نشأت ظاظا
بغض النظر عن التوقعات المرجوة من مهام الوفد الكوردي ، الذي يسعى للذهاب إلى دمشق وينتظر رد الحكومة في هذا الصدد من أجل التفاوض، فإنني أعتقد بأن المهمة لن تكون سهلة، ولن يكون الطريق مفروشاً بالورد والياسمين كما يتوقع البعض، بل على العكس من ذلك فهناك أزمة ثقة حقيقية بين الطرفين ناهيكم عن اختلاف الأجندات الداخلية والخارجية والتي ستكون ضاغطة على مسار العملية السياسية التفاوضية مستقبلاً.
لكن بالرغم من ذلك وبتصوري المتواضع، فإن الطرفين بحاجة إلى استراحة مقاتل تنهي حقبة من الكوارث والويلات، وبالتالي الانتقال من مرحلة الشرعية الثورية إلى الشرعية السياسية والأهداف الاستراتيجية التي تضمن مستقبلاً مشرفاً لكلا الطرفين إن صح التعبير.
1- أزمة الثقة:
تُعد هذه الأزمة حجر العثرة الأكبر لطالما تعاملت الحكومات المتعاقبة مع الطموحات الكوردية بنوع من الشك والحذر بل والرفض في أغلب المراحل.
في المقابل تنظر القوى الكوردية بحذر وحرص وتأنٍ في الموقف من جهة ، والتوجس والشك والتخوف من جهة آخرى، وخاصة في ظل غياب الضمانات الدستورية أو التوجهات السياسية ذات الصلة.
2- تضارب الأجندات:
داخلياً ، هناك تباين واضح في الأهداف فدمشق تسعى لاستعادة السيادة المركزية على كامل الأراضي السورية، في حين تطمح القوى السياسية الكوردية إلى الاعتراف بالهوية القومية للشعب الكُردي كمكون أصيل، في ظل نوع من اللامركزية .
خارجياً، تؤثر تدخلات القوى الدولية (الولايات المتحدة، روسيا، تركيا، إيران، وغيرها من الدول ) بشكل مباشر على القرار السياسي للطرفين، وذلك بحسب المصالح الاستراتيجية لكل طرف من هذه الأطراف.
3- دوافع التفاوض:
يسعى النظام إلى استعادة السيطرة على المناطق الغنية بالنفط والزراعة وغيرها من الموارد بينما تحتاج القوى الكوردية إلى تحقيق مكاسب وضمانات سياسية تلبي طموحاتها وتضمن مستقبلها التشاركي في سوريا الغد.
الطرفان منهكان عسكرياً واقتصادياً، ويبحثان عن استراحة مقاتل، لكن دون التنازل عن المبادئ الجوهرية.
وعليه، يمكن القول إن مقومات نجاح المفاوضات تكمن في:
أ- وجود رغبة سياسية حقيقية لدا الجانبين لا مجرد محاولة لكسب الوقت أو تحسين الوضع التفاوضي على الأرض، ايجاد ضامن دولي محايد يحقق التوازن ويسعى لتذليل العقبات مثل الأمم المتحدة .
ب- استبعاد الإدارة المركزية لشكل الدولة، والاعتراف الدستوري بالحقوق السياسية والثقافية للشعب الكوردي وذلك في إطار وحدة الأراضي السورية ككل،
الخلاصة من الممكن القول إن المسار قد لا ينجح في الوقت الراهن، لكنها خطوة مهمة لكسر الجليد بل والنجاح سيتوقف على إرادة الطرفين من جهة وحسابات الوسطاء والقدرة على تجاوز الحسابات الآنية نحو رؤية وطنية شاملة من جهة آخرى
وأن السلام والاستقرار لن يتحققا إلا حين يشعر الجميع بأن له مكانة ومستقبلاً في البلاد.