حسن برو
ما كان يحلم به الشارع الكردي ويتطلع إليه منذ أكثر من عقد، تحقق أخيراً في كونفرانس 26 نيسان 2025 في قامشلو، حين وُضعت اللبنة الأولى لتفاهم طال انتظاره بين الأطراف الكردية المتنازعة. هذا التفاهم جاء بعد سنوات من المناكفات والخلافات البينية والاصطفافات الحزبية، التي كثيراً ما ارتبطت بمحاور كردستانية أو انعكست على الداخل السوري بشكل سلبي، وخاصة على الساحة الكردية.
غير أن الضغوط الدولية والكردستانية، إضافة إلى الرعاية الحيادية التي وفّرها الجنرال مظلوم عبدي، جعلت من هذا الحدث إنجازاً تاريخياً بكل المقاييس منذ نشأة الحركة السياسية الكردية في سوريا. لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه اليوم: ما المطلوب بعد الكونفرانس على أرض الواقع؟
أولاً: صيانة الاتفاق عبر منع أي طرف من اختراقه أو الالتفاف عليه، بما يحافظ على روح التفاهم الذي تحقق.
ثانياً: تشكيل لجنة إعلامية وقانونية تضع كل الإمكانيات في خدمة الهدف المركزي، وهو تمثيل الشعب الكردي والدفاع عن قضيته.
ثالثاً: إطلاق لجنة علاقات خارجية للتواصل مع القوى الوطنية السورية، ومع القوى الكردستانية والإقليمية، بهدف الضغط على الحكومة الانتقالية القادمة لتأخذ المطالب الكردية بعين الاعتبار.
رابعاً: تنظيم ندوات جماهيرية ولقاءات شعبية باسم “كونفرانس 26 نيسان”، في مختلف المدن والبلدات الكردية، بغية تعزيز الدعم المجتمعي وترسيخ شرعية هذا التفاهم.
خامساً: تشكيل غرفة مشتركة في أوروبا تتولى حشد الدعم الدولي، وعقد لقاءات مع البرلمانيين والسياسيين الأوروبيين لإبراز المطالب الكردية ضمن إطار الحل السوري العام.
إضافة إلى ذلك تبرز الحاجة إلى خطة عمل مرحلية لمدة ثلاثة أشهر، يتم من خلالها تقييم الإنجازات، ورصد الثغرات، ومعالجة العقبات التي قد تعترض مسار التفاهم.
إن ما تحقق في قامشلو ليس نهاية المطاف، بل هو بداية الطريق نحو وضع الملف الكردي في صدارة الحل السوري الشامل، ويبقى الرهان على قدرة الأطراف الكردية على حماية ما أنجز، وتحويله إلى رافعة سياسية تساهم في رسم مستقبل أكثر عدلاً واستقراراً لسوريا عامة وللكرد خاصة.