لن يكتمل عقد مؤتمر سوري عام من دون مؤتمر كردي خاص

صلاح بدرالدين

 

استنادا الى أرشيف الأربعة عشر عاما الماضية من بيانات ، ومقالات ، ومداخلات فكرية وثقافية حول الثورة السورية ، والمعارضة ، فان موضوعة المؤتمر الوطني السوري كاستحقاق كانت متداولة بين وسط معين على الصعيد السوري العام ، بل بين افراد معينين من ذوي البصيرة الثاقبة ، ولست اغالي اننا طرحناها منذ عام ٢٠١٣ على شكل مقالات خاصة بي وكذلك بيانات باسم حراك ” بزاف ” فيما بعد ، أي بعد عامين من اندلاع الثورة السورية وذلك بعد ان فقدنا الامل من نزاهة وإخلاص ، وجدية الذين تصدروا الثورة والمعارضة تحت مسمى ( المجلس الوطني السوري ) الذي كان ينقاد فعليا من الفصيل الأكثر تنظيما ، ومكرا ، ودهاء في صفوف جماعات الإسلام السياسي ، واقصد حركة الاخوان المسلمين .

كان المنطلق في تبني موضوعة المؤتمر انقاذ الثورة والمعارضة ، والبحث عن كيان منظم شرعي منتخب بمشاركة ممثلي كل المكونات الوطنية السورية لان – المجلس السوري – ببساطة لم يكن منتخبا ، ولم يكن شرعيا حتى في الجانب الثوري ناهيك عن الشعبي ، والمكوناتي بالإضافة الى انحرافه عن خط الثورة والمعارضة الحقيقية ، وتحوله مطية للمانحين الإقليميين ، وفي ذلك الحين لم يكن أي حزب كردي سوري يطرح مسألة المؤتمر السوري لامن قريب او بعيد ، فبعض تلك الأحزاب كان مع مشروع النظام ، والبعض الاخر يطمح للانضمام الى  المعارضة الرسمية مع كل علاتها ، وانحرافاتها بحثا عن موقع ومغانم ، الى ان قرر ( الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية ) رسمياً انضمام ( المجلس الوطني الكوردي ) خلال اجتماع عقد في مدينة اسطنبول التركية ليلة الأحد 10/11/2013، بعد الموافقة على الوثيقة التنظيمية الموقعة بين المجلس الوطني الكوردي والائتلاف ، ومن الواضح بعد انضمام الأحزاب الكردية أصبحت المدافعة عن الائتلاف ، ورفض أي بديل له ، حتى سقوط نظام الاستبداد عن طريق قوى عسكرية معارضة  لم تكن يوما جزء لامن ( المجلس ولا من الائتلاف )  .

هناك تشابه كبير الى حدود التطابق بين الحالة الكردية الخاصة ، والوضع الوطني العام خصوصا في مجال ازمة الحركة السياسية ، وتشرذمها ، وفقدان استقلاليتها ،  ليس الان فقط بل منذ اندلاع الثورة السورية المغدورة ، وعندما نادينا مبكرا بضرورة التئام – مجلس وطني عام – كنا ننادي بالوقت ذاته بتوفير شروط عقد – مؤتمر كردي سوري جامع – من اجل التمهيد لمشاركة كردية شرعية منظمة وفاعلة بالمؤتمر الوطني السوري العام لوضع أسس المرحلة المقبلة مابعد الاستبداد  ، والتوافق على الحقوق الكردية المشروعة ،وبنود دستور المستقبل ، والشراكة في إدارة البلاد ، وقد لاقينا في دعوتنا التجاهل ، والرفض بل التهجمات الإعلامية المخططة ، والبعض من التهديدات المبطنة من جميع الأحزاب الكردية دون استثناء في طرفي ( الاستقطاب – الاستعصاء )  .

بعد اسقاط نظام الاستبداد وجدنا الفرصة سانحة لفتح صفحة جديدة في الوسط الكردي السوري ، والتخفيف من الاحتقانات البينية ، وصولا الى نوع من المصالحة ( القومية ) ، فبادرنا الى التواصل بمختلف الوسائل مع ( الاتحاد الديموقراطي ، والمجلس الكردي ) بالقامشلي ، وطرحنا عليهم مشروعنا في عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، على ان يسبقه التوافق على تشكيل لجنة تحضيرية بغالبية مستقلة ليتسنى لها التحرك بحرية بمعزل عن اجندة الأحزاب ، وفي حين تجاهل – مسؤولو المجلس – مبادرتنا ، استجاب لها بالبداية – الرئيسان المشتركان – ل ب ي د ، ومالبثا ان تراجعا ، وتم من جانب الطرفين طوي الصفحة ، والاتفاق الحزبي على كونفراس شكلي اشكالي عقد بالقامشلي  مالبث ان انكشفت خفاياه على الملأ .

بعد تورط – المجلس الكردي – في مخطط الضلوع في مشروع – ب ك ك – وتسليم مصير الكرد السوريين  نهائيا الى قرار – قنديل – ، وبعد ان لم يتجاوب – دمشق – مع طلب حتى لقاء وفده لاسباب عديدة من بينها ( كما تسرب ) ان وفده لايمثل إرادة الغالبية من الكرد السوريين ، وان معظم أعضاء وفده في قائمة المشتبه بهم امنيا خلال عهد الاستبداد ، نرى ان البعض من مسؤولي المجلس بدا ( القرع على القربة المثقوبة ) والدعوة الى عقد مؤتمر وطني سوري ، وهؤلاء بالذات من رفضوا عقد كل من  المؤتمر السوري  والكردي السوري طوال اكثر من اثني عشر عاما ومازالوا ، والكل يعلم لافائدة تذكر على الصعيد الكردي من مؤتمر سوري لايشارك فيه ممثلو الحركة السياسية الكردية  قبل توحيدها وإعادة بنائها ، وصياغة مشروعها القومي والوطني ، اللهم الا اذا اعتبر هذا البعض اليائس ان احزابهم الفاشلة البائسة غير المستقلة هي ( الممثل الشرعي الوحيد ) ؟؟!!.

نحن نعلم وهذا هو الامر الأخطر ان هذا البعض من مسؤولي أحزاب – المجلس – كان في تنافس مع جماعات سلطة الامر الواقع لكسب ود نظام الأسد الاستبدادي ، بل اكثر من ذلك كان يسعى الالتحاق بمؤتمر سوري يعقد في دمشق تحت انظار اللواء الهارب – علي مملوك – وإخراج شخصيات بعثية هزيلة أمثال فاروق الشرع ، كما اننا مازلنا نتذكر حسرات البعض من هؤلاء لعدم التمكن من الالتحاق بالنظام …..

  لن يصح الا الصحيح ، وكل الأوراق باتت مكشوفة ، ونتمنى ان يعلم القريب قبل البعيد والشقيق قبل الصديق والشريك التاريخي قبل الجميع انه وبكلمة قاطعة لن يتم أي حوار حقيقي كردي مع دمشق الا بعد توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ويفضل ان يكون في عاصمة بلادنا ، عبر لجنة تحضيرية بغالبية وطنية مستقلة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إذ كان يمكن لشرنقة الصمت أن تكون أكثر أمنًا، وانفتاحاً على تحقيق المكاسب، وإذا كان للتأني أن يترجم حكمة، وللموقف أن يُرجأ باسم الواقعية، فإنني اخترت أن أضع اسمي حيث يتقاطع الخطر مع الانحياز. إذ لم تكن المغامرة بحثًا عن بطولة، بل اضطرارًا داخليًا، غريزيًا، لأن أقول “أنا” حين يُمسّ الضعيف. وكلما صار القول مكلفًا، قلتَه أكثر، لاسيما…

خالد بهلوي يُعدّ اختيار الكفاءات من أبرز العوامل التي تُسهم في تقدّم المجتمع ونجاح مؤسساته، إذا تم الاختيار ضمن مناخ ديمقراطي يتيح انتخابات حرّة ونزيهة، تُفرز عندها قيادات مسؤولة أمام الشعب، وتخضع للمساءلة القانونية في حال ارتكابها أخطاء مالية أو إدارية، أو في حال إهمالها قضايا وهموم من انتخبوها. عندما يُنتخب المسؤول من قبل الشعب، يجب عليه أن يعمل…

عبد الجابر حبيب في الأيام الأخيرة، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يُظهر عناصر من الجيش السوري يقومون بإهانة شيخ طاعن في السن، بحلق شاربه على الملأ، في صورة تجسّد انحطاطاً أخلاقياً صارخاً، وعنفاً رمزياً مؤلماً يتجاوز الفعل ذاته. هذا المشهد ليس مجرد انتهاك فردي، بل تمثيل فجّ لطريقة تفكير أمنية ترى في الكرامة الشخصية سلاحاً يجب كسره، وفي رموز…

إبراهيم اليوسف تأسيسًا على المسار الطويل لإفناء الهوية الدرزية، لا يبدو أن المسألة متعلقة بحادثة أو خلاف طارئ، بل ها نحن أمام صفحة جديدة من كتاب ممدود بالحقد، تُضاف إليه في كل عقد ورقة نار. حيث لم يكن التاريخ الدرزي سلسلة من الانعزال عبثًا، بل ثمرة جراح طاردت هذا المكوّن منذ القرن الحادي عشر، فألجأته إلى قلاع الجبل ومخازن الصمت،…