هلالي كان من أوائل الأشخاص الذين نظّموا مظاهرات في المناطق الكردية.
واليوم هو مؤسس وقائد كتيبة مشعل التمو التي تشارك في القتال ضد النظام السوري.
كردووتش: هل كان لك نشاط سياسي قبل الثورة؟
أسامة سليمان منصور هلالي: لا.
ولكن كان لي أصدقاء نشطاء.
لقد إقتصر نشاطي السياسي على زيارة واحدة إلى قبر كل من جكرخوين ومحمد شيخو.
تعلمت القراءة والكتابة باللغة الكردية على يد أصدقاء لي ولم أنتمِ إلى أي تنظيم سياسي من قبل.
منذ بدء الثورة بدأت أشارك في نشاطات سياسية وألتقي نشطاء شبابا.
إذا أردت الإلتزام بالصراحة فعلي أن أقول لك إنني حتى اليوم لا أعرف جميع الأحزاب الكردية ومعارفي السياسية سطحية ونشاطي بدأ مع إندلاع الثورة فقط.
كردووتش: ماذا فعلت تماما عندها؟
أسامة سليمان منصور هلالي: ككثير من الشباب بدأنا بتنظيم المظاهرات.
عندها تعرفت على نشطاء تيار المستقبل الكردي.
بعد ذلك أسسنا مجموعة أسميناها »Tevgera Roja Azadiyê«، أي »حركة شمس الحرية«.
لقد شاركت تقريبا في جميع إجتماعات التنسيقيات وكنت حاضرا في أغلب الجلسات التأسيسية.
كردووتش: متى أصبحت عضوا في تيار المستقبل الكردي؟
أسامة سليمان منصور هلالي: بعد بداية الثورة بخمسة أشهر تقريبا.
أي بعد إعتقالي الأول.
كردووتش: متى ولماذا اعتُقلت؟
أسامة سليمان منصور هلالي: في عام الثورة الأول تعرضت ثلاث مرات للإعتقال.
عندها ذُكر خبر إعتقالي على الجزيرة وحتى على تلفزيون روناهي.
لم أكن وقتها على خلاف مع ال(PYD).
سبب الإعتقالات كان دعمي وتأييدي للثورة.
كان متجري يقع مباشرة في المكان الذي طالما بدأت منه المظاهرات.
كنت أوفر الماء والكهرباء للمتظاهرين.
ومنذ ما قبل ذلك لم أكن ممن يثقون بهذا النظام وبذلك كنت من الأوائل الذين إلتحقوا بالمظاهرات المعارضة للنظام في القامشلي.
على فكرة: قام ال(PYD) بإحراق متجري لاحقا.
كردووتش: متى أسست كتيبة مشعل التمو؟
أسامة سليمان منصور هلالي: لقد بدأنا بالتحضير لذلك قبل عام تقريبا.
لم نحصل على أي دعم من الكرد، بينما كان الجيش السوري الحر مستعدا لدعمنا.
في البداية كنا فقط إثنين: أنا وناشط كردي شاب آخر من القامشلي.
كنا قد إلتحقنا مسبقا بالجيش السوري الحر.
كنت أريد أن نشارك نحن الكرد أيضا في الثورة.
لقد استقبلني الجيش السوري الحر أحسن إستقبال.
كانوا فخورين بي جدا ككردي يقاتل معهم في صفوفهم، عندها كنت أقاتل في كتيبة في حماه.
لقد أعجبتني طريقة إحتضانهم لي.
لم يكن لدي علم كردي فصنعوا لي واحدا.
لقد بدأت عندها بالتحضيرات لتأسيس كتيبة كردية تحمل اسم مشعل التمو.
بعد ذلك أعلنا عن تأسيس الكتيبة في تل أبيض.
عندها كانت تل أبيض محررة وكان بإمكاننا العمل هناك.
كردووتش: متى كان ذلك؟
أسامة سليمان منصور هلالي: لا أستطيع تذكر التاريخ بدقة.
تقريبا قبل 15 يوما من المعارك الأولى في سيري كانيه [19.
تشرين الثاني (نوفمبر) 2012]، إلا أننا لم نشارك في المعارك الأولى.
كردووتش: لكن هذا يعني أنكم شاركتم في المعارك.
أسامة سليمان منصور هلالي: لم نشارك في الهجوم على قوات النظام.
بعد عدة أيام شاركنا في المعارك.
بعدما سيطر الجيش السوري الحر على سيري كانيه قمنا بالإتصال بأصدقاءنا في حلب وإدلب بقصد اللقاء في سيري كانيه وجعلها قاعدة لنا و نقاتل من هناك.
لم نتصور أننا سندخل في معركة مع ال(PYD).
وعندما حدثت المشاكل الأولى مع ال(PYD) كنا في وسط الحدث.
كل الذين قُتلوا هناك كانوا قد وقعوا في شرك ال(PYD).
لم يكن أحد ينوي قتال ال(PYD).
مرة توجهنا إلى أحد الحواجز لل(PYD) وقلنا لهم إننا نحن من حرر سيري كانيه من قوات النظام ولن نقبل أن تقيموا حواجزكم بهذا القرب من المدينة.
لقد كانوا قد نصبوا آنذاك حاجزين في مكان قريب جدا من المدينة وبين سيري كانيه والدرباسية.
كما قلنا لهم أيضا إن موقفهم من النظام غامض.
لم يكن هناك مشاكل لدى الحاجز الأول.
لقد كانوا هناك 11 مقاتلا من ال(PYD) بسلاحهم الكامل، لكنهم إمتثلوا لمطالبنا وأزالوا الحاجز.
وما أن وصلنا إلى الحاجز الآخر حتى فتح علينا عناصر ال(PYD) النار بمجرد نزولنا من السيارة.
في هذا الحادث قتل أربعة مقاتلين من كتيبة مشعل التمو.
لم نكن نقصد مهاجمتهم.
ولو كان في نيتنا ذلك لكنا فعلنا على الفور.
لقد حرر الجيش السوري الحر سائر سيري كانيه من قوات النظام، بيد أن عدد القتلى في ذلك اليوم كان أقل من أولئك الذين قتلوا في هذه الحادثة.
فقدنا 17 شخصا آنذاك.
بعدها بث تلفزيون روناهي تقارير عنا فيها مواد مصورة مأخوذة من كاميرا أحد القتلى.
لقد إستولوا على كاميرا هوزان بعد أن قتلوه.
كردووتش: كم كان حجم كتيبتكم في سيري كانيه؟
أسامة سليمان منصور هلالي: كنا تقريبا 25 شخصا.
لم نكن هناك بقصد القتال وبعضنا أتى دون سلاح والبعض الآخر بقي في بيته.
عندما حصل الإشتباك، والذي استمر من الساعة 8 صباحا حتى 11 ليلا، كان 15 منا هناك.
بدأت بعد ذلك المفاوضات مع ال(PYD) والذي بدأ حربا إعلامية علينا في وسائل إعلامه.
لقد هاجموا جنازة هوزان وهددوا أهله، علما أنه لم يكن مقاتلا، بل صحفيا.
موقف ال(PYD) وقربه من النظام أضر كثيرا بالكرد في سوريا.
الكثيرون لا يفرقون بين ال(PYD) والكرد.
بمساعدة شهداءنا إستطعنا أن نُظهر للبعض أن هناك كرد أخرين.
ليس كل الكرد يتعاونون مع النظام.
لقد كانت خسارة رفاقنا ضربة موجعة لنا.
كما أنني أصبت أيضا في الإشتباك عند الحاجز.
كانت صدمة كبيرة لنا أن نفقد رفاقنا على يد أهلنا، على يد الكرد.
كردووتش: من ربح المعركة في سيري كانيه في رأيك؟
أسامة سليمان منصور هلالي: لا أحد.
كنت هناك منذ يومين حيث توجد الآن حواجز مشتركة للجيش السوري الحر وال(PYD).
نحن، كتيبة مشعل التمو، كنا الخاسر الأكبر.
هناك حملات إعلامية مسعورة في التلفزيون والإنترنت ضدنا تدعي أننا إرهابيون وأننا أحرقنا منازل…إلخ.
أما الآن فيعقد ال(PYD) إتفاق سلام مع الإرهابيين المزعومين.
أين هم الآن أولئك الذين إنتقدونا لتعاوننا مع الجيش السوري الحر.
لماذا يكون الأمر مقبولا عندما يتعاون معهم ال(PYD).
إنسحبنا من سيري كانيه بعد الإتفاق بين ال(PYD) والجيش السوري الحر.
يخطط ال(PYD) لإقامة دكتاتورية جديدة في المناطق الكردية.
فهم يريدون أن يغيروا فقط صور الدكتاتور.ويعتبرون أنفسهم ممثل الشرعي الوحيد في المناطق الكردية ، ولا يحتملون أي شريك إلى جانبهم.
ما ارتكبوه في السنتين الماضيتين لم يقم به النظام بحق الكرد في أربعين سنة.
لم يتورعوا حتى عن خطف النساء.
لقد إختطفوا صديقة لنا اسمها شيرين أحمد.
كانت تعمل وقتها في المجال الإجتماعي وتشاركنا معها في تنظيم المظاهرات في القامشلي.
ولم يفرجوا عنها إلا بعد حملة إعلامية مكثفة قمنا بها.
كردووتش: هل كان لها علاقة بالكتيبة؟
أسامة سليمان منصور هلالي: لا مطلقا.
والسيء هو أنه بالكاد كان هناك مظاهرات ضد خطفها.
عندما بدأت مظاهرتنا تصبح أكبر في القامشلي كان لدينا جارا يتعاون مع المخابرات حيث أطلق النار في الهواء مرتين أثناء المظاهرة لتتفرق بعدها.
أروي ذلك للمرة الأولى وهناك تسجيلات مصورة تبين ذلك.
قلنا وقتها إن الأمر لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، أي أن يسبب شخص واحد هذا الكم من الخوف للناس.
في أحد المساءات قمت أنا مع صديقين لي بإطلاق النار على منزله، فلم يتجرأ على إعادة فعلته هذه أبدا بعدها.
هكذا هي الحال مع ال(PYD).
سيزيدون من جرأتهم طالما لم يتحرك الناس ضدهم.
كردووتش: يزعم ال(PYD) أنك عربي ولست كردي ويقول أيضا إنك قتلت إنسانا وإنك مجرم.
أسامة سليمان منصور هلالي: لا أتحدر من عائلة عربية.
لو كنت عربيا فإن الرمز الكردي محمد شيخو عربي أيضا.
أنا مثله كردي محالمي.
ولكن، وبعيدا عن ذلك، لا ينبغي أن يكون أصلي ذا قيمة.
لو قلنا إننا عرب لحصلنا على مكاسب كثيرة.
لو لم نكن كرداً لما حملنا راية الكرد.
أما بخصوص الأمر الآخر.
كنت أريد أن أصدر بيان توضيحي فيه، لكن بدلا من ذلك سأعلن قراري في هذه المقابلة.
عندما تنتهي ههذه الثورة سأكون على إستعداد لتقديم نفسي لمحكمة مدنية.
كان لدى أختي مشاكل عائلية مع زوجها.
دُعيت من قبل عائلة الزوج إلى محادثة وما أن وصلت إلى اللقاء حتى لاقاني ستة رجال يحملون السكاكين والعصي.
دافعت عن نفسي وجرحت أخ صهري مما أدى إلى موته.
لقد قتلت هذا الشاب وهذا كان خطأ، فلم يكن في نيتي قتله.
وأنا مستعد لتسليم نفسي لمحكمة مستقلة.
أما الآن فلا أستطيع أن أسلم نفسي لا لل(PYD) ولا للنظام.
ففي الحالتين سيحكم عليّ بالموت.
إذا بقيت على قيد الحياة خلال هذه الثورة سأسلم نفسي كما قلت.
كردووتش: في ظهور لها على قناة روناهي تبرأت عائلتك منك.
كيف ذلك؟
أسامة سليمان منصور هلالي: قد يكون خضعوا للتهديد.
يكادون لا يجرؤون على مغادرة المنزل.
كردووتش: يُزعم أن كتيبة مشعل التمو ما هي إلا الذراع العسكري لتيار المستقبل الكردي.
هل هذا صحيح؟
أسامة سليمان منصور هلالي: ليس بسبب تيار المستقبل أصبحت عضوا فيه، بل مشعل التمو وأفكاره وخطاباته التي سمعتها.
في بداية المظاهرات حملت علم ال(PYD) بنفسي.
لم أكن أعرف الكثير عن الأحزاب أو أن أفرق بينها.
يقتصر عمل تيار المستقبل على السياسة وقد أصدر بيانات ، بعضها بتوقيع عن فارس التمو، تبين أن ليس للتيار علاقة بنا.
ليس لنا علاقات وثيقة بهم.
على فكرة: حتى لو كنا على علاقة قوية بهم فلن يقوم التيار بإعلانها تحاشيا للمشاكل مع ال(PYD) الذي قد يقتلهم أو يخطفهم وهو ما يعرفه تيار المستقبل.
نحن أولئك الشباب الذي خرجوا في مظاهرات سلمية في بداية الثورة.
لقد أعددنا لافتات أسبوعية ونظفنا الشوارع ورششنا الماء على المتظاهرين في أيام الحَرّ.
كنت أحمل على ظهري عبوة كبيرة مليئة بالماء مكتوب عليها »فيتامين السلمية«.
كنت أحمل الماء وغديت أحمل السلاح.
نحن في ثورة وسنقاتل لأجلها.
إما نسير على درب شهداءنا أو ننتصر.
أما الإستسلام فهو خارج حساباتنا.
كردووتش: يقال إنكم حصلتم على دعم كبير من تركيا.
هل هذا صحيح؟
أسامة سليمان منصور هلالي: كلا.
لم نحصل على دعم من تركيا.
وفي المعارك الأخيرة في سيريه كانيه بقينا يومين دون ذخيرة.
كان لدى كل منا من 10 إلى 15 طلقة في مخزن سلاحه.
لو كنا رجال تركيا ونحارب شعبنا لأجلها لحصلنا ربما على دعم.
لكننا لا نقوم بشيء كهذا.
نريد أن نبقى مستقلين والدعم الوحيد الذي نتلقاه يأتينا من المجلس العسكري للجيش الحر.
وهو على فكرة ليس بالدعم الكبير.
لا نملك حتى الآن إلا السلاح الخفيف.
مؤخرا فقط حصلنا على دوشكا [رشاش ثقيل]، دون أن يكون لدينا عربة تحمله.
لا نتلقى أي دعم، لا من تركيا ولا من أي بلد آخر.
كردووتش: هل لديكم إتصال بالمجلس الكردي العسكري؟
أسامة سليمان منصور هلالي: يفترض أن يتكون المجلس الكردي العسكري من عدد كبير من الكتائب.
إلا أنها موجودة على الفيس بوك فقط.
لم يستطع هذا المجلس أن يثبت وجوده وهو قد أعلن عن حلّ نفسه لصالح المجلس العسكري لل(FSA).
كردووتش: كم هو حجم كتيبتكم؟
أسامة سليمان منصور هلالي: لدينا 15 مقاتل في تل حميس و10 في سيري كانيه لكنهم الآن غير فاعلين.
وفي تل أبيض يبلغ عددنا 25.
بالمجمل يكون مجموعنا ما بين 50 إلى 60 مقاتلا.
وسنفعّل نشاطنا قريبا في مناطق أخرى.
كردووتش: الكثيرون يعتقدون أن دخولكم إلى سيري كانيه مع السلفيين ومجموعات إرهابية أخرى أكثرها قادم من تركيا كان خطآ كبيرا.
يقال أن هذا التصرف دفع الكثير من الكرد إلى الوقوف إلى جانب ال(PYD).
أسامة سليمان منصور هلالي: عندما دخلت المجموعات المختلفة إلى سيري كانيه لم نكن معها.
لقد أتينا بعد ذلك لاحقاً.
كما أن أغلب المجموعات لم تأت من تركيا بل من تل أبيض.
لا يجمعنا شيء مع المجموعات الإرهابية.
نحن مثلا لا نعمل مع جبهة النصرة والتي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية على لائحة الإرهاب.
مبدأنا هو العمل مع المجموعات التابعة للمجلس العسكري للجيش السوري الحر.
بالنسبة لنا تنطبق صفة الإرهاب على النظام، وليس على مجموعات الجيش السوري الحر.
9 آذار (مارس) 2013