المؤتمر القومي الكردي ضروراته وآفاقه والآمال المعلقة عليه

 * بقلم: المحامي مصطفى أوسو سكرتير الحزب

بالتعاون والتنسيق بين، الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والاتحاد الوطني الكردستاني (YNK) وحزب العمال الكردستاني (PKK)، وجهت الدعوة إلى معظم الأحزاب والفعاليات الكردية في الأجزاء الأربعة لكردستان وفي المهاجر والشتات، من أجل التحضير لعقد المؤتمر القومي الكردي.

  وقد تم عقد لقاء تمهيدي (تحضيري) بهذا الخصوص في مدينة هولير عاصمة إقليم كردستان العراق، في الثاني والعشرين من شهر تموز الجاري، برئاسة فخامة رئيس الإقليم، السيد مسعود بارزاني، وجرى بعدها اختيار لجنة تحضيرية، لمتابعة الإجراءات والعمل على التحضير لانعقاد هذا المؤتمر، حيث عقدت اللجنة التحضيرية، عدة اجتماعات وشكلت العديد من اللجان التنظيمية والسياسية والإعلامية والقانونية، وحددت يوم الرابع والعشرين من شهر أب القادم موعداً لانعقاد هذا المؤتمر.
  إن انعقاد المؤتمر القومي الكردي، في ظل المرحلة الدقيقة والحساسة، التي تمر بها العالم عموماً ومنطقة الشرق الأوسط خصوصاً والقضية الكردية بشكل أخص، يشكل حدثاً تاريخياً مفصلياً وذو أهمية قومية ونضالية كبيرة، أنتظره الشعب الكردي في كل مكان بفارغ الصبر، من أجل توفير الأرضية المناسبة للحوار والتفاهم والتعاون والتنسيق بين جميع الأحزاب والأطراف الكردستانية، فيما يتعلق بجميع المسائل والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على طريق تأطير الجهود وتوحيد نضال الحركة القومية الكردستانية.

  وقد كنا في حزب آزادي الكردي في سوريا، من المؤيدين والساعين لأي عمل في هذا الاتجاه، إلا أن الظروف الموضوعية في المرحلة الماضية لم تساعد على تحقيق هذا الهدف المنشود، واليوم ونحن على أعتاب مرحلة جديدة وعشية انعقاد المؤتمر القومي الكردي، نأمل أن يتمكن هذا المؤتمر في وضع حد للخلافات الكردية – الكردية  وإنهاء حالة الانقسام والتشتت الحاصل فيما بينها، ورسم إستراتيجية كردية موحدة، للتخلص من نير الظلم والقهر والاضطهاد والتمييز، الذي مارسته الأنظمة القمعية والاستبدادية المقتسمة لكردستان، بحق الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة لكردستان، وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية المشروعة، ليعيش أسوة بالشعوب الأخرى في المنطقة والعالم بسلام ومحبة ووئام، وبما يتماشى مع مبادئ العدالة والمساواة وحقوق الإنسان بين جميع الشعوب.وفي سوريا، عاني شعبنا الكردي طويلاً، من غياب الحريات الديمقراطية، واشتداد وتصاعد وتيرة الاضطهاد القومي، وتطبيق السياسات الشوفينية والمشاريع العنصرية بحقه، كالإحصاء الاستثنائي المشئوم والحزام العربي الشوفيني وسياسة التعريب، ومن إصدار المراسيم والقوانين الخاصة التمييزية، وقرارات الفصل والتسريح التعسفي بحق الطلبة والعمال الكرد، وممارسة مختلف أنواع الضغوطات بحق النشطاء والمناضلين الكرد وملاحقتهم واعتقالهم، كل ذلك بهدف صهره وتذويبه وتهجيره من مناطقه التاريخية وحرمانه من حقوقه القومية والديمقراطية المشروعة.

وفي ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها سوريا منذ حولي سنتين وخمسة أشهر، منذ بداية الثورة السورية المباركة، التي فجرها أبناء الشعب السوري بكافة قومياته وأديانه وطوائفه، من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الشخصية وإسقاط النظام، وما فرضه الواقع الجديد ذلك على الحركة السياسية الكردية في سوريا، من تحديات واستحقاقات، تطلبت العمل على رص الصفوف وتوحيده، ليكون أكثر تنظيماً وقوة وقدرة وفعالية، في إطار الثورة السورية، من أجل تحقيق جميع أهدافها الوطنية الديمقراطية وتأمين الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، فكان إعلان المجلس الوطني الكردي في سوريا، في 26 / 10 / 2011 كإطار جامع بين عدد من الأحزاب السياسية والحراك الثوري والمستقلين والفعاليات الاجتماعية والثقافية والحقوقية…، وكانت اتفاقية التعاون والتنسيق بين المجلسين، المجلس الوطني الكردي ومجلس شعب غربي كردستان، في هولير بتاريخ 10 /7/2012 برعاية كريمة من سيادة الأخ مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق.

ولكن، ورغم كل ذلك فأن شعبنا الكردي في سوريا، يحتاج إلى المزيد من التضامن والدعم والمساندة، إزاء الوضع الدقيق الذي يمر به، والحصار الذي يواجهه، والعدوان الذي يتعرض له، وإنكار وجوده كشعب يعيش على أرضه التاريخية وحقوقه القومية المشروعة، من قبل النظام القمعي الاستبدادي الحاكم ومن قبل بعض المجموعات والكتائب الدينية المتطرفة، ومن هنا فأنه يعقد الآمال الكبيرة على هذا المؤتمر، ليكون على مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه ويصبح مرجعية قومية، يضع الآليات المناسبة والمنسجمة مع ظروف هذه المرحلة الجديدة وتطوراتها المختلفة والمتلاحقة، وبما يؤدي إلى تحقيق طموحات شعبنا الكردي وتطلعاته القومية المشروعة في عموم أجزاء كردستان.ومن هنا فأن هناك مهام كبيرة عدة ينتظر هذا المؤتمر، سواءً على صعيد كل جزء كردستاني، أو على صعيد عموم كردستان والشعب الكردي، من أهمها: تنقية الأجواء بين الأطراف الكردية، وتوفير المناخ الإيجابي فيما بينها، والدعم والمساندة والتضامن المتبادل بينها، وحل الخلافات الناشئة بالأسلوب الديمقراطي السلمي، ونبذ سياسة العنف والتخوين والاقتتال الأخوي وإدانتها وتحريمها، والأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جزء وتطوره، وتجنب الهيمنة من قبل أي طرف على حساب الأطراف الأخرى.

* عن جريدة آزادي العدد (452)

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…