جلال شيخ علي
في لحظة تاريخية مشحونة بالرمزية، خطا الرئيس مسعود بارزاني خطواته الواثقة نحو كوردستان تركيا، ليس بصفته زعيماً سياسياً فحسب، بل كرمز حيّ لوحدة الكلمة الكوردية وامتدادها الثقافي العابر للحدود.
مشاركته في المنتدى الثقافي المقام إحياءً لذكرى الشاعر والمتصوف الكوردي الكبير “ملا جزيري” لم تكن مجرد حضور بروتوكولي، بل كانت بمثابة رسالة عميقة المعاني، تؤكد أن الثقافة الكوردية لا تعترف بالحدود المصطنعة، وأن الهوية الكوردية واحدة، مهما تفرقت الجغرافيا.
الاستقبال الجماهيري الحافل الذي حظي به الرئيس بارزاني، حيث احتشدت الآلاف من أبناء كوردستان تركيا لتحيته، لم يكن مفاجئاً لمن يعرف مكانته في قلوب الكورد.
فقد أثبتت هذه اللحظة مجدداً صدق عبارته الشهيرة: “ثروتي الحقيقية هي حب شعبي لي”. لم تكن الهتافات ولا الأعلام ولا الدموع التي ذرفها الحاضرون سوى تعبير صادق عن عمق العلاقة التي تربط هذا القائد بشعبه، وعن الامتداد العاطفي والوجداني الذي يتجاوز السياسة إلى ما هو أعمق.
زيارة بارزاني جاءت في توقيت حساس، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بتعزيز الهوية الثقافية الكوردية في مواجهة محاولات الطمس والتهميش. ومن خلال مشاركته في منتدى يكرّم إرث ملا جزيري، أحد أعمدة الأدب الصوفي الكوردي، أعاد بارزاني التأكيد على أن الثقافة هي السلاح الأرقى في معركة البقاء، وأن الحفاظ على اللغة والشعر والتاريخ هو شكل من أشكال المقاومة الهادئة.
لقد تحوّلت هذه الزيارة إلى تظاهرة حب وولاء، ورسالة واضحة بأن الكورد، رغم تشتتهم الجغرافي، يجتمعون على رموزهم، ويجدون في بارزاني تجسيداً لحلمهم المشترك بالكرامة والوحدة.
إنها لحظة تجاوزت السياسة، لتصبح احتفالاً بالهوية، وتأكيداً على أن الزعامة لا تُقاس بعدد المناصب، بل بعمق المحبة في قلوب الناس.
في زمن تتكاثر فيه الأزمات وتتشظى فيه الولاءات، يثبت بارزاني أن القائد الحقيقي هو من يزرع الأمل في النفوس، ويُبقي جذوة الانتماء مشتعلة، لا بالخطابات، بل بالحضور الصادق في كل مكان ينبض فيه قلب كوردي.
=======
شفق نيوز