عند السيد الخطيب، ولتدمر المدن والقرى السورية عن بكرة أبيها كما دمر الملك الأموي يزيد بن معاوية مدينة مكة وحللها لجيشه المغوار مدة ثلاث أيام متتالية يفتك بأهلها وبالصحابة قتلا وصلبا وقطع الأيدي والأرجل على خلاف وختم الصحابة على أجسادهم كما تختم الأبقار، وهتك الأعراض من كل جنس حتى أنهم لم يتركوا فيها بكرا.
ولينتظر السيد الخطيب أن يفعل الأسد وشبيحته العلوية والسنية والشيعية من لبنان وإيران وروسيا الإتحادية، ان يحللوا لأنفسهم المدن والقرى السورية وليفعلوا فيها كما فعل الجيش اليزيدي بأهل مكة.
كي تبقى الأسلحة الكيماوية في الحفظ والصون للسيد الخطيب ليفعل فيها فيما بعد، كما فعل ويفعل وسيفعل الأسد بها.
كم توقعت في البداية من السيد الخطيب أن يقول يوما أن تدمر الأسلحة الكيماوية كلها في سوريا وأن لاتنتهك عرض فتاة سورية.
أن يقول: لأهون علي أن تدمر سوريا من بكاء طفل بين الأطلال فقد امه و أباه واخته وأخاه.
توقعته أن يقول: لعن الله الأسلحة الكيماوية وصانعها ومستخدمها وناقلها.
أم أن الخمر حرام والسلاح الكيماوي حلال حسب أجتهاد الخطيب؟!!!
للأسف لا أفهم أبدا كيف اختزل الخطيب الوطن كله بسلاح كيماوي وهو يرد على من طلب بتدمير هذا السلاح عندما قال: “إن المعارضة لن تبيع وطنها أيها الإخوة ويا حكومات العالم.” متى كانت الأوطان تقارن بالسلاح الكيماوي يا خطيب؟
لاتزعل منا يا سيدنا، سنفعل ماتريده من حظر جوي وقصف لمواقع الأسد العسكرية، وكرمال ماتزعل مرة تانية راح نقصف عمر الأسد وقصره الجمهوري أيضاُ إذا مابدك القصر.
وسنترك لك الأسلحة الكيماوية لتتم بها صفقتك الكريمة، ولو تكرم عينك.
كاتب في قضايا الدين والسياسة