بين سلام الثورة وسلام النظام

صلاح بدرالدين

لاحاجة للتذكير في كل مناسبة بأن الانتفاضة السورية قامت سلمية ولم يكن في حسبان الثوار أن يحملوا السلاح يوما دفاعا عن النفس ومقاومة العدوان لولا تجاهل نظام الاستبداد لارادة الشعب في الحرية والكرامة وعدم الاستجابة لمطالب الاصلاح والتغيير ولولا لجوء نظام القتل والاجرام الى استخدام كل أنواع الأسلحة الروسية حتى المحرمة منها دوليا واستقدام جحافل الطائفيين من مسلحي حزب الله ونظام ولاية الفقيه وممارسة سياسة الأرض المحروقة في مناطق ومدن وبلدات بلادنا فالثورة قامت سلمية وتحمل رسالة سلمية وتنشد مستقبلا في أجواء السلام والوئام بين كافة أطياف المجتمع السوري .
  سلام الشعب من أجل تحقيق أهداف الثورة يعني تعزيز وحدة قوى الثورة واعادة تنظيم ومأسسة قيادات المجالس العسكرية وضبطه والقيادات الميدانية العليا وربطها بمصدر واحد للقراروذلك يتطلب سحب وصاية الأحزاب الآيديولوجية الشمولية وخاصة – الاخوان المسلمون – والجماعات التي تربط مصيرها بمنظمة القاعدة الارهابية ولاتوالي الثورة وأهدافها وتأمين الدعم والاسناد للحراك الثوري العام وتوفير وسائل الحياة لشعبنا في المناطق المحررة والعمل الجاد من أجل أن يقوم المجتمع الدولي بواجبه الانساني والأخلاقي في الوقوف الى جانب الشعب السوري وحريته وسلامته بما في ذلك ردع المعتدين من قوات جمهورية ايران الاسلامية وحزب الله ووقف الارساليات الروسية من الأسلحة الفتاكة وفرض منطقة عازلة محظورة على طيران النظام .

  سلام الشعب من أجل تحقيق أهداف الثورة يتطلب أن تحسم قوى الحراك الثوري داخل الوطن أمر – المعارضات – التي تزعم أنها مسؤولة سياسيا عن مصير البلاد والعباد أو أنها مخولة للتحاور مع النظام من دون توفير أية ضمانات لصالح انتصار الثورة .
 سلام الشعب يتطلب أن يقوم كل سوري بواجبه الوطني في تقديم الخدمة للثورة خاصة في مثل هذه الظروف الدقيقة لاأن يقوم البعض وخاصة – المعارضات –  ومن وراء أظهر الثوار بالتهيئة للتحاور مع النظام وعقد الصفقات والحلول المشبوهة وكأن الثورة انتهت أو لم يعد لها دور ومستقبل .
  أما سلام النظام فهو كما سلام ايران وحزب الله والطغمة التجارية الحربية الروسية يهدف الى اذلال الشعب السوري ووأد طموحاته في الحياة الحرة الكريمة وخنق ثورته الوطنية واعادة الحياة لنظام الاستبداد الذي أصبح الآن جزء مكملا لسياسة ولي الفقيه في المنطقة وعنوانا للدمار والتجزئة وتقسيم البلاد وهو في حقيقة الأمر من بقايا الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي انهارت أمام الانتفاضات الثورية الشعبية من العراق مرورا بليبيا وانتهاء بمصر وتونس
    ” مؤتمرات الهرولة ”
   وكأن هناك كلمة سر سحرية بين سائر جماعات – المعارضات – بدون استثناء حيث عندما تعلق الأمر بالحوار مع النظام من بوابة جنيف 2 ذابت – خلافاتها – وتوقفت حروبها الكلامية وبان للقاصي والداني أن لاتناقضات سياسية تذكر بين مجموعات وفئات وأفراد من المعارضات التقليدية أومن حديثي العهد بالمعارضة ظهروابعد اندلاع الانتفاضة الثورية تباعا بشهور وعام وعامين واذا كان معروفا عنهم القصوروالعجز وعدم المشاركة الفعلية الميدانية بالثورة بل اثارة الشكوك وزرع العراقيل حول وأمام الحراك الشبابي والشعبي العام ونشر الفتن والخلافات والفشل في الوصول الى موقع القيادة الفعلية للثورة ودعمها سياسيا وماليا واغاثيا وعسكريا والاخفاق في تعبئة الرأي العام وتحقيق دعم واسناد المجتمع الدولي اذا كان كل ذلك مسلما به فان الأصح أنهم على أتم الاستعداد للمساهمة في تنفيذ المخططات والأجندات الخارجية لعرقلة مسيرة الثورة وخنقها والتواطؤ في تمرير صفقة تجهض الثورة وتعيد الحياة الى نظام الاستبداد كمؤسسة وقوى وقواعد برأسه أو بدونه طبعا من السهل لهم أن يتحججوا بالكثير من الأسباب الواهية والاستناد الى مزاعم باطلة نفس التي تطلقها وسائل اعلام النظام وأوساط النظامين الايراني والروسي وحزب الله من قبيل : ( أن القاعدة والارهابيين سيطروا على الساحة وأن هناك تقدم عسكري رسمي على حساب تراجع قوى الثورة كما جاء في بيان الائتلاف أو وداعا للثورة حسب الآخرين ) كل ذلك من أجل تبرير – هرولتهم– والغريب بالأمر أن – مؤتمرات الهرولة – التي تتواصل من القاهرة الى أسبانيا الى استانبول وغيرها مستقبلا تعتبر من أسرع مؤتمرات – المعارضات – منذ أكثر من عامين وأكثرها اقبالا من العناصر الهامشية والفاشلة في الحياة السياسية والاجتماعية وأكثرها احتضانا للقادمين والعائدين من والى دمشق والباحثين عن مواقع ومصالح وأدقها تنظيما وأضمنها نجاحا لأنها من اللون الواحد وأرفعها درجة من حيث الدرجة السياحية والاقامة المترفة  .
  مايجري ويتم ويقرر في – مؤتمرات الهرولة – لايعني ثوار الداخل وما يتم تداوله في اجتماعات – المعارضات – ليس من أولويات قوى الثورة حيث تنهمك في المواجهة وتخطط للاطباق على النظام واسقاطه ليس عشقا وتعلقا باالحرب والقتال بل دفاعا عن الشعب والتزاما بمبادىء الثورة وهنا ليس أمام الوطنيين السوريين الا الالتفاف حول قوى الثورة وفي القلب منها الجيش الحر ودعمها واسنادها لأنها مصدر الشرعيتين الوطنية والثورية والأمينة على المستقبل والمصير .
   ” الهرولة ” نحو الصفقات والحلول الجزئية لايعني أن أصحابها يرغبون بالسلام والثوار يبحثون عن الحرب فقبل كل شيء يجب معرفة طبيعة وشروط ونتائج سلامهم ثم التأكد من أن الثورة قامت سلمية ومازالت متمسكة بالسلام والذي لن يتحقق الا باسقاط نظام الاجرام والتدمير والأرض المحروقة لذلك هناك مفهومان للسلام : سلام الشعب وسلام النظام .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…