عدنان بدرالدين
كما كان متوقعا لها تماما، إنتهت إجتماعات المجلس الوطني الكردي مع مجلس غرب كردستان إلى فشل واضح.
الإجتماعات التي إستمرت لإسبوع في هولير ، تحت رعاية رئاسة إقليم كردستان العراق، ولكن بعيدا عن أعين الشعب الكردي في سورية، تمخضت عن مؤتمر صحفي / لم يكن هناك حتى بيان ختامي/ أعلن فيه الطرفان ، وإن كل بطريقته الخاصة ، التوصل إلى “تفاهمات مشتركة” بخصوص “بعض القضايا الخلافية”، مثل إطلاق سراح معتقلي بعض أحزاب المجلس الوطني لدى المجلس الآخر، وفتح معبر – سيمالكا- أمام المساعدات الإنسانية والحالات الطارئة، والإتفاق على آلية للتعامل مع مؤتمر جنيف2 ،
الإجتماعات التي إستمرت لإسبوع في هولير ، تحت رعاية رئاسة إقليم كردستان العراق، ولكن بعيدا عن أعين الشعب الكردي في سورية، تمخضت عن مؤتمر صحفي / لم يكن هناك حتى بيان ختامي/ أعلن فيه الطرفان ، وإن كل بطريقته الخاصة ، التوصل إلى “تفاهمات مشتركة” بخصوص “بعض القضايا الخلافية”، مثل إطلاق سراح معتقلي بعض أحزاب المجلس الوطني لدى المجلس الآخر، وفتح معبر – سيمالكا- أمام المساعدات الإنسانية والحالات الطارئة، والإتفاق على آلية للتعامل مع مؤتمر جنيف2 ،
دون أن يتم حتى مناقشة قضايا الخلاف الأساسية مثل تفعيل “الهيئة الكردية العليا”، والتأسيس لقوة عسكرية كردية مشتركة على أنقاض “وحدات حماية الشعب” التي هي ميليشيا حزبية تابعة ل پ ي د، وعلاقة هذا الأخير بالنظام السوري الذي لايزال يسرح ويمرح على هواه في “غرب كردستان المحرر”، وعضوية الحزب في لجنة التنسيق الوطني التي لاتنسق في الواقع إلا مع النظام وحلفائه في موسكو وطهران، وإعلانه، بدعم ومباركة مبطنتين من النظام وحلفائه أيضا، لما يسمى مشروع “الإدارة الذاتية الديمقراطية” للمناطق الكردية من طرف واحد بالتعاون مع بعض الجهات العربية والسريانية الموالية للنظام والمعادية للحقوق الكردية، ناهيك عن بعض التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها أخيرا السيد صالح مسلم زعيم الحزب/ الملفت للإنتباه أنه لم يحضر إجتماعات هولير/ فيما يخص تفتيت جغرافية كردستان الغربية إلى ثلاثة أجزاء، والأخطر من ذلك التلميح بالتخلي عن المطالبة بإلغاء الحزام العربي الذي يعتبر بكل المقاييس جريمة سياسية وحقوقية ذات طابع عنصري مقيت إرتكبها النظام ضد الوجود القومي للشعب الكردي عن سبق إصرار ولم يتجرأ بالمناسبة حتى أكثر قادة حركتنا “واقعية وإعتدالا” القفز فوقه، نقول أن ذلك كله يحرج بعض أحزاب المجلس الوطني المقربة من رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود بارزاني ويجعل بالتالي كل تعاون مع الحزب الأوجلاني في هذه المرحلة أمرا صعبا.
وإذا كان الأمر كذلك، فماالذي إستدعى إذن إجتماعات هولير ؟
الواقع أن رئاسة كردستان العراق، وبعد الفشل الذريع لمشروعها المسمى “الهيئة الكردية العليا” التي ولدت بالإساس ميتة وتم مصادرتها منذ اليوم الأول من جانب الحركة الأوجلانية كبطاقة مرور إلى المحافل الدولية، والغربية منها على وجه الخصوص لأسباب معروفة، تحاول الآن، قدر الإمكان، تصحيح خطأها عن طريق محاولة النفخ في الجسد الهامد للهيئة المؤودة بهدف إحياءها، أو على الأقل جعلها أكثر جاذبية للمواطن الكردي العادي، وهو طبعا أمر لن تنجح فيه أبدا.
فالتساهل وعدم الحزم الذي إنتهجته قيادة الإقليم في سياستها تجاه كردستان الغربية هي أحد أسباب الوضع المزري الذي يعانيه الشعب في هذا الجزء من وطننا من جراء سيطرة سلطة الأمر الواقع بالتشارك مع النظام على مجريات الأمور بشكل تام.
ومن نافل القول هنا التذكير أن تغيير الوضع الحالي بإتجاه مصلحة الشعب الكردي لن يتم إلا بتغيير موازيين القوى الفعلية على الأرض التي هي الآن مختلة بشكل مطلق لصالح الحركة الأوجلانية وحلفائها لدرجة أن إمكانية تقديم هذه الأخيرة لأية تنازلات للطرف المقابل في الظروف الراهنة يعد ضربا من الخيال وأمرا غير وارد على الإطلاق، كما أنه لايبدو في الأفق مايدل على أن هناك أية رغبة حقيقية لدى قيادة كردستان العراق/ وهي قد تكون محقة في ذلك لإعتبارات تخص المصالح العليا للإقليم/ لإجراء أي تغيير حقيقي في مسار سياستها تجاه أزمة كردستان الغربية.
المجلس الوطني الكردي الذي يعاني من شلل شبه تام منذ تأسيسه يسير بفعل تركيبته اللامتجانسة والتبعية المطلقة للقوى الرئيسية فيه لمحور – هولير – ، خاصة بعد أن خبا نجم السليمانية، بعد الإنتخابات الأخيرة التي أضعفت إلى حد بعيد دور الإتحاد الوطني الكردستاني في المعادلة السياسية في الإقليم الكردي، مهتم بالدرجة الأولى بقضية بقائه على قيد الحياة، والحفاظ على ماتبقى له من رصيد جماهيري يتآكل مع كل يوم يمر، وذلك بفعل غربته عن هموم شعبه، وفشله الذريع في تلبية متطلبات المرحلة الراهنة، دون أن يعني ذلك بالضرورة تحول هذا الرصيد إلى منافسه اللدود “مجلس غرب كردستان” الذي يعاني هو الآخر من أزمة ثقة مزمنة مع شعب كردستان الغربية بدءا من تحالفه الإشكالي مع نظام الأسد الإب في تسعينيات القرن المنصرم، وإنكاره على أعلى المستويات لوجود شعب كردي في سورية ناهيك عن وجود قضية بهذا الإسم، مرورا بمحاربته للحركة الكردية ورموزها على مدى مايقارب عقدين من الزمن تحت شعارات قومية مزايدة، وإنتهاءا بإنغماسه النشط الآن في “محور المقاومة والممانعة” جنبا إلى جنب مع النظام وحلفائه ممثلين بإيران ودميته الطائفية حزب الله اللبناني وعراق المالكي، بالإضافة طبعا لسياساته الحالية التي أوصلت كردستان كمجتمع وإقتصاد وديمغرافيا إلى حافة الهاوية، وليس مصادفة أبدا تركيز الحركة الأوجلانية على الشباب من صغار السن لأنهم لم يعايشوا سياسة الحزب أيام وجود قيادته وفي المقدمة منها السيد عبدالله أوجلان في سورية ، ولهذا يسهل تطويعهم فكريا ونفسيا لتقبل سياسات الحزب الحالية التي تقدم لهم ك”بديل ثوري” و “جديد” للحركة الكلاسيكية الكردية المترهلة، وهو تكتيك يبدو أنه نجح إلى حد ما، فالأغلبية الساحقة من جماهير الحركة هم شباب دون الخامسة والعشرين من عمرهم، أي أنهم كانوا في العاشرة أو مادونها عندما تم طرد الحزب وقيادته من سورية منذ خمسة عشر عاما.
في ضوء كل ماسبق، مالذي يمكن فعله الآن لتجاوز حالة الإستعصاء التي زجت الحركة الكردية قضية شعبها فيه في هذه المرحلة الحبلى بالكثير من المخاطر والتحديات، ولكن بالإمكانيات والآمال أيضا.
هناك الآن فعليا إدارة، من نوع ما، يديرها حزب الإتحاد الديمقراطي بالتشارك مع النظام السوري، وهي طبعا إدارة سيئة بكافة المقاييس، ولكنها في الوقت ذاته واقع معاش يجب التصدي له وتغييره بالوسائل المتاحة.
ليس هناك أية إمكانية الآن لمواجهة هذه الإدارة عن طريق إستخدام القوة، فهي غير متوفرة، ولن تكون متاحة قبل سقوط النظام الحالي، وهو أمر قد يطول، علاوة على أنها/إسياسة القوة/ هي الوسيلة المفضلة لدى هذه الإدارة في حل مشاكلها مع الشعب، وهي لهذا ، وأيضا من حيث المبدأ، خيار سيئ على طول الخط .
الطريق الوحيدة المتبقية هي إنتهاج طريق المقاومة الديمقراطية من خلال العودة إلى تنظيم التظاهرات السلمية والإحتجاجات والإعتصامات ضد سياسات سلطة الأمر الواقع وملحقاتها، وتفعيل منظمات المجتمع المدني من خلال زج كل القوى المتضررة من السياسة الحالية لهذه الإدارة المفروضة على شعبنا في نضال عام يصب في خدمة الثورة السورية، بمفهومها الشامل، ضد نظام الإستبداد وذيوله.
وهنا بالذات تبرز أهمية القوى السياسية الكردية ذات التوجهات الديمقراطية، بما فيها تلك المنضوية في إطار المجلس الوطني الكردي في دعم مثل هذا التحرك الجماهيري والمساهمة في إدارته مما قد يؤدي إلى ظهور معارضة حقيقية للإدارة الحالية قد تتمكن تدريجيا من تغيير موازيين القوى على الأرض، وإجبار هذه الأخيرة على تغيير سياساتها الحالية التي تدخل في تعارض صارخ مع المصالح الحيوية للشعب الكردي في سورية، أو الرحيل عن السلطة.
هذا طبعا ليس خيارا سهل المنال، إذا أخذنا بعين الإعتبار الطابع الشمولي لسلطة الأمر الواقع وسلوكها العنفي من ناحية، وهزال أداء القوى السياسية الكردية الأخرى من ناحية أخرى، ولكنها بالتأكيد تصبح ممكنة في حال توفر الإيمان بالإمكانات الذاتية المبدعة لشعبنا، وهي كثيرة وخلاقة، وإعتمادها أساسا لمثل هذا العمل النبيل، ومن ثم الإستفادة من دعم الأشقاء في كردستان، وأخوتنا في المعاناة والمصير من أبناء الثورة السورية المجيدة.
نعم أنها طريق صعبة، لكنها بالتأكيد هي الطريق الأمثل نحو بلوغ الحرية المنشودة.
25/12/2013
وإذا كان الأمر كذلك، فماالذي إستدعى إذن إجتماعات هولير ؟
الواقع أن رئاسة كردستان العراق، وبعد الفشل الذريع لمشروعها المسمى “الهيئة الكردية العليا” التي ولدت بالإساس ميتة وتم مصادرتها منذ اليوم الأول من جانب الحركة الأوجلانية كبطاقة مرور إلى المحافل الدولية، والغربية منها على وجه الخصوص لأسباب معروفة، تحاول الآن، قدر الإمكان، تصحيح خطأها عن طريق محاولة النفخ في الجسد الهامد للهيئة المؤودة بهدف إحياءها، أو على الأقل جعلها أكثر جاذبية للمواطن الكردي العادي، وهو طبعا أمر لن تنجح فيه أبدا.
فالتساهل وعدم الحزم الذي إنتهجته قيادة الإقليم في سياستها تجاه كردستان الغربية هي أحد أسباب الوضع المزري الذي يعانيه الشعب في هذا الجزء من وطننا من جراء سيطرة سلطة الأمر الواقع بالتشارك مع النظام على مجريات الأمور بشكل تام.
ومن نافل القول هنا التذكير أن تغيير الوضع الحالي بإتجاه مصلحة الشعب الكردي لن يتم إلا بتغيير موازيين القوى الفعلية على الأرض التي هي الآن مختلة بشكل مطلق لصالح الحركة الأوجلانية وحلفائها لدرجة أن إمكانية تقديم هذه الأخيرة لأية تنازلات للطرف المقابل في الظروف الراهنة يعد ضربا من الخيال وأمرا غير وارد على الإطلاق، كما أنه لايبدو في الأفق مايدل على أن هناك أية رغبة حقيقية لدى قيادة كردستان العراق/ وهي قد تكون محقة في ذلك لإعتبارات تخص المصالح العليا للإقليم/ لإجراء أي تغيير حقيقي في مسار سياستها تجاه أزمة كردستان الغربية.
المجلس الوطني الكردي الذي يعاني من شلل شبه تام منذ تأسيسه يسير بفعل تركيبته اللامتجانسة والتبعية المطلقة للقوى الرئيسية فيه لمحور – هولير – ، خاصة بعد أن خبا نجم السليمانية، بعد الإنتخابات الأخيرة التي أضعفت إلى حد بعيد دور الإتحاد الوطني الكردستاني في المعادلة السياسية في الإقليم الكردي، مهتم بالدرجة الأولى بقضية بقائه على قيد الحياة، والحفاظ على ماتبقى له من رصيد جماهيري يتآكل مع كل يوم يمر، وذلك بفعل غربته عن هموم شعبه، وفشله الذريع في تلبية متطلبات المرحلة الراهنة، دون أن يعني ذلك بالضرورة تحول هذا الرصيد إلى منافسه اللدود “مجلس غرب كردستان” الذي يعاني هو الآخر من أزمة ثقة مزمنة مع شعب كردستان الغربية بدءا من تحالفه الإشكالي مع نظام الأسد الإب في تسعينيات القرن المنصرم، وإنكاره على أعلى المستويات لوجود شعب كردي في سورية ناهيك عن وجود قضية بهذا الإسم، مرورا بمحاربته للحركة الكردية ورموزها على مدى مايقارب عقدين من الزمن تحت شعارات قومية مزايدة، وإنتهاءا بإنغماسه النشط الآن في “محور المقاومة والممانعة” جنبا إلى جنب مع النظام وحلفائه ممثلين بإيران ودميته الطائفية حزب الله اللبناني وعراق المالكي، بالإضافة طبعا لسياساته الحالية التي أوصلت كردستان كمجتمع وإقتصاد وديمغرافيا إلى حافة الهاوية، وليس مصادفة أبدا تركيز الحركة الأوجلانية على الشباب من صغار السن لأنهم لم يعايشوا سياسة الحزب أيام وجود قيادته وفي المقدمة منها السيد عبدالله أوجلان في سورية ، ولهذا يسهل تطويعهم فكريا ونفسيا لتقبل سياسات الحزب الحالية التي تقدم لهم ك”بديل ثوري” و “جديد” للحركة الكلاسيكية الكردية المترهلة، وهو تكتيك يبدو أنه نجح إلى حد ما، فالأغلبية الساحقة من جماهير الحركة هم شباب دون الخامسة والعشرين من عمرهم، أي أنهم كانوا في العاشرة أو مادونها عندما تم طرد الحزب وقيادته من سورية منذ خمسة عشر عاما.
في ضوء كل ماسبق، مالذي يمكن فعله الآن لتجاوز حالة الإستعصاء التي زجت الحركة الكردية قضية شعبها فيه في هذه المرحلة الحبلى بالكثير من المخاطر والتحديات، ولكن بالإمكانيات والآمال أيضا.
هناك الآن فعليا إدارة، من نوع ما، يديرها حزب الإتحاد الديمقراطي بالتشارك مع النظام السوري، وهي طبعا إدارة سيئة بكافة المقاييس، ولكنها في الوقت ذاته واقع معاش يجب التصدي له وتغييره بالوسائل المتاحة.
ليس هناك أية إمكانية الآن لمواجهة هذه الإدارة عن طريق إستخدام القوة، فهي غير متوفرة، ولن تكون متاحة قبل سقوط النظام الحالي، وهو أمر قد يطول، علاوة على أنها/إسياسة القوة/ هي الوسيلة المفضلة لدى هذه الإدارة في حل مشاكلها مع الشعب، وهي لهذا ، وأيضا من حيث المبدأ، خيار سيئ على طول الخط .
الطريق الوحيدة المتبقية هي إنتهاج طريق المقاومة الديمقراطية من خلال العودة إلى تنظيم التظاهرات السلمية والإحتجاجات والإعتصامات ضد سياسات سلطة الأمر الواقع وملحقاتها، وتفعيل منظمات المجتمع المدني من خلال زج كل القوى المتضررة من السياسة الحالية لهذه الإدارة المفروضة على شعبنا في نضال عام يصب في خدمة الثورة السورية، بمفهومها الشامل، ضد نظام الإستبداد وذيوله.
وهنا بالذات تبرز أهمية القوى السياسية الكردية ذات التوجهات الديمقراطية، بما فيها تلك المنضوية في إطار المجلس الوطني الكردي في دعم مثل هذا التحرك الجماهيري والمساهمة في إدارته مما قد يؤدي إلى ظهور معارضة حقيقية للإدارة الحالية قد تتمكن تدريجيا من تغيير موازيين القوى على الأرض، وإجبار هذه الأخيرة على تغيير سياساتها الحالية التي تدخل في تعارض صارخ مع المصالح الحيوية للشعب الكردي في سورية، أو الرحيل عن السلطة.
هذا طبعا ليس خيارا سهل المنال، إذا أخذنا بعين الإعتبار الطابع الشمولي لسلطة الأمر الواقع وسلوكها العنفي من ناحية، وهزال أداء القوى السياسية الكردية الأخرى من ناحية أخرى، ولكنها بالتأكيد تصبح ممكنة في حال توفر الإيمان بالإمكانات الذاتية المبدعة لشعبنا، وهي كثيرة وخلاقة، وإعتمادها أساسا لمثل هذا العمل النبيل، ومن ثم الإستفادة من دعم الأشقاء في كردستان، وأخوتنا في المعاناة والمصير من أبناء الثورة السورية المجيدة.
نعم أنها طريق صعبة، لكنها بالتأكيد هي الطريق الأمثل نحو بلوغ الحرية المنشودة.
25/12/2013