صلاح بدرالدين
منذ اليوم الأول لاندلاع الانتفاضة الثورية السورية بهدف إزالة نظام الاستبداد الأحادي الشمولي وتحقيق التغيير الديموقراطي السلمي وقف النظام الحاكم في روسيا ولأسبابه الخاصة ودوافعه المصلحية في خضم لعبة ” الأمم ” بالضد من إرادة الشعب السوري والداعم السياسي والعسكري الرئيسي لنظام الأسد وحاضنه الوحيد تقريبا على الصعيد الدولي وخاصة في مجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى ولم يمض وقت طويل حتى تمادت الطغمة الروسية الحاكمة في تدخلها السافر بالشأن الداخلي السوري وتوزع خبرائها العسكريين بين مراكز اطلاق الصواريخ ومواقع القوى الجوية
وتحول دبلوماسييها ومسؤولي أجهزتها الأمنية الى ناطقين شبه رسميين باسم نظام دمشق يحددون سياساته ويرسمون مستقبله ويصرون على بقاء رأس الاستبداد المسؤول المباشر مع بطانته عن قتل وسحل واعتقال مئات الآلاف وتدمير مايقارب نصف الجغرافية السورية المدينية بل حمايته وأعوانه ومسؤولي نظامه من مساءلة المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات والقضاء الوطني ليس ذلك فحسب بل السماح لنفسها بأن تقررمن هم المعارضة – الوطنية الشريفة – والعميلة الخائنة ومن منهم مخول – لتمثيل – المعارضة ومؤهل للتحادث والحوار مع ممثلي النظام في دمشق وفي المحافل الدولية .
في الشهور الأخيرة حقق الروس – إنجازا – آخر على طريق الحاق المزيد من الأذى بالقضية السورية بعد نجاح محور ( دمشق – موسكو – طهران – بغداد ) وأمام سكوت مريب الى درجة التواطىء من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما في تلويث سمعة الثورة لدى اغراقها بآلاف المسلحين مزودين بأحدث العتاد من أنصار – القاعدة والنصرة – بعضهم أطلق سراحه من سجون سوريا والعراق والبعض الآخر جيء به من ايران حتى يتحقق مسعاهم في إزالة صفة الثورية والوطنية والنضال المشروع عن الانتفاضة السورية ووصمها بالإرهاب من أجل كسب ود الغرب الانتهازي وشراء اعتراض إسرائيل على اسقاط النظام وتبريد المشاعر الخليجية – الأخوية – تجاه الشعب السوري وتحييد مواقف – أصدقاء سوريا – ومن ثم اثارة الفرقة والانقسام والتقاتل في الداخل السوري حتى تميل موازين القوى العسكرية لصالح جيش النظام وشبيحته وحلفائهالمستحدثين من عصابات ( داعش والنصرة ) والميليشيات الموالية مثل مسلحي حزب الله وأبي الفضل العباس وجماعات – ب ك ك – .
من احدى أبرز نتائج الاتفاقية الأمريكية – الروسية حول مؤتمر جنيف2 اطلاق يد موسكو في التحكم الكامل بمجرياته من تاريخ انعقاده وتفاصيل المشاركة والتمثيل لذلك كان الوفد الروسي المنتدب نشطا على عكس الأمريكي في استدعاء أشخاص غير معنيين بالثورة بل معادين لها أصلا باسم المعارضة والتحاور معهم في جنيف وموسكو وكان لافتا دعوة أناس على شاكلة ( قدري جميل ورفعت الأسد وصالح مسلم وهيثم المناع ) مما يعيد الى الأذهان حقيقة تم تجاهلها من جانب الكثيرين وهي العلاقة المتشابكة الناشئة من الأزمة السورية بين مافيات السلطة والمال والمخابرات المحلية والدولية وتجارة السلاح وإرهاب الدولة والميليشيات المسلحة في فضاء أوسع مغطى اسميا بصراعات الطوائف وفعليا بكارتيلات النفط والغاز وأمن إسرائيل هدفها المشترك وأد تجربة الثورة السورية الفريدة والنموذجية .
ظهرت في المدة الأخيرة وثائق وأبحاث تؤكد مجددا على حقيقة ضلوع أكثر من دولة وطرف وشخص في مخطط الاجهاز على الثورة عبر مسالك مخفية ولأغراض خاصة فروسيا – بلد لينين السابق – المحكومة من نظام تحالف مافيات المال والأمن والصناعات الحربية همها الأساسي تقليد الغرب في أكثر مظاهرالرأسمالية سوءا ( مازالت أحزابنا الشيوعية وبعض الواهمين يعتبرونه السوفييت السابق ) أصبحت طرفا منغمسا في المستنقع السوري بتورط رؤوس طغمة الصناعة الحربية الحاكمة والناهبة لتركة – الاتحاد السوفيتي السابق – عبر تجارة السلاح التي تدر المليارات من الأموال الإيرانية والعراقية وبشراكة منفعية مع رموز نظام الأسد العائلي من رفعت الأسد بالسابق ورامي مخلوف لاحقا وسمسرة تعود لعشرات الأعوام من جانب – قدري جميل – ووالده الراحل من قبله والذي كان وسيطا تجاريا مع مندوب الأمن السوري المنسق مع – أوجلان – الراحل – الزركلي أو الأغا – في تسليح حزب العمال الكردستاني التركي طوال وجود زعيمه عبد الله أوجلان في دمشق ولم يكن سرا أن جميل الأسد شقيق حافظ الأسد كان المؤتمن على أموال – ب ك ك – منذ أن حط أوجلان الرحال في جمهورية آل الأسد وقد مات جميل تاركا خمسة مليارات من الدولارات لورثته الذين اختلفوا من وقع المفاجأة وتواجهوا في المحاكم وهكذا لم يكن تواصل الروس مع هؤلاء – المعارضين الأشاوس ! ؟ – محض الصدفة بل انطلق من سياسة مرسومة ومدروسة باتقان للوصول الى تنفيذ الخطوة التالية في تجاوز قوى الثورة وانهاكها عسكريا ومحاصرتها سياسيا وتعويم نظام الأسد وتزكيته من جديد ويعاد تأهيله لتمثيل مصالح الأطراف المعنية .