شادي حاجي
منذ البارحة قرأت كثيراً عن المبعوث الأمريكي توماس براك بأنه لم يكن على الحياد كوسيط ومراقب للمفاوضات وكان منحازاً للسلطة في دمشق .
أرى أن على السياسيين الكرد في سوريا الذين يتحكمون بمفاصل القرار السياسي الكردي أن يعلموا :
1 – أن السياسات الأمريكية في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالقضية الكردية غالبًا ما تكون معقدة وتتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل والمصالح.
2 – إن الولايات المتحدة عادة لا تتبنى سياسة الحياد في النزاعات الإقليمية بشكل مطلق .
لأن سياساتها تتأثر بالمصالح الاستراتيجية مثال مكافحة الارهاب والتوازنات الاقليمية والعلاقات مع الدول الإقليمية مثل الحلفاء الاستراتيجيين اسرائيل والسعودية وتركيا التي تعتبر حليفاً مهماً في الناتو ويمكن أن تؤثر على السياسات الأمريكية تجاه الكرد .
3 – أن الحياد في السياسة الأمريكية ليس مبدأ بالرغم من وجود فترات من الحياد أو الانعزالية في التاريخ الأمريكي فهي تتأثر بمجموعة واسعة من العوامل والمصالح الاستراتيجية والاعتبارات الجيوسياسية والتأثيرات الداخلية ولكن أحياناً تستخدمها كأداة تكتيكية حين يخدم ذلك مصالحها الاستراتيجية مع الحفاظ على توازنات معقدة بين مختلف الأطراف في المنطقة .
وعلى السياسيين أن يعلموا أيضاً :
4 – أن السياسة الأمريكية في جوهرها قائمة على المصالح وعلى القيم إن لم تتعارض مع المصالح.
مما يجعل من الصعب وصفها بأنها محايدة بالمطلق فلها تاريخ طويل من الانخراط في الشؤون الدولية في العالم من خلال التدخلات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية .
ليس هذا فحسب بل عليهم أن يعلموا أيضاً وأيضاً :
1 – أن السياسات الاستراتيجية عادةً لا تُبنى على التصريحات الدبلوماسية، بل تعتمد على مجموعة واسعة من العوامل والمصالح الوطنية التي تشمل الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي والقضايا السياسية والثقافية والاجتماعية ، فالتصريحات الدبلوماسية غالبًا ما تستخدم للتعبير عن موقف ما لتعزيز علاقاتها وتحالفاتها مع دول أو أي جهات أو أطراف أخرى فاعلة .
السياسات الاستراتيجية للحركة الكردية في سوريا من المفروض أن تبنى وفق خطط سياسية دبلوماسية قانونية ثقافية طويلة الأجل تحدد العوامل والمراحل والأهداف التي تعبر عن طموحات وتطلعات ومصلحة الشعب والوطن والقضية وتوجه كيفية تفاعلها سورياً ومع الدول الأخرى الاقليمية والدولية بحيث تأخذ الظروف والتوازنات الإقليمية والدولية للقوى والتحالفات العسكرية والصراعات المحتملة وليس على تصريح دبلوماسي من قبل هذا المسؤول أو ذاك في هذه العاصمة أو تلك .
وإلى مستقبل أفضل
ألمانيا في 10/7/2025