مجزرة عامودا: دعوة لتطويق ماجرى

    لافا خالد
ابراهيم اليوسف

 

درءاً للانجرار والغرق في بحر من الدماء، بين “الأخوة” على خلفية مجزرة عامودا، من إطلاق الرصاص الكردي باتجاه الشقيق الكردي الثائر في ساحات النضال، مقارعاً أعتى الأنظمة الدكتاتورية وشريكاً فاعلاً في ثورة الشعب السوري، يجب أن نحول بوصلة ما حدث في عامودا الجريحة باتجاه توحيد الشارع الكردي وليس الانجرار لإحداث مزيد من الشرخ بين الإخوة و الذي لن ينتهي إلا ببحر من الدماء تغتال فيها أحلامنا الكردية جميعنا وسننحر بأيدينا مدننا وثورتنا التي هي قاب قوسين أو أدنى للخلاص من طاغية قصر المهاجرين.

أولى الخطوات المطلوب إنجازها بالسرعة الممكنة هي ارتقاء الهيئة الكردية العليا، لتمثيل كل الكرد “-مستقلين وأحزاباً ومنظمات مدنية وحقوقية وشبابية – ليكون لها “القدرة” و”المشروعية”على تحقيق مطالب الشارع الكردي داخلياً، و طرح” الحق القومي الديمقراطي ” المشروع للشعب الكردي.
لابد من الافتراق حد القطيعة عن تاريخ التجارب السابقة من قبل كل المكونات السياسية التي لم تثمرعن تحقيق مطالب الكردي داخلياً ولم نشهد لها نتائج ملموسة بغرض توحيد”الخطاب القومي الديمقراطي الوطني ” لأن تلك المحاولات ومع احترامنا لجهود أطرافها لم تخرج  غالباً عن الإطار الحزبي الضيق من خلال رغبة ذاتوية قيادية لم تتحرر من الخطاب الإيديولوجي .
ثمة ثوابت جديدة يجب الاعتراف بها والانطلاق من خلالها كقاعدة للتحرك ووضع آلية لها، وهذه الثوابت تتجسد في وجود أحزاب “الحركة القومية ” وأجنحة بعضها “المسلحة و “الحركة الجماهيرية الجديدة” المتمثلة بمنظمات الشباب التي وسعت دائرتها، وتكملها، والشروع بإجراء حوار داخلي بينها، يبدأ من القاعدة الجماهيرية للأحزاب وحركات الشباب لمناقشة توحيد الخطاب القومي، لتشكيل هيئة جامعة لها صلاحية “المحاور الكردي”، فإن أي جهد في هذا المجال سيكون مكرراً لتجارب سابقة كان عنوانها الفشل، إذا استبعدت الجماهير، وهي صاحبة المصلحة الحقيقية والضامنة والمُوجهة لهكذا هيئة.
– دمقرطة الخطاب القومي والابتعاد عن النظرة الحزبية الضيقة الأفق وتغليب الحوار الحضاري، بعيداً عن أية حساسيات تاريخية وعقلية الحزب الأكبر والأصغر أثناء الحوار وتشكيل الهيئة.
-الاعتراف بالمتغيرات الجديدة في حركتنا القومية ضمن متغير عام شملت المنطقة، أي الاعتراف بوجود عمق استراتيجي جديد لحركتنا القومية يتمثل بحركات الشباب -عامة- وعدم اعتبار تلك الحركات بأنها منافسة للأحزاب السياسية، أو للمجموعات المسلحة على الأرض وعلى الحركات الشبابية أن تبتعد عن فكرة كونها البديل أو المحاور الوحيد باسم الشعب الكردي.
في ما يتعلق بمجزرة عامودا والجريمة المدانة التي وقعت على الكرد بيد الكرد، ستبقى من المفاصل الحساسة واللحظات الحرجة التي ستعصف بالكرد نحو غياهب المجهول والمستقبل الأكثر قتامة، ما لم يتم الاحتكام إلى لغة العقل والعمل بكل الممكنات لطمأنة النفوس وتهدئة الشارع الثائر، كي يبدأ اجتماع طارىء لكل الأطراف الفاعلة، ينعقد داخل مدينة عامودا يعالج النقاط التالية:
-الاتفاق على إصدار بيان واضح وصريح بخصوص المجزرة، يحدد الجهة الفاعلة ودوافعها المشينة، ومن ثم تقديم كل من تسبب بإطلاق النار إلى محاكمة عادلة ونزيهة
– البدء فوراً بسحب جميع المظاهر المسلحة من مدينة عامودا، و إيقاف الحملات الإعلامية المتبادلة التي لاتزيد سوى الاحتقان وتغليب لغة الانتقام
-اعتبار كل ضحايا مجزرة عامودا شهداءً الشعب الكوردي، وتعويض أهاليهم والتكفل بمعالجة الجرحى وتبييض السجون بإطلاق سراح كافة المعتقلين
-تشكيل لجنة تمارس دور الرقيب على أي طرف يعرقل تطبيق مشروع المصالحة الكردية الكردية
– إطلاق حوار بين الشباب والأحزاب السياسية، أو ممثلياتها، بغرض خلق حالة تكامل ثوري وإنهاء فكرة الاحتراب .
تعليق من قبل إبراهيم اليوسف:
اعتدت والزميلة العزيزة لافاخالد، أن نصدر في المحطات والمفاصل الحساسة و الحرجة، بيانات مشتركة، نبدي خلالها، وجهة نظرنا، في هذه القضية، أوتلك، وغالباً ما كنت أسند إليها كتابة مثل هذه البيانات، لثقتي برؤيتها الدقيقة، والصائبة، بل إنني كنت أكلفها بصياغة، ونشر الرؤية، حتى دون قراءتها، وكانت آنذاك موجهة ضد أجهزة النظام الأمني التي نالت لافا على يديها”الأمرين”- وهي أولى امرأة سورية وكردية كتبت عن الثورة- ويتم تجاهلها، بأسف شديد، بل إن لافا كانت ضمن فريق من بينه الشهيدان: مشعل التمو ومعشوق الخزنوي، تعمل بدأب، وإن لم تدم تلك الفترة طويلاً، إلا أنها من عداد هؤلاء الذين قاموا بالانخراط في التمهيد للثورة، من خلال مقالاتها الثائرة، والباسلة، في الوقت الذي كان يرتعد فيه بعض “صناديد البرهة العابرة” الذين باتوا يشكلون “مخترات” فيسبوكية، غير مكلفة، وغير مؤثرة على آلة النظام، سواء أكانوا في الداخل، أو الخارج، حتى من قراءة لافا، ولم يكونوا ليتجاسرون على التوقيع على مجرد بيان تضامني معها، ومع من كانوا معها في لجة المواجهة، حيث أصبحت البطولة الفيسبوكية ” الآن” أرخص من “فجل” أو “بصل”، زمن ماقبل الثورة، بل وإن حروب بعضهم، حتى وإن تمظهرت في لباس الأفكار الكبيرة، إلا أنها تخدم آلة النظام، مادامت تعمل في تعميق الشرخ، والمساهمة في حملات التزوير والدجل والنفاق، ضد أهلهم وقضيتهم .
هذا البيان، صاغته لافا، في صباح اليوم الثاني من المجزرة ولم أشأ أن أتدخل فيه، وتركته خلال الأيام الماضية، لاعتبارات كثيرة، وها أنا أعيده إليها، كي تنشره، ليكون عامل خير، في محاولة إعادة الأمور إلى نصابها، ووضع حد للشرخ البيني الأليم، عسانا ننتفع من التجربة المريرة مما تم، وإن كنت أرى أن وضع أي حل لايعني القفزفوق محاكمة الجناة، وهوماقلنا بصوت عال لجناة 12 آذار، قائلين آنذاك”لابد من محاكمة منفذي وآمري وآمري آمري مجرمي”تلك المجزرة الآذارية” ولم نكن ننسى البواقين والطبالين والناطقين الرسميين باسم النظام القاتل”، وها نكررها، مادام أن بيننا قانونيونا، وحقوقيونا، المستقلون، من ذوي الخبرات العميقة، ممن يصلحون لأداء مهماتهم، على أكمل وجه.

أعتذر، من ابنتي لافا، عن تأخيري لهذا البيان، كي نتمكن من قراءته، بعمق، بعد أن هدأت النفوس- وأنى لها أن تهدأ تماماً من دون تبيان الحقائق- بعيداً عن لغة التزوير “الكسيحة” في زمن الإعلام المفتوح، والتي عاود إنتاجها بعضهم، وهماً منهم أنها قادرة على أن تمنع غرابيلها شمس الحقيقة عن السطوع، أو دورة التاريخ عن المسار، في مداراتها اللائقة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…