قضية للنقاش (104) فلنعترف : الثورة تعيش أزمة ولن تحل بالمجاملات

  صلاح بدرالدين
 

    قبل بيانات ألوية وكتائب الجيش الحر والفصائل المسلحة التي سحبت اعترافها با ” الائتلاف ” وقبل استقالات الكثيرين من أعضائه وقبل حملات جمع التواقيع المنددة بموقف رئيسه المعلن الموافق على حضور جنيف2 كان واضحا للعيان أن اعلان قيام الائتلاف بالأساس من جانب النظام العربي الرسمي هو التمهيد لدفعه نحو الحوار والتصالح مع النظام وابرام صفقة معه على الطريقة ” اليمنية ” من دون المساس ببنيته أو تفكيك سلطته ومن ثم ترويض قوى الثورة السورية عبر الحصار المالي والسياسي .
  كلنا نتذكر جيدا كيف أن ” الدول المانحة بطلب من وكلائها السوريين – المعارضين ! – المقربين لها ” لم تستجب منذ البداية  للإرادة الوطنية السورية ببناء – معارضة – سياسية ديموقراطية تعكس المشهد الوطني بكامله كفوءة وقوية تكون صنوا للثورة ومعبرة عنها بل تمثلها في المحافل حتى مقترحات إعادة هيكلتها كحد أدنى من الطموحات خنقت بالمهد .

  على قوى الثورة والصامدين في ميادين الدفاع عن الشعب ومواجهة عدوان نظام الاستبداد وعلى كل الوطنيين الغيورين على الثورة واستمراريتها حتى تحقيق أهدافها أن يعلموا أن الحصار التسليحي والمالي والتراجع الدولي عن تحقيق المناطق الآمنة ومهادنة نظام الأسد بدلا من معاقبته هو بمجمله خلق الأزمة الراهنة للثورة وهي مصطنعة ومدروسة بفعل الإرادة الخارجية والإقليمية لاركاع شعبنا ودفع ثواره الى الاستسلام والقبول بعقد الصفقات وأنصاف الحلول خدمة لمصالح الغير وأجندة الآخرين .


  لقد حذرنا منذ أمد من مغبة وخطورة مايحدث أمام أعين الجميع من منح أولوية المساعدات والدعم بمختلف أشكاله لتعزيز – المعارضة – وحجبها عن قوى الثورة الحقيقية وخاصة تشكيلات الجيش الحر بغية الاذلال ومحاولة شراء الولاء وفرض عناصر مدجنة في الآونة الأخيرة على رأس ” الائتلاف ”  مستعدة للمساومة باسم ” الحفاظ على وحدة الدولة والمجتمع ” والخشية أن النتائج بدأت تظهر تباعا ونحن على أعتاب جنيف2 .
  السيناريو المرسوم لم يعد خافيا فالأخضر الابراهيمي ( الابن البار للنظام العربي الرسمي ) وفريقه والذين تبين أنهم مستفيدون ( على الصعد الشخصية …) من الأزمة وتفاقمها قد بدأوا التحضيرات لاستدعاء ” المعارضين ” الى القاهرة لاختيار مايناسبهم وارسالهم الى جنيف .
 أمام هذه الحالة ولحرصنا اللامحدود على وحدة الصف في هذه المرحلة الخطيرة كنا نتمنى أن نصدق إعلانات الناطق الرسمي باسم – الائتلاف – على أن ماحصل كان – سوء تفاهم – وأن نحمل محمل الجد البيان الأول – للمجلس العسكري الأعلى – الذي اعتبر – الائتلاف ” سلطة مدنية تمثل الشعب السوري ! ؟ ” والذي فنده البيان الثاني الذي ألقاه المتحدث السيد ع ر ط قاسم سعد الدين وأكد ” على التنسيق والتعاون مع – الائتلاف – والمضي قدما في مساعي توحيد صفوف الجيش الحر ورفض أي حوار مع نظام الإرهاب ويؤكد على أن الحد الأدنى المقبول هو إجراء عملية تفاوض بضمانة عربية وإسلامية تسبق الرعاية الدولية، وينطلق بها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة من ثابتة تنحي الأسد وانتقال السلطة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب بحق الشعب السوري، سواء كانوا سوريين أو من مرتزقة النظام الذين استوردهم من الخارج”  .
الأزمة أعمق من تصالح الأفراد والمجاملات وتضارب البيانات والوضع ينذر بأشد المخاطر اذا لم يتم التدارك والقضية أحوج ماتكون الى البحث والنقاش .

– عن موقع الكاتب على الفيسبوك .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…