مأزق الخطاب السياسي الكردي بين اللامركزية والحقوق القومية

أكرم حسين

أثار تصريح السيد صالح مسلم في منتدى السليمانية مؤخرا الكثير من الجدل حين قال: «نحن لا نسعى للفدرالية أو الحقوق القومية، بل نطالب باللامركزية الديمقراطية في سوريا».

جملة تبدو وكأنها موقف سياسي مدروس، لكنها في العمق تكشف عن مأزق فكري وسياسي يعيشه صاحب التصريح في التعامل مع جوهر القضية الكردية في سوريا. فمن الواضح أن الحديث عن اللامركزية الديمقراطية دون ربطها بالحقوق القومية هو نوع من الهروب المتعمد من الاستحقاق الاساسي، وهو الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي وحقوقه القومية، اذ ان اللامركزية هي شكل من اشكال ادارة الدولة، بينما القضية الكردية هي قضية شعب وهوية وحقوق، لا يمكن ان تختزل في بنية ادارية مهما كان مضمونها.

ومنذ سنوات دأب البعض على استخدام مفاهيم فضفاضة مثل “الامة الديمقراطية” و”الكونفدرالية الديمقراطية” و”العقد الاجتماعي”، وكلها عناوين اقرب الى الطلاسم الفكرية منها الى المشاريع السياسية الواضحة، واليوم يأتي هذا التصريح ليضيف لغزا جديدا، فكيف يمكن لشعب يعيش في وطنه التاريخي ويعاني من الانكار والتهميش ان يطالب فقط باللامركزية دون ان يطالب بحقوقه القومية؟

ان تصريحات من هذا النوع لا تخدم القضية الكردية بل تضعفها في لحظة نحن بامس الحاجة فيها الى خطاب واضح وصريح، فهي تمنح خصوم الكرد في سوريا حجة اضافية للتنصل من الاعتراف بهم، وتظهر وكأن الكرد انفسهم تخلوا عن قضيتهم القومية واكتفوا بمطلب اداري عام يمكن ان ينطبق على اي محافظة او منطقة سورية.

والمطلوب اليوم هو موقف كردي مسؤول يحدد بوضوح ان الشعب الكردي في سوريا هو شعب اصيل له قضية قومية عادلة، وان الحل يكمن في الاعتراف الدستوري به وبحقوقه القومية، وان اللامركزية صيغة لادارة الدولة السورية، لكنها لا تغني عن الاعتراف بحقوق الكرد وضمان مشاركتهم كشركاء اساسيين في الوطن.

ان القوى الكردية، وفي مقدمتها المجلس الوطني الكردي، مطالبة بتصحيح هذا الالتباس ورفض اختزال القضية الكردية في مفاهيم غامضة او شعارات غير واقعية، فالشعب الكردي لم يضح بآلاف الشهداء كي يختزل وجوده في “لامركزية” بلا مضمون قومي، وخطابنا يجب ان يكون قوميا وديمقراطيا في آن، يطالب بالحقوق القومية ضمن اطار سوريا ديمقراطية لا مركزية تضمن شراكة الجميع.

======

https://www.facebook.com/akrm.hsyn.274938/posts/pfbid0AxaWzgHQATS4QcGkGzNB4Uxak2VdjPB5uA7Tw3PepBncsC3vdUxvmhHkucfus7A6l

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…