شيرزاد هواري
في ظل التحولات السياسية والانتقالية التي تشهدها سوريا، تظل الانتخابات البرلمانية أو ما يُعرف بمجلس الشعب السوري، محورًا ساخنًا للعديد من القوى السياسية، وبينها المجلس الوطني الكردي الذي يُنتظر منه دورًا حاسمًا في هذه المرحلة التاريخية. رغم الانتقادات والتحفظات التي تلاحق سير العملية السياسية، لا يزال هناك أمل كبير في استعادة المجلس لدوره التاريخي وحلفائه والوفد الكردي المشترك المزمع إرساله للتفاوض والحوار مع دمشق ، بما يتماشى مع طموحات الشعب الكردي في سوريا الجديدة.
الانتخابات البرلمانية: واقع مأزوم وآمال متجددة
تُجرى الانتخابات وفق لوائح اللجان الفرعية على مستوى المحافظات والمناطق، لكن العديد من الملاحظات تظل عالقة في الأذهان حول كيفية سير العملية الانتخابية، التي ترافقها أخطاء عديدة قد تزعزع ثقة المواطن في قدرة النظام السياسي على تلبية طموحاته. لكن رغم كل هذه التحديات، لا يزال الأمل معقودًا على التجدد وتمكين القدرات، والعمل على بناء دولة وطنية حقيقية تسير على السكة الصحيحة. هذا الأمل مرتبط بالدرجة الأولى بمواصلة العمل الجاد لبناء مؤسسات قوية وفعالة تعكس تضحيات السوريين وأحلامهم في تحقيق الكرامة والحرية.
تحديات المجلس الوطني الكردي في المرحلة الانتقالية
من المؤكد أن الشعب الكردي في سوريا يواجه تحديات خاصة في ظل الظروف الحالية. ورغم الانتظار الطويل، لا يزال المجلس الوطني الكردي في مرحلة البحث عن دور حقيقي على الساحة السياسية، على الرغم من التفاهمات الكردية الكردية التي تمت مؤخرًا في مؤتمر قامشلو، والتي يتوقع أن يفرز حوارًا مثمرًا مع سلطات المرحلة الانتقالية وحكومة الرئيس أحمد الشرع. ورغم الدعوات المستمرة للمجلس لإجراء لقاءات حوارية بهدف التفاوض حول المستقبل، إلا أن حضور الكوادر الكردية في معظم المناطق السورية، وخاصة في مناطق مثل عفرين، بقي غائبًا عن الحراك الانتخابي بشكل لافت.للآن
هذا الغياب لا يشير فقط إلى تراجع النشاط السياسي للمجلس في تلك المناطق، بل يُظهر أيضًا أزمة في التنسيق بين المركز في القامشلي وبقية المناطق. فاللامركزية السياسية والإدارية التي يفتقدها العمل المؤسسي للمجلس الوطني الكردي تظل عائقًا كبيرًا أمام تعزيز تمثيل الكرد في المؤسسات الوطنية. فالقرار غالبًا ما يتخذ بعيدًا عن الواقع المحلي، مما يضعف من فاعلية المجلس في الدفاع عن مصالح الشعب الكردي في مناطق مثل عفرين.
الآمال في استعادة الدور التاريخي للمجلس الوطني الكردي
رغم كل التحديات التي تواجه المجلس، تبقى هناك آمال حقيقية وكبيرة في استعادة دوره الريادي في الحراك السياسي السوري. منذ تأسيسه وتأسيس الحركة الوطنية الكردية، كان المجلس الوطني الكردي مؤخراً في طليعة الحركة الوطنية الكردية التي ناضلت من أجل انتزاع الحقوق القومية والدستورية للشعب الكردي. لطالما كانت قضايا الإنسان الكردي المقهور تحت حكم الأسدين محط اهتمام المجلس والحركة ،اللذان حملا راية الدفاع عن حقوقه في كل منعطف من مراحل النضال الطويل.
إن الشعب الكردي، الذي قدم التضحيات الجسام في سبيل نيل حقوقه، يتطلع إلى أن يكون له دور فاعل في بناء سوريا الجديدة، خاصة في ظل التطورات السياسية الحالية التي قد توفر فرصة حقيقية لتحقيق مطالبهم. إن استعادة هذا الدور يتطلب استكمال بناء مؤسسات سياسية حقيقية تمثل تطلعات الشعب الكردي، بعيدًا عن أي تأثيرات خارجية أو تحكمات بعيدة عن مصالحه.
التحديات أمام استعادة الدور الريادي
لكن استعادة الدور الريادي للمجلس الوطني الكردي لا يأتي دون تحديات. أبرز هذه التحديات هو غياب التنسيق الفعّال بين القوى الكردية المختلفة، وعدم وضوح الرؤية السياسية تجاه التغيرات الحاصلة في سوريا. إن غياب اللامركزية السياسية والإدارية الفاعلة في عمل المجلس الوطني يعيق التنسيق بين المناطق الكردية المختلفة ويجعل من الصعب توحيد المواقف في مواجهة التحديات المشتركة.
من أجل استعادة هذا الدور الريادي، يحتاج المجلس والحركة إلى تحريك المياه الراكدة،والتخلص من حالة الصمت اللامبرر والانتظار القادم المجهول وذلك عبر تعزيز التواصل والتنسيق بين الكوادر الكردية في مختلف المناطق، وتطوير مؤسسات محلية تضمن التمثيل العادل لجميع شرائح المجتمع الكردي. كما يجب على المجلس أن يبذل جهودًا أكبر في فتح قنوات حوار مع الحكومة السورية الانتقالية والهيئات الدولية، لضمان مشاركة فعّالة في إعادة بناء سوريا المستقبل.
خاتمة: الطريق إلى المستقبل
في الختام، يبقى الأمل في استعادة الدور الريادي للمجلس الوطني الكردي والحركة الوطنية الكردية قائمًا، رغم كل المعوقات والتحديات. الشعب الكردي في سوريا بحاجة إلى مرجعية أو مجلس قوي يمثل إرادته وتطلعاته في المستقبل والتي توجها مقرارات كونفرانس المشترك في قامشلو ، ويعكس تاريخه الطويل في النضال من أجل الحقوق القومية. وعلى الرغم من صعوبة الطريق، فإن الأمل يظل حيًا في أن يتمكن المجلس وحلفائه من تعزيز دوره في المرحلة القادمة، والمساهمة في بناء سوريا جديدة تلبي حقوق جميع مكوناتها.